يبدأ المرتل بصرخة يوجهها إلى الله، مظهرًا يقينه في الله السامع لصراخه وسط الضيق، وأنه يجيب على ما يجول في فكره من أسئلة محيِّرة. يسمع الله لصرخات القلب الصامتة، ويستجيب لنا، ليس من أجل الصراخ ذاته، وإنما من أجل إيماننا به وثقتنا فيه. قيل عن الرب نفسه إنه صلى بصرخات عالية ودموع، وسُمع له من أجل مخافته التقوية (عب ٥: ٧).
صارت أجفان عينيّ المرتل لا يمكن إغلاقها، إذ كان يتطلع إلى ما في أعماقه خلال ليالٍ لا تغمض له فيها جفن، وكانت النتيجة أنه تأثر جدًا ولم يجد كلامًا يعبر به عما في داخله، فالتزم الصمت. عاد إلى مشاعره في الماضي، وسجل ما سبق أن كان يترنم به. لعله بهذا تهدأ نفسه، وتستريح خلال ثقتها في الرب أنه لن ينساه. وإن كانت هذه الذكريات قد أثارت في نفسه تساؤلات عبّر عنها في هذا المزمور [٧-١٠]. هذه التساؤلات لها إجابات، لأن الله أمين في كلمته، ووعوده وعهوده لن تخيب.