|
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
كيف تقوى الإرادة؟ هناك عوامل كثيرة تقويها، نذكر من بينها: 1- وسائط النعمة: وسائط النعمة تقوى العلاقة مع الله، وتحفظ الفكر معه. وبهذا تقوى الإرادة، وتستحي من الاستسلام للخطية. لذلك إن أردت أن تقوى إرادتك، اجعل وسائط النعمة معك باستمرار. فطالما أنت مواظب على التأمل في الإنجيل، وعلى الصلاة والمزامير والأجبية، وعلى التراتيل والتسابيح والاجتماعات الروحية، والاعتراف والتناول، تجد نفسك محصورًا بمحبة الله، وإرادتك قوية لا تضعف أمام الخطية، بل تكون لك مناعة ضدها. ولكن إذا بعدت عن الوسائط الروحية، تضف روحياتك، ويقل ميلك نحو الخير، وتصير إرادتك سريعة الانجذاب نحو الخطية. وينتهر الشيطان الفرصة فيهاجمها، وليس حولها سلاح روحي يقوى عزيمتها في مقاومته، إذ قد بعدت عن الهاتف الداخلي الذي يدعوها إلى الله... قد يقول إنسان: أنا سالك في كل الوسائط الروحية، وأصلي وأصوم، ومع ذلك فإن إرادتي ضعيفة أمام الخطية!! فكيف هذا؟ أقول له: من الجائز أنك تمارس وسائط النعمة. ولكن ليس بطريقة روحية. فأنت تقرأ الكتاب كمجرد تأدية واجب بدون تأمل. وتصلى كروتين وبدون فهم. وتذهب إلى الاجتماعات في الكنيسة، كعادة بدون استفادة!! ولكن إن كنت تمارس وسائط النعمة بطريقة روحية، فلا شك أنها ستقوى إرادتك. أمامنا في ميزان الحياة كفتان: كفة الله، وكفة العالم. أحيانًا نضع الكثير في كفة العالم، حتى تصير هى الأكثر ثقلًا. بينما كفة الله ليس فيها شيء، فتصبح في الموازين إلى فوق. فإن وجدت كفة العالم تثقل. ضع أنت ما تستطيعه من وسائط النعمة في كفة الله، إلى أن تزيد عليها. وهكذا تقوى إرادتك في عمل الخير. أنت إنسان ميال مثل بندول الساعة، تارة تتحرك يمينًا وتارة تتحرك شمالًا. وكلما تدفع نفسك نحو الله تجد إرادتك تفوق بالأكثر. لذلك أجعل نفسك محاطًا بجو روحي باستمرار، يقوى إرادتك.. وابعد عن كل جو معثر يضعف. الإرادة... سأضرب لكم مثلًا كيف أن الإنسان الذي هو في جو روحي، تكون إرادته قوية، حتى أنه قال للرب: لو أنكرك الجميع، لا أنكرك أنا. ولو اضطررت أن أموت معك، لا أنكرك. إني مستعد أن أمضى معك إلى السجن وإلى الموت (مت33:26،35) (لو33:22).. ولكن بطرس نفسه، وهو في دار رئيس كهنة اليهود، أخذ يسب ويلعن ويقول لا أعرف الرجل (مت74:26). كانت إرادته قد ضعفت أو انهارت في ذلك الجو المعادي للمسيح!! مثال آخر -غير بطرس- هو لوط البار: حينما كان في عشرة أبينا إبراهيم القديس، وإلى جوار المذبح، كانت إرادته قوية. فلما ذهب إلى سادوم، حيث فقد واسطتين روحيتين هما إبراهيم والمذبح، حينئذ ضعفت إرادته وإرادة زوجته وابنتيه. وقيل عنه هناك إنه كان "مغلوبًا من سيرة الأردياء في الدعارة. إذ كان البار -بالنظر والسمع وهو ساكن بينهم- يعذب نفسه يومًا فيومًا نفسه البارة بالأفعال الآثمة" (2بط7،8). ولأهمية الوسائط الروحية في تقوية الإرادة: يقول الكتاب عن الرجل البار إنه "كشجرة مغروسة على مجارى المياه" (مز1)، أي متصلة بينابيع الغذاء الروحي باستمرار، لذلك تكون مثمرة "تعطى ثمرها في حينه، وورقها لا ينتثر". تصوروا مثلًا إنسانًا قد ارتبط قلبه بالصلاة والتأملات الروحية في قراءة الكتاب. ثم هاجمه فكر رديء. هل من المعقول أن تضعف إرادته أمام هذا الفكر؟! أم تكون على العكس محصنة ضده بتأملاتها الروحية... وأنت: ما هو الوسط الذي يحيط بك؟ وهل هو يقوى إرادتك نحو الخير أم يضعفها؟ هل عوامل التسلية والترفيه التي حولك، تقوى إرادتك وتعطيك مقاومة للخطية أم عكس ذلك؟ هل أصدقاؤك ومعارفك وأصحابك الذين تقضى معهم وقتك، يشجعونك على الالتصاق بالله، ويعملون على تقوية إرادتك روحيًا..؟ 2- من الأمور التي تقوى الإرادة أيضًا: التغصب: هل أنت باستمرار تدلل نفسك، وتعطيها في كل حين ما تهواه؟ كما فعل سليمان قائلًا "ومهما اشتهته عيناي، لم أمنعه عنهما" (جا10:2)..؟! إن كان الأمر كذلك، فسوف تضعف إرادتك لأنها لا تجد ما يضبطها، فتفقد هي سيطرتها على رغباتها، وتفقد أنت سيطرتك على إرادتك،لذلك أغصب نفسك على عمل الخير، اغصبها على الالتصاق بالله. وكلما كنت تغصب نفسك بكل حزم على الاتجاه الروحي، حينئذ، ستقوى إرادتك بلا شك. ولعلك تسأل هنا: هل إذا غضبت نفسي، أكون في حالة روحية؟! هل الصلاة بتغصب -مثلًا- هي صلاة روحية. أقول لك إن محبة الله التي تدفعك إلى التغصب هي حالة روحية. كما أن التغصب هو الخطوة الأولى التي تقودك في النهاية إلى الحياة الروحية التي لا تغصب فيها.. أنت تغصب نفسك على القراءة الروحية، ثم بلا شك ستجد لذة في هذه القراءة، فتكملها بلا تغصب، بل بكل رضى واشتياق. وهكذا أيضًا مع الصلاة وكل التداريب الروحية. التغصب إذن هو مجرد نقطة البدء، ولكنه لا يستمر هكذا. الطفل الصغير حينما يرسلونه لأول مرة إلى المدرسة، يرفض ويبكى، لأنه سيترك حضن أبيه وأمه، ومحبة أقربائه له، ويترك الجو الذي تعود عليه ويذهب إلى جو غريب عليه... ولذلك فإنه يذهب إلى المدرسة بشيء من التغصب. ولكنه بعد قليل يجد لذة في المدرسة، وما فيها من لعب وتسليات وأصدقاء جدد، وما فيها من دروس وتعليم.. فيشتاق إليها، ويحث أمه أن تلبسه ملابس المدرسة، ليسرع في الذهاب إليها. اغصب نفسك إذن على عمل الخير، فهذا سيقودك إلى محبة الخير. وسيقودك إلى عمل الخير تلقائيًا وبدون تغصب. وأغصب نفسك أيضًا على ترك الخطية. فبهذا ستقوى إرادتك. وبدون تغصب سترفض الخطية. اغصب نفسك على التوبة، فهذا هو الطريق الروحي، الذي نصحنا به القديس بولس الرسول، حينما وبخ العبرانيين قائلًا: "لم تقاوموا بعد حتى الدم، مجاهدين ضد الخطية" (عب4:12). عبارة (حتى الدم) تعنى أن تغصب نفسك على مقاومة الخطية، حتى لو أدى الأمر أن تستشهد في سبيل ذلك. ومعنى ذلك أنك بكل حزم ترفض كل ما تعرضه عليك الخطية من مغريات، ولا تستسلم لكل فكر ورغبة، بل تضبط نفسك، فتقوى إرادتك. مثل شخص يدخل في ريجيم للطعام مثلًا. فلا يأكل ما يشتهيه، ولا يكثر من طعام يحبه. ولو أتاه فكر أن يأكل من صنف حرمه عليه الطبيب، ولو يأكل قليلًا، يرفض ذلك بحزم. ويقول لنفسه: القليل سيؤدى إلى الكثير. وهذا الصنف سيتطور إلى صنف ثان وثالث، فالحزم أفضل. إن ضبط النفس إذن يؤدى إلى تقوية الإرادة. وإذا قويت الإرادة تؤدى إلى مزيد من ضبط النفس. كما أن هذا التغصب، في ضبط النفس، سيجعل الشيطان يتعب منك ويعرف أنك لست سهلًا، فيهابك. وكلما تغصب نفسك، تدركك نعمة الله لتسندك وتعينك. لأنك بهذا التغصب تبرهن على محبتك لله وجهادك للسير في طريقة. فيستجيب الله لجهادك ويجعل روحه القدوس يعمل فيك. وفى هذا التغصب أو هذا الجهاد، تعينك أيضًا صلوات القديسين الذين يصرخون إلى الله من أجلك، قائلين: يا رب. لا تتركه.... عاند نفسك أذن. ولعل البعض يسألون هنا: هل العناد خطية أم فضيلة؟ أقول: إذا عاند الإنسان نفسه حينما تشتاق إلى الخطية، يكون عناده فضيلة. أما إذا كان يعاند متشبثًا بفكر خاطئ أو عمل خطية، حينئذ يكون عناده صادرًا عن كبرياء وتمسك بالخطأ، فيكون خطية مزدوجة... 3- من الأشياء التي تقوى الإرادة أيضًا: يقظة الضمير. بحيث يكون ضميرك صاحيًا باستمرار، لا ينام ولا لحظة... ولكن يحدث في بعض الأحيان أن يكون الضمير صاحيًا، وبعكس ذلك تكون الإرادة ضعيفة في عمل الخير، أو مشتاقة إلى الخطية، فتسكت الضمير. حقًا، إن الضمير يرشد إلى عمل الخير، ولكن لا يرغم الإنسان على السير فيه. 4- تقوى الإرادة أيضًا: مخافة الله، ومحبة الله. بالمخافة تقوى الإرادة في البعد عن الخطية. وبمحبة الله تقوى الإرادة في عمل الخير والبر. وكيف ذلك؟ الإنسان الذي يخاف الله، يخشى أن يعصاه. وخوفه من عمل الشر، وخوفه من عقوبة الله، وخوفه من الله الذي يراه، يجعل إرادته قوية جدًا في الامتناع عن الخطية. وكلما عرضت عليه يقول: "كيف أصنع هذا الشر العظيم وأخطئ إلى الله؟!" (تك9:39). ومن الناحية الأخرى، فإن الإنسان الذي يحب الله، تلهب المحبة قلبه، وبالتالي تشتعل إرادته في عمل البر، وبالأكثر في رفض الخطية التي ما عادت تتفق مع طبيعته الجديدة في حياة القداسة. 5- لذلك لكي تقوى الإرادة، لابد من يتمسك بها الإنسان. ويلتزم بها. لابد أن تكون لهم قيم معينه. لو قامت الدنيا وقعدت، لا يمكنه أن يتنازل عن هذه القيم. كإنسان مثلًا يضع أمامه قيمًا معينه، بأن لا يكون مطلقًا جبانًا ولا خائنًا. وفى تنفيذ هذا، تكون إرادته من حديد. مهما كانت الضغوط الخارجية، يظل شجاعًا، ولا يخون وطنه ولا يخون كنيسته، ولا يخون إنسانًا ائتمنه على سر أو على وديعة... كذلك الشهداء: كان التمسك بالإيمان من القيم التي يحرصون عليها. لذلك كل ما تعرضوا من عذابات، لم يضعف إرادتهم... مثال آخر: إنسانًا من القيم التي أمامه أنه لا يسرق. فإن سرق، يحتقر نفسه، ولابد أن يعيد المسروق إلى أصحابه. بل لا يجرؤ إطلاقًا على أن يحتفظ في بيته بمال حرام.. إن ركب الأتوبيس مثلًا، وانشغل الكمساري فلم يأخذ منه تذكرة، يسعى هو إليه ليشترى منه التذكرة بينما شخص آخر بلا قيم: يقول ركبنا بدون تذكرة، لآن الكمساري صاحبنا!!نعم،قد يكون صاحبكم، ولكنه ليس صاحب الأتوبيس. وليس من حقه أن يجاملكم! إن إرادتنا تضعف أحيانًا، لأن بعض القيم في حياتنا قد ضعفت. أما إن بقيت القيم قوية في حياتنا، وكان التزامنا بها قويًا، فإن إرادتنا تكون قوية جدًا. هناك قيم اجتماعية ودينية أيضًا: مثل احترام الكبار وإكرامهم، كاحترام الأساتذة والمدرسين،واحترام كبار السن. فلا يجرؤ إنسان مثلًا أن يهين والده أو أستاذه، أو يرد عليه بالمثل، أو يجلس وهو واقف، أو يخدش شعوره بأية عبارة أو تصرف. وفى كل ذلك تكون إرادته قوية جدًا في التمسك بهذه القيم... وبنفس المنطق هناك قيم أخرى، مثل احترام القانون، واحترام النظام العام، واحترام الرؤساء.. طالما توجد هذه القيم، تكون الإرادة قوية في الالتزام بها. فإن ضعفت إحدى هذه القيم، تجد الإرادة منقادة إلى الثورة والاحتجاج والعصيان... إن الدين يقدم لنا قيمًا معينة. تكون الإرادة قوية في تنفيذها. مثال ذلك الصوم مثلًا. تجد الإرادة قوية أثناءه في الامتناع عن الطعام. فهو وسيلة لتقوية الإرادة. والإرادة القوية وسيلة لممارسته. من القيم أيضًا: عدم الدخول إلى هيكل الله بالحذاء. هنا لا يمكن أن تضعف الإرادة على كسر هذه القاعدة، بل تلتزم بها بإرادة قوية... أما في بلاد الغرب التي سقطت فيها هذه القيم، فإن الالتزام بهذه القواعد غير موجود، وكسرها لا يتعب الضمير. إن إرادة الإنسان إذن، تتحكم في قوتها أو ضعفها أمور كثيرة. تتحكم فيها الشهوة والرغبة، وتتحكم فيها القيم والالتزام بها. ويتحكم فيها ضبط النفس أو التسيب. وكذلك البعد عن وسائط النعمة أو ممارسة هذه الوصايا، ويتحكم فيها الضمير ومدى يقظته أو نومه... وكذلك الفكر ونوعية انشغاله... ويتحكم في الإرادة أيضًا: مدى تدين الإنسان، وقربه أو بعده عن الله ووصاياه... |
11 - 02 - 2014, 05:45 AM | رقم المشاركة : ( 2 ) | ||||
..::| مشرفة |::..
|
رد: كيف تقوى الإرادة؟
ميرسى مارى على هذه المشاركة الهادفة |
||||
11 - 02 - 2014, 08:25 AM | رقم المشاركة : ( 3 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: كيف تقوى الإرادة؟
شكرا على المرور
|
||||
|
قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً |
الموضوع |
لكي تقوى الإرادة، لابد من يتمسك بها الإنسان ويلتزم بها |
من الأشياء التي تقوى الإرادة : يقظة الضمير |
من الأمور التي تقوى الإرادة التغصب |
الإرادة: كيف تقوى؟ وكيف تضعف؟ |
الإرادة لماذا تضعُف؟ وكيف تقوى؟ |