|
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
هل من صراع بين الآباء والأبناء، وما هو واجب كل جيل نحو الجيل الآخر من وجهة النظر المسيحية؟ كتب الرسول بولس في رسالته إلى أهل أفسس، الإصحاح السادس: "أيها الأولاد أطيعوا والديكم في الرب لأن هذا حق. أكرم أباك وأمك التي هي أول وصية بوعد. لكي يكون لكم خير وتكونوا طوال الأعمار على الأرض. وأنتم أيها الآباء لا تغيظوا أولادكم بل ربّوهم بتأديب الرب وإنذاره". هذه وصية للمؤمنين من الآباء والأبناء... المؤمنون بكلمة الرب بوصيته وإعلاناته... هذا الكلام صعب هذه الأيام، لأن الرب غُيّب من حياة البشر لذلك أعمى عيون هذه الأجيال كي لا ترى وأصمَّ آذانهم عن السماع لكي يرجعوا فيشفيهم... أهو إله منتقم؟! إنه إله الرحمة والرأفة والمسامحة، لكنه إله الانتقام إذا أفسد الإنسان هيكله الذي نفخ فيه الإله روحه القدوس ليحيا الإنسان على صورة الإله ومثاله... ويدير الإله وجهه عن أبنائه إذا ما أفسدوا ذواتهم التي هو تجسّد ليحيها من الموت والخطيئة بموته على الصليب فداء لهم... الإله افتدى البشرية التي سقطت بدءاً... فكيف وبعد أن حرّرها بجسده ودمه الكريمين من الموت، الذي هو أخذه عنها بالكلية، تعود إلى خطيئتها كالكلب إلى قيئه والخنزيرة إلى حمأتها؟!... يقول البعض لماذا لا يضبط الرب خلاصنا بمواعيد وأنظمة وقوانين حتى نمشي في الحق وراءه؟!... هكذا ينزل الإنسان الإله إلى مستوى أحكامه التي وضعها ليقسر بها طبيعته المتفلّتة، تالياً حرية الرب ووسعه وقصده في حمل الإنسان إلى مستوى الألوهة، إلى الأخوة مع السيّد. أهل من صراع بين الآباء والأبناء؟!... والسؤال الصواب هو: أليس من صراع بين كل البشربة ؟؟!! بين الإنسان ونفسه، بين الرجل وامرأته، بين الأم وابنتها والأب وابنه والحبيب وحبيبته، بين الرئيس والمرؤوس، بين الحاكم والمحكوم، بين رب العمل والعامل عنده، بين الذكر والأنثى، بين قوى الطبيعة التي عمل الإنسان على إفسادها جيلاً بعد جيل وبين الحيوانات أيضاً؟؟!! الموضوع ليس موضوع جيل الآباء والأبناء، العنوان الأساس هو بين الإنسان والإنسان كان من يكون. السؤال المطروح هو ما واجب كل جيل نحو الجيل الآخر من وجهة النظر المسيحية؟... المطلب الأول للأولاد أطيعوا والديكم في الرب لأن هذا حق... والطاعة من أين تأتي؟! الطاعة ثمرة الحب... والرب يسوع المسيح أطاع الآب حتى الموت موت الصليب فرفعه الله وجعل اسمه فوق كل إسم... أن أحب الإبن أباه في بذل الأب له، فإنه يطيعه حتى يفرح قلبه... لأن الطاعة تعطي ثقة بين الإنسان والإنسان... والثقة أول خطوة صوب الحب... هنا من الممكن أن تختلط المودات والمشاعر... فيكون الحب بدءاً إنفعالياً عاطفياً يطلب الإرضاء طمعاً في الأخذ ليدخل في راحة كذوب مع نفسه... والطاعة الحق في الرب هي طاعة كسر النفس لقطع المشيئة، حتى يتحرر الإنسان ابناً كان أم أباً من ذاته، من إنسانه العتيق، من كينونته التي ليست في المسيح... الموضوع الأساس هو الحياة في المسيح... الحياة في المسيح، للأب والإبن والأم والإبنة تالياً للعائلة ككل... فإن عشت فللرب أحيا وإن مت فللرب أموت، فإن عشت وإن مت فأنا للرب... هذا يعني أن يربي الآباء أنفسهم بدءاً في حياة من المسيح، مع المسيح وللمسيح... هذا يجعلهم لا يحيون حياة مزدوجة!!! أي حياة للعالم وجزء منها حياة للرب... هذا يعطل مفهوم الحب للإله تالياً الحياة مع الآخر... على الابن أن يرى المسيح في كل لفتة، خطوة، فكر، عمل لأبيه ولأمه، حينها تدخل الطاعة طيبة بطيب. الروح القدس الحال في الإنسان... فتصبح الطاعة تالياً عملاً مزدوجاً بين الآباء والأبناء... الآباء يطيعون الوصية الإنجيلية ويحيون بأمانة تطبيقها ويربّون أنفسهم الالتزام بها وهكذا... يؤمن أبناءهم بهم قدوة فيطيعونهم في طلبهم حياة مختلفة عن حياة أبناء هذا الدهر والآباء يمتدون صوب أبنائهم في حب رقيق والأبناء يسمعون فيحيا الكل كلمة الإنجيل والصلاة... أما الصلاة وحياة الصلاة فتكون هي المصدر الأول للاغتراف من نعمة الروح القدس للحياة في بركة السلام الآتي من لدن رب الأنوار... فيقول الآباء والأبناء قولة الحب الإنجيلي في الطاعة والبذل الكامل ولحب الرب يسوع في كل واحد منهم وفيما بينهم. (الأم مريم زكا) |
|