أ. حلمي القمص يعقوب
ما هي الأدلة الدامغة على موت السيد المسيح على الصليب وقيامته؟
ثانيًا: أدلة غلام ميرزا أحمد، وأحمد ديدات على عدم موت المسيح وقيامته.
قبل أن نستعرض أدلّة هذا الغلام وذاك الديدات علينا أن نتذكّر الأمور الآتية:
س43: ما هي الأدلة الدامغة على موت السيد المسيح على الصليب وقيامته؟
ج: هناك أدلة عديدة على موت السيد المسيح على الصليب نذكر منها ما يلي:
1- نبوات وذبائح ورموز العهد القديم تخبرنا بوضوح تام عن موت المسيح الكفاري لفداء البشرية وهذا ما عشناه في الدرس السابع.
2ـ أخبر السيد المسيح تلاميذه مرارًا وتكرارًا عن صلبه وموته وقيامته، وهناك نحو ستين نَصًا إنجيليًا تخبرنا عن هذه الأحداث.
3ـ لو راجعنا الأسباب الطبية التي أدت إلى وفاة السيد المسيح لعَلِمنا مدى ما جاز فيه من آلام نفسية واستهزاء وسخرية، وضرب ولطم، وسهر طوال الليل في محاكمات، وجلدات تكاد تقضي على الإنسان، وسقوط تحت ثقل خشبة الصليب، وطعنة نجلاء بحربة رومانية من جندي روماني متمرّس على القتال.. إلخ. كل هذا يؤكِّد بلا أدنى شكٍّ ويفسِّر لماذا مات السيد المسيح بعد ثلاث ساعات من تعليقه على الصليب بالمسامير.
4ـ اعتاد الجنود الرومان عملية الصلب، فصَلْب السيد المسيح لم يكن هو أول عملية صلب بالنسبة لهم، ولذلك فهم خبراء بموت المصلوب، ومن أجل خبرتهم هـذه وتأكدهم من موت حبيبي يسوع لذلك لم يجدوا هناك داعيًا لكسر ساقيه.
5ـ يعلم الجنود الرومان جيدًا أن ثمن إفلات أسير من يدهم، أو نزول المصلوب حيًا هو حياتهم جميعًا، فإنزال المصلوب من على الصليب وهو ما زال حيًّا يساوي موتهم جميعًا عوضًا عنه، فالجنود الستة عشر الذين كانوا يحرسون بطرس وهو في السجن، عندما لم يجده هيرودس أمر بأنهم جميعهم يقتادوا للموت (أع 12: 19) وعندما ظن سجّان فيلبـي أن المساجين هربوا أراد أن ينتحر (أع 16: 27).
6ـ لم يكن السيد المسيح شخصية عادية إنما كان شخصًا مرموقًا في المجتمع، كما ذكرنا أيضًا هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت في مواضِع أخرى. فاليهود ينظرون إليه أنه نبي أو أعظم من نبي، والرومان يعرفون أنه صاحب قوات ومعجزات، والقيادات الدينية والجمع الغفير كان واقفًا عند الصليب يترقّبون موته والخلاص منه للأبد، فلو أنزله الجنود وهو ما زال حيًا لثار عليهم الواقفون يطالبون بإعدامه، ولرفعوا أمرهم إلى الوالي.
7ـ لو كان السيد المسيح ما زال به رمق الحياة بعد إنزاله من على الصليب، ألم يكن الأجدر بيوسف الرامي ونيقوديموس أن يقدّما إليه الإسعافات عوضًا عن تقديم الأكفان، التي تلتف حول جسده فتمنعه من الحركة والتنفس، إذ نحو 36 كيلو جرام من المر والعود قد التصقت بجسده، ولو كانا يخافان من افتضاح الأمر فيأتي اليهود ثانية ويقتلونه فإنهما كانا يكفنانه بطريقة بسيطة ثم يعودا سريعًا في ذات الليلة لكيما يحملانه بعيدًا. أما إنما يكفنانه بهذه الطريقة ويضعون حجرًا ضخمًا كهذا على باب القبر يحتاج لعدة رجال أصحاء لتحريكه فهذا شاهد على موت المسيح.
8 ـ لو كان السيد المسيح ما زال حيًّا.. فكيف يستطيع وهو منهك القوى بهذا الشكل أن ينسحب من الأكفان التي التصقت بجسده ويداه ممنوعتان من الحركة؟! قال: "هنري لآثام: "إن الأكفان" هذه شهادة لا تحطّم نظرية الإغماء فحسب، بل تحطّم كل نظريـة تفسـر عقيدة القبـر الفارغ تفسيرًا غير معجزي" (قام حقًا ص 53)(243) ثم كيف استطاع السيد المسيح أن يزحزح الحجر الضخم وجسده مسخن بالجراحات العميقة؟! وأيضًا كيف استطاع أن يفلت من أيدي الجنود الرومان المكلفين بالحراسة؟! وهل بعد كل هذا استطاع أن يسير بساقيه خمسة أميال إلى عمواس ثم يعود ثانية إلى أورشليم!
9 ـ لو قام السيد المسيح بجسد مادي، وليس جسدًا ممجَّدًا، فكيف استطاع أن يختفي عن أعين الجميع لمدة أربعين يومًا وهو يُظهر نفسه لتلاميذه حين فجأة ويختفي من أمامهم في لحظة؟!
10ـ تركيز الإنجيليين الأربعة على حقيقة موت السيد المسيح على الصليب وأنه أسلم الروح (مت 27: 50، مر 15: 37، لو 23: 46، يو 19: 30، 33).
11ـ لو كان السيد المسيح قد تعرّض للإغمـاء فقط لظهـر للتلاميذ في موقف الضعيف المصاب، ولعجز عن بث الحماس في قلوب التلاميذ لينادوا بقيامته، وهـو أصلًا لم يمت، وبالرغم من أن "دافيد فردريك شترواس" كان ينكر قيامة المسيـح إلاَّ أنـه رفض نظرية الإغماء هذه وقال: "لسنا نظن أن شخصًا تسلل من قبره فـي ضعف وإنهـاك، وفـي حاجـة ماسة إلى علاج طبي وتضميد لجروحه وفـي أشد الحاجـة إلى فتـرة للنقاهة، يقدر أن يؤثر على تلاميذه بأنه قاهر الموت والقبـر، وأنـه رئيس الحيـاة، ويرسلهـم بسلطان لكي ينشروا رسالته فـي العالـم كله! ما كان يمكن مثل هذا الواهن الجريح يقـدر أن يُبدّل حزن تلاميذه إلى حماسة، ويرفـع احترامهـم إلـى درجة العبادة (David Friedricik Strauss, The life of Jesus for the people, Williams and Norgate) (244).
12ـ لقـد شهد القرآن للسيد المسيح القدوس الذي بلا خطية الخالق الشفيع الديان.. إلخ، فكيف يكون مسلمًا مَن يتهم السيد المسيح بالخداع والتضليل، وأنه لم يمت لكنه أوهم تلاميذه أنه مات وقام؟!
13ـ نفى القرآن صلب السيد المسيح أصلًا وقال: "وما قتلوه وما صلبوه ولكن شُبّه لهم" (النساء 147) فكيف يتجرأ غلام أو ديدات ويصرّح بأن السيد المسيح صُلِبَ ولكنه لم يمت؟! عمومًا فإننا نقول لمن يؤمن بأن السيد المسيح صُلِب ولكنه لم يمت أنك في الحقيقة قد تقدّمت خطوة في طريق الحق، والخطوة التالية ما أسهلها وهي الاعتراف بموته من أجل الإنسان، فتنال الخلاص من الموت الذي تعيشه، ولا سيما أن الخطوة التالية تتمشى تمامًا مع العقل والمنطق والحق والضمير كما رأينا.