الاعتداد بالذات
الإنسان المعتد بذاته، قد يصل إلى درجة تكون خطرة عليه، ومتعبه لكل من يتعامل معه.
فهو قد يثق برأيه ثقة تجعله لا يقبل فيه نقاشًا، كما لا يقبل التنازل عن رأيه مهما كان الرأي المضاد له مقنعًا..! وهو لا يقبل أن يكون هناك رأى مضاد. ويعتبر مواجهته برأي آخر إهانة صارخة لا تقبلها كرامته!
فالرأي له وحده. ورأيه له عصمته، التي لا تخطئ!
وهكذا يصل في تفكيره إلى لون من التشبث والعناد..
وبهذا الأسلوب ينفض من حوله كل من له فكر، وكل من يحب أن يستخدم عقله، ولا يبقى حوله إلا مجموعة من المريدين الذين ينقادون إلى كل ما يقوله، في طاعة عمياء.
والمعتد بذاته يكلم الناس دائما من فوق..
يرى في نفسه أنه وصل إلى مستوى فوق مستوى الآخرين، فهو لا يكلمهم إلا ناصحًا، وآمرًا، ومشيرًا، وموبخًا لهم على أخطائهم.. مهما كان هؤلاء، ومهما كان سنهم ومراكزهم!
وبهذا المسلك يمكن أن يخطئ إلى غيره..
وقد يفعل ذلك بلا مبالاة، دون أن يوبخه ضميره، لأنه في اعتداده بذاته لا يشعر مطلقًا أنه أخطأ!!
لذلك فهو لا يعتذر مطلقًا على خطأ قد ارتكبه..
المعتد بذاته، يصل به الأمر إلى تأليه ذاته !!
وما أكثر (الآلهة) الذين يتمشون على الأرض!
ويرى كل منهم أنه مصيب على طول الخط وإذا اختلف معه أحد، فلابد أن هذا الأحد هو المخطئ.
ما أسباب الاعتداد بالذات؟
ربما بعض مواهب منحها الله له، فاستغلها لضرر نفسه.
أو قد يكون قد نجح في مناسبات معينة، فارتفع قلبه بهذا النجاح، ولم يعط مجدًا لله.
أو ربما في قلبه كبرياء قديمة، هذا الاعتداد من مظاهرها، ومن الجائز أن تكون في تربيته نواح من التدليل.
أيا كان السبب، فالاتضاع هو علاج الاعتداد بالذات يدفعه إلى علاج نفسه أيضًا، الخوف من أن يخسر الكل.