القديس أثناسيوس الرسولي
الشاب أثناسيوس والشهداء
ولد القديس أثناسيوس حوالي عام 297م، وعاصر فترة الاستشهاد العنيفة (303-311 م)، حيث كان في السابعة من عمره حتى الخامسة عشر، وقد عرف كثيرين من شهداء الإسكندرية ومعترفيها. تعلم منهم الإيمان الأرثوذكسي والحب الشديد للكتاب المقدس.
حقا لم يدخل معهم حلبة الاستشهاد، لكن قلبه كان ملتهبًا بالحب الإلهي، يواجه كل صراعٍ من أجل المسيح[4].
تأثر القديس أثناسيوس جدًا بالشهداء الذين رآهم في صبوته، فقد أدرك أن نصرتهم على الموت، إنما هي خلال تقواهم في المسيح يسوع، أو خلال اتحادهم مع الآب في ابنه بالروح القدس. وإذ أراد اقتفاء أثرهم اشتاق أن يقدم حياته ذبيحة يومية لحساب إيمان الكنيسة. بهذه الروح صار قائدًا حقًا سلطانه لا يُقاوم[5]. لقد آمن أنه إنما يعمل عمل المسيح، لذا فالنصرة النهائية قادمة من عند الرب، لذا لم يترك وسيلة لبلوغها. إنه لم ييأس قط في أظلم ساعات الصراع.
سجل لنا البابا أثناسيوس نظرته لمعلمه الأنبا أنطونيوس كشهيدٍ بدون سفك دم، قائلاُ: [عندما توقف الاستشهاد تمامًا، واستشهد الطوباوي الذكر الأسقف بطرس، ترك (الإسكندرية)، وعاد إلى قلاية توحّده، فكان شهيدًا بالنية كل يومٍ، يحارب في معارك الإيمان على الدوام، ممارسًا الحياة النسكية القاسية بغيرةٍ.]
v جاء بعض الحكماء اليونانيين وطلبوا من الأنبا أنطونيوس أن يشرح لهم سبب الإيمان بالمسيح. ولكنهم حاولوا أن يحاجوه بصدد الكرازة بالصليب الإلهي قاصدين الاستهزاء (بالصليب). فوقف القدِّيس أنطونيوس قليلًا وأشفق على جهلهم ثم خاطبهم بواسطة مترجم قائلًا: إن ما اخترناه هو الاعتراف بالصليب علامة الشجاعة واحتقار الموت أما أنتم فقد اخترتم شهوات الخلاعة.
أيهما أفضل حمل الصليب وقت مؤامرة الأشرار دون مخافة الموت، مهما أتى في أي وضع من أوضاعه، أم الالتجاء إلى آلهة الأحجار.
من سيرة الأنبا أنطونيوس
بقلم أثناسيوس الرسولي
v قال البابا أثناسيوس الرسولي: ”قد يقول أحدٌ: أين زمان الاضطهاد الآن لكي أصير شهيدًا؟ فأقول له: إن أردتَ أن تكون شهيدًا فمُتْ عن الخطية: "أمت أعضاءك التي على الأرض" (كو 5:3) فتصير شهيدًا بنيَّتك.
لقد كان الشهداء يقاتلون ملوكًا وولاةً جسديين، أمَّا أنت فتقاتل الشيطان ملك الخطية، والشياطين هم ولاة الظلمة. كان أولئك ينصبون للشهداء مذابح لتقديم الضحايا لعبادة الأصنام ونجاسة الزنى، والآن إن أدركت ببصيرتك الروحانية فها هي مائدة للذبائح ومذبح وصنم روحي مرذول في النفس، وقد تدفعك كل هذه إلى السجود أمامها“.
فردوس الآباء.