منتدى الفرح المسيحى  


العودة  

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  رقم المشاركة : ( 1 )  
قديم 19 - 06 - 2014, 10:34 AM
الصورة الرمزية Mary Naeem
 
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو
  Mary Naeem متواجد حالياً  
الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,267,801

شرح الكتاب المقدس - الراهب القمص يوأنس الأنبا بولا
تفسير سفر نبوة باروك - الفهرس

تقديم للأنبا أثناسيوس مطران بني سويف والبهنسا لكتاب سفر باروخ
كتبه باروخ الذي تتلمذ على إرميا، ولازمه، حتى استقرا في مصر عندما اصطحبهما الشعب الهارب إليها من السبي البابلى. وقد كان باروخ يكتب ما يمليه عليه معلمه، كما ورد في نبوة إرميا مرتين، الأولى: في كتابة عقد شراء حقل (إر 12:32،15)، والثانية: الرسالة التي وجهها إرميا من السجن للشعب والملك يهوياقيم (إر 4:36،19)، ثم عاد وكتبها بعد أن أحرقها الملك.
*أما نبوته فجاءت في ستة أصحاحات، وتحوى ثلاثة أقسام رئيسية بعد المقدمة:-
اعتراف (با 15:1 - 8:3)، تصوير الحكمة (با 9:3 - 4:4): رسالة الرجاء للمسبيين (با 5:4 - 9:5). وهذه الأقسام الثلاثة تتفق مع العناصر الثلاثة التي وردت في سائر الأنبياء. ألا وهى:-
شرح الكتاب المقدس - الراهب القمص يوأنس الأنبا بولا
1- الصلاة والاعتراف بالخطية، وتمجيد عدل الله وقوته، وطلب المغفرة.
مثلما نجدها في نحميا (نح 6:9،37) أَنْتَ هُوَ الرَّبُّ وَحْدَكَ. أَنْتَ صَنَعْتَ السَّمَاوَاتِ وَسَمَاءَ السَّمَاوَاتِ... اخْتَرْتَ أَبْرَامَ... قَطَعْتَ مَعَهُ الْعَهْدَ أَنْ تُعْطِيَهُ أَرْضَ الْكَنْعَانِيِّينَ وَ.... وَ.... وَرَأَيْتَ ذُلَّ آبَائِنَا فِي مِصْرَ.... أَظْهَرْتَ آيَاتٍ وَعَجَائِبَ.... أَعْطَيْتَهُمْ خُبْزًا.... وَأَخْرَجْتَ لَهُمْ مَاءً مِنَ الصَّخْرَةِ... وَلَكِنَّهُمْ بَغُوا هُمْ وَآبَاؤُنَا... لأَجْلِ مَرَاحِمِكَ الْكَثِيرَةِ لَمْ تُفْنِهِمْ... هَا نَحْنُ الْيَوْمَ عَبِيدٌ وَالأَرْضَ الَّتِي أَعْطَيْتَ لِآبَائِنَا لِيَأْكُلُوا أَثْمَارَهَا... هَا نَحْنُ عَبِيدٌ فِيهَا... نَحْنُ فِي كَرْبٍ عَظِيمٍ.

شرح الكتاب المقدس - الراهب القمص يوأنس الأنبا بولا
وما جاء في دانيال (دا 4:9،19).
شرح الكتاب المقدس - الراهب القمص يوأنس الأنبا بولا
2- الحكمة، وهى التي وهبها الله للشعب على جبل سيناء، فميزهم على الشعوب التي عبدت الآلهة الزائفة والشياطين.
شرح الكتاب المقدس - الراهب القمص يوأنس الأنبا بولا
3- النبوات عن مجئ المسيح، كما نجدها هنا في (با 2: 35) وأقيم لهم عهدًا أبديًا فأكون لهم إلهًا ويكونون لي شعبًا... المرادفة لإرميا (إر 40:32)، وكذلك ما ورد في (با 1:5- 4) يناشد فيها الشعب أن يفرح بالخلاص الأبدي وحلول ملكوت السلام.
أما النبوة الصريحة عن تجسد الرب فكانت دائمًا نورًا يشع من هذه الأسفار - التي يتجاهلها البعض- وركيزة في الدراسات اللاهوتيه: "هو وجد طريق التأدب بكماله، وجعله ليعقوب عبده ولإسرائيل حبيبه. وبعد ذلك تراءى على الأرض وتردد بين البشر" (با 36:3 -38).
قام بهذا التفسير الراهب الأب يوأنس الأنبا بولا. وقد بذل فيه جهدًا عميقًا ممتدًا لوقت طويل. إذ أن المراجع التفسيريه لمثل هذه الأسفار المسماة "القانونية الثانية" قليلة في اللغة العربية.
وجدير بالذكر أن الكنيسة لا تعتبرها في درجة ثانية بالنسبة لباقي الأسفار. وإنما سميت كذلك لأن الأصول العبرية الموجودة منها غير كاملة. ولكنها كانت كاملة عند ترجمة العهد القديم إلى اللغة اليونانية، ولذلك وردت كاملة في النسخة السبعينية. حتى أن بعض الطبعات تسميها (الكتب اليونانية من الترجمة السبعينية) أنظر الطبعة الخاصة من الكتاب المقدس باللغة العربية نشر دار الكتاب المقدس في الشرق الأوسط الطبعة الأولى 1993م.
ومن متابعة جهد الأب يوأنس خلال درس وكتابة هذا الكتاب، تبين لي تدقيقه فيما يصل إلى يده، وتمحيصه بالبحث من جوانب مختلفة وما يتعلق بها من موضوعات أخرى.
كما قام بوضع شواهد للآيات كلفته بحثًا مثابرًا متعمقًا في ميدان بكر لم يطرق في اللغة العربية، لم ننشره هنا في موقع الأنبا تكلاهيمانوت، ولكننا سنستخدمه لاحقًا في قسم آخر بالموقع..
أرجو لهذا الكتاب القيم أن تعم فائدته لأبناء الكنيسة، وأرجو لمؤلف قوة وتوفيقًا فيما يفكر فيه من الدراسات الأخرى، ولا زال شابًا مباركًا أمامه مجال طويل للعمل في الدرس مع الحياة الرهبانية الملتزمة.
ويسرنى أن أثبت أن نيافة الحبر الجليل أنبا أغاثون مطران الإسماعيلية ورئيس دير القديس العظيم الأنبا بولا يولى المؤلف تشجيعًا كريمًا.
*وإذ أقدم هذا العمل إلى صاحب القداسة البابا المعظم أنبا شنوده الثالث. أطلب للكتاب وكتابه ولى بركة قداسته ودعواته، أدامه الله ذخرًا ومعلمًا للكنيسة.
الأنبا أثناسيوس
مطران بنى سويف والبهنسا
رد مع اقتباس
قديم 19 - 06 - 2014, 10:36 AM   رقم المشاركة : ( 2 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,267,801

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem متواجد حالياً

افتراضي رد: شرح الكتاب المقدس - الراهب القمص يوأنس الأنبا بولا

مقدمة كتاب سفر باروخ
يلذ لي أن أبدأ سلسله الدراسات في الكتاب المقدس بسفر باروخ، لأنه سفر تعليمي ونبوي أيضًا. وجاءت هذه الدراسة بسبب نقص ما كتب عنه في المكتبة القبطية بصفة عامة، والمكتبة العربية بصفة خاصة.
وأبرزت في هذه الدراسة مدى أهمية السفر وقانونيته، ومدى ارتباطه بالكتاب المقدس ككل
ومعظم الدراسات السابقة هى دراسات غربية، أغلبها بروتستانتية عنيفة في اعتراضها، لاذعة في تهكمها، والبعض الآخر كاثوليكي. مما لا يعبر عن رأى كنيستنا، باستثناء بحث نشر في مجلة مرقس في تسعة أعداد عام 1992م وأخر في "كتاب النبي الباكي وباروخ تلميذه" وبعض الشذرات لكتاب مختلفين في بعض الكتب التي تدرس مدخل إلى الكتاب المقدس، وكتابيّ كنيسة الأمجاد ومشكاة الطلاب.
وبسبب وجود أراء مختلفة، وانتقادات عنيفة لا أساس لها، كلها بروتستانتية، نحو السفر والتشكيك في قانونيته. فكان لابد من دراستها مع الآراء الأخرى لتتضح الصورة الحقيقية لأهمية السفر وقانونيته، مما حذا إلى دراسة جميع الترجمات العربية عن الأصول اليونانية واللاتينية، مع الرجوع إلى النص باللغة الإنجليزية في بعض الأحيان، وتاريخ مملكة بابل في هذه الفترة التي صاحبت سبى يهوذا إليها. فجاء البحث كالآتي:-
1- نبذه عن حياة كل من إرميا وباروخ من حيث أنه تلميذه، وبسبب ملازمته لمعلمه إرميا تشبع جدًا بأقواله وكتاباته، وانعكس كل ذلك على سفره المسمى كتاب أو سفر باروخ وأحيانًا نبوءة باروخ. وبسبب الارتباط الوثيق بينهما، نجد أن رسالة إرميا التي وجهها إلى المسبيين في بابل، كونت الإصحاح السادس من سفر باروخ، في نص اللاتيني (الفولجاتا) ومن يترجم عنه.
2- مكانة السفر في العصور الأولى لكنيسة وما هى مكانته الآن؟ ولماذا يرفضه اليهود؟

شرح الكتاب المقدس - الراهب القمص يوأنس الأنبا بولا
3- دراسة أصول الترجمات لمعرفة أصول لغة السفر الأصلية.
4- وتعرضت أيضًا إلى بعض التعاليم الموجودة بالسفر، وبعض الآيات. وهذه الدراسة ما هى إلا بعض المفاتيح لدخول القارئ العزيز إلى السفر، ودراسته بطريقته الخاصة المحببة إليه. وأظهرت بعض الربط بين السفر والكتاب المقدس واقتباسات كتبة العهد الجديد من رسل وتلاميذ منه.
5- شرح للنبوات الموجودة بالسفر ومدى تحقيقها، وكيفية اعتماد الكنيسة الأولى على بعضها في الحوارات اللاهوتية، التي تمت في ذلك الوقت بسبب بدعة أريوس.
6- وتعرضت إلى أهم الاعتراضات مع الرد عليها.
7- وقد استخدمت نص ترجمة الآباء اليسوعيين التقليدية المأخوذة عن الترجمة اللاتينية (الفولجاتا)، مع وضع شواهد كتابية لآيات السفر بسبب انتشار هذا النص بصورة أوسع بين أبناء الكنيسة.
وأفدت في نهاية البحث بقائمة الكتب والمراجع التي تم الاعتماد عليها.
وهنا أشير لأهمية تشجيع أبى نيافة الحبر الجليل الأنبا أغاثون، حتى كملت هذه الدراسة، ومساندته لي بالدعاء، واهتمامه بنشر هذه الدراسة للفائدة العامة.
وأخص أيضًا بالذكر والشكر الجزيل لنيافة الحبر الجليل الأنبا أثناسيوس مطران بنى سويف الذي تفضل بكتابة مقدمة الدراسة بالرغم من ضيق وقته وكثرة مشغولياته.
وإنى لمدان لمحبتهما وعنايتهما بالبحث.
ولهذا العمل جنود مخلصين ينكرون ذواتهم، وهم من أبائى وأخواتى رهبان دير الأنبا بولا الذين بدون جهدهم ومثابرتهم معى، ما كان ولد هذا العمل في الوجود، فلهم جزيل الشكر ويعوض الله عملهم الخفي بأجر سمائى معلن أمام عرش النعمة.
كما أشكر مكتب جرافيك ستوديو، على تعبه في تجهيز الأفلام وفصل الألوان، وكل من له تعب في هذا العمل. إلهنا الصالح يعوض تعب محبتهم التي أظهروها نحو هذه الدراسة في ملكوت ابن محبته.
هذه الدراسة شذرة صغيرة أهديها للكنيسة ولصاحب الغبطة قداسة البابا شنودة الثالث، طالبين صالح دعواته، راجين دوام حبريته على كرسي مار مرقس الرسولي، منتفعين بتعاليمه ورعايته، لمجد اسم الرب يسوع، بشفاعات وطلبات وتشكرات والدة الإله العذراء مريم، والقديس يوحنا الحبيب البتول الإنجيلي، والأنبا بولا أول السواح.
الراهب يوانس الأنبا بولا
13 يناير 1996م
3 طوبة 1712ش
تذكار نياحة القديس يوحنا الرسول
  رد مع اقتباس
قديم 19 - 06 - 2014, 10:39 AM   رقم المشاركة : ( 3 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,267,801

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem متواجد حالياً

افتراضي رد: شرح الكتاب المقدس - الراهب القمص يوأنس الأنبا بولا

إرميا النبي
من هو إرميا النبي:-

إرميا هو ابن حلقيا الكاهن، من قرية عناثوث التي تقع ضمن حدود سبط بنيامين (أر 1:1) وهي القرية التي طرد إليها أبياثار رئيس الكهنة أيام سليمان الملك (1مل 26:2)، فلذلك يعتقد البعض أنه من نسله. وهو من الأنبياء الكبار أي إشعياء وإرميا وحزقيال ودانيال.
شرح الكتاب المقدس - الراهب القمص يوأنس الأنبا بولا
دعوته:-

لقد دعاه الله إلى العمل النبوي. وهو بعد فتى، وبسبب صغر سنه حاول أن يتهرب من هذا العمل. ولكن كان رد الله له ردًا حاسمًا: "لاَ تَقُلْ إِنِّي وَلَدٌ لأَنَّكَ إِلَى كُلِّ مَنْ أُرْسِلُكَ إِلَيْهِ تَذْهَبُ" (إر 7:1).
لقد أعلن الله له مدى مقاومة شعبه وبنى جنسه له. بسبب نبوته قائلًا: "فَيُحَارِبُونَكَ وَلاَ يَقْدِرُونَ عَلَيْكَ" (إر 19:1). وأيضًا " إِنِّي أَجْعَلُ الْعَدُوَّ يَتَضَرَّعُ إِلَيْكَ فِي وَقْتِ الشَّرِّ وَفِي وَقْتِ الضِّيقِ" (إر 11:15).
فابتدأ العمل النبوي في السنة الثالثة عشر لحكم يوشيا الملك الصالح، واستمر حتى بعدما أجبر على النزول إلى مصر (إر 2:1،3)، وبذلك يكون قد عاصر من ملوك يهوذا: ’ يوشيا، يوأحاز، يهوياقيم، يهوياكين، صدقيا وجدليا الوالي‘‘.

شرح الكتاب المقدس - الراهب القمص يوأنس الأنبا بولا
فتنبأ طوال هذه الفترة بالقضاء الوشيك أن يحل بيهوذا (إرص2 - 25) والبلاد التي حولها، ومنها بابل أيضًا (إر ص 46-51). ولكنه تنبأ أيضًا بافتقاد الله لشعب يهوذا. ورجوعه بعد سبعين سنة من السبي (إر 11:25، 12 و10:29)، وما سيحصل عليه من بركات بعد ذلك (إر ص 26-45).
شرح الكتاب المقدس - الراهب القمص يوأنس الأنبا بولا
آلامه:

لقد تألم إرميا النبي كثيرًا بسبب أمانته للعمل النبوي، من أهله وجيرانه من قرية عناثوث (إر 21:11،6:12)، وحتى من الرؤساء الدينيين الذين حاولوا قتله (إر 8:26)، ومن السياسيين في أورشليم الذين وضعوه في السجن مرات عديدة (إر36: 5) ورموه أيضًا في جب موحل لكي يموت (إر 6:38).
فكانوا يضيقون عليه بصورة قاسية جدًا، ولم يكن له معين يلجًا إليه ويخفف آلامه وأحزانه سوى الله، وباروخ تلميذه، لأن الله قد أوصاه أن يعيش بتولًا ـ أي لا يتزوج ـ (إر 1:16) مثل إيليا النبي، ويوحنا المعمدان إلخ.
إلا إنه مع كل ذلك كان يحب شعبه حبًا جمًا. فكثيرًا ما حاول ألا يتنبأ عليهم بقضاء الله، ولكنه لم يستطع بسبب أن كلمة الرب كانت له مثل نار في عظامه، فلم يستطع أن يحتملها حتى أنه قال:" فَمَلِلْتُ مِنَ الإِمْسَاكِ وَلَمْ أَسْتَطِعْ" (إر7:20-9)، وكثيرًا كان يصلى من أجل شعبه، حتى أوصاه الله أن لا يصلى من أجلهم (إر 16:7،14:11، 11:14).
وكثيرًا ما شبه بالسيد المسيح في آلامه، حتى أن الكنيسة تصلى جزءًا من أحد مراثيه في الساعة الثانية عشرة من يوم الجمعة العظيمة.
شرح الكتاب المقدس - الراهب القمص يوأنس الأنبا بولا
كتاباته

1- سفر إرميا:-

كتب إرمياالسفر المسمى باسمه، أيام يهوياقيم في السنة الرابعة من حكمة (إر 1:36،2) وأعطاه لتلميذه باروخ لكي يقرأه على الشعب في الهيكل، لأنه كان محبوسًا في السجن (إر 5:36،6) ففعل باروخ هكذا...
وحدث في الشهر التاسع من السنة الخامسة من حكم يهوياقيم أن باروخ قرأ السفر مرة أخرى في أذان الشعب. في مخدع جمريا بن شافان الذي في مدخل باب بيت الرب (إر 10:36). فأخذوا باروخ وسألوه كيف حصل على هذا السفر، فقال لهم إن إرميا كان يمليه عليه. أما هو فكان يكتب عن فمه (إر18:36)، فأوصوه أن يختبئ هو ومعلمه إرميا إلى أن يعرضوا السفر على يهوياقيم الملك (إر 19:36). ولما عرضوا السفر على الملك سمع منه شطرين أو ثلاثة، ولكنه اكتفى بذلك، ومزقه ووضعه في الكانون الذي يستدفئ عليه - لأن الوقت كان شتاء - ليحترق (إر23:36). وحاول أن يقبض على باروخ وإرميا النبي، لكن الرب قد خبأهما (إر 26:36)... ثم اوصى الرب إرميا أن يكتب السفر مرة أخرى مع إضافات جديدة (إر 28:36،32).
شرح الكتاب المقدس - الراهب القمص يوأنس الأنبا بولا
2- مراثى إرميا:-

يقسم سفر المراثى إلى خمس مراث. وكل مرثاة نظمت بحسب الترتيب الأبجدى للحروف العبرية. أما المرثاة الثالثة فهي رتبت ترتيبا ثلاثيًا - أي تبدأ كل ثلاث آيات بنفس الحرف- وأصبحت فيما بعد كل مرثاة أصحاحًا. ويتألف بيت الشعر العبري في أغلب الأحيان من شطرين أو ثلاث. وعادة يكون الشطر الثاني أقصر من الأول. ويخضع وزن الأبيات على نبرة الصوت في لفظ الكلمات، وأغلب الأوزان مبنى على ثلاث نبرات في كل من الشطرين وقد نجد في الشطر الثاني نبرتين فقط. وعنه أخذت الكنيسة القبطية (لاحظ الأبصاليات والثيؤطوكيات على سبيل المثال).

شرح الكتاب المقدس - الراهب القمص يوأنس الأنبا بولا
يجمع التقليد اليهودي والكنسي على أن إرميا النبي هو كاتب هذا السفر ويفهم من السفر من النسخة السبعينية أن تاريخ كتابته بعد سبى أورشليم مباشرة، فيذكر في فاتحته: "حدث بعد أن سبى إسرائيل وتركت أورشليم خرابًا جلس إرميا يبكى ونطق على أورشليم بهذه المرثاة فقال" وهذه الفاتحة لا توجد في النص العبري([1]). وهي تؤكد أن إرميا هو كاتب السفر، وكتب بعد سبى يهوذا وخراب أورشليم أي في حوالي سنة 586 ق.م. وهذا يؤكده دارسو الكتاب المقدس.
شرح الكتاب المقدس - الراهب القمص يوأنس الأنبا بولا
3- رسائل إرميا:-

توجد بعض الرسائل التي أرسلها إرميا النبي، ومدونه بسفره، فمثلًا رسالة إرميا النبي إلى جميع الذين في سبى بابل بيد ألعاسة بن شافان وجمريا بن حلقيا اللذين أرسلهما صدقيا الملك إلى نبوخذ نصر ملك بابل (إر1:29 -23).
وتوجد رسالة ثانية إلى كل الذين في السبي لا نعلم مع من أرسلها (إر 31:29 -32).
وتوجد رسالة ثالثة أرسلها مع سرايا بن نيريا بن محسيا - أخو باروخ تلميذ إرميا - عندما سافر إلى بابل مع صدقيا (إر 59:51 -64).
وأيضًا رسالة إلى ملوك أدوم وموأب وبن عمون وصور وصيدون على هيئة أنيار (جمع نير) مع رسل هؤلاء الملوك إلى صدقيا ملك يهوذا (إر 2:27 -11).
توجد رسالة أخرى تكون الأصحاح السادس من سفر باروخ([2]) (با1:6 -72).
+ وتوجد رسالة أخرى في (إر1:10 -16). وهى تتفق مع الرسالة السابقة في الموضوع.
شرح الكتاب المقدس - الراهب القمص يوأنس الأنبا بولا
نياحته ([3]):-

يقول التقليد الكنسي: إنه بعدما أجبر يوحانان بن قاريح، وعزريا بن هوشعيا، وكل الشعب إرميا وباروخ تلميذه على النزول إلى مصر (إر6:43،7) قام الشعب برجمه في تحفنحيس حتى الموت، بسبب النبوات التي تنبأ بها عليهم في مصر (إر 8:43-13، 44:1-14، 24-28). ولكن التقليد اليهودي يقول: إنه بعدما انتصر نبوخذ نصر ملك بابل على حفرع ملك مصر، أخذ معه إرميا وباروخ وهناك مات.
شرح الكتاب المقدس - الراهب القمص يوأنس الأنبا بولا
  رد مع اقتباس
قديم 19 - 06 - 2014, 10:40 AM   رقم المشاركة : ( 4 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,267,801

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem متواجد حالياً

افتراضي رد: شرح الكتاب المقدس - الراهب القمص يوأنس الأنبا بولا

باروخ
إسم باروخ بالعبرانية يعنى مبارك أو مغبوط، وبالقبطية مكارى.
وباروخ هو ابن نيريا بن محسيا، من سبط يهوذا، وأخو سرايا رئيس المحلة (إر 59:51). وهو تلميذ إرميا النبي، ويسمى في سفر إرميا بباروخ الكاتب (إر26:36،32). لأنه كان يكتب سفر إرميا عن فم إرميا عندما يمليه عليه (إر4:36،32). وأول مرة نقرأ عنه في سفر إرميا: عندما تسلم باروخ من إرميا النبي صك بيع قطعة الأرض التي لحنمئيل ابن عم إرميا الموجودة في عناثوت، أمام حنمئيل وأمام شهود البيع ونفذ باروخ وصية معلمه إرميا. بوضعه الصك المختوم (مقفول) والصك المفتوح في إناء من الخزف، لتبقى هذه الصكوك مدة طويلة لتكون نبوة عن عودة الشعب وتملك الأرض (إر 8:32 -15).
واحتمل باروخ آلامًا كثيرة بسبب ملازمته لمعلمه إرميا، وتنفيذ وصاياه فكان معرضًا للقتل من يهوياقيم الملك (إر26:36). فمن جراء ذلك كان يقول لنفسه " وَيْلٌ لِي لأَنَّ الرَّبَّ قَدْ زَادَ حُزْنًا عَلَى أَلَمِي" (إر3:45). وكان البعض يعتقد أن باروخ يُهَيجْ إرميا على الشعب ليدفعهم ليد الكلدانيين (إر3:43). وإن كان ذلك يوضح قوة شخصيته، ومدى إحساسه بالمسؤلية نحو الشعب.
شرح الكتاب المقدس - الراهب القمص يوأنس الأنبا بولا
ويفهم من الأصحاح الخامس والأربعين من سفر إرميا النبي، أن باروخ كان صاحب أملاك كثيرة، وحدائق، وكروم، وكان يتطلع إلى مركز سام في المملكة أيام يهوياقيم، لكن الرب قد أوصاه في السنة الرابعة من ملك الملك يهوياقيم على لسان معلمه إرميا، بأن لا يطلب لنفسه أمورًا عظيمة. لأن الرب يهدم ما قد بناه ويقلع ما قد غرسه، وكل هذه الأرض، ولكن سيعطيه نفسه غنيمة في كل المواضع التي يسير فيها" (إر4:45،5)... فأطاع.
وقد أجبر على النزول إلى مصر هو وإرميا النبي معلمه بعد إغتيال جدليا بن أخيقام أبن شافان بيد إسماعيل بن نثنيا (إر 2:41، 5:43 -7).
وهو كاتب السفر المسمى باسمه: باروخ أو باروك (با 1:1). واحيانًا يسمى كتاب أو نبوءة باروخ أو باروك. ويحدد تاريخ كتابته في السنة الخامسة([4]) بعدما أخذ الكدانيون أورشليم واحرقوها بالنار بيد نبوزرادان رئيس شرط نبوخذ نصر ملك بابل (با 2:1).
ويحتمل أن يكون باروخ قد ذهب إلى بابل قبيل أو بعد وفاة إرميا، ثم عاد إلى أورشليم حاملًا معه سفره([5]).
شرح الكتاب المقدس - الراهب القمص يوأنس الأنبا بولا
نياحته:-

توجد تقاليد كثيرة عن نياحته، ولكن لا يعرف على وجه التحديد متى تنيح، ولا أين دفن.
فمن التقاليد اليهودية من يقول:-
1- عندما كان باروخ في بابل -حينما أخذه نبوخذ نصر من مصر هو وإرميا معلمه بعدما انتصر نبوخذ نصر على حفرع ملك مصر- صار معلمًا لعزرا، وإن عزرا رفض ترك بابل والذهاب إلى اليهودية إلا بعد وفاة معلمه الشيخ باروخ النبي ([6])- وهو الرأي الأرجح.
2- ورأى آخر يقول عندما رجع باروخ إلى أورشليم حاملًا معه سفره، أقام في وسط خرائب أورشليم إلى أن تنيح([7]).
  رد مع اقتباس
قديم 19 - 06 - 2014, 10:42 AM   رقم المشاركة : ( 5 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,267,801

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem متواجد حالياً

افتراضي رد: شرح الكتاب المقدس - الراهب القمص يوأنس الأنبا بولا

قانونية سفر باروخ
أدرج سفر باروخ ضمن الترجمة السبعينية التي تمت أيام بطليموس الثاني فيلادلفوس سنة 285-247 ق.م. أي أن السفر كان موجودًا ومعروفًا قبل هذا العصر - وكان ترتيبه بين سفريّ إرميا والمراثى ضمن هذه الترجمة. وأدرج ضمن ترجمة تاودسيون التي تمت سنة 130 م.، وأدرج أيضًا ضمن ترجمة الفولجاتا اللاتينية التي قام بها القديس جيروم سنة 331-420 م.، وكان ترتيبه في هذه الترجمة بعد المراثي. وكان اليهود يستعملونه([8]).
أما فلماذا لم يُدرج ضمن الكتب القانونية العبرية في مجمع يمنيا -اليهودي- بفلسطين سنة 90 م. فذلك لسببين:
أولهما: - أن اليهود لم يعتبروا باروخ ضمن الأنبياء([9])، ولكنه كان تلميذًا لإرميا النبي.
والثاني:- (وهم الأهم) فهو تمسك المسيحيين به، وخاصة بنبوءته عن تجسد الكلمة: ’’ هذا هو إلهنا ولا يُعتبر حذاءهُ أخر. هو وجد طريق التأدب بكماله، وجعله ليعقوب عبده ولإسرائيل حبيبه. وبعد ذلك تراءى على الأرض وتردد بين البشر. (با3: 36- 38) ‘‘.......
ولكن كل آباء الكنيسة اعتبروه سفرًا قانونيًا وجزءًا من سفر إرميا النبي([10])
*فالقديس أثناسيوس الرسولي (326-373 م.) يذكره ضمن قائمته للكتب القانونية (كما ورد في البذاليون في التعليق على قانون الرسل رقم 85 عند الروم) ([11])، وضمن رسائله أيضًا. وقد استشهد بآية التجسد (با 3: 35) في مقالتيه الأولى والثانية ضد الأريوسيين([12]).
*وأيضًا القديس يوحنا ذهبي الفم (344- 407 م.) يعتبره جزءًا من سفر إرميا، فيقول في إحدى مقالاته: "وباروخ في سفر إرميا يقول، هذا هو إلهنا وليس آخر يوازيه. وجد طريق التهذب، ووهبها ليعقوب فتاه ولإسرائيل المحبوب منه. بعد هذا ظهر على الأرض، ومع الناس تصرف" (با3: 36- 38) ([13]).
*ويُذكر أيضًا مع رسالة إرميا ضمن قوائم الكتب القانونية التي لأوريجانوس (185 - 254 م.)، وأبيفانيوس (نحو 153- 403 م.). وكيرلس الأورشليمي (توفى 386 م. تقريبًا) ([14]).
*وقد ذُكر أيضًا في مجمع اللاذقية أي لأودكيه المنعقد في سنة 343 م. تقريبًا. في القانون رقم 60 ضمن سفر إرميا هو ورسالة إرميا النبي إلى الذين في سبى بابل([15]).
وقد ذُكر أيضًا ضمن الكتب القانونية في مجمع قرطاجنة سنة 419 م. في القانون رقم 24([16])، وهذا المجمع مصدر التشريع الكنسي لكنائس أفريقيا لأنه اعتمد قوانين 16 مجمعًا سابقة له من الفترة 345-419 م. ومن ضمن هذه المجامع مجمع هيبو المنعقد في سنة 393م، ومجمع قرطاجنة المنعقد في سنة 397م، وهى من المجامع التي اعترفت بقانونية السفر. وقد استمرت جلساته لمدة ست سنوات متتالية، وقد حضره القديس أغسطينوس (354-430 م.). وهذا المجمع في حبرية البابا كيرلس الكبير الملقب بعمود الدين بابا الإسكندرية.

شرح الكتاب المقدس - الراهب القمص يوأنس الأنبا بولا
*وبسبب اعتراض مارتن لوثر على هذا السفر مع مجموعة أخرى من الأسفار من الكتاب المقدس بعهديه، فقد اجتمعت الكنيسة الكاثوليكية وأكدت قانونية السفر ورسالة إرميا - مع الأسفار التي اعترض عليها مارتن لوثر - في مجمع تردنت سنة 1546م([17]).
*وكنيسة الروم الأرثوذكسية اليونانية أكدته أيضًا في المجمعين المنعقد أحدهما في القسطنطينية وكمل في ياش سنة 1645م، والثاني في أورشليم سنة 1672م([18]). وأيضًا في مجمع سنة 1675م([19]).
*والكنيسة الروسية الأرثوذكسية تطبعه ضمن طبعة العهد القديم باللغة السلافية([20]).
*ولقد كان ضمن طبعات الكتاب المقدس، حتى بدأت جمعيات الكتاب المقدس طبعه مع أسفار (طوبيا، يهودت، حكمة سليمان، حكمة يشوع، بن سيراخ، المكابيين الأول والثاني، وتتمة سفرى دانيال وأستير) في ملحق خاص به في أول طبعة باللغة الألمانية للكتاب المقدس. وقد سارت على هذا المبدأ جمعية الكتاب المقدس البريطانية حتى سنة 1728م حينما حذفته نهائيًا. ولكن بعض جمعيات الكتاب المقدس تراجعت بعد الحرب العالمية الثانية، بسبب إحساسها بالعمل المسكونى، فبدأت في طبعه كملحق بين العهدين تحت شعار: (طبعة مسكونية للمرة الأولى منذ عهد الإصلاح وهذه الطبعة الكاملة للكتاب المقدس نالت موافقة الكنائس البروتستانتية والكاثوليكية والأرثوذكسية) ([21]).
*وأخيرًا أصدرت دار الكتاب المقدس في الشرق الأوسط ترجمة حديثة ضمت هذه الأسفار منفصلة بين العهدين، ولكن توجد بعض التحفظات من كنيستنا تجاه هذه الترجمة (الطبعة الأولى سنة 1993م).
أما كنيستنا القبطية فقد كانت بعيدة عن هذا الصراع، فلقد سارت على النهج الرسولي تجاه هذا السفر، وأعطته مكانته ضمن الأسفار القانونية، واقتبست منه في صلواتها الطقسية، ففي ليتورجية لقان عيد الغطاس وضعت نبوته عن تجسد المسيح (با3: 36- 4:4) ضمن النبوات التي تقرأ ضمن هذه الليتورجية، وأيضًا جزءًا من صلاته (با2: 11- 16) ضمن تسابيح سبت الفرح.
ولأنها لم تطبع حتى الآن الكتاب المقدس ككل، تقوم بطبع هذه الأسفار (طوبيا، يهودت، تتمة أستير، حكمة سليمان، حكمة يشوع بن سيراخ، باروخ، تتمة دانيال، المكابيين الأول والثاني) في كتيبات خاصة لمنفعة أولادها، ولتعوضهم عن حرمانهم نتيجة ما تنتهجه جمعية الكتاب المقدس ببيروت لحذفها هذه الأسفار.
* وقد تُرجم عن القبطية التي عن اليونانية ثم قامت بطبعه مطبعة عين شمس الأثرية سنة 1911م، بأمر قداس البابا كيرلس الخامس بابا الإسكندرية.
* وقامت بطبع نفس الترجمة كنيسة السيدة العذراء مريم بمحرم بك بالأسكندرية طبعة أولى سنة 1955م، وطبعة ثانية 1975م.
* وطبعته كنيسة مارجرجس بإسبورتنج عن ترجمة الفولجاتا العربية التي قام بها الآباء اليسوعيون.
* وكذلك طبعته مطرانية بنى سويف والبهنسا وهو مطابق لهذه الترجمة أيضًا.
* ولقد طبعته بالتصوير عن الترجمة العربية للفولجاتا كل من كنيسة السيدة العذراء مريم بالفجالة. ومكتبة المحبة بالقاهرة.
* وأصدرت كنيسة العذراء مريم بالعمرانية بعض أجزاء منه على هيئة نبذات، وهذه الترجمة هى الأكثر انتشارا حاليًا...
* ونشرت مجلة مرقس سفر باروخ عن الترجمة اليونانية مع بعض التعليقات عليها.
(((كما إن كتاب إرميا النبي لا شك فيه، كذلك كتاب باروخ لا ريب فيه، وليس لنا أن نرتاب في بقية الأسفار التي قبلتها الكنيسة بل علينا أن نجعل لها من المنزلة ما للكتب القانونية عينها. (يوحنا ذهبي الفم))))
  رد مع اقتباس
قديم 19 - 06 - 2014, 10:44 AM   رقم المشاركة : ( 6 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,267,801

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem متواجد حالياً

افتراضي رد: شرح الكتاب المقدس - الراهب القمص يوأنس الأنبا بولا

لغة سفر باروخ
يقسم الدارسون سفر باروخ من الناحية اللغوية إلى ثلاثة أقسام.
القسم الأول: (با1:1- 3: 8) يوافق الجميع أن له أصلًا عبريًا.
والقسم الثاني: (با 3: 9- 4:4) يوافق البعض على أن له أصلًا عبريًا، وقد ترجم ترجمة ممتازة إلى اللغة اليونانية.
والقسم الثالث: (با 4: 5- 5: 9) البعض يشك أن ليس له أصل عبري، مع العلم أنه لا يوجد دليل إيجابي واحد على هذا الشك. ولكن الأغلبية توافق على أن له أصلًا عبريًا، وقد ترجم ترجمة حرة بدون تقيد بالنص العبري (مثل تعريب موضوع عن لغة أخرى).
فالقسم الأول: (با1:1- 3: 8) كتب أصلًا باللغة العبرية، وفيما بعد ترجم إلى اللغة اليونانية ترجمة بها ألفاظ عبرية، وبعض الأخطاء البسيطة في النسخ، على سبيل المثال:
Xكلمة نهر سود المذكورة في (با1:4) ربما تكون نهر (أهوا) المذكورة في (عز8: 15، 21، 31) بسبب خطأ الناسخ أثناء نقل الحروف اليونانية لهذا الاسم فتحول حرف (ε) اليوناني إلى (σ) و(α) الأخيرة إلى (δ) ([22]).
Xوفي (با1: 10) تقرأ هذه الآية باليونانية:".... تقدمات محرقة واعتبارات خطية " وهذه الآية ترجمة حرفية للنص العبري المقصود به"... تقدمات لذبائح المحرقة وذبائح الخطية"([23]).

شرح الكتاب المقدس - الراهب القمص يوأنس الأنبا بولا
Xوفي نفس العدد استخدمت كلمة منا (manna) في اليونانية بدلًا من كلمة مينهاه (minhah) العبرية. وقد ترجمت في العبرية عن القبطية (مِنَحا) والتي تعني (تقدمات أو قربان)، وقد جاءت كاسم علم في النسخة السبعينية (µαννα) والتي تعني (المن) كما ورد في (إر17: 26، 41: 5) ([24]).
Xوكلمة (idiom) في، العبرية تعني (اليوم) بينما تترجم في النص اليوناني (كما في هذا اليوم) المذكورة في (با1:15، 20 و2: 6، 11) ([25]).
Xوخطأ آخر في الترجمة في (با3: 4) والتي يجب أن تترجم من العبري "صلاة رجال إسرائيل" بدلًا من "صلاة موتى إسرائيل" في اليونانية لأن كلمة (Méthê) العبرية والتي تعني رجال قُرئت خطأ (Méthê) بمعنى (أموات). وهذا الخطأ حدث في ترجمة آكيلا في (أش 41: 14 ومز 17: 14) وفي الترجمة السبعينية (إش 5: 13) ([26])، مع ملاحظة أن من يترجم عن اليونانية يترجمها ’’ صلاة موتى إسرائيل ‘‘ أما الفولجاتا اللاتينية تترجمها ’’صلاة قوم إسرائيل‘‘.
ومن الصيغ العبرية في هذا القسم:

*" حسب استطاعة يد كل منهم" (با1: 6 قارن تث 16:10، 17) ([27]).
*وأيضًا " استحقاقات آبائنا" (با2: 19 قارن تث 9: 4، 5 ومت 3: 9، لو 3: 8) على الأرجح ترجمة للأصل العبري (زكوت آفوت) وترجمتها (تزكية الآباء) ([28]).
*وأيضًا " بالجوع والسيف والوباء" (با2: 25 قارن لا 26: 25، 26 و2صم 24: 13 و1 مل 8: 37 وإر 14: 12، 24: 10، 32: 36، 38: 2) كضربات مترادفة([29]).
*ولا يمكن فهم الآية " سوف يرجعون عن ظهورهم الصلبة" (با2: 30، 33) بدون أصل عبري لها وهو " قساة الرقاب" ([30]) (7). وهكذا...
أما القسم الثاني: (با 3: 9 -4: 4) فهو يعطى نظرة دقيقة على أن الكاتب له معرفة تامة بتطور الفكر اليهودي ونظرتهم لمفهوم الحكمة. وهذا الجزء كتب باللغة العبرية وقد ترجم ترجمة ممتازة إلى اليونانية، ـ مثلما ترجمت بعض الأسفار العبرية ترجمات ممتازة مثل: سفر عزرا على سبيل المثال([31]).
وهذا القسم به بعض التعبيرات العبرية، وأخطاء في الترجمة مثل:
Xالكلمة اليونانية مران (Meran) أو ميران (ميرهان) (Merrhan) المذكورة في (با3: 23) ترجمت عن الأصل العبري (مدان أو مديان) لأن من السهل الخلط بين حرفي (r), (d) في العبرية([32]) (2).
Xوالكلمة (سوف يجدها) المذكورة في (با3: 30) ترجمت بدلًا من الكلمة العبرية (وجدها) ([33]).
Xوالكلمة اليونانية فوس (jvV) المذكورة في (با3: 33) التي تعني (نور) كتبت بدلًا من الكلمة العبرية (أور) التي تعني أحيانًا (برق) كما جاء في (أي 37: 11، 15) ([34]).
Xوالكلمة التي ترجمت في اليونانية (نواميس) المذكورة في (با4: 1) بدلًا من الكلمة العبرية (ناموس) ([35]).
ومن الصيغ العبرية في هذا القسم([36]):
*" الذين هم في الجحيم" (قارن با3: 11 مع مز28:1، 88: 4).
*" ولا يفحص عن عملهم" (قارن با3: 18 مع أي 5: 9، 9: 10).
*" طول الأيام" (با 3: 14).
*" ولا نهاية لممتلكاتهم" (با 3: 17).
*" لا يسمعون ولا يرون" (با 3: 22).
الذين درسوا لغة السفر في النص السريانى يؤكدون على أنه تُرجم من العبرية مع الرجوع إلى النص اليوناني. وعند مقارنة النص اليوناني بالنص السريانى، وجدت بعض الاختلافات الحادثة بينهما، مما يؤكد على وجود النص العبري خلف كليهما فمثلًا:
*الترجمة اليونانية في (با3: 21) تستخدم كلمة (طريقهم) - أي طريق آبائهم (darkam) العبرية، بينما تستخدم في الترجمة السريانية كلمة (طريقها) أي طريق الحكمة التي في العبرية (derkah) ([37])، وهي الانسب.
*الترجمة اليونانية في (با3: 16) تستخدم كلمة (ناس أو شعب) التي في العبرية بها حرفي (m,m)، بينما في النسخة السريانية مترجمة بمعنى (عالَم) التي العبرية بها حرفي (I , m) ([38]).
أما القسم الثالث: (با4: 5- 5: 9) فهو مكتوب باللغة العبرية أيضًا([39]) فقد استعمل بعض الدارسين نموذجًا فريدًا في التحليل اللغوي للوصول إلى الأصول العبرية أو الأرامية فوجدوها بالعبرية، ولقد نجح أحد الدارسين أيضًا في تحديد الوزن الشعرى والقافية العبرية، فوجد أن القسم الثاني (با3: 9- 4:4) ثلاثى الإيقاع، بينما القسم الثالث (با4: 5- 5:9) فهو خماسى الإيقاع([40]).
ومن الصيغ العبرية في هذا القسم([41])
*" ذبحتم للشياطين (الأوثان) لا لله" (قارن با4: 7مع تث 32: 17).
والذين درسوا لغة النص السريانى في هذا الجزء يؤكدون أيضًا أنه ترجم عن اللغة العبرية واليونانية([42]).
أما رسالة إرميا فقد أجمع معظم الدارسين على وجود أصل عبري لها، وقد أشار إليه العلامة أوريجانوس أنه كان موجودًا في عصره([43]).
*ومن التعبيرات العبرية: (با 6: 44) ([44])، و(با6: 69 قارن مع إر 10: 5) ([45]).
  رد مع اقتباس
قديم 19 - 06 - 2014, 10:46 AM   رقم المشاركة : ( 7 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,267,801

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem متواجد حالياً

افتراضي رد: شرح الكتاب المقدس - الراهب القمص يوأنس الأنبا بولا

سفر باروخ 1 - تفسير نبوءة باروك
المقدمة (با 1: 1 - 1: 4)
وهى تصف ظروف كتابة السفر، وأهدافه، وكاتبه.
(أ) كاتبه:

هو باروخ بن نيريا بن معسيا([46]).
شرح الكتاب المقدس - الراهب القمص يوأنس الأنبا بولا
(ب) ظروف كتابته:

كتبه في بابل سنة 581 ق م. ويؤرخ كتابته في السنة الخامسة من حريق أورشليم بيد نبوزرادان رئيس شرط نبوخذنصر. وقد تلا كلام هذا السفر، على مسمع من يكنيا بن يوياقيم ملك يهوذا([47])، وعلى مسمع من جميع الشعب الذين حضروا للاستماع([48]). ويقسم باروخ هذا الشعب إلى عدة مجموعات، منهم النسل الملكى، العظماء، شيوخ إسرائيل، وجميع الشعب من الصغار إلى الكبار جميع اليهود الساكنين على نهر سود([49]).
شرح الكتاب المقدس - الراهب القمص يوأنس الأنبا بولا
(جـ) أهدافه:

فاستجاب الشعب لنداء باروخ. فبكوا، وصاموا، وصلوا أمام الرب. وهذه هى البداية الطبيعية للتوبة. فالبكاء والصوم والصلاة هى أفعال متوالية متتابعة للنمو في الطريق الروحي (قارن با1: 5 مع نح1: 3، 4 و9: 1، 2 ودا9: 3، 4،20،10: 11، 12).
البكاء يعبر عن الندم والاستعداد لتغيير اتجاه الحياة، من الاتجاه السلبي إلى الاتجاه الإيجابي. عن طريق الصوم عن الأشياء التي كانت تجذبنا بعيدًا عن الله.
أما الصومفهو إذلال النفس أمام الله، وليس إذلال الجسد، لأن الكتاب المقدس يعلمنا أن نقوته ونربيه (أف5: 29)، ولا ندللهُ (جا10: 17). فإذلال النفس هو تعبير الندم عن الخطية، والأفعال الرديئة التي صدرت عن الإنسان في لحظة ضعف، أو عن إصرار، وهو تقوية لعزيمة الإنسان من الإحساس بالضعف أمام مغريات الخطية، وإن كان لا يقدر على النصرة من ذاته، وإنما بمعونة الله التي يسكبها علينا.

شرح الكتاب المقدس - الراهب القمص يوأنس الأنبا بولا
أما الصلاة فهي إتحاد بالله. وهى الشرارة الأولى في النصرة على إبليس، لأننا من خلالها نعلن له أنه لم يقدر أن يفصلنا عن الله، لأننا نتحدث إليه، ونتكلم معه، بلا حاجز يفصل بيننا وبينه، فالصلاة حديث متبادل.
وكانت النتيجة الطبيعية للبكاء، والصوم، والصلاة، هى أن يعترفوا بخطاياهم، ويقدموا عنها ذبيحة لأنه " بِدُونِ سَفْكِ دَمٍ لاَ تَحْصُلُ مَغْفِرَةٌ" (عب9: 22).
فجمع باروخ وقادة الشعب كمًا من الفضة حسب استطاعة كل إنسان، وأرسلوها إلى يوياقيم رئيس الكهنة، والكهنة في أورشليم. وهنا يفرق بين يوياقيم الكاهن([50])، والكهنة، ليوضح أنه رئيس كهنة. أما جمع المال وتقديمه إلى الهيكل فهذا ليس بجديد على الشعب اليهودي (أنظر على سبيل المثال خر22: 2-7،35: 4-9، تث16: 10 16، 17، 2أى24: 5،عز1: 4، 2: 68، 69،2مك12: 43).
وأوصوهم(أ) أن يصلوا من أجل نبوخذنصر([51])، وبيلشاصر ابنه، لكي يجعل الله أيامه كأيام السماء على الأرض.
يصلوا من أجل نبوخذنصر؟‍‍‍‍‍‍‍‍‍!!
أليس هذا هو الذي هدم أورشليم وأحرقها هى والهيكل؟!!
أليس هذا هو الذي سباهم وجعلهم عبيدًا في أرض غريبة؟!!
أليس هذا هو عدوهم اللدود؟!!
نعم إنه هو نبوخذنصر، الذي أمرهم الله أن يخضعوا له على فم إرميا النبي (إر27: 6- 13). " لأن كل سلطان مرتب من الله" (رو13: 1). وهم خدام الله للصلاح (رو13: 4-6). وهاهو بطرس الرسول يوصينا أن نخضع لهم ليس للصالحين فقط وإنما للمعوجين أيضًا (1بط2: 13- 18).
أليس الصلاة من أجله، هو التطبيق العملي للوصية: "أَحِبُّوا أَعْدَاءَكُمْ. بَارِكُوا لاَعِنِيكُمْ. أَحْسِنُوا إِلَى مُبْغِضِيكُمْ وَصَلُّوا لأَجْلِ الَّذِينَ يُسِيئُونَ إِلَيْكُمْ وَيَطْرُدُونَكُمْ"(مت5: 44)؟
فإرميا النبي يطلب منهم أن يصلوا من أجل سلام مدينة بابل، لكي يكون بسلامها سلام لهم (إر29: 7). ومن أجل ذلك يطلب داريوس الملك أن يصلى من أجله، ومن أجل النسل الملكى (عز6: 10). وبعد ذلك أصبح تقليدًا أن يصلى من أجل البلاد والملوك. وقد سار على هذا النمط يوناثان المكابي (1مك12: 11). وأصبحت الصلاة من أجلهم لا تقتصر على الأعياد فقط، وإنمافي كل الأيام. وبولس الرسول يؤكد هذا التقليد، فيوصى تلميذه تيموثاوس أن يصلى من أجل الملوك وجميع الذين هم في منصب، معللاًّ بنفس السبب ــ الذي من أجله أوصى إرميا النبي ــ وهو: "لِكَيْ نَقْضِيَ حَيَاةً مُطْمَئِنَّةً هَادِئَةً فِي كُلِّ تَقْوَى وَوَقَارٍ،لأَنَّ هَذَا حَسَنٌ وَمَقْبُولٌ لَدَى مُخَلِّصِنَا اللهِ "(1تى2: 1- 3). وهو نفس السبب الذي من أجله يطلب باروخ الصلاة:"فيؤتينا الرب قوة وينير عيوننا ونحن نائلين لديهم حظوة (نعمة) "(با1: 12).
ولقد تسلمت الكنيسة هذا التقليد، وسارت عليه إلى الآن:

شرح الكتاب المقدس - الراهب القمص يوأنس الأنبا بولا
*ففي تسبحة الخدمة الأولى من صلاة نصف الليل، نوجه حديثنا إلى العذراء طالبين أن تحصن مدينتنا، وعن ملوكنا تحارب، وتتشفع عن سلام العالم.
*وفي أوشية السلام الكبيرة([52])، يطلب الكاهن ويقول: "السلام الذي من السموات، أنزله على قلوبنا جميعًا، بل وسلام هذا العمر أنعم به علينا إنعامًا. الرئيس والجند، والرؤساء والوزراء والجموع، وجيراننا ومداخلنا ومخارجنا، زينهم بكل سلام يا ملك السلام".
*وفي القداس الغريغوري، يطلب الكاهن ويقول: "اذكر يا رب الذين تملكوا في التقوى، الذين هم الآن ملوك"فيرد الشماس قائلًا: "صلوا من أجل ملوكنا محبى المسيح". ويصلى الكاهن مرة أخرى قائلًا: "أذكر يا رب إخوتنا المؤمنين الأرثوذكسيين الذين في البلاط، وجميع الجنود" ([53]).
*وفي القداس الكيرلسى، يطلب ويقول: "اذكر يا رب رئيس أرضنا عبدك.... احفظه بسلامة وعدل وجبروت، ولتخضع له كل الأمم الذين يريدون الحرب في جميع ما لنا من الخصب. تكلم في قلبه من أجل سلام كنيستك الواحدة الوحيدة المقدسة الجامعة الرسولية. أعطه أن يفكر بالسلام فينا وفي اسمك القدوس. لكي نحيا نحن أيضًا في سيرة هادئة ساكنة، ونوجد في كل تقوى وكل عفاف بك" ([54]).
"ويجعل الله أيامهم كأيام السماء على الأرض". فهنا يطلب أن تكون الأرض مثل السماء، في الحب والسلام بين الخليقة وبعضها البعض، بعيدًا عن الحروب وآثارها وويلاتها.
(ب)الصلاة من أجل المسبيين أنفسهم، لكي الله"ينير عيونهم".ولقد لفتت هذه الطلبة نظر بولس الرسول، فصلى لأجل أهل أفسس قائلًا: "لاَ أَزَالُ شَاكِرًا لأَجْلِكُمْ، ذَاكِرًا إِيَّاكُمْ فِي صَلَوَاتِي،كَيْ يُعْطِيَكُمْ إِلَهُ رَبِّنَا يَسُوعَ الْمَسِيحِ، أَبُو الْمَجْدِ، رُوحَ الْحِكْمَةِ وَالإِعْلاَنِ فِي مَعْرِفَتِهِ،مُسْتَنِيرَةً عُيُونُ أَذْهَانِكُمْ، لِتَعْلَمُوا مَا هُوَ رَجَاءُ دَعْوَتِهِ، وَمَا هُوَ غِنَى مَجْدِ مِيرَاثِهِ فِي الْقِدِّيسِينَ" (أف1: 16- 18).
وفى (با 1: 13) أوصوهم لأجل طلب مراحم الله بارتداد سخطه، وغضبه عنهم، ومغفرة خطاياهم.
  رد مع اقتباس
قديم 19 - 06 - 2014, 10:50 AM   رقم المشاركة : ( 8 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,267,801

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem متواجد حالياً

افتراضي رد: شرح الكتاب المقدس - الراهب القمص يوأنس الأنبا بولا

سفر باروخ 2 - تفسير نبوءة باروك
الاعتراف بالخطايا (با 1: 15 - 2: 10)
فهذا الاعتراف اعتراف جماعي([55])، يشترك فيه كل الشعب مقرين أن خطاياهم وخطايا آبائهم هى التي جلبت كل هذا، ولم يحاولوا التملص، ولا إلقاء اللوم على الآخرين، كما حدث معهم من قبل([56]).
فلا الملوك، ولا الكهنة، ولا رؤساء البيوت، ولا الأنبياء، ولا الشعب، يحاولون أن يبرروا أنفسهم، فالكل يُقر أمام الله أنه خاطئ، وبالتالي يستحق العقاب.
فهنا وقفة جادة مع النفس، في سبيل الشفاء من الخطية. فالكل يقر أنه صار في عناد، وإصرار ضد الله. ولم يعطه أذنًا صاغية لسماع صوته، أو العمل بأقواله، من يوم خروجهم من مصر إلى الآن. مع إن الله كان دائمًا يحذرهم على فم أنبيائه، مرة بالإنذار، والأخرى بالوعيد، وثالثة بالوعود لمن يتوب ويتمسك بأقواله. لكن الكل سار حسب هواه، وتصور قلبه الشرير، وصارت لهم حرية الإرادة والاختيار ستارًا للشر(1بط2: 16).

شرح الكتاب المقدس - الراهب القمص يوأنس الأنبا بولا
فهنا يصوب باروخ النبي بأصبعه، مشيرًا إلى مكان الداء، حيث تكمن الخطية. ويؤكد أن العصيان، نتيجة عدم سماع الصوت الإلهي، والسلوك في وصاياه، كان سببًا طبيعيًا في أن الله يقيم كلامه -أي تأديبه الذي سبق فأنذرهم به- لأن وعيد الله ليس لمجرد التهديد. لذلك يقول الرسول "فَإِنَّهُ إِنْ أَخْطَأْنَا بِاخْتِيَارِنَا بَعْدَمَا أَخَذْنَا مَعْرِفَةَ الْحَقِّ، لاَ تَبْقَى بَعْدُ ذَبِيحَةٌ عَنِ الْخَطَايَا،بَلْ قُبُولُ دَيْنُونَةٍ مُخِيفٌ، وَغَيْرَةُ نَارٍ عَتِيدَةٍ أَنْ تَأْكُلَ الْمُضَادِّينَ...مُخِيفٌ هُوَ الْوُقُوعُ فِي يَدَيِ اللهِ الْحَيِّ!"(عب10: 26،27،31).
فجلب الله قضاءه على إسرائيل، كما تكلم على فم موسى النبي في (سفر التثنية الأصحاحات من 27ــ 32): شرورًا لم تعمل تحت السماء كلها مثل ما أحدثه في أورشليم. حتى أن إرميا النبي يصف ما حدث وهو يبكى بدلًا من الدمع دمًا: "أَيَادِي النِّسَاءِ الْحَنَائِنِ طَبَخَتْ أَوْلاَدَهُنَّ. صَارُوا طَعَامًا لَهُنَّ فِي سَحْقِ بِنْتِ شَعْبِي. "(مرا 4: 10). وهذه هى المرة الثانية التي يُذكر فيها أن النساء ذبحن أولادهن لكي ما يقتتن بهم في الحروب. المرة الأولى أيام إليشع النبي عندما حاصر بنهدد ملك أرام السامرة (2مل6: 24-31).
أفإلى هذه الدرجة تحدث الخطية؟!!!
أهكذا تتغير الطبيعة البشرية، فتتحول العواطف الغريزية إلى أداة فتاكة ضد الإنسان نفسه؟!!!
نعم لأن الله يسلم مثل هؤلاء إلى ذهن مرفوض ليفعلوا ما لا يليق (رو1: 28).
فأرجوك يا إلهي الصالح لا تسلمنا إلى أهوائنا، وميولنا، وغرائزنا. لكن اجتذبنا إليك بمراحمك الجزيلة، حتى لو اُضْطُرِرْتَ أن تؤدبنا. فمن حبك لنا أسلمتَ ذاتك عنا، وكل من تحبه تؤدبه (عب12: 5-11).
أرجوك يا رب أعطنا أذنًا صاغية لنسلك في أوامرك ووصاياك المقدسة. لأن لك كل مجد وإكرام وسجود من الآن وإلى الأبد آمين.
  رد مع اقتباس
قديم 19 - 06 - 2014, 10:51 AM   رقم المشاركة : ( 9 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,267,801

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem متواجد حالياً

افتراضي رد: شرح الكتاب المقدس - الراهب القمص يوأنس الأنبا بولا

سفر باروخ 3 - تفسير نبوءة باروك
الصلاة (با 2: 11 - 3: 8)
أما هذه الصلاة فهي فسيفساء من الآيات الكتابية، تكون لوحة جمالية من الاعتراف بالخطية (2: 12, 24, 26, و3: 2- 5)، والتماس الرحمة (2: 13-23 25 و3: 1- 5)، وطلب النجاة (2: 27- 35)، والحمد والتسبيح (3: 6،7). فكثيرًا ما نقابل هذا التقسيم الرباعى في مجموعة مزامير الإغاثة([57]). فردية كانت أم جماعية، وإن كانت لا تلتزم بنفس ترتيب هذه العناصر، أو يهمل بعضها، أو يكررها. ولا عجب في ذلك لأن مشاعر الإنسان في وقت الصلاة ليست بجامدة.
ونلاحظ أن القديس بولس الرسول يقسم الصلاة إلى أربعة عناصر أيضًا، فيوصى تلميذه تيموثاوس قائلًا:"فَأَطْلُبُ أَوَّلَ كُلِّ شَيْءٍ أَنْ تُقَامَ طِلْبَاتٌ وَصَلَوَاتٌ وَابْتِهَالاَتٌ وَتَشَكُّرَاتٌ لأَجْلِ جَمِيعِ النَّاسِ، لأَجْلِ الْمُلُوكِ وَجَمِيعِ الَّذِينَ هُمْ فِي مَنْصِبٍ "(1تى2: 1،2).
فما من أحد يقف أمام الله، ولا يحس أنه كلا شيء أو خاطئ، ويعترف له بإحساناته طوال فترة حياته الماضية. ويعتمد على وعوده السابقة.فإبراهيم أب الآباء يقول: "انِّي قَدْ شَرَعْتُ اكَلِّمُ الْمَوْلَى وَأنَا تُرَابٌ وَرَمَادٌ" (تك18: 27). وداود يقول: "أَمَّا أَنَا فَدُودَةٌ لاَ إِنْسَان. عَارٌ عِنْدَ الْبَشَرِ وَمُحْتَقَرُ الشَّعْبِ... لأَنَّ آثَامِي قَدْ طَمَتْ فَوْقَ رَأْسِي. كَحِمْلٍ ثَقِيلٍ أَثْقَلَ مِمَّا أَحْتَمِلُ.قَدْ أَنْتَنَتْ قَاحَتْ حُبُرُ ضَرْبِي مِنْ جِهَةِ حَمَاقَتِي. "(مز22: 6 و38: 4،5).وأيوب الصديق يقول: "فَمَنْ ذَا الَّذِي يُخْفِي الْقَضَاءَ بِلاَ مَعْرِفَةٍ! وَلَكِنِّي قَدْ نَطَقْتُ بِمَا لَمْ أَفْهَمْ. بِعَجَائِبَ فَوْقِي لَمْ أَعْرِفْهَا.اِسْمَعِ الآنَ وَأَنَا أَتَكَلَّمُ. أَسْأَلُكَ فَتُعَلِّمُنِي.بِسَمْعِ الأُذُنِ قَدْ سَمِعْتُ عَنْكَ وَالآنَ رَأَتْكَ عَيْنِي.لِذَلِكَ أَرْفُضُ وَأَنْدَمُ فِي التُّرَابِ وَالرَّمَادِ "(أى42: 3-6). وفي مثل الفريسي والعشار نجد أن السيد المسيح طوَّب العشار دون الفريسي. وذلك بسبب تذلله أمام الله، ووصفه قائلًا: "فَوَقَفَ مِنْ بَعِيدٍ لاَ يَشَاءُ أَنْ يَرْفَعَ عَيْنَيْهِ نَحْوَ السَّمَاءِ بَلْ قَرَعَ عَلَى صَدْرِهِ قَائِلًا: اللهُمَّ ارْحَمْنِي أَنَا الْخَاطِئَ "(لو18: 13).
فباروخ النبي يقف هو والشعب أمام الله، ويعترفون بأخطاء الماضي، وكيف أن هذه الأخطاء تضاعفت من التمرد والعصيان إلى رفض التأديب. وإن هذه الخطايا هي موجهة ضد الله مباشرة أو ضد رسومه وشرائعه فيقول:"إننا خطئنا ونافقنا وأثمنا([58])ـــ لاحظ تطور الخطية ـــ أيها الرب إلهنا في جميع رسومك.... فلم نسمع بأن نتعبد لملك بابل ـــ رفض التأديب ــ... فإننا قد خطئنا إليك... إسمع صلاة قوم إسرائيل وبنى الذين خطئوا إليك الذين لم يسمعوا لصوت إلههم وقد لحق الشر بنا ـــ العقاب واليد العالية". ونتيجة التألم في الجسد كُفَّوا عَنِ الْخَطِيَّةِ (1بط4: 1).فبدءوا يرجعون بكل قلوبهم، ويلتمسون مراحم الله، ويذكرون أنهم شعبه، وأن أيَّة إهانة لهم هى إهانة له شخصيًا. فلذلك يرجونه أن يعمل لأجل اسمه المهان بين الأمم، وكأنهم يرددون قول المزمور: "لَيْسَ لَنَا يَا رَبُّ لَيْسَ لَنَا لَكِنْ لاِسْمِكَ أَعْطِ مَجْدًا مِنْ أَجْلِ رَحْمَتِكَ مِنْ أَجْلِ أَمَانَتِكَ." (مز115: 1). أو قول إرميا النبي:" وَإِنْ تَكُنْ آثَامُنَا تَشْهَدُ عَلَيْنَا يَا رَبُّ فَاعْمَلْ لأَجْلِ اسْمِكَ...يَا رَبُّ وَقَدْ دُعِينَا بِاسْمِكَ. لاَ تَتْرُكْنَا" (إر12: 7- 9).

شرح الكتاب المقدس - الراهب القمص يوأنس الأنبا بولا
ومما يلفت النظر في هذه الأعداد، ترادف مجموعة أفعال ذات طابع خاص: "اسمعيا رب صلاتنا...أيها الربالتفت...انظر إلينا وأمل أذنك واستجب وافتح عينيك وانظر... نلقى تضرعنا أمامك". وهذه الأفعال تمثل ردود فعل المصلى كما لو كان الله غافلًا عن البلايا التي تحيط به. ونرى هذه الأفعال في صلاة حزقيا ملك يهوذا عندما حاصره ربشاقى فقال: "أَمِلْ يَا رَبُّ أُذُنَكَ وَاسْمَعِ. افْتَحْ يَا رَبُّ عَيْنَيْكَ وَانْظُرْ وَاسْمَعْ كُلَّ كَلاَمِ سَنْحَارِيبَ الَّذِي أَرْسَلَهُ لِيُعَيِّرَ اللَّهَ الْحَيَّ." (إش37: 17).
ونلاحظ أن توسلهم لم يقم على استحقاقاتهم الشخصية، أو بر آبائهم إبراهيم وإسحق ويعقوب، أو ملوكهم داود وسليمان وحزقيا ويوشيا. بل قائم على تمجيد اسم الله، وإذلالهم لأنفسهم والرجوع إليه ونبذ كل خطية.
" لكن الروح الكئيب من الشدة والذي يمشى منحنيًا ضعيفًا <بسبب التأديب ــ ويعلق بولس الرسول على هذا الموضوع قائلًا: وَلَكِنَّ كُلَّ تَأْدِيبٍ فِي الْحَاضِرِ لاَ يُرَى أَنَّهُ لِلْفَرَحِ بَلْ لِلْحَزَنِ. وَأَمَّا أَخِيرًا فَيُعْطِي الَّذِينَ يَتَدَرَّبُونَ بِهِ ثَمَرَ بِرٍّ لِلسَّلاَمِ. (عب12: 11)>والعيون الكليلة <من كثرة البكاء>والنفس الجائعة <من كثرة الصوم>" (با2: 18). فهذه هى علامات التائب، لأن روح الإنسان تتأثر بسلوكياته كما أن سلوكيات الإنسان تتأثر بروحياته.
وهنا (با2: 17،18) يضع باروخ النبي تضادًا شعريًا بين الإنسان المُصِرِّ على خطاياه ـــ حيث أنه مائت بسبب بعده عن الله، وبين الإنسان التائب ــ حيث أنه حى ويستجيب لعمل الروح القدس.
ويلتمس باروخ رحمة الله، من أجل عظام الملوك، وعظام آبائهم، التي أصبحت دمنة على وجه الأرض. فإكرام عظام الموتى، هو تقليد قديم، وفي كل الشعوب، قديمًا وحديثًا، شرقًا وغربًا، وفي جميع الأديان. فكم بالحرى يكون إكرام عظام القديسين مثل عظام إليشع النبي التي عندما مسَّت ميتًا قام في الحال (2مل13: 21).
ويطلب باروخ النجاة على أساس وعود الله مع آبائهم إبراهيم وإسحق ويعقوب، متذكرًا معاملات الله معهم قديمًا حيث أحاطهم بكل رأفة ورحمة، لأنه يفتقد بالإحسان إلى ألوف الأجيال، كما تكلم على لسان موسى عبده قائلًا:"... لأَنِّي أَنَا الرَّبُّ إِلهُكَ إِلهٌ غَيُورٌ أَفْتَقِدُ ذُنُوبَ الآبَاءِ فِي الأَبْنَاءِ وَفِي الجِيلِ الثَّالِثِ وَالرَّابِعِ مِنَ الذِينَ يُبْغِضُونَنِي وَأَصْنَعُ إِحْسَانًا إِلى أُلُوفٍ مِنْ مُحِبِّيَّ وَحَافِظِي وَصَايَايَ...فَاعْلمْ أَنَّ الرَّبَّ إِلهَكَ هُوَ اللهُ الإِلهُ الأَمِينُ الحَافِظُ العَهْدَ وَالإِحْسَانَ لِلذِينَ يُحِبُّونَهُ وَيَحْفَظُونَ وَصَايَاهُ إِلى أَلفِ جِيلٍوَالمُجَازِي الذِينَ يُبْغِضُونَهُ بِوُجُوهِهِمْ لِيُهْلِكَهُمْ. لا يُمْهِلُ مَنْ يُبْغِضُهُ. بِوَجْهِهِ يُجَازِيهِ." (تث5: 9 و7: 9،10). ويستشهد باروخ ببعض الآيات من سفرى اللاويين والتثنية.
ويختتم باروخ صلاته بنبرة الثقة في وعود الله. لذلك يسبحه ويحمده، مؤكدًا أن هذا التسبيح ناتج عن عمل الله فيهم، بوضعه مخافته في قلوبهم، ومؤكدًا قول إشعياء النبي: "بِكَ وَحْدَكَ نَذْكُرُ اسْمَكَ...يَا رَبُّ تَجْعَلُ لَنَا سَلاَمًا لأَنَّكَ كُلَّ أَعْمَالِنَا صَنَعْتَهَا لَنَا." (أش26: 13، 12)، ويركز باروخ على قلب الإنسان ــ حيث أن القلب مركز الأحاسيس والعواطف والمشاعر، ومكان استعلان الله في الإنسان، حيث تسكن كلمته.
وهذه الصلاة تشبه صلاة دانيال النبي (دا9: 4-19) إلى حد كبير. وذلك بسبب الخلفية الدينية والظروف السياسية والاجتماعية التي كانت تحيط بهم، والتقارب الفكري الناتج عن الاختلاط في العبادة. حيث كانوا يعيشون في نفس الزمن. ولحد ما تتشابه مع صلاة عزرا (عز9: 5-15)، ومع صلاة نحميا (نح1: 1-14).
  رد مع اقتباس
قديم 19 - 06 - 2014, 10:51 AM   رقم المشاركة : ( 10 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,267,801

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem متواجد حالياً

افتراضي رد: شرح الكتاب المقدس - الراهب القمص يوأنس الأنبا بولا

سفر باروخ 4 - تفسير نبوءة باروك
الحكمة (با 3: 9 - 4: 4)
ويمكن تقسيمها إلى الآتي: ـــ
(أ) أهمية الحكمة (3: 9-14).
(ب) لا يستطيع إنسان أن يجد الحكمة من ذاته (3: 15-31).
(ج) الحكمة هي الناموس (3: 32-4: 4).
شرح الكتاب المقدس - الراهب القمص يوأنس الأنبا بولا
+ فقد كانت وما زالت الحكمة هى مفخرة لبعض الشعوب مثل قدماء المصريين (إش19: 11)، وشعوب بابل (إش47: 10)، وآدوم (إر49: 7 وعو8)، وصور وصيدون ـــ أرض كنعان ـــ (زك9: 2). ولكن الحكمة التي تنبع من الذات أي من ذات الإنسان فالله يرفضها ويحمقها ويزيلها (إش5: 21،29: 14 وإر4: 22،8: 9، 29: 23). لأن الله هو مركز الحكمة (أم15: 33،19: 20،21)، ومنه تنبع (أم1: 7، 9: 10)، وإليه تنتهي (أم2: 5 وسي1: 14-22). وتتميز الحكمة في العهد القديم بأنها مرتبطة ارتباطًا وثيقًا بالعلاقة الصحيحة مع الله لأن " رَأْسُ الْحِكْمَةِ مَخَافَةُ الرَّبِّ." (مز111: 10 وسى21: 11).
فكلمتى (حوخما([59])، وسكل) العبرانية، وكلمة (صوفيا) اليونانية ومرادفتها، تترجم إلى حكمة ومرادفاتها مثل معرفة، تعقل، فطنة، فهم، التأدب أو التهذيب.
شرح الكتاب المقدس - الراهب القمص يوأنس الأنبا بولا
(أ) أهمية الحكمة (3: 9-14).

يبدأ باروخ يتكلم عنأهمية الحكمة،فيطرح سؤالًا: "لماذا يا إسرائيل، لماذا أنت في أرض الأعداء؟" (با3: 10). ويجيب: لأنهم قد تركوا ينبوع الحكمة (با3: 12). وكأنه يردد قول إشعياء النبي: "لَيْتَكَ أَصْغَيْتَ لِوَصَايَايَ فَكَانَ كَنَهْرٍ سَلاَمُكَ وَبِرُّكَ كَلُجَجِ الْبَحْرِ. وَكَانَ كَالرَّمْلِ نَسْلُكَ وَذُرِّيَّةُ أَحْشَائِكَ كَأَحْشَائِهِ. <أي الحصى> لاَ يَنْقَطِعُ وَلاَ يُبَادُ اسْمُهُ مِنْ أَمَامِي." (إش48: 18،19).

شرح الكتاب المقدس - الراهب القمص يوأنس الأنبا بولا
فالحكمة هى استعلان لمشيئة الله (أي الوصية) تجاه الإنسان. وعلى الإنسان أن يسعى وراءها وينفذها. فسليمان الحكيم يقول عنها أنها: "فَإِنَّهَا تَزِيدُكَ طُولَ أَيَّامٍ وَسِنِي حَيَاةٍ وَسَلاَمَةً.لاَ تَدَعِ الرَّحْمَةَ وَالْحَقَّ يَتْرُكَانِكَ. تَقَلَّدْهُمَا عَلَى عُنُقِكَ. اكْتُبْهُمَا عَلَى لَوْحِ قَلْبِكَفَتَجِدَ نِعْمَةً وَفِطْنَةً صَالِحَةً فِي أَعْيُنِ اللَّهِ وَالنَّاسِ."(أم3: 2-4). أما يشوع بن سيراخ فيقول أنها: "تنشئ السلام والشفاء والعافية.... وفروعها طول الأيام" (سى1: 22،25).
ويتساءل باروخ مرة ثانية: "أين الفطنة؟ وأين القوة؟ وأين التعقل؟ لكي تعلم أيضًا أين طول الأيام والحياة؟ "(با3: 14). ويجيب: "هذا كتاب أوامر الله والشريعة التي إلى الأبد كل من تمسك بها فله الحياة، والذين يهملونها يموتون" (با4: 1). وكأنه يذكرهم بوصية موسى النبي عندما قال: "فَالآنَ يَا إِسْرَائِيلُ اسْمَعِ الفَرَائِضَ وَالأَحْكَامَ التِي أَنَا أُعَلِّمُكُمْ لِتَعْمَلُوهَا لِتَحْيُوا... فَاحْفَظُوا وَاعْمَلُوا. لأَنَّ ذَلِكَ حِكْمَتُكُمْ وَفِطْنَتُكُمْ" (تث4: 1،6).
شرح الكتاب المقدس - الراهب القمص يوأنس الأنبا بولا
(ب) لا يستطيع إنسان أن يجد الحكمة من ذاته (3: 15-31).

ويتساءل مرة أخرى:من يستطيع أن يجد الحكمة ما لم يهبها له الله؟ويجيب: إنه لا الرؤساء، ولا الذين يتسلطون على الوحوش، ولا الذين يلاعبون الطيور، ولا الذين يدخرون المال ويتكلون عليه. فكل هؤلاء هبطوا إلى مكان الانتظار (أي الجحيم) دون أن يحصلوا عليها (با3: 16- 18). وبنوهم لم يستفيدوا من ماضي آبائهم ولم يأخذوا لهم عبرة، لكنهم أصروا أن يبتعدوا عن الله. فلم يُسمع به ــ الله ــ في كنعان، ولم يُرَ في أدوم، والإسماعيليون أيضًا لم يعرفوا طريق الحكمة (با3: 22،23 قارن تك25: 12 وانظر تك37: 28). فهذه البلاد اشتهرت بالحكمة نتيجة تجارة البضائع وتسويقها، فلذلك اشتهرت كلمة(تاجر) بـ(الكنعانى) "تَصْنَعُ قُمْصَانًا وَتَبِيعُهَا وَتَعْرِضُ مَنَاطِقَ عَلَى الْكَنْعَانِيِّ...مِثْلُ الْكَنْعَانِيِّ فِي يَدِهِ مَوَازِينُ الْغِشِّ. يُحِبُّ أَنْ يَظْلِمَ." (أم31: 24 وهو 12: 7 وانظر أيضًا أى41: 6). وأهم من اشتهر بالحكمة من هذه البلاد أليفاز التيمانى ــ أحد أصدقاء أيوب وأول المتكلمين معه (أى4: 1). ويتساءل إرميا عن حكمة أدوم قائلًا: "أَلاَ حِكْمَةَ بَعْدُ فِي تَيْمَانَ؟ هَلْ بَادَتِ الْمَشُورَةُ مِنَ الْفُهَمَاءِ؟ هَلْ فَرَغَتْ حِكْمَتُهُمْ؟"(إر49: 7 وانظر عو8).
وأخذ باروخ يلتفت يمينًا ويسارًا في كل الأرض، ويستعيد الماضي القديم والحديث، ليرى هل استطاع أحد أن يحصل على الحكمة؟ فلم يرَ أحدًا، حتى من الجبابرة (با3: 26) الذين يصفهم الكتاب المقدس بذوى اسم (تك6: 4)، والذين منهم نمرود الذي يصفه الكتاب المقدس أنه " ابْتَدَأ يَكُونُ جَبَّارا" (تك10: 8- 10).
هؤلاء لم يحصلوا على الحكمة. ولكن كانت حكمتهم أرضية نفسانية شيطانية (يع3: 15)، فهلكوا بسببها.
وفى مقابل كل هؤلاء نجد أن الله وحده هو الذي يعرف طريقها. وبها خلق كل الخليقة، فسليمان يصفها بأنها: "صانعة كل شيء مهندسة الأكوان" (حك8: 5،6). لأنها قائمة عنده قبل كون العالم (أى28: 20- 27 وأم8: 22-31 وسى1: 4،9 و24: 3-7). فوهبها ليعقوب عبده وإسرائيل حبيبه. وقال لها: "اسكنى في يعقوب ورثى في إسرائيل" (سي24: 8).
شرح الكتاب المقدس - الراهب القمص يوأنس الأنبا بولا
(ج) الحكمة هي الناموس (3: 32-4: 4).

وينبه باروخ بنى إسرائيل أن يتوبوا ويرجعوا ويسيروا في ضيائها(با4: 2)، لأنه "سِرَاجٌ لِرِجْلِي كَلاَمُكَ وَنُورٌ لِسَبِيلِي."(مز119: 105)، ولأن " لأَنَّ الْوَصِيَّةَ مِصْبَاحٌ وَالشَّرِيعَةَ نُورٌ" (أم6: 23). لأنهم يعرفون ما هو المرضى عند الله، حيث ثمر البر يزرع في السلام من الذين يفعلون السلام (يع3: 17،18).
وفى تجليه هذا يجد باروخ نفسه أمام أمر واقع، وهو: الله بذاته يتراءى على الأرض ويتردد بين البشر(با3: 38). ولم يقل تراءى في يهوذا وتردد بين بنى إسرائيل، لأن الله الكلمة عندما تجسد تراءى في الأمم أيضًا حيث زار مصر وتردد بين شعبها (مت2: 13-21)، ومثله أيضًا تنبأ ميخا النبي قائلًا: "فَإِنَّهُ هُوَذَا الرَّبُّ يَخْرُجُ مِنْ مَكَانِهِ وَيَنْزِلُ وَيَمْشِي عَلَى شَوَامِخِ الأَرْضِ" (مى1: 3)، ويعلل سبب ذلك قائلًا: "كُلُّ هَذَا مِنْ أَجْلِ إِثْمِ يَعْقُوبَ وَمِنْ أَجْلِ خَطِيَّةِ بَيْتِ إِسْرَائِيلَ." (مى1: 5).
وليس باروخ وحده هو الذي تكلم عن الحكمة كشخص (أي أقنوم الحكمة)، ولكن أيضًا سليمان ويشوع بن سيراخ وأيوب، كل منهم تكلم في صور تختلف عن الآخر. " وَالْكَلِمَةُ صَارَ جَسَدًا وَحَلَّ بَيْنَنَا وَرَأَيْنَا مَجْدَهُ مَجْدًا كَمَا لِوَحِيدٍ مِنَ الآبِ مَمْلُوءًا نِعْمَةً وَحَقًّا. "(يو1: 14). والسيد المسيحقال عن نفسه "لِذَلِكَ هَا أَنَا أُرْسِلُ إِلَيْكُمْ أَنْبِيَاءَ وَحُكَمَاءَ" (مت23: 34)، وقيل عنه في لوقا " قَالَتْ حِكْمَةُ اللهِ: إِنِّي أُرْسِلُ إِلَيْهِمْ أَنْبِيَاءَ"(لو11: 49)، وبولس الرسول يقول: "فَبِالْمَسِيحِ قُوَّةِ اللهِ وَحِكْمَةِ اللهِ." (1كو1: 24).
ولقد نجح باروخ في إظهار تطور مراحل تكوين الحكمة في الفكر اليهودي:ـــ
1- الحكمة التأديبية أو الأخلاقية... قارن (با3: 13،14 و4: 1 مع أم8: 4-21).
2- الحكمة المبنية على معرفة الخليقة... قارن (با3: 20- 25 مع أى28: 12-28).
3- الحكمة هي اللوغوس (الكلمة المتجسد)... قارن (با3: 31 مع أم8: 22-31).
4- الحكمة هي الشريعة... قارن (با4: 1- 4 مع تث4: 1- 6، سي24: 12-17).
  رد مع اقتباس
إضافة رد


الانتقال السريع

قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً
الموضوع
قداسة البابا عن الراهب القمص جبرائيل الأنبا بولا المرشح أسقفًا عامًا باسم الأنبا جيبرييل
الراهب القمص إشعياء الأنبا بولا
دراسات وتأملات في طوبيا الراهب القمص يوأنس الأنبا بولا
كتاب هلم نربح الآخرين - الراهب القمص يوأنس الأنبا بولا
القمص الراهب عبد المسيح النقلونى ( الأنبا بولا )


الساعة الآن 05:23 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024