رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
قلب العذراء يحفظ ويتفكر بكلام الله جاء الرعاةُ مسرعين إلى بيت لحم ونظروا الطفل يسوع، وأخبروا بكل ما قال لهم الملاك، ثم سجدوا له وانصرفوا. ولكن العذراء القديسة حفظت كلام الرعاة في قلبها وتأملته، كقول الكتاب: "وَكُلُّ الَّذِينَ سَمِعُوا تَعَجَّبُوا مِمَّا قِيلَ لَهُمْ مِنَ الرُّعَاةِ. وَأَمَّا مَرْيَمُ فَكَانَتْ تَحْفَظُ جَمِيعَ هذَا الْكَلاَمِ مُتَفَكِّرَةً بِهِ فِي قَلْبِهَا" (لو2: 18- 19). القلب؛ أي داخل الإنسان أو باطنه هو موضع التأمل والتفكير في كل ما يسمعه، أو ما يراه الإنسان، وأثناء التفكر والتأمل يسترجع الإنسان أمور أخرى مرتبطة بما يتأمله. إني أتخيل العذراء القديسة بعد سماعها من الرعاة أن المولود هو المخلص، قد استرجعت أجزاء من سفر إشعياء.. مثل قوله: "أَنَا أَنَا الرَّبُّ، وَلَيْسَ غَيْرِي مُخَلِّصٌ" (إش43: 11). وأنها تذكرت أيضًا أن ابنها هو العجيب والأبدي والأزلي المولد خصيصًا لخلاص البشرية، كقوله: "لأَنَّهُ يُولَدُ لَنَا وَلَدٌ وَنُعْطَى ابْنًا، وَتَكُونُ الرِّيَاسَةُ عَلَى كَتِفِهِ، وَيُدْعَى اسْمُهُ عَجِيبًا، مُشِيرًا، إِلهًا قَدِيرًا، أَبًا أَبَدِيًّا، رَئِيسَ السَّلاَمِ" (إش 9: 6). وهكذا كانت العذراء القديسة من خلال تأملاتها تدرك بقلبها أسرار مفرحة، كشفها لها الروح القدس. إن كثيرين من الناس قد يتعجبون من أعمال الله، ولكن الأتقياء أمثال العذراء القديسة لا يكتفون بالتعجب، لكنهم يتأملون، ويتفكرون، ويسترجعون أقوال الله ومحبته ووعوده الصادقة لهم. لقد أمر الرَّبُّ شعبه منذ القديم أن يلهج نهارًا وليلًا في ناموسه. إن اللهج في أقوال الله يعني الفرح بأقواله، والاهتمام والشوق لمعرفتها وفهمها، واكتشاف ما فيها من أمور خفية، وذلك كقول الكتاب: "لكِنْ فِي نَامُوسِ الرَّبِّ مَسَرَّتُهُ، وَفِي نَامُوسِهِ يَلْهَجُ نَهَارًا وَلَيْلًا" (مز1: 2). ومع استمرار الاهتمام والانشغال بكلمة الله تُصَيِّر الكلمة موضوع تفكير وانشغال الإنسان، فإذا نام قد يجد نفسه يرددها في نومه، وإذا استيقظ يجدها أول ما يَرّدْ على باله وفكره. كل هذا يحدث بتلقائية وفرح وشغف، وقد لوحظ أن بعض الأتقياء يرددون أقوال الله في مرضهم دون وعي منهم. القارئ العزيز... قراءة الكتاب المقدس عمل عظيم يحتاج للفهم والربط بين نصوصه وأحداثه بعضها البعض، كقوله: "الَّتِي نَتَكَلَّمُ بِهَا أَيْضًا، لاَ بِأَقْوَال تُعَلِّمُهَا حِكْمَةٌ إِنْسَانِيَّةٌ، بَلْ بِمَا يُعَلِّمُهُ الرُّوحُ الْقُدُسُ، قَارِنِينَ الرُّوحِيَّاتِ بِالرُّوحِيَّاتِ" (1كو 2: 13). وهذا لا يتم بدون انسكاب نعمة الروح القدس من خلال الصلاة واللجاجة، حينئذ سَيُفهِمك روح الله ما تقرأ، وسيقود تأملاتك، ويهئ لك من خلالها إرشادًا صالحًا خاصًا بك، لتعزيتك وإرشادك وتقويمك في سبيل الحياة الأبدية. |
|