رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
سيمون والفرق بين السحر والدين على أن سيمون وشعب السامرة يبسطان أمامنا قضية أخرى ألا وهى ارتباط الدين بالسحر والعلاقة الطردية أو العكسية التى يمكن أن تفرق بينهما ، أو تجمعهما فى إطار واحد ، ومن الملاحظ أن المدينة كانت تتبع سيمون وتعتبره قوة اللّه العظيمة ، فلما جاء فيلبس ، جاء ليفصل الأصل عن التقليد ، والصحيح عن الزائف،... والسر يرجع ، بادىء ذي بدء ، إلى أن الدين أو السحر يواجهان فى الحقيقة علاقة الإنسان بغير المنظور ، وكلاهما يحاول تجاوز المنظور إلى ما وراء المنظور ، ومن العجيب أن الصراع بين بطرس وسيمون انتهى إلى الفرقة الكاملة بينهما ، وتقول بعض التقاليد إن سيمون تحول بعد ذلك ليكون مؤسساً وزعيماً للمدرسة الغنوسية التى كانت من أعدى أعداء المسيحية ، وقد ظهرت فى محيط الكنيسة ، فى القرن الثانى والثالث ، تحاول تحطيمها من الداخل والكلمة " غنوسية " من أصل يونانى ومعناها " معرفة " ، وتطلق على مجموعة من الشيع أو مدارس الفكر التى أشار إليها الكثيرون من اللاهوتيين أمثال إيرانيوس وترتليانوس وهيبوليتس ، وكانوا ينظرون إليها كهرطقة جاءت من محاولة مزج الفكر المسيحى بالفلسفة الوثنية ، أو علم التنجيم بالبدع السرية التى ارتبطت بالديانات اليونانية ، وقد قبل بعض الباحثين والعلماء الجزء الأكبر من هذه الأفكار المنحدرة من العصور المسيحية الأولى ، وأطلقوا على الغنوسية " الإغريقية المتطرفة للتصور المسيحى " .. ومن المؤكد أن الغنوسية كان لها جذور فكرية يونانية من قبل مولد المسيحية ، ونجد فى رسالة يوحنا الأولى والرسائل الرعوية تحذيراً واضحاً منها،.... وأغلب الظن أنها محاولة للتوفيق بين مختلف الآراء اليهودية والوثنية والشرقية ، فى الوحى ، وقضية الخير والشر ، ومصير الإنسان ، .... ولعل أظهر مدرسة غنوسية كانت مدرسة فالانتينوس الذى علم فى الإسكندرية وروما فى منتصف القرن الثانى الميلادى ، ويقوم تصورها على أنه فوق الوجود ووراءه يقوم الآب الأعلى ، الجوهر غير المولود ، والأيون أو السرمد الكامل ، وإلى جانبه يوجد الصمت الذى هو فكره ، ومنه ينبثق على التتابع ثلاثة أزواج من الأيونات ، الحق " النوس والأليثيا " والحياة الذى هو " اللوجوس والزيو " والإنسان والكنيسة " الانثروبوس والأكليسية " ومن التفاعل بين هذه الأيونات تأتى الأيونات الأخرى كالحكمة والصليب والروح القدس !! .. وتسير هذه المدرسة فى تصورات أشبه بالأدغال المتشابكة ، محاولة فى تفسر كل شئ بتفسير غيبى غريب حتى يصح أن نقول إن الغنوسية ليست ديناً أو فلسفة بقدر ما هى نظرية تصوفية عن الوجود ، ... وهناك مدرسة غنوسية أخرى لرجل اسمه باسيليوس وهو سورى المولد حاضر فى الإسكندرية من عام 120 - 140 م ، وكان نظامه يشير إلى التدرج حتى أنه عد السموات بثلثمائة وخمس وستين ، وكانت آراؤه ممتلئة بالخيالات والتصورات الغيبية ، .. وقد تعرض الغنوسيون لفكرة الخلاص ، والخلاص عندهم يأتى من المعرفة ، وإن رسالة الوسطاء الإلهيين هى أن يفتحوا عينى الإنسان للحق ، والإنسان الروحى فى نظرهم هو الذى يخلص بالمعرفة ، يعرف من هو وكيف جاء إلى وضعه الراهن ، ... وكيف يسير . وفى مثل هذه التربة التى تتجاوز المنظور يمكن أن ينشأ السحر والتنجيم والعرافة والأضاليل جنباً إلى جنب أو على اختلاط ومزج بالتعاليم الدينية ... فإذا أراد الإنسان أن يعرف كيف يفرق بين الصحيح والباطل ، وبين الحق والكذب ، وبين الصدق والضلال أو فى لغة أخرى بين فيلبس وسيمون ، أو بين الدين والشعوذة ، ! تعين عليه أن يعود ليرى الفرق بين موسى وهرون من جانب وبين السحرة المصريين من جانب آخر وبين عصا هرون التى تحولت إلى حية وبين العصى الأخرى التى ابتلعتها عصا هرون . وبين معجزات موسى وإقرار العرافين بأن تلك تحمل أصبع اللّه ، وتعين عليه أن يرى بولس فى مواجهة بار يشوع الساحر الذى كان يريد إفساد الإيمان عند سرجيوس بولس ، ... فإذا وقفت القوة المعجزية أمامه عند حدود الإثارة أو دون أن تكون هناك فائدة تتجاوز الجسد إلى الروح ، أو إذا كانت للاستغلال البعيد عن الإحسان والرحمة ، فهى قوة شيطانية أو بشرية مرتبطة بخفة اليد أو ما أشبه من وسائل مخادعة ، لا يمكن أن تكون من اللّه أو بفعله وقوته !! ... وهكذا بدا سيمون الساحر ، على النقيض تماماً من فيلبس ، أو هكذا بدت الشعوذة فى مواجهة الحق الإلهى الواضح وضوح النهار !! .. وهكذا تحولت المدينة بأكملها والمشعوذ نفسه فى الاتجاه الصحيح الكريم من صغيرهم إلى كبيرهم على حد سواء !! |
|
قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً |
الموضوع |
سمات الحرية المسيحية |
سمات الحرية المسيحية |
سيلا وقضية الحرية المسيحية |
الحرية المسيحية |
الحرية فى نظر المسيحية |