رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
11 أكتوبر 2009 أعماق حول الفضيلة بقلم قداسة البابا شنوده الثالث الفضيلة ليست مجرد عمل الخير، إنما هى بالأكثر محبة الخير. ذلك لأن بعض الناس يعملون الخير خوفاً من العقوبة، أو من أجل اكتساب السمعة الطيبة، أو تجنباً لانتقادات الناس. أو البعض يعملون الخير حباً فى المديح، أو رغبة فى نوال المكافأة، أو مجاراة لجو معين... ولكن كل ذلك لا يدل على فضيلة حقيقية... أما الفضيلة الحقيقية فهى فى حب الخير حتى إن لم يكن متاحاً عمل هذا الخير لأسباب خارجة عن الإرادة، وهنا تعتبر مجرد النية الطيبة فضيلة. فإن توافرت الامكانية مع النية، حينئذ يكتمل الخير. لأن النية وحدها لا تفيد الآخرين. أما العمل فهو التعبير عما فى القلب من مشاعر طيبة. والذى يعمل الفضيلة يود أن ينمو فيها، وأن يستمر فى النمو حتى يصل إلى الكمال الممكن له كإنسان. ?? وهناك اتجاهان للفضيلة: الاتجاه السلبى وهو مقاومة الخطية ورفضها. والاتجاه الايجابى وهو السلوك الطيب فى عمل الخير. فلا يكفى مثلاً أنك لا تكره إنساناً، إنما يجب أن تحبه وتحب الكل. ولا يكفى فقط أنك لا تتلفظ بكلمة شريرة، إنما من الناحية الايجابية عليك أن تقول كلاماً للبنيان ينفع الآخرين. وأيضاً ليست الفضيلة هى فقط إنك لا تضر الناس، بل هى بالأكثر أن تعينهم وتتعب لأجلهم. ?? وللفضيلة مستويات: منها المستوى الجسدى، والمستوى النفسى، والمستوى الروحى. وعلى الإنسان أن يحفظ نفسه فى كل مستوى، ويحترس من السقوط فى غيره. ولأنه من المعروف أن الحواس هى أبواب الفكر. فما تراه وما تسمعه وما تلمسه قد يجلب لك أفكاراً. إذن لكى تحفظ فكرك، احفظ حواسك. وإن أخطأت بالحواس، لا تجعل الخطأ يتطور بك إلى فكرك. وإن وصل إلى الفكر، اطرده بسرعة، ولا تجعله يتحول إلى مشاعر فى قلبك. وإن تحول إلى مشاعر، لا تجعله يتطور إلى الفعل بأن تخطئ الارادة أيضاً. واعلم أن جميع المستويات تتجاوب مع بعضها البعض... فخطأ القلب يسبب خطأ الفكر. وخطأ الفكر يسبب مشاعر القلب. وربما الاثنان يدفعان إلى العمل... إنها دائرة، أية نقطة تدور فيها توصل إلى باقى النقاط. وكما فى الشر كذلك فى الخير تتعاون المستويات معاً. ?? واعلم أيضاً أن الفضيلة لها مستويان آخران: فى الداخل وفى الخارج. فى الداخل فى القلب والروح والفكر. وفى الخارج فى الجسد والممارسة. فمحبة الناس فضيلة فى القلب. ولكن لابد أن تتحول إلى عمل محبة فى الخارج. لأنه لا يصح فقط أن نحب بالكلام أو باللسان، إنما بالعمل والحق. وهنا تظهر المحبة التى فيها عطاء وبذل وتضحية. ذلك لأن فضيلتك التى فى فكرك لا يشعر بها أحد، فيجب أن تعبر عنها بعملك. ومحبتك لابنك التى فى داخل قلبك، لابد أن تُعبِّر عنها بالحنو والاهتمام والعطايا. واللَّه تبارك اسمه يُعبِّر عن محبته لنا برعايته وعنايته وحفظه لنا. وأنت كإنسان، لا يجوز لك أن تقول محبة اللَّه في قلبي، إنما أن ينبغي أن تُعبِّر عن هذا بطاعتك للَّه وحفظك لوصاياه. ولا تكتفي بإن لك إيماناً باللَّه بدون أعمال طيبة. لأنَّ الإيمان بدون أعمال ميت. في الصلاة مثلاً: خشوع القلب من الداخل، نُعبِّر عنه بخشوع الجسد من الخارج. وهكذا نجد في الصلاة: الوقوف والركوع والسجود، ورفع الأيدي والنَّظر إلى فوق. ولا يصح أن تهمل خشوع الجسد. قائلاً في ذلك: إنَّ اللَّه إله قلوب، ويكفي أن قلبي مع اللَّه!! مِثال ذلك مَن يُصلِّي على المائدة وهو جالس! ... إنَّ المشاعر الداخلية، تحتاج إلى التعبير الخارجي فيشترك الجسد مع الروح. وتكون الفضيلة من الداخل ومن الخارج معاً. إن ما يجري في عروقك من مشاعر، ينبغي أن يكون له ثمر في الخارج. إن حياة الشجرة في داخلها، يُعبّر عن وجودها في الخارج الخضرة والزهر والثمر. ولا أحد يقبل الشجرة غير المثمرة. كذلك نريد للفضيلة أن تكون مثمرة. وهى تثمر بالعمل الطيب، وبالكلمة الطيبة، وبالسلوك الحَسن، وبالنور الذي يضيء للآخرين، وبالمحبة العملية. ?? الفضائل أيضاً تتكامل معاً ولا تتعارض. وإن سلكت فى فضيلة ما، فلابد أنها ستقودك إلى فضائل أخرى كثيرة. وإن فقدت إحدى الفضائل، فما أسهل أن يجرك هذا السقوط إلى ترك فضائل أخرى عديدة... إنها سلسلة مترابطة. إن إنفك عقد واحدة منها، انفرط الباقى. ومن الصعب أن نتكلم عن اهتمام الإنسان بفضيلة واحدة فقط وتركه للباقى. فمحبتك لابنك مثلاً، ينبغى الا تنفصل عن تربيتك لابنك. وينبغى أن لا تنفصل عن الحكمة فى هذه التربية. والحكمة ترتبط أيضاً بالمعرفة. واهتمامك بجسد ابنك وصحته لا يمنعك من الاهتمام بعقله وثقافته وأيضاً لا ينفصل هذا عن الاهتمام بروحيات ابنك وأبديته. وهكذا مع باقى الفضائل. ?? كونى إحب الناس، هذا حسن جداً. ولكن ليست محبتى لهم معناها مجاملتهم فى كل شئ، ولو على حساب الحق! فالمفروض أننى أحب الله، وأحب الناس فى نفس الوقت. وليس الحب معناه مجرد العطف الجسدى أو المادى فقط، وإنما معناها أولاً الحب الروحى. ورب الأسرة عليه أن يحب أسرته كلها ولكن ليس معنى هذا أن يعطف عليها عطفاً يجعلها تخطئ وتستمر فى الخطأ ولا تخاف! إن محبة الناس لله يجب أن ترتبط أيضاً بمخافته، أي بمهابته. ?? إن الحياة الروحية ليست مجرد فضيلة معينة يركز عليها الإنسان بحيث يهمل باقى الفضائل...! إنما هى حياة تشمل كل شئ. وكتاب الله ليس هو مجرد وصية واحدة أو آية واحدة، إنما هو كتاب يتحدث عن الخير كله، وعن البر كله. وينبغى أن نهتم بكل ما فيه من وصايا، لكى نحيا حياة لا نقص فيها. لأنه ربما نقص فضيلة واحدة قد يضيع حياة الإنسان كلها. مثال ذلك إنسان يحرص على السلوك الطيب فى كل شئ. وتنقصه فقط فضيلة الاتضاع، ويقع بذلك فى الكبرياء. وتهلكه هذه الخطية وحدها. على أن هذا الموضوع يحتاج إلى التحدث عن تفاصيل كثيرة، ليس وقتها الآن ... |
24 - 08 - 2016, 11:20 AM | رقم المشاركة : ( 2 ) | ||||
..::| VIP |::..
|
رد: أعماق حول الفضيلة 11-10-2009 بقلم قداسة البابا شنوده الثالث
العظة مفيدة جداً
ربنا يبارك خدمتك |
||||
|