ساد اليهود الاعتقاد بأن الشياطين تفضل ثلاثة مناطق لسكناها: البرية أو الأماكن الخربة، والمياه في أعماقها، والقبور. الأولى تشير إلى اشتياق الشيطان نحو الإنسان أن يفقده كل حيوية، وينزع عنه كل ثمرٍ روحيٍ، ليجعل منه برية قاحلة أو خراب بلا ساكن. والثانية تشير إلى رغبة العدو أن يدخل بالإنسان إلى دوامة الحياة ليلهيه عن أبديته، فيكون كمن في أعماق المياه بلا رجاء. والثالثة أي القبور، فتشير إلى طبيعة الشيطان كمقاتل للإنسان يبغي موته، كما تعلن عن راحة إبليس في نتانة الأعمال الميتة وفسادها. لهذا أعلن السيد سلطانه الإلهي وعمله فينا بانطلاقه إلى البرية يصارع العدو وجهًا لوجه، كما انطلق إلى المياه بالأردن ليحطم سلطان العدو تحت أقدامنا، واهبًا إيّانا البنوة لله الغالبة للشرير والشر، وها هو يلتقي بساكن القبور ليخلصه من الروح النجس ويرده إلى بيته.