حل سحرى للوقاية من الأمراض النفسية
كثيرة هى الأغانى التى تغنت بالدموع ونسجت كلماتها عن البكاء، وكثيرًا ما تشعر بالحاجة للبكاء وتجد الراحة بعده، فالدموع وسيلة للتعبير عن المشاعر سواء كانت حزنًا أو فرحًا، ويعرف المصريون بأنهم "دمعتهم قريبة" أي أنهم من السهل جدًا بكاؤهم سواء فى أوقات الفرح أو الحزن. والدموع يمكنها التخلص من المشاعر المكبوتة، وعلى الرغم من ذلك يربط المجتمع الشرقى بين الدموع والنساء فقط، وتصور البعض أن شخص الذى يبكى يكون ضعيفًا، وهو ما قد يتسبب فى كبت الدموع والمشاعر والإصابة ببعض الأمراض النفسية أو العضوية التى تؤثر على صحة الإنسان. ومن بين الموروثات المنتشرة خاصة فى الصعيد والمجتمعات الريفية أن الرجل لا يجب أن يبكى وهو ما نزرعه فى أطفالنا الذكور دائما قائلين: "أنت راجل.. الراجل مش بيعيط"، اعتقادًا أن الرجولة تتناقض مع البكاء، لكن فى حقيقة الأمر تمثل هذه الكلمة أثر سلبى على الصحة النفسية والعضوية للرجل وهو ما قد يجعله دمية مكبوتة المشاعر، ويتسبب فى الإصابة بالأمراض. يقول الدكتور عصام الطوخى، أستاذ طب وجراحة العيون بجامعة القاهرة، إن الدموع لها فائدة كبيرة، فهى تغذى القرنية والملتحمة، لأن العين تتنفس من خلال الدموع التى تعمل على ترطيب خلايا سطح القرنية وعند جفاف خلايا العين يحدث اختلال بانكسار العين، وحال وجود عدم انتظام بخلايا سطح القرنية، فإن الدموع تساعد على ملء الفراغات التى توجد فى خلايا القرنية، لافتًا إلى أن الدموع تعتبر مضادات حيوية للفيروسات والميكروبات بالعين. ويتابع د. عصام أن هناك بعض الأمراض التى تؤدى إلى قلة الدموع أو جفافها لذلك فالأشخاص الذين لديهم مشكلة فى الدموع بالعين أو جفاف بها، تزداد إصابتهم بالميكروبات والفيروسات والتعرض الشديد لحرقان فى العين وضعف بالنظر، مضيفًا أن من الأمراض التى تساعد على قلة إفراز الدموع فى العين الأمراض الروماتيزمية والمناعية التى تسبب خلل فى إفراز الغدة الدمعية بالعين. أما بالنسبة للتأثير العضوى للدموع، فيشير إلى بعض الأمراض التى تنتج عن كبت الدموع، ومنها قرحة المعدة وخلل هرمونات الجسم. ويوضح الدكتور محمد عبد الرازق استشارى الباطنة والقلب، أن عجز الإنسان فى التعبير عن مشاعره وكبته للدموع، يسبب خللاً بهرمونات الجسم والجهاز العصبى، ويؤدى إلى الإصابة ببعض الأمراض النفسية والجسمانية ومنها ارتفاع ضغط الدم وقرحة المعدة والآلام الظهر والإصابة بالربو الشعبى آلام القلب النفسية. لذا ينصح د.محمد بضرورة التعبير عن المشاعر السلبية لتجنب الإصابة بأمراض القلب النفسية التى تنتج من خلال ارتفاع ضغط الدم الناتج عن عدم التعبير بالغضب أو الحزن بالبكاء. وفى نفس السياق يوجد تأثير نفسى لكبت الدموع والمشاعر، وهذا التأثير يؤدى إلى الإصابة ببعض الأمراض النفسية. وكما يذكر الدكتور إبراهيم حسين، أستاذ الطب النفسى بجامعة عين شمس أن عبارة "الراجل مش بيعيط" من الموروثات المغلوطة التى لا يوجد لها أي أساس من الصحة، وليس لها علاقة بضعف شخصية الرجل، لأن بكاء الرجل يعبر عن قوة وقمة المشاعر التى تكون المخرج الوحيد للتغلب على ما لا يستطيع الإنسان تحمله ويقوم بالتنفيس عنه من خلال الدموع. ويستكمل د.إبراهيم أن العديد من الدراسات أثبتت أن الدموع دليل على الصحة النفسية للإنسان لأنها متنفس طبيعى للخروج أو للتغلب على الأحزان، وكبتها أو التحكم فيها من الممكن أن يتسبب فى الإصابة بمشاكل نفسية وعضوية، والتى من ضمنها أن يصاب الشخص بالاكتئاب أو الخرس النفسى لا يستطيع التحدث أو التعبير عن أي شيء سواء حزن أو فرح نتيجة للكبت الدائم للمشاعر. ويضيف أستاذ الطب النفسى أن الدموع هى الوسيلة الوحيدة التى تعمل على راحة الإنسان سواء رجل أو أنثى، لأن وقت التعرض للحزن أو الغضب يتم إفراز بعض الهرمونات بالمخ تؤثر على جسم الإنسان وتسبب عدم قدرة الشخص على التركيز، فعند كبت هذه المشاعر من الممكن أن تتسبب فى الإصابة بارتفاع ضغط الدم المفاجئ الذى قد يؤدى بشكل سريع إلى الوفاة. لذا ينصح الطبيب النفسى بعدم كبت المشاعر والتعبير عما يشعر به كل شخص سواء حزن أو فرح، لأن التعبير عن المشاعر تسبب راحة نفسية كبيرة لكل إنسان وتساعده على راحة قلبه وجسده وتقيه من الإصابة بالأمراض النفسية والعضوية. ومن جانبها تقول الدكتورة ولاء نبيل استشارى الطب النفسى، إن التربية الذكورية بالمجتمع تمنع الذكور من البكاء لاعتبارهم أنه ضعف لا يليق بالرجال، مؤكدة أن التعبير عن الانفعالات بالدموع يتيح للإنسان فرصة للتنفيس عن المشاعر التى يتم كبتها، ما قد يؤدى إلى آثار نفسية شديدة، لأن كبت المشاعر يترجم فى أعمال عنيفة أو عقد نفسية فى المستقبل.