امرأتك كرمة مثمرة
المزمور المئة والثامن والعشرون
1. المزمور المئة والثامن والعشرون هو مزمور حكمي يُنشد الخيرَ والسعادة لكل الذين يخافون الرب، ورأس الحكمة مخافة الرب. ألَّفه أحد الحكماء في حلقات الدراسة، ثم دخل بين مزامير الحجاج وفيه النصائح التي يتلوها الكاهن على مسمع الآتين للحج إلى أورشليم: طوبى لكل من يخاف الرب، للسالك في طريق الرب.
2. السعادة العائلية تُعطى لمن يخاف الرب.
آ 1: تهنئة البار السالك في طريق الرب.
آ 2- 3: صورة عن هذه السعادة: خيرات الأرض، الامرأة، البنون.
آ 4- 5: البيت السعيد صورة مصغّرة عن شعب الله العائش في السلام والسعادة.
يصل المؤمن إلى أورشليم بعد أن يترك بيته وعمله وامرأته وأولاده، يصل لى أورشليم، لأن خوف الرب وعبادته هما بالنسبة إليه أهم شيء في حياته، ولهذا تأتيه البركة من الرب على يد الكاهن. بركة أحسّ بها في الماضي، وهو الذي قدّم للرب التقادم والذبائح، وسترافقه إلى بيته بعد رجوعه من الحج، والبركة لا تعني غنى أو تسلطًا، بل سعادة وراحة. يباركه الله في عمله (تك 3: 17- 19: كانت الأرض ملعونة)، فتعطيه الأرض غلاتها وتمنع عنه الضربات والآفات. يباركه الله في زوجته فتصبح تلك الكرمة المثمرة التي تعطيه أولادًا، والعقم أكبر لعنة على البيت. يباركه الله في أولاده يحيرون مثل فروع الزيتون قوّة وحيوية وثباتًا. يباركه الله في حياته فيعطيه العمر الطويل ليرى بني بنيه. وهذه البركات التي يحصل عليها خائف الرب تأتيه من صهيون، من مكان سكنى الرب، والرب هو الذي يعطي الخير، والانسان لا يستطيع شيئًا مهما اهتم وعمل. كل ما يستطيع هو أن يأتي إلى الهيكل مرارًا ليتبرك بحضور الرب الدائم المتجدد.
3. يبدأ المزمور بمديح للرجل الذي يخاف الرب كما في المزمور 1 و119. مثل هذا الرجل يستطيع أن يتنعّم بالخير دون خوف من آفات الجراد ونكبات الجفاف وغزوات الاعداء. طوباه لأنه يستطيع أن يأكل من تعب يديه، (أش 3: 10) محاطًا بامرأة صالحة وبالبنين العديدين. والمؤمن الذي يأتي إلى الحج، يأتي إلى ينبوع كل خير، إلى جبل صهيون، ويعود مرنمًا لأنه يحمل معه آمال السنة المقبلة، وبركة من عند الرب وسلامًا وسعادة له وللشعب.
4. يذكر هذا المزمور البركات التي وعد بها خائفيه. ولكن ما يعد به يبقى في مجال التمني أكثر منه في مجال الواقع، لأن أبناء الدنيا أكثر فطنة من أبناء الله في جمع المال والخيرات (لو 16: 8).
يصوّر لنا هذا المزمور السعادة بصور مأخوذة من عالم الأرض. فعلينا أن نعطي هذه الكلمات بُعدًا روحيًا، دون أن ننسى الابعاد الارضية. إن كان الله يحقّق عمله الخلاصي في خلق أرض جديدة (أش 65: 17؛ رؤ 21: 1) وفي قيامة الموتى (أش 26: 19؛ مت 22: 31)، فهو يُسعدنا منذ اليوم بخيرات الأرض وقد علّمنا أن نقول في الصلاة الربيّة: أعطنا خبزنا كفاف يومنا.