الكنيسة هي صورة المسيح المنظورة وه المسموع للبشرية التي أحبها ، ويطلب خلاصها ، ورسالة الكنيسة المقدمة لبشرية هو النداء بالتوبة والعودة لحضن الله ...
الكنيسة كلها كيان واحد غير منقسم ، ومرتبط ببعضه البعض ، فالرأس هو المسيح له المجد ذاته ، ولا ينفصل أعضاءه بعضهم عن بعض منذ يوم تجسده إلى هذا اليوم بل وإلى آخر الدهور ، لأن الكل مرتبط ولا يفرقه زمان أو مكان ، وليس فيها من يحيا منفرد بذاته وفكره ، ليتكلم كيف ما شاء ويعلم بفكره الخاص ، لأن رسالة الكنيسة مستمده من شخص المسيح - له المجد – نفسه ، وتنادي بما نادى به شخصياً :
(( توبوا وآمنوا بالإنجيل )) ، (( من ثمارهم تعرفونهم )) ، (( أصنعوا ثماراً تليق بالتوبة )) ، (( أن لم تؤمنوا أني أنا هو تموتون في خطاياكم )) ، (( هوذا الفأس وضعت على أصل الشجرة ، فكل شجرة لا تصنع ثماراً جيدة تُقطع وتُلقى في النار )) ...
وهذا المنهج الكرازي البسيط يتناسب مع حاجة النفس البشرية للخلاص والحياة الأبدية بالالتصاق بالله الحلو ، وقد مارس آباء الكنيسة نفس ذات المنهج اعتماداً على مناداة ربنا يسوع في الإنجيل ، ولو قرأنا العظات التي كانت تُتلى على الموعوظين في العصور الأولى ، سنجدها تتسم بالبساطة والتعليم الصحيح بنفس ذات روح المسيح له المجد وأسلوبه البسيط الذي هو مملوء روح وحياة ...
هذه هي رسالة الكنيسة في كل عصر ، وهي هي رسالة ربنا يسوع ، ورسالة الرسل وآباء الكنيسة كلهم معاً ...
والمنهج الرسولي للتعليم يعتمد على :
أولاً – ممارسة خدمة الأسرار : كالمعمودية وعشاء الرب ( الأفخارستيا ) ، وكل الأسرار المقدسة ... ولنا أن نتيقن ويكون لنا علم اليقين أن ما زال الروح القدس له المجد ، حاضراً وعاملاً دائماً في الكنيسة بالأسرار منذ أيام الرسل وفي عصر الآباء وإلى الآن وإلى منتهى الدهور .
ثانياً – المنهج الكتابي : القائم على تحقيق أقوال آباء العهد القديم وأنبيائه ، وهو المنهج الذي بدأه ارب مع تلاميذه القديسين الرسل ، وأكمله التلاميذ بعد ذلك في تعليمهم للمؤمنين ، والروح القدس سكب مواهبه على المؤمنين لخدمة الكلمة ، فوضع في الكنيسة أنبياء ومعلمين ومبشرين وحكماء ومدبرين ... الخ ...
وكانت الكنيسة الأولى زاخرة بالمواهب ، واستمرت بالمواهب وفيض الروح القدس في عصر الآباء ، وكان الكتاب المقدس بالنسبة لآباء الكنيسة مصدر الإلهام والامتلاء من الروح القدس ، وقد استخلصوا منه العقيدة الأرثوذكسية بكل اتساعها الحلو وقانون الإيمان واللاهوت والحياة الرهبانية والتنظيم الكنسي وتفسير الكتب المقدسة وشرحها ، وهو القوة التي استندت عليها كل القوانين الكنسية وقواعد التقليد الأساسية وقوانين المجامع المقدسة ...
ليتنا اليوم نحيا بروح الآباء والكنيسة الأولى ونعتمد على فكرهم الذي ينقل إلينا روح الرسل الذي هو روح المسيح يسوع راعينا الصالح القدوس : " لأنه من عرف فكر الرب فيعلمه و أما نحن فلنا فكر المسيح " (1كو 2 : 16)