رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
في هذه المأساةِ الحالية، والتي غمرت العالم كلّه بالمعاناةٍ والقلق، نلتجئُ إليكِ، يا أمّ الله وأمّنا، ونعتصم في ظلّ حمايتك. يا مريمُ البتول، انعطفي نحونا بنظرك الرحيم في وباء فيروس كورونا هذا. عضدي وعزّي التائهين والباكين على موتاهم أحبائهم، والذين دُفِنوا أحيانًا بطريقة تَزِيدُ من الألَمِ في النَّفس. وأغيثي الذين يشعرون بالأسىأمامَ مرضاهم، وهم لا يستطيعون البقاء بقربهم خوفًا من نَقلِ العدوى لهم. وامنحي الثقة لمن يعتريهم القلق بشأن المستقبل الغامض بسببِ عواقبِ هذا الوَضعِ على الاقتصاد والعمل. يا أمّ الله وأمّنا، التمسي لنا من الله، أبي الرحمة، أن تنتهي هذه المحنة الصعبة وأن يلوحَ أمامَنا أفق الرجاء والسلام. وكما صنعْتِ في قانا الجليل، تشفّعي من أجلنا لدى ابنك الإلهي، واطلبي منه أن يعزّي عائلات المرضى والضحايا وأن يفتحَ قلوبَهم لتمتلئَ بالثقة. إحمي الأطبّاء والممرّضين والعاملين في مجال الرعاية الصحّية، والمتطوّعين الذين هم في الطليعة في هذه الحالة الطارئة، ويعرّضون حياتهم للخطر من أجل إنقاذ حياة الآخرين. رافقي جهدهم البطولي وأعطِيهم القوّة والصلاح والصحّة. تأمل اختبرت مريم العذراء منذ أن تدخّل الله في حياتها الخوف والألم والفرح. فعندما ظهر لها الملاك ليبشرها بخبر عظيم شعرت بخوف شديد، إلا أن الملاك طمأنها وأخبرها بمنزلتها عند الرب، فشعرت بالأمان. عندما بشرها بأنها ستحبل بطفل شعرت بخوف مرة ثانية. الخوف من موقفها أمام القديس يوسف وأقاربها وسكان بلدتها كونها حامل دون أن تحتفل بالزواج، إلا أن الملاك طمأنها أيضًا وقال لها أن الطفل من الروح القدس وأنه سيُدعى ابن الله (راجع لوقا ١: ٢٦ وتابع)، وهنا شعرت مريم بالطمأنينة لأنها كانت تضع نفسها دومًا بين يدي الله. ولكي يطمئنها أكثر، بشرها بخبر حبل نسيبتها أليصابات، المرأة المسنّة. ذهبت مسرعة عندها لتقوم برعايتها خوفا عليها بسبب كبر سنها إلا أنها عندما التقت بها وحيّتها نسيبتُها ودعتها بأم الرب، عبّرت مريم العذراء عن ابتهاجها بالرب بنشيد تعظم. لم يتوقف ألم مريم العذراء، بل ظهر مرة أخرى عندما أخبرها سمعان الشيخ أن سيفا سينفذ إلى نفسها (راجع لوقا ٢: ٣٤- ٣٥). بدأ هذا السيف منذ أن هربت مع الطفل يسوع ويوسف إلى مصر خوفا من بطش هيرودس، ولكنها شعرت بالأمان بعد أن عادوا إلى الناصرة لتكمل حياتها ورعايتها لابن الله، هي وخطيبها القديس يوسف. ثم جاءت حادثة الهيكل لتضع مريم في دائرة الخوف مرة أخرى. فقدان يسوع لمدة ثلاثة أيام جعلها تشعر بسيف الحزن مرة أخرى لتعتقد أنها فقدت الطفل قبل أن يحقق رسالته الخلاصية. وعند العثور عليه في الهيكل، شعرت بفرح كبير ولم تظهر علانية غضبها بل أظهرت حبها الكبير له لتسأله: "يا بُني لما صنعت بنا ذلك؟" (لوقا ٢: ٤٨- ٥٠) وطمأنها جوابه لها وللقديس يوسف لتعاود حياتها معه ومع يوسف إلى أن بداية حياته العلنية. رافقت العذراء مريم ابنها طيلة مسيرة حياته العلنية. ففي قانا الجليل تشفعت لأهل العرس كي لا يحصل حزن، بل يستمر فرح أهل العرس، فسمع يسوع لها وحوّل الحزن إلى فرح. واستمرت في مرافقة ابنها إلى أن وصلت معه ومع صليبه إلى الجلجلة حيث ذاقت سيف الحزن الكبير، سيف ألم يسوع وشوقه لخلاص البشرية جمعاء. وألم هذا السيف أصبح كبُر عندما احتضنت جسد ابنها الميت، إلا أن نفسها لم تمت ولم تستسلم بل كانت تشعر أن رسالة ابنها لم تنته لأنها رجعت بالتأكيد إلى كلمات الملاك لها عن يسوع، ابن الله، الذي لن يترك ابنه في قبضة الموت. وجاء اليوم الثالث لينفذ السيد المسيح وعده بأنه سيقوم من الموت ويتغلب على مكايد الشيطان. هنا شعرت مريم بالفرح الكبير والأبدي لأن الله يحقق وعوده للبشر ولو بعد زمن طويل. نعم، مريم معلمة لنا في عدم الاستسلام للخوف بل في جعل الأمل والفرح هدف حياتنا في مختلف ظروف حياتنا. تعيش البشرية اليوم خبرة مخيفة وأليمة بسبب جائحة لم يتمكن الإنسان من السيطرة عليها حتى يومنا هذا. فإذا نظرنا إلى أمنا مريم العذراء نرى أنها مثال لنا في قبول الخوف بإيمان، لأن هناك فرحٌ أبدي وطمأنينة في أن الله لن يتخلى عن أبنائه كما أنه لم يتخلَّ عن السيد المسيح ولم يتركه في قبضة الموت. نحن الآن في زمن الفرح والقيامة، فلنضع أنفسنا بين يدي الله ليُبعد عنا الخوف ويبدّله بالفرح الأبدي. صلاة يا مريم شفيعة المتألمين، أنتِ ذُقت الألم واحتملت قساوة الحياة التي اخترتيها لتكوني أم الله، أم يسوع، الذي احتضنتيه طفلا ثم كبيرا، عند موته، ضمينا إلى حضنك القدوس وتشفعي لنا لدى الله كي ينجي جميع المتألمين جرّاء هذه الجائحة ومن جائحات أخرى سببها الإنسان الذي سيطر عليه الشر، وامنحينا الطمأنينة وضعي الأمل فينا بأننا سنختبر فرحا أبديا، بربنا يسوع المسيح الذي يملك مع الله الآب والروح القدس إلى دهر الداهرين. آمين. صلاة البابا فرنسيس يا مريم، أنتِ تُنيرين دائمًا دروبَنا كعلامة خلاص ورجاء. إننا نُودِعُ أنفسَنا بين يدَيْكِ، يا شفاءَ المرضى، يا مَن شارَكْتِ يسوعَ في آلامِه تحت الصليب، وظّلَّ إيمانُكَ ثابتًا. يا خلاصَ شعب روما، أنتِ تعرفين ما نحتاجُ إليه. ونحن واثقون أنكِ ستساعدينا، كما في قانا الجليل، كي يعود الفرح والعيد، بعدَ فترةِ المحنةِ هذه. يا أُمَّ المحبةِ الإلهيّة، ساعدينا لكي نقبلَ إرادةَ الآب، ونعملَ بما يقولُه لنا يسوع، الذي أخذَ على عاتقه معاناتِنا، وحمَل عنَّا آلامَنا، ليقودَنا، عَبر الصليب، إلى فرح القيامة. آمين تحتَ سِترِ حمايتِكِ نلتجئُ، يا والدةَ الله القّديسة. فلا تغفلي عن طَلَباتِنا في احتياجاتِنا إليكِ، لكن نَجِّينا من جميعِ المخاطرِ على الدوام، أيتها العذراءُ المجيدةُ المباركة. أمين. |
|