شرح الكتاب المقدس - العهد القديم - القس أنطونيوس فكري
صموئيل الاول 10 - تفسير سفر صموئيل أول
آية(1):- فاخذ صموئيل قنينة الدهن وصب على راسه وقبله و قال اليس لأن الرب قد مسحك على ميراثه رئيسا.
الله إذا دعا إنسان لعمل ما يعطيه المواهب اللازمة لهُ. وهنا يعطى الله لشاول مواهب الروح القدس. والمسح من قنينة الدهن كان للملوك والكهنة والأنبياء فيحسبون مسحاء الرب بكونهم رمزًا للسيد المسيح الذي فيه وحده اجتمعت الوظائف الثلاث. وعلى من يُمسَح أن يستخدم هذه المواهب التي أُعطيت لهُ لمجد اسم الله وليس لحساب نفسه. وقبّله: برضا في اتضاع معلمًا إيانا روح الخضوع للرؤساء (1بط 13:2). والخضوع للرؤساء واحترامهم مهما كنا غير موافقين عليهم. فصموئيل لم يكن راضيًا عن فكرة وجود ملك غير الله، ولكن الآن شاول صار ملك فعليه احترامه. الرب.. مسحك على ميراثه: ما نالهُ شاول ليس عن استحقاق بل عطية إلهية مجانية صار بها شاول وكيلًا على شعب الله أو ميراث الله لكن الشعب لله وليس لشاول وميراث لله وليس لشاول.
الآيات (2-8):- في ذهابك اليوم من عندي تصادف رجلين عند قبر راحيل في تخم بنيامين في صلصحفيقولان لك قد وجدت الاتن التي ذهبت تفتش عليها و هوذا ابوك قد ترك امر الاتن واهتم بكما قائلًا ماذا اصنع لابني. وتعدو من هناك ذاهبا حتى تاتي إلى بلوطة تابور فيصادفك هناك ثلاثة رجال صاعدون إلى الله إلى بيت ايل واحد حامل ثلاثة جداء وواحد حامل ثلاثة ارغفة خبز وواحد حامل زق خمر. فيسلمون عليك و يعطونك رغيفي خبز فتاخذ من يدهم. ذلك تاتي إلى جبعة الله حيث انصاب الفلسطينيين ويكون عند مجيئك إلى هناك إلى المدينة أنك تصادف زمرة من الانبياء نازلين من المرتفعة وامامهم رباب ودفو ناي وعود وهم يتنباون. فيحل عليك روح الرب فتتنبا معهم وتتحول إلى رجل آخر. وإذا اتت هذه الآيات عليك فافعل ما وجدته يدك لأن الله معك. وتنزل قدامي إلى الجلجال وهوذا انا انزل اليك لاصعد محرقات واذبح ذبائح سلامة سبعة أيام تلبث حتى أتى اليك واعلمك ماذا تفعل.
بعد مسح شاول أنبأهُ صموئيل بما سيحدث لهُ. وفائدة هذه العلامات 1- أن شاول سيعلم إذا تحققت العلامات أن الأمر من الله. 2- هذه العلامات حملت دستور الحياة الناجحة لملوك إسرائيل. 3- بما أن الأمر من الله فالله يلتزم بأن يعوله ويدبر أمور مملكته إذا إلتزم بالناموس. آية(2):- أول علامة أن يصادف رجلين عند قبر راحيل. فيعرف أولًا أن نهاية كل ملك هي القبر فأول علامة مكانها قبر، فيتعلم ألاّ ينتفخ. فى تخم بنيامين: راحيل ماتت وهي تلد ابنها بنيامين وأرادت تسميته ابن حزني فأسماه أباه بنيامين أي ابن اليمين. ويتعلم شاول من هذا أنه بعد أن كان ابن حزن وشقاء هذه الأمة سيصير ابن يمين ويرفع من شأنها قد وُجِدَت الأتن:موضوع الأتن موضوع تافه وها هو قد انتهى فيتعلم عدم الأهتمام بالأمور التافهة ليتفرغ لأمور مملكته أي يترك أموره الشخصية ويطلب حل أمور الأمة أبوك إهتمّ بكما: فيتعلم أن يهتم بالآخرين وليس بنفسه وأمورهُ الشخصية يدبرها الله. بهذه العلامات يدرك يد الله الخفية العاملة حتى في الأمور البسيطة. أيات (3-4):- الرجال معهم جداء (لتقديمها للكهنة كذبيحة خطية) وخبز (للتقدمة) وخمر (يصاحب التقدمة أيضًا). وهم ظنوه فقيرًا جائعًا فأعطوه الخبز وكانت هذه أول هدية لهُ كملك ممسوح ولها معاني 1-لم يقدموا لهُ من الجداء فهو ليس كاهنًا وعليه أن لا يتدخل في أمور الكهنوت. 2- وهم لم يقدموا لهُ خمر. والخمر علامة الفرح والترف العالمي. 3- بل قدموا لهُ خبزًا فقط أي الشيء الضروري للحياة لهُ وللغلام معهُ. فيفهم أنه كملك عليه أن لا ينشغل بترف ومسرات العالم أو يتداخل في الكهنوت بل يطلب أن يعيش ويطلب ما هو لازم فقط بلا ترف مهتمًا بالفقراء الذين لا يجدون سوى الخبز. وأن يتعلم من هؤلاء الرجال أن يصعد ليصلى ويقدم ذبيحة فيكون لهُ الفرح الحقيقي الروحي (خمر) والشبع الحقيقي الروحي (الخبز) وغفران الخطية (جداء). أيات (5-6):-يذهب إلى جبعة الله وهناك أسس صموئيل مدرسة للأنبياء كانوا مصدر للتعليم ومكانًا للقداسة والتسبيح وهناك وفي وسطهم يحل عليه روح الرب فيتنبأ معهم: أي يشاركهم فرحهم وعبادتهم ويقبل مشورتهم. وهم يتنبأون: أي يسبحون ويعبدون الرب وليس من الضروري فهم الكلمة أن يتنبأوا بالمستقبل. وتتحول إلى رجل آخر: حين يهب الله إنسانًا روحه القدوس واهب العطايا تتجدد طبيعته وشاول تحوّل من فلاح وراعي غنم إلى ملك يهتم بشعبه. وهكذا نحن في المعمودية والميرون. حيث أنصاب الفلسطينيين بعد أن يتحول شاول إلى رجل آخر هل يقبل هذا الإحتلال الأجنبى، هل يقبل أن تكون في جبعة الله حامية ومعسكرًا للفلسطينيين، هذا هو واجبه أن يطرد هذا العدو. ونحن بعد المعمودية وبعد أن تقدسنا هل نقبل وجود الخطية الساكنة فينا؟ لا بل علينا أن نحارب ضدها. آية(7):-ما وجدته يدك: بعد أن عرفت أن الله معك بالعلامات التي أعطيتها لك وأن الله سيعطيك قوة ونصرة فإفعل كل ما تقدر عليه من العمل. وهذا ما فعله شاول بعد ذلك في موضوع ناحاش العمونى حينما صعد إلى يابيش جلعاد.
آية(9):- و كان عندما ادار كتفه لكي يذهب من عند صموئيل أن الله أعطاه قلبا آخر واتت جميع هذه الآيات في ذلك اليوم. أعطاه قلبًا آخر: وإن كان قد فسد هذا القلب فيما بعد إذ اعتمد على الحكمة البشرية لا على العمل الإلهي وتكبّر وانفتح وتعدّى على الكهنوت.
آية (10-11):- و لما جاءوا إلى هناك إلى جبعة إذا بزمرة من الانبياء لقيته فحل عليه روح الله فتنبا في وسطهم. ولما راه جميع الذين عرفوه منذ امس وما قبله أنه يتنبا مع الانبياء قال الشعب الواحد لصاحبه ماذا صار لابن قيس اشاول أيضًا بين الانبياء. أشاول أيضًا بين الأنبياء: نبي ليس بالضرورة معناه رجل يتنبأ عن المستقبل بل رجل يصلى ويتضرع ويسبح (تك7:20). وهذا ما يعنيه هنا فشاول الذي لم يكن يهتم بمعرفة رجل الله صار رجلًا مصليًا. الله غيّره إلى رجل مصلى ليعطيه الله حكمة بصلاته. [وراجع 1مل29:18 لترى أن كلمة تنبأ تشير هناك للصلاة والتضرع للبعل]. وأهل جبعة الذين يعرفون شاول أنه غير متدين منذ ولادته وبالرغم من سكنه بجانب مدرسة الأنبياء فهو لم يختلط بهم أبدًا والآن أدهش جيرانه بأنه يتنبأ مع الأنبياء. فقال الشعب هذا المثل "أشاول أيضًا بين الأنبياء" ويشير لعمل الله الفائق في حياة المؤمنين وقدرته على تغييرهم. ومثل أيضًا لكل من يُتْقِنْ عَمَلْ ليس من وظيفته ولا منصبه. ونفس المثل قيل أيضًا في حادثة أخرى مع شاول (راجع 1صم24:19) بنفس المفهوم.
آية(12):- فاجاب رجل من هناك وقال ومن هو ابوهم ولذلك ذهب مثلا اشاول أيضًا بين الانبياء. ومن هو أبوهم: لم يفسر الكتاب المقصود بهذا القول وهناك 3 احتمالات
أ-الأب قد تشير لله فهو الذي يعطى المواهب لمن يريد (ومنها التنبؤ) وهو أبو الجميع (عا 14:3، 15).
ب-الأب قد تشير لصموئيل فهو كأب في مدرسة الأنبياء لهؤلاء الأنبياء الذين انضم لهم شاول الآن.
ج-وتضيف السبعينية "ومن هو أبوهم اليس هو قيس" ويصير المعنى كيف أن شاول بن قيس وكلاهما غير متدينين كيف يفعل ما يفعل الآن. وربما كان هذا المعنى هو الذي يتفق والمثل.
الآيات (13-19):- و لما انتهى من التنبي جاء إلى المرتفعة. فقال عم شاول له ولغلامه إلى أين ذهبتما فقال لكي نفتش على الاتن ولما رأينا أنها لم توجد جئنا إلى صموئيل. فقال عم شاول اخبرني ماذا قال لكما صموئيل. فقال شاول لعمه اخبرنا بأن الاتن قد وجدت و لكنه لم يخبره بامر المملكة الذي تكلم به صموئيل. واستدعى صموئيل الشعب الى الرب إلى المصفاة. وقال لبني إسرائيل هكذا يقول الرب إله إسرائيل اني اصعدت إسرائيل من مصر وانقذتكم من يد المصريين ومن يد جميع الممالك التي ضايقتكم. وانتم قد رفضتم اليوم الهكم الذي هو مخلصكم من جميع الذين يسيئون اليكم و يضايقونكم وقلتم له بل تجعل علينا ملكا فالان امثلوا أمام الرب حسب اسباطكم و الوفكم.
جاء إلى المرتفعة حيث يسكن أبوه ولم يخبر عمه بالأمر لأنه فَهِمَ أن هذا سر لا ينبغي إعلانه قبل اختيار الشعب له وتجليسه ملكًا أمام الجميع.
آية(20):- فقدم صموئيل جميع اسباط إسرائيل فاخذ سبط بنيامين. آية (21) ..وصلت القرعة لشاول.
صموئيل أمام الجميع استخدم نظام القرعة ليظهر أن الله اختار شاول فلو كان صموئيل أخبر الشعب مباشرة أن الله اختار شاول كملك لما صدّقهُ أحد ولحدث صراع دموي بين الأسباط وبين العشائر بل بين الأفراد.فالكل يريد أن يصير هو الملك.
آية(22):- فسالوا أيضًا من الرب هل يأتي الرجل أيضًا إلى هنا فقال الرب هوذا قد اختبا بين الامتعة.
لا نعرف لماذا إختبأ شاول؟ هل من اتضاعه؟ هل من شعوره بعدم الاستحقاق؟ أم هربًا من المسئولية؟ أم خاف أن يرفضه الشعب كملك فيشعر بالحرج. عمومًا فهذا الاختباء ليس اتضاعًا صحيحًا فالاتضاع الحقيقي هو شعور بالضعف ولكن "أستطيع كل شيء في المسيح الذي يقويني" وشاول قد تأكد من كلام صموئيل والعلامات التي أعطاها لهُ ثم بالقرعة أن الله اختار فلماذا الهرب!
اية(23):- وجده الشعب أنه اطول الجميع آية(24):- فقال صموئيل لجميع الشعب ارايتم الذي اختاره الرب انه ليس مثله في جميع الشعب فهتف كل الشعب وقالوا ليحي الملك.اية 25 ،26: كلم صموئيل الشعب بقضاء المملكة وكتبه وصرفهم
الشعب فرِح بعطية الله دون أن يشكروا الله نفسه ويسبحوه. هم فرحوا بالمظاهر وحين ننشغل بعطايا الله عن الله نفسه تتحول الفضائل التي أعطاها لنا الله إلى رذائل. ليحيى الملك: وهكذا ينبغي أن نصلي للملوك والرؤساء وهكذا تفعل الكنيسة.
آية(27):- و أما بنو بليعال فقالوا كيف يخلصنا هذا فاحتقروه و لم يقدموا له هدية فكان كاصم. بنو بليعال: احتقروه إذ حسبوه عاجزًا عن أن يخلصهم ربما لأن سبطه أصغر الأسباط ولأن عشيرته هي الدنيا. المهم أن شاول كان كأصم: احتمل تعييراتهم وصمت ليحقن الدماء ويمنع قيام ثورة داخلية وكان صمته غلبة داخلية. وأظهر الله بعد ذلك نصرته الخارجية على ناحاش العمونى بعد شهر من الزمان.