رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
الصلاة والحياة الروحية في حياة القديسين
مخطوط من القرن التاسع غير معروف إسم كاتبة يقول معلمنا مار يعقوب السروجي عن الصلاة: الصلاة تكشف حُجب اللاهوت وبها يعرف الإنسان سر الخفيات. وهى مفتاح كل البوابات، يعرف بها الإنسان كل الأسرار. الصلاة هي التي ترفع النفس لتكلم اللاهوت وترفع العقل ليفهمسر عظمته. الصلاة هي التي تعلمنا بسهولة أسرار اللاهوت وتدخل إلى عرش الله دون أن تمنعها القوات السمائية. فلا ملاك بأجنحة أسرع من الصلاة، فهي تصعد للأعالي دون أن يحملها السيرافيم. الصلاة تتردد في قلب الإنسان فتدوي في أذن الله دون وسيط ليسمعها في عرش مسكنه الممجد. الصلاة تصعد إلى حيث لا تستطيع الملائكة أن تصعد وتدخل لعرش لاهوته. السيرافيم يخبئون وجوههم بأجنحتهم من أجل عظمة لاهوته (اش 6: 2)، لكن الصلاة تقف أمام عظمته دون أن تستر نفسها. لا يوجد من يقف في الطريق بينها وبين الله الذي يسمعها بسرور وفرح. الملائكة يرتعدون أمامه والصفوف السمائية في اتضاع تقف بعيدا، بينما الصلاة تقف أمام الله تخبره عما تريد. الشاروبيم حاملي العرش لا يرون ما يحملون ولكن الصلاة تقف أمام الله وبحب تكلمه وبحب عظيم تدخل إلى عرشه الممجد. وأيضا في حب ترتفع فوق الرتب السمائية. الشاروبيم يخافون أن يرفعوا أعينهم نحو عظمته إذ هم مربوطين بنير النار الإلهية وطغمات الملائكة النارية لا تقدر أن تقترب من الله الغير منظور، وهو الذي أعطى الصلاة سلطة أن تقترب إليه أكثر من الشاروبيم. الصلاة تكلم الله دون خوف أو خجل، وفوق ربوات من الطغمات السمائية تطير دون عائق أو مانع من الملائكة لتسأل الله كل ما هو لائق ومناسب. وأيضا كل ما تريده فلا تعود ترجع فارغة إذ تسأل الله ذاته الذي يأمر ملائكته فتنفذ ما طلبته الصلاة. عظة عن الصلاة[1] يجب أن نصلى ونحن مؤمنين دون أن ندع عقولنا تشك أو نفقد ثقتنا في إلهنا. فهذا ما يعلمنا به إلهنا لأنه القائل كل ما تطلبونه في الصلاة مؤمنين تنالونه (مت 21: 22). بالحقيقة مقتدرة هي الصلاة في فعلها التي بإيمان، إن خرجت من قلب طاهر نقى. من أجل هذا يجب أن نواظب على الصلاة ولا نمّل منها. ما هي إذن الهذا:؟ ما هي التوبة والتضرعات إلى الله؟ لماذا نصلى ووجوهنا نحو المشرق وكيف نصلى؟ ما فائدة الصلاة والتضرع لنا؟ سأبين لك كل هذا: الصلاة: هي الوسيلة التي تنجى من المصائب وتبعد عنا ما يسبب لنا الأذى، الصلاة هي مفتاح السماء وهى التي تجعلنا نتكلم مع الله ونتحاجج معه. والتضرع هو شكل أعمق من أشكال الطلبة، والشكر هو تعبير عن العرفان بعطايا الله عليك. لماذا نقف ناحية المشرق ونحن نصلى؟ يخبرنا القديس باسليوس في كتابه عن الروح القدس أن سبب وقوفنا في الصلاة نحو المشرق أننا نتجه بعيوننا إلى الفردوس مكاننا الأصلي الذي عندما أخطأ أبونا آدم، وتعدى الوصية طردنا منه، لأنه مكتوب أن الفردوس في لشرق وغارسه هو الله (تك 2: 8). كيف نصلى؟ يرشدنا إلهنا ويقول لنا ((صلوا ولا تملوا)) (لو 18: 1). ويرشدنا أيضا بأي طريقة يجب أن نصلى قائلا ” وأما أنت فمتى صليت فادخل إلى مخدعك وأغلق بابك وصل إلى أبيك الذي في الخفاء فأبوك الذي يرى في الخفاء يجازيك علانية ” (مت 6: 6). ويخبرنا الرسول المبارك يعقوب كيف أن طلبة البار تقتدر كثيرا في فعلها، فكم بالحرى تكون طلبة الأبرار. والقديس بولس يقول ” مصلين بكل صلاة وطلبة كل وقت في الروح “. (افس 6: 18). وأيضا يقول ” مكلمين بعضكم بعضا بمزامير وتسابيح وأغاني روحية مترنمين ومرتلين في قلوبكم للرب “. ويقول أيضاً ” لا تهتموا بشيء بل في كل شيء بالصلاة والدعاء مع الشكر لتعلم طلباتكم لدى الله ” (في 4: 6). وفى شرحه للصلاة الربانية يخبرنا القديس أغريغوريوس أخو القديس باسليوس الكبير إن كان انشغالنا بالصلاة أكثر من أي شيء آخر فالخطية لن تجد أي مدخل للروح. ولو اقترن أي عمل يقوم به الإنسان بالصلاة سواء كان رحلة يقوم بها أو مشكلة تواجهه في حياته أو مُقدم على الزواج فبفضل الصلاة سوف تسير الأمور للخير. فحقيقة الصلاة هي أننا نكون مع الله، ومن معه الله لا يغلبه الشرير. فالصلاة تحفظ الطهارة وتمنع الغضب وتمحو الكبرياء وتخلص الإنسان من يأسه وتنزع الحسد وتزيل الشر وتصلح الطرق المعوجة والشريرة، الصلاة هي ختم البتولية وحصن الطهارة، الصلاة هي أساس الزواج القوى ودرع المسافرين وحماية للنائمين ومصدر الأمان للمستيقظين، فباختصار الصلاة هي نعمة الكلام واللقاء مع الله تلك هي الثمار والبركات التي نجنيها من الصلاة. أطلب إليكم أيها الأخوة الأحباء أن تواظبوا وتثابروا بكل حب واشتياق على الصلاة باستمرار وبلا كسل، وتنشغلون بها ليلا ونهارا. فحينما تقوم من النوم لا تدع فمك ينطق بأي كلمة قبل أن تقدم التسبيح والشكر لله لتكون مثل البنيان المشيد على الصخر فلا ينهار فجأة حتى لو هبت عليه العواصف. ولذلك يجب علينا نحن أن نمنطق ونحوط جميع أعمالنا وأفعالنا في الحياة بالصلاة كل أيام حياتنا فلا نسقط فجأة. قد نرى الجنود والمحاربين يعلقون سيوفهم وأسلحتهم ودروعهم في منازلهم كإشارة على عملهم. أما بالنسبة لنا فالله قد أعطانا درعا غير مطروق بذهب أو فضة أو برونز بل مأخوذ من تدبير صالح وإيمان ثابت. فعلق إذا هذا الدرع على بيتك وخذه معك واستعمله وأنت ذهب للنوم أو للأكل أو خارج منزلك. ارسم ذاتك بعلامة الصليب واشكر الله والبس هذا الدرع وامشي به في الطريق بإيمان ثابت وشكر لله من الحضرة الإلهية. لا تشرب أو تأكل شيئا ما قبل أن ترسم عليه علامة الصليب أولاً ثم قدسه بصلاتك وحينما تقوم من المأكل والمشرب اشكر ومجد الله الذي أعطاك هذه النعم. كيف تبدأ صلاتك؟ حينما تقف أمام الله لتصلى لا تبدأ صلاتك بالكسل والفتور وإلا ستكملها وأنت متراخ وكسلان.لكن عندما تقف للصلاة ارسم نفسك بإشارة الصليب واستجمع فكرك وهيئ نفسك للصلاة. ليكن فكرك مركز في الله الذي تصلى إليه واحترس لئلا يشرد فكرك ويفقد التركيز في الله قبل أن تختم صلاتك. عندما تبدأ بالصلاة اغصب ذاتك حتى تنساب دموعك وتشعر بالندم فهذا يفيدك في صلاتك. في كل مرة تصلى ولا يكون ذهنك مركز في الله متأملا بعقلك فيه تصبح الصلاة تعبا وإرهاقا للجسد دون فائدة أخرى تحصل عليها. احترس من أن يشرد ذهنك في أفكار تافهة أثناء الصلاة لئلا يغضب عليك الديان بدلا من أن يتصالح ويعفو عنك أثناء صلاتك لأن عملك هذا قد صار استهزاءاً بديان المسكونة كلها. إن كنت تخاف من قضاة الأرض أن يحكموا عليك إذ استهزأت بهم فكم بالحرى يكون الأمر إذ وقفت في حضرة ديان الأرض كلها ولم تظهر له احتراما في صلاتك. إن كان أحد يقف مصليا ولا يعرف أين يقف أو أمام من أو ماذا يقول فهل يعتبر نفسه أنه قدم صلاة لله؟ الإجابة لا بالطبع لذلك انهض نفسك وركز عقلك في الله حينما تقف للصلاة، فان إلهك يتكلم معك فلا تدع ذهنك يشرد فملائكة الله المختارة تحوطك فلا يضطرب قلبك ولا تخاف من الشياطين التي تحاربك لذلك احذر الكسل والتراخي. الجأ إلى الله وتمسك وثق فيه وابدأ طريق الصلاة بثقة. ولا تعرج بين اليمين والشمال إلى أن تصل فجأة إلى أماكن الراحة والهدوء حيث هرب منها الخوف، وتقبل صلاتك كما قُبلت ذبيحالله.ل الصديق (تك 4: 4). أيقظ عقلك ونبهه حتى يوضع المقاوم والمشتكي عليك في خزي وعار إذ يخاف منك بسبب صلاتك المقبولة، إن كنت تصلى بحسب مشيئة الله. بالصلاة تستطيع أن تنال الحماية فتقدر أن تمشى على درب البر للرب بدون خوف حتى تصل إلى ميناء الراحة. أيها الحبيب لا تكن صلاتك شيئا روتينيا مملا بل انتبه إلى كل ما قلته عندك. فعندما نصلى يجب أن نصلى ونحن في حب واشتياق حقيقي لله لأنه بدون هذا الحب فان الله لن يقبل صلواتنا وتضرعاتنا. القديس أفراهات Aphrahat منتصف القرن الرابع مقدمة: يُعد أفراهات الملقب بالحكيم الفارسي من أكبر الكتاب السريان الذين صارت أعمالهم محفوظة عندنا. ونحن لا نعرف الكثير عن حياته إلا أن هناك تقليدا مكتوبا في زمن متأخر ذكر أن أفراهات كان واحدا من أباء دير مار متى بالقرب من الموصل غربي العرق. وكان أفراهات علما بارزا في الكنيسة السريانية أبان الإمبراطورية الفارسية وعاصر بداية اضطهاد الملك شابور الثاني Shapur II على الكنيسة في بداية 340م بعد الحرب التي دارت رحاها بين الفرس والرومان الذين آمنوا بالمسيحية. ترك لنا أفراهات ثلاث وعشرين عظة بعنوان البرهان أو البيان Demonstrations واحتوى قسمها الأول على عظات عن الإيمان والمحبة، الصوم، الصلاة، التوبة، الاتضاع، النذور والقوانين الكنسية، أما القسم الثاني فقد كان عن الخطر الذي يهدد الكنيسة بسبب الحركات اليهودية بين المسيحيين. احتوى كتاب البيان أو البرهان على الكثير من الشواهد الإنجيلية، وبين أفراهات فيه أن نقاوة القلب هي شروط قبول الله للصلاة. فنقاوة القلب هي التي تدخل الصلاة لعرش الله. ومن هذا المفهوم ظهر معنى التقدمة السرائرية أو الداخلية للصلاة. في القسم الثاني من البيان (البرهان) تقود الفكرة الأساسية لكتاب أفراهات في أن يقدم تفسيرا للتقليد يشرح فيه كيف أدرك هابيل أن الله قد قبل تقدمته بنزول نار من السماء عليها بينما لم يتقبل الله ذبيحة قاتله قايين لأن النار النازلة من السماء لم تقربها. وفكرة نزول نار من السماء على الذبيحة التي يقبلها الله كما حدث لذبيحة داود وذبيحة سليمان التي في (1اخ 21: 26) و(2اخ 7: 1) مرتبطة بما جاء عن ذبيحة هابيل في (تك: 4). وهذه هي العلاقة بين الثلاثة ذبائح لها أساس لتفسير العهد القديم. ففي سفر التكوين الإصحاح الرابع العدد الرابع ترجم المترجمون القدامى والمحدثون كلمة Wayyisha هكذا ونظر الرب باستحسان…. بينما أضاف المصحح اليهودي Theodotion في الترجمة السبعينية كلمة esh إلى Wayyisha فصار المعنى (واشتعل الرب بالنار…) ولم تكن علاقة الذبيحة المقبولة بنزول النار عليها هي الشيء الوحيد الذي اقتبسه أفراهات من التقليد اليهودي بل أخذ أيضا من التقليد اليهودي مفهوما آخر وهو أن الصلاة هي ذبيحة يتقبلها الله بديلا عن الحيوانات المذبوحة إذ سار اليهود على هذا المفهوم بعد دمار هيكل سليمان سنة 70. أدرك افراهات ما هو المقصود بالمخدع الداخلي وأن الصلاة تكون في المخدع الداخلي أ ى في القلب (مت 6: 6). وبنفس هذا المعنى كتب من قبل مار افرام ترنيمته العشرين عن الإيمان. بين افراهات معنى الحياة الداخلية (أي المخدع) وبخاصة عمل التسامح وأهميته للصلاة المقبولة. فالصلاة هي عمل داخلي يعطى لله الراحة (اش 28: 12) وقد يكون هذا العمل هو مساعدة الآخرين والصفح عنهم. يذكر أفراهات أمثلة عملية توضح أن نقاوة القلب ومسامحة الآخرين يأتيان في المرتبة قبل أي قانون من قوانين الصلاة الأخرى. ومما هو جدير في بالذكر أن عظات افراهات قد أثرت على روحانيات الكنيسة السريانية التي سادت ما بين القرنين السادس والثامن وأن كثيرين قد أخذوا من عظاته وترجموها إلى اللغات الآرامية تحت اسم يعقوب من نصبين كما ترجمت أعماله للغات أخرى كثيرة. العظة الرابعة عن الصلاة من كتاب البرهان للقديس أفراهات من القلب النقي تخرج الصلاة المقبولة. أيها الحبيب اعطني الآن فكرك وقلبك لتسمع وتعرف ما هي قوة الصلاة النقية. أنظر كيف كان الله يقبل صلوات أجدادنا الصالحين كتقدمة طاهرة (ملا 1: 11) إذ أنه أثناء الصلوات وحدها يقبل الله التقدمات. الصلاة تقتدر كثيرا الصلاة هي التي حجبت مياه الطوفان عن نوح، وأعطت للعقيم أبناءاً وهزمت جيوشا وكشفت حجُب الغيب. بالصلاة انشق البحر إلى نصفين وهى التي مهدت طريقا للأردن. الصلاة أوقفت الشمس في كبد السماء ولم تعجل بالغروب في وقت ظهور القمر. الصلاة أحرقت الدنس وأنزلت نارا من الأعالي وأغلقت السماء. الصلاة أقامت موتى من القبور، نجت الذين في النار وأنقذت الذين في البحر الهائج. للصلاة قوة مثل قوة الصوم. الله يقبل الصلوات الطاهرة فقط قبل أي شيء أيها الحبيب أنه بسبب طهارة قلب هابيل قبل الله تقدمته بينما رفض تقدمة قايين (تك4: 4). سأحاول أن اشرح لك كيف عرف هابيل أن الله قبل تقدمته ورفض ذبيحة قايين. أيها الحبيب أنت تعلم حقيقة نزول نار من السماء لتأكل الذبيحة (التقدمة) التي يتقبلها الله. فعندما قدّم كل من هابيل وقايين تقدماتهما نزل خدام الله من السماء والمصنوعون من لهيب نار (مز 104: 4) وأكلوا تقدمة هابيل الطاهرة ولم يقربوا ذبيحة قايين كونها غير طاهرة. فنزول النار من السماء كان إشارة أن الله قبل ذبيحة هابيل بينما لم تلتهم النار ذبيحة قايين لأن قلبه كان مملوء غشا. ومن ثمرة هذا القلب قتل قايين أخيه هابيل، فما تمثله عقله من شر فعلت يداه. أما صلاة هابيل وتقدمته فكانت مقبولة عند الله. لأن قلبه كان طاهرا. هناك أيها الحبيب بعض الأمثلة لتعرف كيف كانت النار تلتهم الذبائح المقبولة فعندما قدم منوح أبو شمشون تقدمته نزلت نارا من السماء والتهمتها وصعد ملاك الرب الذي كان يكلمه في النار (قض 13: 20). عندما أعطى الله وعدا لإبراهيم بأن يكون له ولدا من صلبه قال له ”خذ لي عجلة ثلثية وعنزة ثلثية وكبشا ثلثيا ويمامة وحمامة” (تك 15: 9) وقطعهم إبراهيم ليقدمهم محرقة فوقع عليه سكون وظلام ونزلت نارا من السماء وأكلت التقدمة (تك 15: 17). وكانت النار تنزل في خيمة الاجتماع على المحرقات. وعندما قدم ابنا هارون النبي ناداب وأبيهو ذبائح غير طاهرة مستهينين بالتقدمات فلم تأكل النار النازلة من السماء تقدماتهما لأنها ذبائح غير طاهرة ولكي لا يوبخهما موسى النبي عندما يسألهما عن السبب الذي من أجله لم تلتهم النار الذبائح قدما (ناداب وأبيهو) نارا غريبة على المذبح لتأكل تقدماتهما، فخرجت نار من قبل الرب والتهمت ناداب وأبيهو فماتا أمام الرب (لا 10: 2) وبموت أبنى هارون حفظ الله قداسة هيكله من الذين دنسوا هيكله وقدموا عليه نار غريبة. وأيضا عندما اجتمع مائتان وخمسون رجلا ضد موسى وأرادوا أن يرفعوا بخورا لله دون أن يكون لهم هذا السلطان (عد 16: 35) خرجت نارا من الحضرة الإلهية وأماتتهم ولكن مباخرهم التي كانت موضوعه على المذبح صارت مقدسة لأن النار الإلهية قد لمستها. وبعد أن أتم سليمان النبي بناء الهيكل صلى صلاة فنزلت نار من السماء والتهمت المحرقات وشحم الذبائح من على المذبح (2أخ 7: 1) وهكذا أيضا نزلت نارا من السماء على ذبيحة إيليا، بينما لم تقترب لذبائح كهنة بعل كما فعل الشيء نفسه مع تقدمة قايين (1مل 18: 38) استمع إلى أيها الحبيب واعرف أن الصلاة النقية لها قوة كبيرة وكم من معجزات أظهرت فإبراهيم استطاع بقوة صلاته أن يرد المسبيين الذين سباهم الخمس ملوك (تك 14: 16) وبصلاة إبراهيم أعطيت العاقر قدرة أن تلد (تك 21: 2) وأخذ وعدا من الله أنه سوف تتبارك به جميع قبائل الأرض (تك 22: 18). كيف كان يعقوب رمزا للمسيح بسبب صلاته؟ ورفع أبونا يعقوب صلاة إلى الله في بيت إيل فرأى باب السماء مفتوحا وسلما منصوبا على الأرض ورأسه في السماء (تك 28: 12) فهذه الرؤيا ترمز لمخلصنا يسوع فباب السماء ليس إلا المسيح الذي قال ” أنا هو الباب إن دخل بي أحد فيخلص ” (يو 10: 9) وسوف يحيا للأبد. داود قال أيضا هذا هو باب الرب والصديقون يدخلون به (مز 18: 20). ويرمز السلم إلى عدة رموز فهو يرمز لمخلصنا الذي بواسطته تحقق العدل الإلهي على الأرض (من أسفل إلى المملكة العلوية) ويرمز سلم يعقوب إلى صليب ربنا يسوع المسيح الذي رُفع عليه والرب واقف عليه. ودعي يعقوب المكان بيت أيل وأقام عمودا (تك 28: 18) وصب عليه زيتا شهادة منه أن الرب قد حل في هذا المكان، والزيت إشارة إلى تكريس الأمم ودخولهم حظيرة الإيمان بالمسيح. لأن الحجارة (العمود) فيرمز إلى الأمم لأنه جاء في انجيل معلمنا لوقا على لسان القديس يوحنا المعمدان أن الله قادر أن يقيم من الحجارة أبناء لإبراهيم. فدعوة الأمم إلى الإيمان بالمسيح التي رمز بها يعقوب في صلاته قد تحققت فيما بعد. أنظر أيها الحبيب كم من الرموز المخفاة كانت في رؤيا يعقوب فبوابة السماء هي المسيا الذي سيأتي والسلم يرمز إلى الصليب. وصب الزيت على الحجارة إشارة إلى تكريس الأمم وقبولهم الإيمان بالمسيح. ونذر يعقوب لإلهه أن يدفع العشور قبل أن يوصى الله بدفع العشور والبكور (تك28: 22) ومن صلب يعقوب خرج يهوذا جرو الأسد الذي يشير إلى المسيح (عب 7: 9: 10) (تك 49: 9). معمودية الأمم في العهد القديم ظهرت أول إشارة للمعمودية والتقديس بالزيت عندما صب يعقوب الزيت على الحجارة كأنما الملك المسيا كان مخفيا في يعقوب أثناء قيامه بتعميد وتقديس الأمم بالزيت. وبسبب أبينا يعقوب نذرت القبائل التي معه أن تدفع العشور للاويين، وبروح النبوة تنبأ يعقوب عن ذريته التي ستخرج منه وعبر بعصاته بحر الأردن (تك 32: 10). لقد كانت عصاته رمزا عجيبا للصليب علامة الملك العظيم. رفع يعقوب رجليه ونظر إلى أرض بنى المشرق (تك 29: 1) لأن من المشرق أشرق نور إعلان للأمم (لو 2: 32). عندما مال يعقوب على بئر المياه وجد حجرا كبيرا موضوعا على فمه لم يستطع رجال كثيرون أن يرفعوه حتى جاء يعقوب ورفعه بساعده القوى الموضوع فيه قوة الراعي الأعظم ويسقى الخراف (تك 29: 8 – 10). كثير من الأنبياء أتوا ولم يدركوا أو استطاعوا أن يكشفوا لنا سر المعمودية حتى جاء إلينا الملك العظيم وكشف لنا سر المعمودية وبداءة بنفسه وقال بصوت وديع ” إن عطش أحد فليقبل إلىّ ويشرب ” (يو 7: 37). عندما رجع يعقوب من عند خاله لابان صلى إلى الرب فأنقذه من يد عيسو فاعترف يعقوب وقال ”فإني بعصاتى وعبرت هذا الأردن والآن صرت جيشين ” (تك 32: 10). فياله من رمز عظيم لما فعله مخلصنا فيما بعد فعندما جاء إلهنا، خرج القضيب (العصا) من جذع يسى (اش 11: 1) فالعصا التي ليعقوب ترمز للصليب ويعقوب بعد ما عاد لبيت أبيه اسحق رجع إليه ومعه جيشان فهكذا أيضا بعد أن صلب يسوع على خشبة الصليب (العصا) رجع إلى بيت أبيه في السماء ومعه جيشان أي أمتان، الأمه اليهودية والأمم. عاد يعقوب ومعه أحدى عشر ابنا (سبطا) هكذا أيضا المسيح ذهب لأبيه وترك إحدى عشر تلميذا لأن يهوذا الذي أسلمه لن يكون معه. ولد بنيامين بعد فترة فصار ليعقوب اثني عشر ابنا وهكذا أيضا اختار التلاميذ متياس عوضا عن يهوذا الخائن ليكتمل عدد التلاميذ إلى اثني عشر وهم الذين سيأتون مع المسيح في مجده ليدينوا المسكونة. الأنبياء والصلاة ماذا نقول أيضا عن قوة صلاة موسى غير المحدودة، فبصلاته القوية نجا من يد فرعون ورأى نور الله (الشاكيناه) في العليقة (خر 3: 2). وبصلاته أتت الضربات العشر على فرعون (خر7: 11). وانشق البحر إلى نصفين وتحولت المياه المالحة إلى مياه عذبة للشرب (خر 14:21) و(خر 15: 23 – 25). ونزل المن من السماء وجاءت السلوى للشعب الإسرائيلي. بالصلاة ضرب موسى الصخرة فخرج منها ماء للشرب (خر 17: 8 – 13). الصلاة قهرت شعوب عماليق وشددت سواعد يشوع (عد 21: 21 – 35). بالصلاة اندحر عوج وانهزم سيحون في الحرب (عد 16: 31). بالصلاة فتحت الأرض فاها وابتلعت جماعة قورح فانهبط الأشرار لجوف الهاوية (عد 16: 47 – 50). بالصلاة رجع الرب عن غضبه على شعبه. الصلاة سحقت عجل الخطية الذي عبده شعب إسرائيل وصيرته ترابا (خر 32: 20) الصلاة هي التي أنزلت لوحي الشريعة على الجبل وجعلت وجه موسى يشرق كالشمس (خر 34: 29). ورفع يشوع بن نون صلاة قوية أمام الله فانفلق بحر الأردن وعبر الشعب مياهه (يش 3:13-17) وبصلاة يشوع دكت أسوار أريحا (يش 6: 7) الصلاة هي التي أدامت الشمس في كبد السماء فلم تعجل بالغروب وأوقفت القمر في نفس الوقت (يش 10: 12). بالصلاة هزم الإسرائيليون ملوكا وورثوا ممالكهم (يش 12). فلنتكلم الآن عن الصلاة الصامتة كتلك التي صلتها حنه أم صموئيل وكم سر بها الله فقبلها ففتح الرب رحمها لينزع عارها بين النساء لتلد كاهنا ونذيرا للرب (1 صم 1). أيضا دعا صموئيل الرب فأُعطى علامة وأمرا عظيما أمام أعين الإسرائيليين وحسبت عليهم خطية لأنهم طلبوا لأنفسهم ملكا غير الله. فقدم صموئيل صلاة فنزل المطر في غير ميعاده وقت حصاد الحنطة (1 صم 19: 20). وبعد أن أخطأ داود وأحصى شعبه صلى لألهه فرفع غضبه عنه وندم عن الشر وأمر الملاك المهلك أن يرد يده عن شعب داود (2صم 24 –25). وأظهرت صلاة أسا قوة كبيرة إذ سمعه الرب وأرسل ملاكه وخلص أسا وقضى على زارح وجيشه (2أخ 14: 10 – 15) واستجاب الله لصلاة حزقيا فأرسل ملاكه قائد جيش حزقيا وقتل 185.000 نفسا (1مل 19: 15، 35). صرخ يونان إلى إلهه من عمق البحر فاستجابه ونجاه (يون 2). صعدت صلاة يونان من الأعماق، هدأت الأمواج، أسكنت الرياح، فتحت باب السماء ودخلت لعرش امجد يحملها ملاك الله. وتحول لهيب نيران الآتون إلى برودة بصلاة الثلاثة فتية حنانيا، عزاريا، وميصائيل وتحول عنهم غضب الملك بصلاتهم (دا 3). في جب الأسود وقف دانيال يصلى فسدت أفواه الأسود فلم تفترسه وقال ” الهي أرسل ملاكه وسد أفواه الأسود فلم تضرني ” (دا 6: 22). أشرق نور الجب المغلق بحجر كبير أكثر من بيت دانيال ذات الشبابيك الكثيرة العدد (دا 6: 10). في الجب كان دانيال يصلى أكثر مما كان يفعل ى غرفته، وبعد أن خرج دانيال من جب الأسود رمى داريوس المشتكون عليه في الجب عوضا عنه فافترستهم الأسود الجائعة وطحنت عظامهم. كان كل واحد من آبائنا الأبرار يلبس درع الصلاة ويتسلح به حتى يحفظه الرب وينجيه من كل ضيقة وبلية. معنى ” صلى في الخفاء وأغلق بابك ” لقد علمنا مخلصنا إننا يجب أن نصلى إليه هو الذي في الخفاء ويرى كل الأشياء إذ قال ” ادخل إلى مخدعك وأغلق بابك وصل إلى أبيك الذي في الخفاء فأبوك الذي يرى في الخفاء يجازيك علانية ” (مت 6: 6). سأبين لك أيها الحبيب بقدر ما أستطيع لماذا علمنا مخلصنا أن نصلى لأبينا في الخفاء أي سراً الباب مغلق. فإلهنا يعنى بالخفاء هو القلب. أما الباب المغلق فهو فمك لأنه هنا يوجد هيكل الله حيث يسكن المسيح. فالرسول يقول أنتم هياكل الله (1كو 3: 16). فالله يدخل إنسانك الداخلي ليطهره من كل دنس بينما الباب الذي هو فمك يكون مغلقا. إن لم يكن هذا هو المقصود بالباب فكيف تستطيع أن تفسر العبارة السابقة؟ افترض أنك موجود في منطقة صحراوية أو على قمة جبل حيث لا يوجد منزل أو باب هل لا تستطيع أن تصلى سرا لأنه لا يوجد باب تغلقه. لقد بين مخلصنا الصالح لنا أن الله يعرف ما في فكر وقلب الإنسان لأنه مكتوب، أن أباكم يعلم ما تحتاجون إليه قبل أن تسألوه (مت 6: 8). ويقول اشعياء أيضا ” ويكون إنه قبلما يدعون أنا أجيب وفيما يتكلمون بعد أنا أسمع ” (أش 65: 24). وفى إحدى الترجمات الأخرى يكون نص الآية ” سأسمع من الذين اخترتهم قبل أن يدعون وسأجيبهم قبل أن يسألوا ” ويقول أشعياء عن الأشرار ” إن كثرتم الصلاة لا أسمع ” (اش 1: 15). فأنصت أيها الحبيب لكل كلمة لتدرك معناها وتتأمل مغزاها. المسيح حاضر في الصلاة الطاهرة وعلينا أن نفهم قول مخلصنا بكل تمييز وإدراك حينما يقول عن الصلاة ” حيثما اجتمع اثنان أو ثلاثة باسمي فهناك أكون أنا في وسطهم ” (مت 18: 20). فإذا كنت تصلى بمفردك هل لا يكون المسيح حاضرا معك؟. قيل عن الذين آمنوا بالمسيح أن المسيح يسكن ويثبت فيهم (يو 6: 56). ولذلك سأدلك على بعض الأمثلة عن أكثر من ألف شخص اجتمعوا ولم يكن المسيح في وسطهم بينما صلى فرد واحد لله وكان المسيح معه. أن ما قاله المسيح هو قول حق لكل من يسمعه فالإنسان الذي يصلى ينقى نفسه لأجل المسيح فيأتي المسيح ويسكن داخله ويثبت فيه والله في المسيح، فيصبح هذا الإنسان واحدا من ثلاثة والثلاثة هم هؤلاء نفس الإنسان ذاته الذي يصلى والمسيح الذي يسكن فيه واللهالآب الذي هو في المسيح إلهنا يقول ” أنا في الآب والآب في ” (يو 14:11). وأيضا ” أنا والآب واحد ” (يو 10: 30). ومكتوب أيضا ” أنى أنا في أبى وأنتم فيَّ وأنا فيكم ” (يو 14: 0). وتكلم الله على لسان حزقيا النبي قائلاً ” فأسكن في وسطهم إلى الأبد ” (حز 43: 9). ويقول بولس الرسول ” إني سأسكن فيهم وأسير بينهم ” (2كو 6: 16). بهذه الكلمات نستطيع أن نفهم قول مخلصنا ” حينما اجتمع اثنان أو ثلاثة فهناك أنا أكون في وسطهم “. أيها الحبيب سوف أبين لك كيف كان الله يحل في وسط آبائنا الأبرار حينما كانوا يصلون. عندما وقف موسى على الجبل بمفرده يصلى هل لم يسمعه الله لأنه كان وحده أقول لك لا بل أنه سمعه بسرعة لأن من أجل صلاة موسى رد الله غضبه عن شعب إسرائيل. وعلى جبل الكرمل صلى إيليا بمفرده فلم تعطى السماء مطرا ثم صلى ثانيا فأعطت السماء مطرها، فصلاة إيليا أظهرت قوة كبيرة وبسببها أقُتلع الدنس من شعب إسرائيل ولأجل صلاته أيضا نزلت نارا من السماء على المذبح وانتقم إيليا من أنبياء البعل. لقد ركع إيليا على ركبتيه وصلى بمفرده فاستجابه الله في الحال بينما لم يستجب لصراخ 450 شخصا لأنهم كانوا يدعون باسم البعل. ويونان[2] صرخ من جوف الهاوية فاستجابه الله وكان أيضا بمفرده واليشع أقام ميتا من الأموات وأخرجه من الجحيم بصلاته وأنقذ شعبه من أعدائه الذين يحيطون به. لقد بدا لنا اليشع أنه بمفرده ولكن مما قاله لتلميذه ” إن الذين معنا أكثر من الذين علينا ” أي أنه لم يكن وحيدا وبهذه الأمثلة تستطيع أن تفهم قول مخلصنا ” حينما يجتمع اثنان أو ثلاثة بأسمى فهناك أكون في وسطهم ” (مت 18: 20). الله يطلب الصلاة الطاهرة كما قلت لك من قبل أنه حينما تبدأ بالصلاة ارفع قلبك لفوق واخفض عينك لأسفل وادخل إلى مخدعك الذي هو إنسانك الداخلي وصلى في الخفاء (القلب) لأبيك الذي في السماء. كتبت كل هذا عن الصلاة المستجابة إن كانت طاهرة على عكس الصلاة غير الطاهرة التي لا يستجيبها الله لأن بيننا كثيرون يطلبون في صلواتهم ويرفعون أيديهم متضرعين إلى الله ولا يستجيب لهم لأنهم لم يفهموا هدف أو عمل الصلاة الحقيقي وهو ” اغفر لنا ذنوبنا كما نغفر نحن أيضا للمذنبين إلينا ” (مت 6: 12). اغفروا يغفر لكم وأنت تصلى يجب أن تعرف أنك تقدم ذبيحة أمام الله. فلا تدع الملاك الذي يحمل صلواتك لله يقدم ذبيحة معيبة مرفوضة من الله لأنه حينما تطلب المغفرة في صلواتك يجب أن تغفر للآخرين أيضا عملا لا قولا فقط. عليك أن تفعل ما تقول وان ينطق لسانك بالحق وإلا صرت مخادعا لله لأن الله ليس إنسانا يموت فتغشه، فإذ قلت ” أنا سأغفر للآخرين ” يجب فعلا أن تغفر لهم وإلا فأنت تدين نفسك بسبب صلواتك الغاشة لأنه ” إذ أخطأ إنسان إلى إنسان يدينه الله فإن أخطأ إنسان إلى الرب فمن يصلى له ” (1صم 20: 25). أنصت إلى قول إلهنا ” فإن قدمت قربانك قدام المذبح وهناك تذكرت أن لأخيك شيئا عليك فأترك هناك قربانك قدام المذبح واذهب أولاً واصطلح مع أخيك وحينئذ تعال وقدم قربانك (مت 5: 23، 24). لذلك إذ وقفت للصلاة ولا تريد أن تغفر للآخرين أو لأخيك فتأكد أن الملاك لن يصعد صلواتك لله. أما إذ كانت صلواتك ذبيحة مقبولة أمام الله ستصعد إلى عرش النعمة. لو أن الملاك سمعك تصلى وتقول اغفر لي لأني أغفر للآخرين سيطلب منك أن تغفر أولا للذين عندهم لك دين ليرفع صلواتك للذي يدينك وسيسألك أن تعفو عن الذي تدينه بمائة دينار وحينئذ سيسامحك الله كعظيم رحمته الذي له عندك عشرة آلاف وزنة ولا يسأل منك أي شيء. اعرف إذاً إنك لو غفرت وسامحت الآخرين سيرفع الملاك ذبيحة صلواتك لله ولكن إن لم ترد أن تغفر للآخرين ستبقى تقدمتك على الأرض وبدلا من أن تنال المغفرة ستقدم حساب وكالتك للديان عن تقدمتك غير الطاهرة. استمع إلى ما يقوله ملاخى النبي ” ملعون الماكر الذي يوجد في قطيعه ذكر وينذر ويذبح للسيد عائبا” (ملا 1: 14). وفى موضع آخر يقول قدمه لواليك أفيرضى عليك أو يرفع وجهك (ملا 1: 8). عمل الرحمة راحة لله لنأتي الآن إلى قول اشعياء النبي ” هذه هي الراحة أريحوا الرازح (المتعب) ” (أش 28: 12). وفى بعض الترجمات ” هذه هي راحتي أريحوا الرازح ” إذاً أيها الإنسان حينما تعطى هذه الراحة للرب تتمم مشيئة الله أرح المتعبين، عاود المرضى وأطعم الفقير لأن هذه هي الصلاة الحقيقية. في كل مرة تمارس فيها الأعمال السابقة تكون قد أعطيت للرب راحته وتحسب لك صلاة مقبولة عند الرب. فعندما أخطأ زمرى مع المرأة المديانية ذبحهما معا فينحاس بن العازار (عدد 25: 6 – 8). واعتبر داود هذا العمل صلاة مقبولة لدى الله ورنم في مزموره (106: 30 – 31) ” فوقف فينحاس ودان فامتنع الوباء فحسب له ذلك برا إلى دور فدور إلى الأبد ” والمقصود بوقف أنه وقف يصلى. راقب أيها الحبيب الفرصة التي يعطيها الله لك لكى ” تعطيه راحته ” وتساعد المتعبين ولا تدع هذه الفرصة تفوتك بحجة أن وقت صلاتك قد حان وأنك بعد أن تصلى سوف تساعد الآخرين، فقد لا تنتظرك هذه الفرصة وتفقد عمل الرحمة نحو الآخرين الذي هو راحة الرب وتتحول صلاتك إلى دينونة عليك. تأمل ما قاله الرسول ” لأننا لو حكمنا على أنفسنا ما حكم علينا ” (1كو 11:31). ضع في ذهنك ما سأقوله لك افترض إنك قمت برحلة طويلة تحت شمس محرفة وشعرت بالظمأ فطلبت كأس ماء بارد من أحد الأخوة الذين مررت بهم فأجابك أن وقت صلاته قد جاء وسوف يعطيك ما تطلب بعد أن يفرغ من صلاته. وفيما هو يصلى تموت أنت بعطشك. فأيهما كان أحسن لهذا الأخ أن يصلى أو أن يعطيك ما تريد لينقذ حياتك. فما إذاً الذي ربحه هذا الأخ من صلاته في الوقت الذي يترك فيه إنسانا يموت بالعطش دون أن يخفف عنه آلامه أو ماذا يستفيد هذا الأخ من موت إنسان في جو بارد لم يعطه حاجته ليدفىء بحجة أنه كان يصلى؟ حينما وصف إلهنا يوم الدينونة عندما يفصل بين الذين عن يمينه عن يساره قال للذين عن يمينه ” كنت جوعانا فأطعمتموني عطشت فسقيتموني. كنت غريبا فأويتمونى. عريانا فكسوتموني، مريضا فزرتموني. محبوسا فأتيتم إلىّ ” (مت 25: 35). وتكلم مع الذين عن يساره بنفس الطريقة ولأنهم لم يفعلوا شيئا من تلك الأشياء فقد أرسلهم إلى عذاب أبدى بينما يذهب الذين عن يمينه إلى الحياة الأبدية. محبوبة هي الصلاة وكل أعمالها حق وعدل، إن خففّت آلام الآخرين وغفرت لهم تستجاب صلواتك لأن الله يحب الصلوات النقية من كل غش ومكر. الصلاة القوية هي التي تعتمد على قوة الله. لقد كتبت لك أيها الحبيب لتعرف أن الصلاة الحقيقية هي أن تتم مشيئته. فلا تهمل صلواتك بل أكثر منها فإلهنا يقول ” صلوا ولا تملوا ” (لو 18: 1). صلى إذاً وأنت مستيقظاً، أبعد عنك كل نعاس وثقل النوم واسهر الليل مصليا وصلى أيضا بالنهار حتى لا يبرد قلبك وتفتر محبتك. أنواع الصلاة الآن سأبين لك أنواع الصلوات التي تصلى في المناسبات المختلفة فهناك صلاة لطلب المعونة يصليها الفرد حين يطلب رحمة وغفرانا لخطاياه أو حين يكون تحت نير مشكلة فأنه يصلى ليلتمس من الله معونة ليتدخل لحل مشكلته. وحينما يرى الإنسان عطايا الله الجزيلة عليه واحساناته الكثيرة له فأنه يصلى صلوات الشكر والحمد لله. أما إذ فرح عقلك وتهللت روحك وسرّت نفسك فصلى لله وقدم له التسبيح والمجد. وتصلى هذه الصلوات بشكر وحمد وتسبيح الله. اذكر كيف كان داود يردد قائلا: ” في نصف الليل أقوم لأحمدك على أحكام برك ” (مز 119: 62). وأيضا يقول ” سبحوا الرب من السموات سبحوه في الأعالي ” (مز 148: 1) وأيضا ” أبارك الرب في كل حين تسبحته في فمي ” (مز 34: 1)، لذلك لا يجب أن تركز علي الطلبات وحدها بل أيضا اشكره وسبّحه. أيها الحبيب إني على يقين أن كل شيء تطلبه بمثابرة في الصلاة تناله إذ يهبك الله إياه ولكن الله لا يسر بصلوات المستهزئين أي بالصلوات الغاشة فعندما تصلى وتقدم قرابينك لله افحص ذاتك أولاً وطهر تقدمتك (صلاتك) من كل عيب ثم تعال وقدم قرابينك (راجع مت 23: 24). وأنت بلا لوم عندئذ سوف لا تبقى تقدمتك على الأرض. ما هي التقدمة إلا الصلاة لأن داود يقول ” اذبح لله حمدا وأوف العلى نذورك ” (مز 50: 14). فالصلاة هي أفضل تقدمة من أنواع التقدمات. صلاة الأشرار مكرهة للرب ليكن عندك اشتياق لصلاتك واحرص عليها فهي التي تتكلم عنك أمام الله. فاشعياء النبي عندما ذكر للشعب الإسرائيلي خطاياه قال عنهم أنهم أبناء الله الذين رباهم ونشأهم (اش 1: 2). ثم ما لبث أن دعاهم بسبب خطاياهم بقضاة سدوم وشعب عمورة (اش 1: 10). ولما لم يسمع الشعب الإسرائيلي لصوت التحذير قال لهم اشعياء أيضا ” بلادكم خربة مدنكم محروقة بالنار ” (اش 1: 7). لقد اعتقد الشعب الإسرائيلي أنه بكثرة ذبائحه وتقدماته سيسر الله ويغفر خطاياهم ولكن على عكس ما اعتقد الشعب الإسرائيلي فإن الله لم يسر بذبائحهم ولم يقبل تقدماتهم لأن شرهم كان عظيما أمام الله. وأيضا قيل عن بيت عال الكاهن أنه لا يُكفر عن شر بيت عال بذبيحة أو تقدمة للأبد (1صم3:14) وقيل لشعب إسرائيل مثل هذا الكلام أيضا على فم اشعياء النبي ” لماذا كثرة ذبائحكم يقول الرب. أتخمت من محرقات كباش وشحم مسمنات وبدم عجول وخرفان وتيوس ما أُسُر… من طلب هذا من أيديكم ” (أش 1: 11 – 12)، فأجابه الشعب الإسرائيلي لماذا يطلب الله من الشعب أن يقدم الذبائح ثم يرفضها ولا يقبلها، فجاءهم رد الله على لسان أشعياء النبي ” لأن أيديكم ملآنة دما ” (أش 1: 15). طلب منه الشعب الإسرائيلي أن يعّرفهم ماذا يفعلون فأجابهم أشعياء ” اغتسلوا تنقوا اعزلوا شر أفعالكم من أمام عيني كفوا عن فعل الشر. تعلموا فعل الخير اطلبوا الحق انصفوا المظلوم اقضوا لليتيم حاموا عن الأرملة ” (أش 1: 16 – 17). وعندما سأل الشعب الإسرائيلي ماذا سيحدث إن أطاعوا ما سمعوه من أشعياء النبي أجابهم النبي سوف يقول لكم الرب تعالوا وهلم نتحاجج (نتكلم معا) (أش 1: 18). كيف متى يتحاجج البشر مع الله خالقهم إلا أثناء الصلاة الطاهرة النقية من كل عيب لأن الصلاة غير النقية مرفوضة من الرب إذ أنه مكتوب ” أن كثرتم الصلاة لا أسمع. أيديكم ملآنة دما ” (أش 1: 15). لأنه إذ اغتسلتم وتطهرتم ستسمعون قول الله لكم ” هلم نتحاجج يقول الرب أن كانت خطاياكم كالقرمز تبيض كالثلج إن كانت حمراء كالدودي تصير كالصوف. إن شئتم وسمعتم تأكلون خبز الأرض وان أبيتم وتمردتم تؤكلون بالسيف لأن فم الرب تكلم ” (أش 1: 18 – 20). أشعياء وعمل صليب المسيح والمعمودية في قبول الصلاة ما هي الأسرار العظيمة التي سبق وتنبأ بها أشعياء النبي وأخبرنا بها حينما قال للشعب اليهودي ” أيديكم ملآنة دما ” (أش 1: 15) فما هو هذا الدم الذي رآه أشعياء النبي إلا دم الأنبياء الذين قتلوهم ودم المسيح القرمزي (الدودي – الأحمر) عندما صلبوه وقالوا عنه ” دمه علينا وعلى أبنائنا” (مت 27: 5). فما الذي سيطهرهم من هذه الخطية ومن هذا الدم؟. جابهم أشعياء أيضا اغتسلوا. فلا يمكن أن يُطهر الشعب الإسرائيلي أيديه من هذا الدم إلا باغتسال في ماء المعمودية والشركة في جسد ودم المسيح، فالدم – دم المسيح – هو الذي يغسل أيديهم من خطية دم المسيح الذي سفكوه على خشبة الصليب والجسد – جسد المسيح – هو الذي يُطهر أجسادهم من الخطية التي فعلوها ضد جسد المسيح الذي علقوه على خشبة الصليب. والذنوب تُغسل في ماء المعمودية ودموع التوبة والصلوات هي التي تجعلنا نكلم الله ونطلب منه أن يغفر لنا. كلى أمل أيها الحبيب أن تكون قد عرفت كم من الذبائح الكثيرة يرفضها الله ويقبل الصلوات الطاهرة النقية بدلا منها. فمن الآن فعندما تصلى ابدأ صلاتك بالصلاة التي علمنا إلهنا بها (أبانا الذي….) وصلى صلاة نقية بمحبة وأجتهد في توسلاتك أمام الله وتمسك بكل ما كتبته لك عن الصلاة ومتى صليت أذكر الكنيسة وأذكرنى في صلواتك. القديس أيفاجريوس أو مار أوغريس السرياني مقدمة: يُعد القديس أيفاجريوس أو مار أوغريس السرياني كما يُعرف بين الكثيرين واحداً من أشهر الكتاب السريان الذين كتبوا عن الحياة الروحية وإن كان كثيرا ما يستخدم اللغة اليونانية في كتاباته بدلا من اللغة السريانية. وقد حظي مار أوغريس بمكانة روحية كبيرة بين الكُتاب السريان. ولد مار أوغريس في مدينة بنطس حوالي 345 م وقد سيم قارئا في الكنيسة بيد القديس باسليوس ودياكون بيد القديس أغريغوريوس النزينزى في مدينة القسطنطينية. ثم ترهبن تحت إرشاد ميلانيا الكبيرة والقديس روفينوس بأورشليم. وفى حوالي سنة 383م انتقل مار أوغريس إلى مصر حيث أمضى الستة عشر سنة الأخيرة من حياته فيها. عاش أولا في صحراء وادى النطرون ثم انتقل إلى منطقة القلالى وكلا المكانين يقعان ما بين طريق القاهرة والإسكندرية كتب القديس بلاديوس في إحدى مؤلفاته، إلا أن شهرة مار أوغريس ترجع إلى أقواله المأثورة التي كتبها عن الصلاة والحياة الروحية بشكل عام. ومن المعروف أن كتابات كاسيان عكست الكثير من تعاليم وفكر مار أوغريس. ولم يتبق الكثير من أعمال مار أوغريس وغالبا ما تكون تحت اسم مؤلف آخر غيره. ولقد أثرت أعمال مار أوغريس في كثير من الآباء السريان وبالأخص مار اسحق السرياني والذي اعتبره كواحد من أعظم المرشدين في المعرفة الروحية. ولقد عرف الغرب مار أوغريس عن طريق كتابات كاسيان. من بين المؤلفات الكثيرة المشهورة لمار أوغريس فإن كتابه المعروف ” بالفصول المائة ” Hundred Chapters عن الصلاة يعتبر أفضل مؤلفاته وقد كُتب باللغة اليونانية وإن كان يُنسب للقديس نيلوس Nilus. وعلى عكس أعمال مار أوغريس والتي يغلب عليها الطابع النظري والتأملي فإن النص المترجم هنا يخلو من هذين العنصرين بل يقدم النصيحة بطريقة عملية وهو مكتوب باللغة السريانية ويدور عن الصلاة، وتأكد صحة نسته إلى القديس أوغريس السرياني ونُقل عنه الكثير من الكتاب السريان مثل القديس أبراهام من ناثبار Abraham of Nathpar. عظة لمار أوغريس عن الصلاة على قدر طاقتك أسلك طريق الصلاة أنت تعلم جيدا أيها الأخ أنه إذا أراد أحدٌ أن يسافر لمكان بعيد فيجب عليه أولا أن يجلس ويحسب النفقة ويختبر نفسه ثم يتودد للمسافرين الآخرين الذين سيصاحبهم وإلا بات وحيدا في الطريق وتعرض للأذى في الطرق الملتوية. نفس الشيء يحدث للإنسان الذي يريد أن يعرف ويسلك طرق البر، فأولا يجب عليه أن يمتحن نفسه ليعرف قدر طاقته ثم يختار الطريقة المناسبة لحياته[3] من الأفضل لأي شخص مبتدئ في الحياة الروحية أن يبدأ من حالة ضعيفة إلى أن يصير قويا في النهاية، فيبتدئ في ممارسة التعاليم والقوانين في تدرج من القليل إلى الكثير. فهذا أفضل له من أن يعد الإنسان قلبه لأن يصل إلى حالة الكمال وهو في أول الطريق، ثم ما يلبث أن يترك الطريق ويحيد عنه أو يجتازه وهو متضرر لأجل كلام الناس عنه. فمثل هذا السلوك لا ينفعه ويكون تعبه باطلا، فالذين يسيرون للسفر في رحلة طويلة عليهم أن لا يجروا في الطريق من أول يوم بغية الوصول إلى هدفهم لأن سرعان ما يتعبون ويحل عليهم الإعياء الشديد ويضطروا إلى أن يستريحوا عدة أيام ليستردوا صحتهم. فما هو إذاً الذي عاد عليهم بالنفع من تبديدهم لطاقتهم من اليوم الأول، أما كان من الأفضل لهم أن يسيروا بخطوات هادئة إلى أن يتعودوا على المشي بخطوات ثابتة متزنة لينهوا سفرهم دون أن يحل عليهم التعب طول المسافة. لا يرتئي أحد فوق ما ينبغي إن من أراد أن يحيا حياة الكمال والفضيلة يجب أن لا يرتئي فوق ما ينبغي بل يدرب نفسه أولا بقدر ما يحتمل حتى يصل في النهاية إلى درجة الكمال، فلا يتحير بين الطرق المختلفة التي سلكوها الآباء الأولين لأن كل طريق يختلف عن الآخر ويناسب شخص ولا يناسب الآخر. وقد يسبب حيرة لك فتضل عن هدفك. من الأفضل لك أن تختار الطريق المناسب لك مع حالتك الضعيفة وسر فيه وستنجح وتحيا لأن ربك رؤوف متحنن يرشدك ويقبلك إليه كما قبل عطية المرأة المعوزة (مر12: 43، لو 21: 3) ليس لأجل أعمالك بل من أجل مثابرتك. عن جاءك فكر يدفعك لتزيد جهادك فلا تتعجل وتطيعه بل أصبر حتى تعرف حقيقة نفسك فإن عاش هذا الفكر معك وظل يلح عليك عندئذ اعلم أن هذا الفكر كان لفائدتك ومنفعتك وحينئذ افعل ما أردت أن تفعله واثقا في نفسك لأن هذا الفكر كان من الله. احذر إذا جاءك فكر ما مرة أو مرتين ليس أكثر فاعلم وتأكد أنه من الشيطان الذي بمكره يريد أن يعرقل نموك الروحي ويردك من حيث بدأت. لقد نصحنا الآباء أن نفحص ونفرق بين الأفكار التي تأتينا. وصايا نافعة للطريق الروحي إن الشخص الذي يريد أن يسلك في هذه الطريق عليه أن يتسلح بالحكمة، البساطة، الذكاء، الصدق، وأيضا المكر والغباء فيستخدم الصفات الأولى لكل ما هو صالح والصفات الثانية لكل ما هو غير صالح. كن حكيما في مراقبة طريقك ولا تدع إبليس يضلك. فلتسامح الآخرين ولا تظن السوء لأحد من الناس ولا تضمر له الشر. فوق كل شيء اسلك بالتواضع. كن مثالا جيدا يحتذي به الآخرين. لا ينطق فمك إلا بما هو حسن. اسجد وأنت تصلى. صلى بصوت منخفض فيحبك الله والناس. اسمح لروح الله أن يسكن فيك ومن أجل حب الله لك سوف يأتي روحه القدوس ويقيم عندك مسكنا. لو كان قلبك طاهرا ستعاين الله ويبذر في قلبك بذاره الطيبة لكيما تتفكر في أعماله وتتأمل في عظمته، وهذا بشرط أن تخلص نفسك وفكرك من الهموم لتنمو روحك وتقتلع منك الأشواك والعادات الرديئة (مت 13: 22) (مر 4: 18) (لو8: 14). إن الخاطئ عندما يرجع لنفسه ويترجى التوبة يشبه إناء للطهي مملوء بالقذارة وملطخ بالسواد ومتى غُسل فانه يبرق ويلمع ويصير نظيفا. ويشبه أيضا قطعة فحم أسود التي سرعان ما تلتهب بالنار ويتغير لونها إلى الأحمر وتتوهج بالنور إذ ألقيت في النار أو مثل أواني الفضة والذهب إذ جلت عاد إليها لمعانها. الخاطئ الذي يطلب التوبة يكونمثل الخروف الضال الذي عاد لراعيه (لو15: 6 – 24). لتكن فيك محبة التوبة واخضع لنيرها، فرح قلب إلهك بتوبتك عن السيئات واعمل الصالحات. تصالح مع خصمك أولا ما دام هناك وقت ولم يحكم عليك أحد (لو 12: 58)، وبعدها تستطيع أن تفعل كل ما تقدر أن تفعله، قل أنك عبد بطال (لو 17: 1) ولا تستطيع أن توفى دينك. بكت نفسك وقل أجير أنا في الأرض فلماذا أتباطأ في عملي، لقد أخذت دعوة فلماذا لا ألحق برفاقي وأنا عندي وزنات كثيرة متى سأردها. الطريق أمامي طويل وشاق فمتى سأبلغ نهايته. وما الذي يلزمني من معونة وزاد لأصل لنهاية الطريق. لقد أرسل ربى وإلهي في طلبي ويريد حساب وكالته. فان إن على أن أجرى فلماذا أحمل كل تلك الهموم الأرضية التي تربطني بمحبة العالم. إن كان رفاقي يسهرون فهل أنام أنا. إن كان رفاق الطريق معي يحاربون وينتصرون فهل أُهزم أنا؟. هم حزانى يبكون فهل أضحك أنا؟ هم صامتون لا يتكلمون فهل أتكلم أنا؟ إن رفقائي في الطريق قد ثبتوا نظرهم وفكرهم نحو الملك المسيح وبهاء ملكوته فهل أظل أنا مربوطاً بمحبة الأشياء التي نذرت أن أتركها ورائي؟ علاج للكسل أثناء الصلاة حينما تقف للصلاة في الليل وتشعر أن جسدك متعبا وكسلانا استرجع كل ما قلته لك وتذكر أنه في تلك اللحظة يوجد أُناسا يقفون على أقدامهم يصلون، ساجدين على ركبهم، باكين نائحين متوسلين قدام الرب لأجل خلاص نفوسهم. كم من هؤلاء يحزن ويكتئب ويتّهم جسده بالكسل والتراخي. كم منهم قد سكروا بمحبة الله فنسوا ضعف طبيعتهم. كم منهم يتهلل ويبتهج قلبهم بمحبة الله. لو تذكرت هؤلاء سوف يهرب منك الكسل والتعب وستكون صلواتك أمام الله بدموع غزيرة. فإن كان كثيرون لأجل أعمال أرضية زمنية يتعبون ويسهرون كحراس الخزائن أو رعاه الأغنام. فكم بالأحرى يجب عليك أن تسهر لأجل إلهك. متى وقفت لتصلى لا تكن متكاسلا غير مهتم بها. وإلا صارت صلاتك مبعثا للضجر والملل، بل ارشم ذاتك بعلامة الصليب واستجمع فكرك ونبه ذاتك لتعرف أنك واقف أمام الحضرة الإلهية، ركز حواسك نحو الله الذي أنت واقف أمامه وتصلى له ثم ابدأ صلاتك. اغصب نفسك على الصلاة فيئن عليك قلبك وتنزل دموعك فتشعر بفائدة الصلاة لك. علاج اضطراب الفكر أثناء الصلاة إذا كنت مضطربا وفكرك مشتتا فيجب أن تعطى وقتا أطول في للصلاة بالدموع فهذا أفضل من قراءة وترديد المزامير بطريقة جوفاء وقراءتها بملل. ابعد عنك كل الأفكار بمختلف الطرق التي اختبرتها أو مارستها من قبل سواء تلوت المزامير بلحن معين أو بطريقة خاصة بك تناسبك. أصغ إلى ما سوف أقوله لك إن جاءك فكر نافع أثناء الصلاة بالمزامير فلا تحاول أن تبعده عنك بل دعه يسيطر عليك طالما أنه من الله وتجاوب معه بدلا من تلاوة مزاميرك بالعدد الذي اعتدت أن تتلوه. الصلوات التي لا تختلط بفكر الله (بالتفكر في الله) ولا تصاحبها رؤى داخلية أو سلام داخلي ترهق الجسد. لا تفح بالعدد الكبير للمزامير التي تتلوها بدون فهم لأن كلمة واحدة تقولها بفهم أفضل من ألف كلمة تقولها بذهن مشتت بدون فهم. ينبغي أن تكون بسيطا في صلواتك كالأطفال لتتأهل أن تعاين مجد الله. انزع من نفسك كل فكر شرير ومعوج. افطم نفسك عن كل ما هو ضار. مبارك أنت إن كنت تجاهد بقوة في صلاتك. عمق طلبك وأرفع شكواك لله باستمرار، أطلب من قاضيك بلجاجة حتى ينصفك (لو 18: 1 – 7). قاوم إبليس عدوك المشتكي عليك فيهرب منك. ثابر في صلواتك وجهادك حتى يرى سيدك تعبك فيسند ضعفك وينصفك ويدين عدوك الذي لن يوجد ويهرب من أمامك كالدخان. محاربة أفكار الشهوة إن حاربتك أفكار الشهوة الجأ وتمسك بالرب لتنجو منها. لو جاء على عقلك فكر نجس فلا يضطرب قلبك بل أرفضه تماما ولا تتجاوب معه ولا تعطى له مكانا في قلبك، فيهرب ويتركك هذا الفكر ويكون مثل مسافر الليل الذي يأتي ليلا ويمضى إلى حال سبيله عند طلوع النهار. شرود العقل أثناء الصلاة احذر لئلا يشرد عقلك أثناء الصلاة ويتجول فكرك في أفكار تافهة، فمثل هذا الأمر يثير غضب قاضيك فيحكم عليك بالدينونة بدلا من أن يهبك نعمه الطيبة وبركاته السماوية لأنه يرى أن عملك هذا استهزاء به. إن كنت تخاف من أن تقف أمام القضاة الأرضيين فكيف تستهين بوقوفك أمام الله كيف يمكن لإنسان واقف للصلاة لا يدرك أين يقف وأمام من أو ماذا يقول. لقد خُدع هذا الإنسان بفكر وأعتقد أنه طالما هو واقف على رجليه دون أن يغلبه النوم ولا يدين أحداً بفكره أو بقلبه ولا يفكر في أي أمور عالمية في تلك اللحظة فان صلاته تكون مقبولة. لكن حقيقة الأمر أن كل هذه الأشياء لا تنفعه بالرغم من جديتها وأهميتها لأنه مازال مربوطا بمحبة العالم. قوة الله تمنع عنك شرود الذهن قم أيها البائس النائم يا من تشتتك وتتعبك أفكارك فإن فم الرب يتكلم معك، فلا تدع فكرك يتجول في أمور تافهة. تذكر أن ملائكة الله المختارين تحرسك فتشدد وتشجع لأن مراتب الشياطين تقف أمامك بالمرصاد تريد أن تبتلعك فلا تتكاسل. أيها الأخ تأكد إن كان الملائكة تفرح عندما تقف أمام الله وتسبح الله مثلها، فإن الشياطين تحزن إذا انتهينا من صلواتنا ولم تشرد أفكارنا ولأن الشياطين رفضت أن تخضع لله وتسبحه قبل أن تسقط لذلك فهم يزينون لنا الطرق المعوجة ليمنعونا من تسبيح الله والصلاة له لأن تسبيحنا وصلاتنا لله هي الدرع والسلاح اللذان يكسران مكائد إبليس ويصدان أعماله النجسة. الشياطين لا تفتر ولا تكل من تجربتنا مرات عديدة ويحاولون منعنا من الصلاة وتشتيت ذهننا بكل الطرق. فإن لم نسمع لهم وواصلنا حديثنا وصلاتنا مع الله، فهم يلجأون بخبث ومكر لحيلة يبعدونا بها عن الصلاة ويحاولون أذيتنا ببعض الأفكار لكى ننشغل ببعض الناس سواء كانوا أعدائنا أو أحبائنا. قد يجعلونا نتخيل محادثات مع هؤلاء الناس أعدائنا وأحبائنا على السواء بغرض تبديل حبنا وانشغالنا بالله بحب أو كراهية للناس والانشغال بهم والنتيجة هي بدلا من أن ننفذ الوصية والصلاة من أجل أعدائنا (مت 5: 44، لو 6: 28) فإننا نطلب لهم الشر عوضا عن المحبة وتصبح صلواتنا مصدراً لشعورنا بالغضب والكراهية نحو الآخرين. احذر من فخاخ ومكائد الأعداء (الشياطين) وأحرس نفسك من الذين أخطأوا وسقطوا (إبليس وقواته) ويحاولون أن يجعلوك تخطيء وتسقط مثلهم. سر في طريق الصلاة واثقا مطمئنا لأنك حتما ستصل سريعا لمكان الراحة والسلام الذي هو حصنك من مكان الخوف. وكلما كنت متيقظا ومصليا بفهم أثناء الصلاة فان صلاتك وتقدماتك ستصعد للسماء ويتقبلها الله كما قبل ذبيحة هابيل الصديق (تك 4: 4). وحينئذ يهرب من قدامك كل المشتكين عليك والذين يشتهون لك شرا وتخافك الشياطين وأنت واقف للصلاة. وتكون صلاتك التي تخرج من فمك بحسب مشيئة الله. القديس مار افرام السرياني تنيح سنة 373 م يُعد القديس مار افرام السرياني واحدا من كبار الشعراء واللاهوتيين الكبار الذين ذاعت شهرتهم بين الكتاب السريان. لا يعرف عن حياة هذا القديس إلا من سيرة لحياته كتبت في القرن السادس. نشأ القديس في أسرة مسيحية وأمضى معظم حياته كشماس في المدرسة اللاهوتية في نصيبين، وهناك اعتقاد أنه قد زار القديس باسليوس الكبير بقيصرية والأنبا بيشوى بمصر. عند بلوغه الخمسين من عمره غادر مار افرام نصيبين – والتي سُلمت للفرس – إلى مدينة الرها. وتروى بعض القصص أن الملك الأبجر حاكم ولاية الرها قد تبادل الرسائل مع المسيح له المجد. وقدم مار افرام كتبا كثيرة منها تفسيرا لسفر التكوين وعددا من الردود على بعض البدع مثل بدعة مانى، كما أن له بعض العظات عن ربنا يسوع المسيح وبعض التأملات عن يوم الدينونة كما كتب بعض الميامر أو العظات المنظومة وأهم ما جاء فيها هو الجزء السادس عن الإيمان وبعض الترانيم التي تغطى موضوعات شتى من الكتاب المقدس، وقد تُرجم هنا نصين الأول يتحدث عن الإيمان والثاني عن الصلاة. وفى النص الأولى يرى مار افرام أن الإيمان والصلاة ضروريان جدا لحياة الإنسان المسيحي ونموه فالإنسان يعترف بإيمانه بلسانه ويصلى بإيمان قلبه، ومن لا يفعل ذلك يضل ويموت. ولكي يأتي الإيمان والصلاة ومعهما الصدق والمحبة بثمر كبير للإنسان يجب أن يكون قلب الإنسان غير منقسم فلا يعرج بين الفرقتين، قلب ذو طبيعة واحدة للابن الوحيد المولود. أما الترنيم الثانية فهي تتحدث عن الصلاة وأهميتها وقد أعطى مار افرام أمثلة م الكتاب المقدس عن قوة الصلاة وفاعليتها وهى تتشابه كثيرا مع ما كتبه القديس أفراهات في عظته عن الصلاة. الترنيمة العشرون لمار افرام عن الإيمان + بصوتي إليك أصرخ لأعلن إيماني. أما صلاتي وتوبتي فيفهمهما ويدركهما عقلي وقلبي. قرار: مبارك هو سر ميلادك لأن أبيك وحده هو الذي يعرفه. + لو أن رحم الأم أمسك بالجنين فمات مع أمه، فان لساني لن يمسك عن النطق بإيماني حتى لو مرض جسدي وجف حلقي. + الشجرة التي لا تنمو براعمها تذبل وتفنى ولا يخرج منها ثمرا، أما الشجرة التي تُزهر براعمها تحيا ويكثر ثمرها، ولذلك فالفرح لي لأن الإيمان الذي فيَّ لا يخرج إلا من كانت فيه الحياة. + كما أن البذرة التي يرويها الماء تخرج أوراقها وتزهر سنابلها هكذا أيضا فإن للإيمان ثمر طيب ينشر التسبيح. + يهرب السمك إلى الأعماق لكى لا يمسكه صياده ويضع هناك بيضه، وأنت أيضا متى صليت فاهرب من العالم وضوضائه حتى لا يتشتت فكرك ويمسكك المشتكي. + التوبة إذ كانت صادقة تصبح ككنز المخدع الداخلي أي قلب الإنسان (مت 6: 6) أما إذا خرجت من الباب الذي هو فم الإنسان ستضل طريقها. لأن الصدق هو حجالها والمحبة تاجها والصمت والثبات هما حراسها عند الباب. + لقد خُطبت التوبة لابن الملك فلا ينبغي أن تخرج خارجا لأن عريسها الإيمان هو الذي يخرج وينادى بها في الشوارع. + صلى يونان صلاة بدون أن يرفع صوته وهو في جوف حيوان أعجم، ولكن صلاته صعدت بقوة إلى الأعالي واستجابها الله لأنها كانت كصراخ عظيم. + من الجسد الواحد تخرج الصلاة والإيمان. الصلاة عمل خفي يسمعها الله الذي لا نراه وتسمع أذناه في الخفاء، والإيمان عمل ظاهري تسمعه آذان الناس التي لا تسمع الظاهرات. + إن كان لكل طعام رائحة حسب نوعه فهكذا أيضا الإيمان هو رائحة الإنسان الذي يصلى عندما يُمتحن بأتون التجارب المختلفة فتخرج منه روائح كثيرة ومختلفة. + العدل والحب هما جناحين لا يمكن فصلهما بعضهما عن بعض، فالعدل لا يطير بدون الحب ولا الحب يستطيع أن يرتفع عاليا بدون العدل فكلاهما مرتبطين بنير الحب. + لا يمكن لرجلي الإنسان أن يفترقا أو يسيران في اتجاهين متضادين في وقت واحد أما القلب الذي يعرج بين الفرقتين في وقت واحد فصاحبه يضل ويتشتت بين طريق الظلمة والنور. + إن عيني ورجلي الإنسان يدينان قلب الإنسان الذي يعرج بين الفرقتين، والقلب المشتت يكون مثل الثور الذي يحرث الأرض تحت نيرين مختلفين، فلا يفلح ولا يستطيع أن يختار بينهما، فنير يجذبه نحو الحق والآخر يجذبه للظلمة. + ويكون هذا الشخص كمثل من أخضع وأذل نفسه عند سيد قاسى فإنه يجر نيرا ثقيلا ليحرث الأرض ويزرعها بالشوك والحسك عوضا عن القمح وتنخسه الخطيئة. يا رب لتكن صلاتنا أمامك طهارة لأفكارنا المظلمة وإيماننا بك طهارة لحواسنا الخارجية ولتتفضل وتنعم بالقلب الواحد والفكر الواحد لصاحب القلب الذي يعرج بين الفرقتين ليقف أمامك بلا عيب. ترنيمة لمار افرام السرياني عن الصلاة + افتح لنا يا رب أبوب كنوز حكمتك، لتدخل توسلاتنا قدامك يا رب ولتكن صلواتنا شفيعا وسفيرا عندك لتصالحنا بك. اسمعوا يا كل الحكماء وأصغوا يا من تعلمتم وطلبتم المعرفة وسعيتم للفهم لأن الرب قد صنع كل الموجودات بحكمة. + الصلاة شقت البحر الأحمر (خر 14: 22) فعبره الشعب من نصفه. والصلاة هي التي أرجعت مياه البحر مرة ثانية كما كانت فابتلعت فرعون والشعب المتمرد القاسي (خر 14: 26). الصلاة أنزلت المن من السماء وجاءت بالسلوى من البحر (خر 16) الصلاة ضربت الصخرة فخرجت مياه قوية لتروى العطشى في الصحراء (خر 17: 1 – 7). + مبارك هو هذا الإنسان الذي يرضى أن يصير صديقا للإيمان والصلاة ولا يتركهما، فمثله يكون له الفكر الواحد. فالصلاة من قلب الإنسان تفتح لنا أبواب السماء إذ يتحدث مع الله الآب فيعطى السرور لابن الله. الصلاة ترفع غضب الله وترد سخطه والدموع من العين هي التي تستمطر مراحم الله. + تعالوا لنرى هؤلاء المحاربون الذين انتصروا لعظم أيمانهم وقوة صلواتهم. فالصلاة هي التي أوقفت الشمس في جبعون والقمر في أرض أيلون (يش 10: 12 – 13). الصلاة هي التي هدمت أسوار أريحا المدينة الحصينة (يش 6). الصلاة هي التي هزمت ملك عماليق وشعبه (خر17: 8 – 13). الصلاة هي التي ذبحت سيسرا وقضت على سيحون وعوج وجميع أمرائهم وأعطت ممالكهم ميراثا لشعب إسرائيل. + سأريكم أيها الإخوة ماذا يقدر أن يفعل الإيمان والصلاة. الصلاة التي أوقفت الشمس في جبعون تقدر أن تبعد عنا كل الشر. والذي أبقى القمر في أيلون وقت طلوع الشمس، هدم أسوار أريحا المدينة الحصينة وسحق شعب عماليق، وملكنا قادر أن يسحق الشيطان وقواته. + الصلاة هي التي أنزلت المن من السماء ليأكل الشعب الإسرائيلي ويعم السلام. الصلاة هي التي أغلقت السماء فلم تمطر وهى التي فتحت كوة السماء فنزل المطر على الأرض (1مل 17: 1). بالصلاة نزلت نارا من السماء على الذبيحة لتلتهمها وتلحس المياه (1مل 18: 41 – 45) الصلاة هي التي أمسكت أنبياء البعل الأربعمائة والخمسون رجلا فلم ينجو منهم أحدا (1مل 18: 40). + كان النبي يصلى أربعين يوما في المغارة التي اختبأ فيها على جبل حوريب (1مل 19: 83) يتكلم مع الله مباشرة (1 مل 19: 9 – 13) إلى أن نزلت مركبات نارية وصعدت به إلى إلهه الذي أحبه (2مل: 2 – 11) وصار ذلك فرحا للذين بحثوا عنه في الجبال إذ ذهب إلي السماء وهو في جسده. + الصلاة سدت أفواه الأسود فلم تؤذ دانيال في الجب (دا 6) الصلاة هي التي حفظت الثلاث فتيه من أتون النار (دا 3) الصلاة هي التي فتحت بطن العاقر لتلد أبناء يرثوها (1صم 1: 19– 20) وهذه مجرد أمثلة ذكرتها لك عن عجائب وقوة الصلاة والإيمان وتبقى أمثلة أعظم وأقوى لم تكتب هنا. هبات الصلاة الصلاة هي السلم الموصل لله. فلا يوجد شيء أقوى من الصلاة، كما أنه ليس هناك خطية لا تستطيع الصلاة أن تغفرها ولا يوجد حكم أو عقاب لا تحلها الصلاة. ولا تأتى رؤية وإلا كانت بسبب الصلاة. ففي يد الصلاة أودعت مفاتيح ملكوت الله الذي نتشوق لدخوله، وبدونها لن نرث ملكوت الله ولا نعد أبكارا لله مع المكتوب أسمائهم في سفر الحياة (دا 12: 2). الصلاة هي الباب الضيق والمؤلم الذي به يدخل القديسون أورشليم التي في السماء. الصلاة المستمرة هي نور النفس، فبالصلاة تفرح وتسر النفس في أماكن المجد والبهاء النوراني حيث الحب الحقيقي لله وللآخرين. الصلاة هي أصل وأم كل الوصايا وهى المعين على تنفيذ الوصية. فمن أجل هذا قال معلمنا الصالح عن الصلاة. ينبغي أن نصلى كل حين ولا نمل (لو 8: 1). ” اسهروا وصلوا ” (مت 26: 40). فبهذا علم الله إلهنا أولئك الذي يودون أن يمشوا في طريق المجد والكمال المؤدى إلى المدينة، مدينة الحب الكائنة في الأعالي في السموات. لا أقصد هنا أن أكلمك عن الصلوات المحددة (صلوات السواعى) بل عن الصلاة المستمرة التي لا تنتهي، وأنك لن تكون قد صليت إن لم يكن كل تركيز فكرك في الصلاة بالكامل في الله. المثابرة والمواظبة على الصلاة هو إتمام وكمال كل الوصايا، وهذا هو الصليب المنظور الذي كلمنا عنه إلهنا قائلا: كل من يحمل صليبه ويتبعني (يمشى ورائي) سيرث الحياة الأبدية (مت16: 24). عادة ما يصلى الإنسان بسبب وجود دافع طبيعي للصلاة ومنادة لخالقه، وهناك من يصلى رغبة في التقرب والتشبه بالطغمات السمائية لنيل حمايتهم، وآخرون يصلون رغبة منهم في نيل كل البركة وكل ما هو نافع لحياتهم. وأيضا بسبب الحب والرغبة في أتعاب وإذلال الجسد مع دموع كثيرة لكى تبطل الحروب والأفكار المرهقة للنفس والروح. وإن لم يكن فكرنا في الصلاة مركزا في الله تكون عبادتنا باطلة وبذلك نكون قد انجذبنا إلى النور دون أن ننجذب إلى مصدر وجوهر هذا النور وتصير صلاتنا تعبا وإرهاقا بلا رجاء وتتحكم الشياطين في أفكارنا أثناء الصلاة. أعرف أيها الحبيب أن كل من يتبع وصية الله ينال بركات ومكافآت سمائية وهى أولا نوال أكليل التحرّر والتجرد من رباطات الشهوات ورؤية النور الذي بداخله وفهم مغزى الخلق للمخلوقات ونوال حكمه خفيه كاملة نابعة من إدراك وبصيرة روحية. أما البركة والمكافأة الثانية هي التأمل بدموع مملوءة فرحا في أحكام الدينونة وعناية الله بالإنسان حتى النفس الأخير. أما المكافأة والبركة الثالثة هي روح التأمل في الأمور الغير مادية مع كل اهتمامات الروح المملوءة بكل فرح روحي فإن مع الرائحة المقدسة التي تندفع في الكلام أثناء الصلاة وصفاء العقل المملوء فرحا تأتى معرفة الثالوث القدوس وهذه المعرفة لا تأتى كمكافأة أو بركة ولكنها هبة من النعمة الإلهية. ولا ننسى يا أخي عمل الحب والرحمة لأنهما البوابتان اللتان يدخل فيهما القديسون لأجل معرفة الله. ———– [1] وجد هذا النص في مخطوط في القرن التاسع ولا يعرف اسم كاتبه وإن كان فيه الكثير من الاقتباسات من القديس باسليوس الكبير والقديس أغريغوريوس من نيصص ومار أوغريس. وهذا النص يصلح للمبتدئين في طريق الصلاة. [2] وضع يونان بين إيليا واليشع يعطى انطباعا أن افراهات كان يعرف التقليد اليهودي الذي يذكر أن يونان هو ابن الأرملة الذي أقامه إيليا. [3] يتم هذا الأمر بمشورة أب الاعتراف. |
|