|
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
إشعياء يُطمئن آحاز: 3 فَقَالَ الرَّبُّ لإِشَعْيَاءَ: «اخْرُجْ لِمُلاَقَاةِ آحَازَ، أَنْتَ وَشَآرَ يَاشُوبَ ابْنُكَ، إِلَى طَرَفِ قَنَاةِ الْبِرْكَةِ الْعُلْيَا، إِلَى سِكَّةِ حَقْلِ الْقَصَّارِ، 4 وَقُلْ لَهُ: اِحْتَرِزْ وَاهْدَأْ. لاَ تَخَفْ وَلاَ يَضْعُفْ قَلْبُكَ مِنْ أَجْلِ ذَنَبَيْ هَاتَيْنِ الشُّعْلَتَيْنِ الْمُدَخِّنَتَيْنِ، بِحُمُوِّ غَضَبِ رَصِينَ وَأَرَامَ وَابْنِ رَمَلْيَا. 5 لأَنَّ أَرَامَ تَآمَرَتْ عَلَيْكَ بِشَرّ مَعَ أَفْرَايِمَ وَابْنِ رَمَلْيَا قَائِلَةً: 6 نَصْعَدُ عَلَى يَهُوذَا وَنُقَوِّضُهَا وَنَسْتَفْتِحُهَا لأَنْفُسِنَا، وَنُمَلِّكُ فِي وَسَطِهَا مَلِكًا، ابْنَ طَبْئِيلَ. 7 هكَذَا يَقُولُ السَّيِّدُ الرَّبُّ: لاَ تَقُومُ! لاَ تَكُونُ! 8 لأَنَّ رَأْسَ أَرَامَ دِمَشْقَ، وَرَأْسَ دِمَشْقَ رَصِينُ. وَفِي مُدَّةِ خَمْسٍ وَسِتِّينَ سَنَةً يَنْكَسِرُ أَفْرَايِمُ حَتَّى لاَ يَكُونَ شَعْبًا. 9 وَرَأْسُ أَفْرَايِمَ السَّامِرَةُ، وَرَأْسُ السَّامِرَةِ ابْنُ رَمَلْيَا. إِنْ لَمْ تُؤْمِنُوا فَلاَ تَأْمَنُوا». اضطرب آحاز جدًا، لأنه اسقط من حساباته عنصر الإيمان أو "الوجود الإلهي"، فلم يُنادِ بالتوبة والرجوع إلى الله، ولا ذهب إلى الهيكل ليضع الأمر بين يديْ الله، ولا أرسل إلى النبي يستشيره، إنما استخدم الوسائل البشرية من التجاء إلى آشور لحمايته، وخروجه إلى طرف قناة البركة العليا [3] غرب أورشليم على رأس وادي ابن هنوم يختبر مع رجال الدولة موارد المياه ليحولونها إلى المدينة تنتفع بها أثناء الحصار المرتقب ولحرمان العدو منها (2 أي 22: 3، 4؛ إش 22: 9-11) كما كان يُباشر تحصين المدينة قدر المستطاع. مع هذا كله تدخل الله ليس من أجل آحاز وإنما من أجل القلة القليلة المقدسة من شعبه، ومن أجل داود عبده ومدينته العزيزة لديه. لقد طلب من إشعياء أن يخرج لملاقاة آحاز ومعه شآرياشوب (= البقية سترجع) بكونه علامة وأعجوبة في إسرائيل (إش 8: 8)، مؤكدًا له: "احترز وأهدأ؛ لا تخف ولا يضعف قلبك من أجل ذنبيْ هاتين الشُّعلتين المدخِّنتين بحمو غضب رَصِين وآرام وابن رمَلْيا" [4]. التقى النبي وابنه مع الملك عند البركة ليعلن الله للملك أن الخلاص لن يتم بالتخطيط البشري والإمكانيات الزمنية وإنما بعمل الله الفائق وعنايته نحو أولاده. التقى النبي مع الملك عند البركة ليؤكد له أن الله يُريد أن يتحدث مع البشرية أينما وجدوا، يلتقي مع لاوي عند مكان الجباية ومع زكا عند شجرة الجميز ومع السامرية عند بئر يعقوب إلخ... هو يبحث عنا ويذهب إلينا أينما وجدنا مشتاقًا إلى خلاصنا أكثر من اشتياقنا نحن إليه. طلب الله من آحاز ألا يخاف ولا يضعف قلبه، للأسباب: أ. أن العدوّيْن "فَقْح ورَصِين " ليسا إلاَّ شعلتين مدخنتين [4]. هكذا يجد أولاد الله مقاومة وتحالفًا من الأعداء ضدهم لكن هذا كله لن يَزيد عن كونه شعلة مُدخّنة تعكّر الجو وتؤذي الأنف إلى حين، بلا نار ملتهبة لتحرق. عدو الخير قوي وجبار في المظهر لكنه يَصغْر جدًا ويضعف تمامًا أمامنا إن اختفينا في المسيح الغالب لإبليس وكل قواته. يقول القديس يوحنا الذهبي الفملثيؤدور الساقط: [إن كان للشيطان هذه القدرة أن يطرحك أرضًا من العلو الشامخ والفضيلة السامية، إلى أبعد حدود الشر؛ فكم بالأكثر جدًا يكون الله قادرًا أن يرفعك إلى الثقة السابقة، ولا يجعلك فقط كما كنت، بل أسعد من ذي قبل]. ب. عدم نجاح مؤامرة الأعداء: قام الملكان بمؤامرة شيطانية خفية لكن الله المدرك كل الخفيات أعلنها حتى يحتاط الملك آحاز بالرغم من شِّرهِ وغَبائِه. يقول الرب "لا تقوم، لا تكون" [7]. قد ينجح العدو في البداية حاسبًا أنه يُحقق أهدافه الشريرة، لكن الرب يُشتت المستكبرين بفكر قلوبهم (لو 1: 51). ج. لن يقدر آرام أن يتوسع كما ظن إنما يلتزم حدوده: "لأن رأس آرام دمشق ورأس دمشق رَصِين" [8]. هكذا مهما حارب رَصِين فسيعود إلى دمشق ولا تتسع مملكته على حساب يهوذا كما يظن. أما بالنسبة لأفرايم ففي مدة 65 سنة ينكسر حتى لا يعود يُحسب شعبًا [8]، يرى البعض أنه في مدة 5، 6 سنوات أي 11 سنة، لأن سبي إسرائيل تحقق بعد 11 سنة من حديث إشعياء النبي (2 مل 17: 3، 6). وإن كان بعض الدارسين يرون أن النبي يُشير هنا إلى خراب إسرائيل بواسطة آسرحدون الذي جاء بقوم من بابل وكوث وعدا وحماة وسفروايم وأسكنهم في مدن السامرة عوضًا عن بني إسرائيل ليقضي على أمة إسرائيل تمامًا (2 مل 17: 24). ختم النبي حديثه بقوله: "إن لم تؤمنوا فلا تؤمنوا" [9]. فإنهم ما لم يؤمنوا بالوعد الإلهي ويثقوا فيه متكلين على ذراع الرب لن يثبتوا في هذه الظروف القاسية الصعبة. الإيمان هو الدرع (1 تس 5: 8) الذي يحمينا من ضربات العدو. جاءت هذه العبارة في الترجمة السبعينية: "إن لم تؤمنوا فلا تفهموا" وقد علق عليها القديس أغسطينوسكثيرًا، فمن كلماته: [لا تستطيعوا أن تنالوا الفهم ما لم يشرق الإيمان في القلب القائل مع النبي: "إن لم تؤمنوا بالتأكيد لن تفهموا"]. [الإيمان يُبحث عنه وأما الفهم فيوجد، إذ يقول النبي: "ما لم تؤمنوا لا تفهموا"]. [حسب تعليم الكنيسة الجامعة يليق بالعقل أن يتغذى أولًا بالإيمان البسيط حتى يقدر أن يفهم الأمور السماوية الأبدية]. [إنكم (يُحدِّث الهراطقة) لم تتعلموا في ملكوت السموات -أي كنيسة المسيح الحقيقية الجامعة- وإلاَّ فإنكم كنتم قد نهلتم من كنز الكتب المقدسة، ما هو قديم وأيضًا ما هو جديد. يقول الرب نفسه: "من أجل ذلك كل كاتب متعلم في ملكوت السموات يشبه رجلًا رب بيت يخرج من كنزه جددًا وعتقاء" (مت 13: 52)]. يرى القديس أغسطينوس أن الإنسان بالإيمان يرافقه السيد المسيح ليسير معه كل الطريق كما فعل مع تلميذيّ عمواس اللذين توسلا إليه أن يمكث معهما، فلما اتكأ معهما "انفتحت أعينهما وعرفاه" (لو 24: 31). يعلق القديس إكليمنضس السكندريعلى ذات العبارة قائلًا: "هذا يعني أنه إن لم تؤمنوا بما تنبأ عنه الناموس وتتقبلوا تعليم الشريعة لن تفهموا العهد القديم الذي فسره (السيد المسيح) بمجيئه"". |
|