" يا بني تحمّل هذا المرض فالله يُجرّبك به ليمتحن محبتك له". " هل مات ابنكما غرقاً، لقد دعاه الله إليه". هل أفلستَ؟ إنّ الله يريد أن يُجرّدكَ من الخيرات الأرضية ليبيّن لك بطلان هذه الدنيا". " هل صليتِ بكل قواكِ كي لا تحلّ بكِ هذه المصيبة، ومع ذلك حلّت بكِ؟ لا بدّ وأنكِ لم تُحسني الصلاة". كلّنا سمعنا أقوالاً كهذه وغيرها من الجمل التّي تتكلّم على العقاب الإلهي.
إلاّ أنّ هذه العبارات تتضمّن حكمةً سليمة، حتىّ وإن تمّ التعبير عنها بطريقةٍ خاطئة. والحكمة هي أنّك لستَ وحدك في معاناتكَ. فعندما نقول لشخصٍ: لا علاقة لله بما تعانيه، يشعر بأنّه في عزلةٍ قاتلة لا تطاق. فحين يقول انسان: إنّ الله يعاقبني، يعلن بين السطور أنّ الله هنا، حاضر في ألمي، ويتعامل معي.
إنّ الكتاب المقدّس يكشف لنا سرّ هذا اللغز، إي الألم والمعاناة، من خلال الضبابيّة التي نعيشها في أفكارنا ونظرتنا الواهمة إلى الأمور، حتّى يصل بنا إلى الابن الذي يعلن عن نفسه ويقول: "أنا هو الحق". وعلى الرغم من إعلان الابن هذا، فإننا لم نبلغ الحقيقة بعدُ. صحيح أنها أعطيَت لنا بالمسيح، لكن المسيح ظلّ غامضاً بالنسبة إلينا، ولا نستطيع أن ننظر إليه" كما هو" (1يو 3/2). لذلك يقودنا الروح إلى الحق (يو 16/13).
وبانتظار أن يساعدنا الروح على اكتشاف الحقيقة، يحقّ لنا، بل لا بدّ لنا، من طرح تساؤلاتنا حول صمت الله وسكونه أمام بؤسنا وشقائنا. كيف لا يغيث الضابط الكل، الكلّي المحبة، إنساناً في حالة خطر؟ أين هو ذلك الأب الذي يعطي الخبز لا الحجر والّذي لا يجعل سائله ينتظر بل يسرع إلى إنصافه (لو 18/7-8 )؟ فالمسألة مهمّة لأنّها تخصّ علاقة الله بالتاريخ وبالعالم وبكلّ واحد منّا. وكلّ هذا ينصبّ في اللاهوت المسيحيّ تحت عنوان: "العناية الإلهية".