السيسي يكرر سيناريو عبد الناصر
''لقد حاولنا خلال ثلاث سنوات أن نحصل على الأسلحة من المصدر الذي اعتدنا أن نتعامل معه؛ وهو الغرب، ولكننا أخفقنا؛ لأنه كان هناك نوع من الاحتكار، لقد ظنت الدول الغربية أنها تستطيع أن تعطينا أو لا تعطينا، ومن النوع الذي تشاء هى؛ لأنها كانت تعتقد أنها السوق الوحيد أمامنا''، هذه الكلمات كانت جزء من حديث جمال عبد الناصر لـ''نيويورك تايمز'' 6 أكتوبر 1955 بعد صفقة الأسلحة التشيكية.
وأعادت الصفقة التي أبرهما المشير عبد الفتاح السيسي مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، منذ أيام، للأذهان صفقة الأسلحة التشيكية التي قام بها عبد الناصر في 27 سبتمبر 1955 وبلغت قيمتها 250 مليون دولار، حيث اعتبرها خبراء عسكريون ''صفعة'' على وجه النظام الأمريكي، وإعادة للتوازن مرة أخري في الشرق الأوسط.
وتشمل الصفقة المصرية الروسية شراء طائرات قتالية من طراز (ميغ 29 إم/ إم2، وأنظمة دفاع مضادة للطيران من مختلف الأنواع، ومروحيات (إم آي 35)''، وغيرها من الأسلحة الروسية.
وعبًّر بوتين خلال زيارة الوفد المصري لروسيا، عن تأييده لترشح المشير عبد الفتاح السيسي لرئاسة الجمهورية، الأمر الذي أغضب الإدارة الأمريكية، وقالت ماري هارف، المتحدثة باسم الخارجية الأمريكية ''إنه ليس من شأن الولايات المتحدة أو من شأن بوتين، أن يقررا من ينبغى أن يحكم مصر، والأمر يعود للشعب المصري فقط''.
عبد الناصر يناور بصفقة تشيكية
وتعود صفقة الأسلحة التشيكية، إلى فبراير 1955، بعدما رفضت أمريكا وبريطانيا طلب عبد الناصر لصفقة أسلحة، بعد الغارة التي شنها الكيان الصهيوني، واستشهد فيها عدد من الجنود المصريين، والتي كانت السبب الأساسي في طلب عبد الناصر للسلاح.
وتوجه عبد الناصر إلى الشرق محاولًا التوصل لاتفاق مع الاتحاد السوفيتي بواسطة شوان لاي رئيس الوزراء ووزير الخارجية الصيني، الذي أقنع الاتحاد السوفيتي بالصفقة.
وسحبت الولايات المتحدة عرض تمويل السد العالي ردًا على الأسلحة السوفيتية، ووجه عبد الناصر ضربة مقابلة لأمريكا بتأميم قناة السويس، الأمر الذي أدى إلى العدوان الثلاثي على مصر عام 1956، وفشل العدوان بعد تهديد الاتحاد السوفيتي بالتدخل وعدم مشاركة أمريكا في العدوان.
السيسي يكرر ''الصفعة''
ودارت السنوات ليرأس المشير عبد الفتاح السيسي وفدًا ضم وزير الخارجية نبيل فهمي، في زيارة استغرقت يومين إلى روسيا، أبرم خلالها الطرفين صفقة أسلحة قيمتها 3 مليارات دولار.
وأربكت الزيارة المفاجأة الإدارة الأمريكية، خاصة بعد تأييد بوتين لترشح السيسي للرئاسة، وهو ما اعتبرته أمريكا استعادة لنفوذ الدب القضبي في الشرق الأوسط بحيث تُعد هذه الصفقة أكبر صفقات الأسلحة الروسية في تاريخ القوات المسلحة.
واعتبر عسكريون أن الصفقة تُعيد للأذهان ما فعلة الرئيس جمال عبد لناصر مع الاتحاد السوفيتي، واعتبروها ''صفعة'' لأمريكا في ظل العلاقات المتوتر بين البلدين منذ 3 يوليو الماضي.
وخرج بوتين عن الأعراف الدبلوماسية - وفقًا لصحف روسية - في استقبال المشير السيسي وجلس بوتين في موقع مقابل لوزير الدفاع على طاولة الاجتماعات وليس على رأس الطاولة كما المعتاد دبلوماسيًا، فيما يراه البعض استقبال للرؤساء.
ووقعت مصر عقودًا بالأحرف الأولى تفوق قيمتها ثلاثة مليارات دولار مع روسيا - بحسب صحيفة ''فيدوموستي'' الاقتصادية الروسية - في أكبر صفقة أسلحة منذ حرب أكتوبر.
الصفقة تضم طائرات يتم ملؤها في الجو
ومن جانبه يرى اللواء فكري الجندي، خبير عسكري واستراتيجي، وقاد سربًا من الطائرات الروسية في حرب أكتوبر، أن ''صفقة الأسلحة تُكسبنا قدرًا عاليًا من المرونة في التعامل مع كافة القوى التي تهدد أمن مصر وعلى رأسها أثيوبيا وإسرائيل''.
وشدَّد الجندي في تصريحات لـ''مصراوي'' على أن صفقة السلاح استعادة لوجود مصر على المستوى الدولي، ''حيث نعلن للعالم أننا لا نعتمد فقط على السلاح الأمريكي، ونستطيع شراء الأسلحة من التي نحتاجها من مصدر آخر''.
وأضاف الخبير العسكري أن الصفقة تضمنت طائرات يتم ملؤها في الجو وهو ما يتيح لنا ضرب مناطق بعيدة، مشيرًا إلى ''أثيوبيا'' باعتبارها الخطر الأول الذي يهدد مصر - من وجهة نظره - .
وحول موقف الولايات المتحدة من الصفقة قال الجندي ''الكل يعرف موقف الهند المتصالح مع الولايات المتحدة وكل تسليح الهند من روسيا، فليس من الغريب أن تقوم مصر بالتسليح من روسيا''.
الروس ساعدونا كثيرًا
وقال اللواء يسري قنديل، الخبير العسكري واستاذ بكلية القادة والأركان، إنه لا غني عن الولايات المتحدة الأمريكية، ولا عن روسيا في الجانب العسكري، والتسليح ولا يقصد به المعدات فقط ولكن العلم والابحاث وتقديم المعونة الفنية وتأهيل الضباط في التعامل مع مختلف الأسلحة ''.
وأشار قنديل إلى أن منذ عام 1955 والجيش المصري يتم بناءه كاملًا من الاتحاد السوفيتي، قائلاً ''الروس ساعدونا كثيرًا في انتصار 1973، والولايات المتحدة أيضًا لها دور كبير في قيام الهيئة العربية للتصنيع وأبحاث التي تقوم بها في الهيئة لتطوير السلاح''.
وأوضح الخبير العسكري أن العديد من البعثات الحربية المصرية تستفيد من العلم الأمريكي في كافة المجالات، خاصة في مجال تأهيل الضباط على التعامل مع كافة الأسلحة.
وأضاف '' تنويع مصادر السلاح، واعادت بناء العلاقات المصرية الروسية في مجال الأسلحة مرة أخري''، هما أعظم استفادتين في هذا الزيارة، التي أعتقد أنها تشمل تعاون في مجالات أخرى خاصة مع وجود وزير الخارجية نبيل فهمي مع المشير السيسي.