شاول والطمع
وهناك مدمر آخر دخل في حياة الرجل، وهو الطمع، عندما كان فقيراً وصغيراً كان مكتفياً، لكن عندما أثرى واغتنى وبدأ يعيش حياة الملوك، لم تعد هناك نهاية لقناعته، وتولد فيه نوع عجيب من خداع النفس، والمال هكذا يدفع الإنسان إليه.
ولعل الحديث بينه وبين صموئيل يكشف عن هذا الخداع الغريب، إن خوار البقر عند النفس الطامعة أشبه بالموسيقى الحلوة الطروب، وقد أنصت صموئيل إلى هذا الخوار، قال لشاول: "وما هو صوت الغنم هذا في أدنى، وصوت البقر الذي أنا سامع"... وتحدث شاول عن هذه الموسيقى الآتية من خيار البقر والغنم، فقال مخادعاً نفسه، وكأنما يريد أن يخدع صموئيل أيضاً: "من العمالقة قد أتوا بها لأن الشعب قد عفا عن خيار الغنم والبقر لأجل الذبح للرب إلهك"... ومن الحق أن الطامع يتحول في لحظة الطمع إلى عابد وثن، وصوت الدنانير عنده أجمل موسيقى تشنف أذنيه.. والقبح في نظر الآخرين يضحى آية الجمال أمام عينيه، ولهذا قال الرسول بولس لأهل كولوسي: "والطمع الذي هو عبادة أوثان"...