كان بارتيماوس رجلاً طيّبَ القلب يعيشُ في مدينةٍ تُدعى أريحا. لم يستطع أن يعمل أو أن يكسب لقمة عيشه لأنّه كان أعمىً. فكان أصدقاؤه المقرّبون إليه يساعدونه على إيجاد مكانٍ يجلس فيه لكي يستعطي. فبعض الأشخاص المارّين في الشّارع كانوا يشفقون عليه ويقدّمون له النّقود، والبعض الآخر يستهزىء به ويضحك منه. ولكنّ بارتيماوس كان يتمتّع بسماع أصوات الأولاد الذين يلعبون ويركضون حوله و أصوات الباعة والتّجّار الذين ينادون على بيع بضاعتهم وعلى الرُغمَ من ذلك كلّه، ما زال هناك ألمٌ عميقٌ في قلبه، فهو يحلم بأن يرى ويمتّع نظره بجمال الخليقة. وكان دائمًا يصلّي إلى الله ليعطيه نعمة البصر.
وذات يومٍ، فيما كان يستعطي، سمع أصواتَ أناس فرحين حيث كانت المدينة تعجّ بالأشخاص الذين أتوا من المدن المجاورة. فتساءل عن سبب مجيئهم، وعَلِمَ منهم بأنّ يسوع النّاصري آتٍ لزيارة المدينة. ابتهج قلبه وحاول جاهدًا مقابلة يسوع. فعندما اقترب منه ابتدأ يصرخ ويقول "يا يسوع بن داود ارحمني". انزعج بعض النّاس منه، فنهروه وحاولوا أن يسكتوه بالقوّة. إلاّ أنّه لم يكفّ عن طلب النّجدة، وابتدأ يصرخ أكثر: "يا بن داود ارحمني". ولكنّ الإله الحنون لم يمنع أذنيه عن سماع صراخ هذا المسكين، فوقفَ وأمر بأن يُؤتى به. فنادوا بارتيماوس قائلين له "ثِق. قُم. هوذا يناديك". فجاء إلى يسوع الذي سأله "ماذا تريد أن أفعل بك؟"، أجابه "يا سيّدي أن أبصر". فقال له يسوع "إذهب. إيمانك قد شفاك". وحالاً أبصرَ وملأت البهجة قلبَه، فسجد عند أقدام يسوع شاكرًا إيّاه على شفائه العجيب. ثمّ قام ورافقه في مسيرته مع الجموع.
هناك ثلاثة دروس نتعلّمها من هذه القصّة. أوّلاً، علينا أن نعلم يقيناً أنّ الله هو الشّافي الوحيد لكلّ أمراضنا، وهو الذي لا يزال يدعونا "تعالوا إليّ يا جميع المتعبين والثّقيلي الأحمال وأنا أريحكم"(متّى 28:11). ثانيًا، علينا أن نُدرِك أنّنا بحاجة إلى شفاءٍ روحيّ من مرض الخطيّة. وأخيرًا، علينا اتّخاذ القرار في المجيء إلى المسيح وطلب رحمته واتباعه رغمَ كلّ الظّروف.