الراهبة فوستينا كوالسكا لم يدل مظهرها الخارجي على حياتها الداخلية العميقة. كانت امينة لعملها، حافظة كل قوانين الرهبة، هادئة، صامتة، طبيعية، مليئة بالحياة ومجردة من كل مصلحه خاصة. سَعت كل حياتها الى الوصول الى اتحاد كامل بالله ناذرة نفسها، مع يسوع المسيح، لخلاص النفوس. لقد كتبت في دفتر يومياتها: «يا يسوع خاصتي، انت تعلم انني منذ حداثتي اردت ان اصبح قديسة عظيمة، اي اردت ان احبك بحب عظيم لم يسبق أيّة نفس ان أحبتك به» (مقطع 1372). لقد وصفت اعماق حياتها الروحية في يومياتها. وان القراءة الدقيقة لهذه اليوميات تدل على بعد اتحاد نفسها بالله. لقد انعم الله عليها بالفضائل التالية: التامل، معرفة سر المحبة الالهية، رؤية جروحات المسيح الخفية، التنبؤ، قراءة افكار الاخرين، كما انعم عليها بفضيلة نادرة الا وهي التصوف. ورغم تعدد هذه الفضائل وتنوعها لقد كتبت: «لا النعم ولا الوحي ولا النشوة ولا الهبات المعطية تكمل النفس بل اتحادها الودي بالله. تكمن قداستي وكمالي في اتحاد ارادتي بإرادة الله اتحادًا وثيقاً» (مقطع 1107). ان نمط الحياة القاسي وانواع الاعمال التي اختارتها لذاتها اضعفت جسدها فاضطرت الى الانتقال الى ضواحي فارسو في منطقة سكيليموفو Skilimowo للمعالجة.
بعد مضي سنة واحدة من حياتها الرهبانية، بدأت تعاني آلاماً روحيّة وتجارب تصوفية سُمّيت بـ «الليل الحالك». بالاضافة الى آلام داخلية مرتبطة باهتمامها بانجاز رسالة المسيح. لقد ضحّت الراهبة فوستينا بحياتها من اجل الخطاة ومن اجل خلاص نفوسهم مما ضاعف آلامها الداخلية لا سيّما في آخر حياتها واغرق نفسها في ظلمة حالكة. وتفاقمت آلامها الجسدية بعد ان انتشر السلّ التدرّني في رئتيها وامعائها فاضطرت، على مرحلتين، وطيلة اشهر عديدة ان تعالج في احد مستشفيات كراكوف.