في سفر الأمثال قال الابن أقنوم الحكمة الخالق على لسان سليمان الحكيم " الرب قناني أول طريقه من قبل أعماله منذ القدم. منذ الأزل مُسِحْتُ منذ البدء منذ أوائل الأرض. إذ لم يكن غمر أُبدئت.. من قبل أن تقرَّرت الجبال وقبل التلال أُبدئت.. لما ثبَّت السموات كنت هناك أنا. لم رسم دائرة على وجه الغمر. لما رسم أُسُس الأرض كنت عنده صانعًا" (أم 8: 22 - 31) وهذا أمر يتمشى مع العقل والمنطق، لأنه من المستحيل أن يكون قد مرَّ وقت كان فيه الآب بدون الحكمة، وقد تحدثنا عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلاهيمانوت في أقسام أخرى.. حاشا، فالآب هو الحكيم والابن هو الحكمة المولودة منه، والروح القدس هو روح الحكمة المنبثق منه.. الحكيم والحكمة وروح الحكمة إله واحد . وكلمة مُسِحًتُ أي عُينت، فالمسحة معناها التعييّن. أي منذ الأزل تخصَّص أقنوم الحكمة للتجسد وللفداء. واختلاف اختصاصات الأقانيم الثلاثة ليس بالشيء الغريب، فالإنسان الواحد فيه العقل الذي يختص بالتفكير والتدبير، وفيه الجسد الذي يختص بالغذاء والنمو، وفيه الروح التي تختص بالحياة، ومع هذا فالإنسان واحد لا أكثر، كما رأينا ذلك من قبل في دراستنا لموضوع التثليث والتوحيد.. أقنوم الحكمة تخصَّص للتجسد والفداء وأقنوم الروح القدس تخصَّص في توصيل بركات الفداء لنا. ومع هذا فليس الأقنومان إلهان، ولكنهما أقنومان كائنان في الجوهر الإلهي الواحد. والعهد الجديد كشف لنا أكثر عن أقنوم الحكمة عندما قال عن ربنا يسوع المسيح " المذخر فيه جميع كنوز الحكمة والعلم" (كو 2: 3) فالله الآب هو الحكيم بأقنوم الحكمة وله روح الحكمة " الله الحكيم وحده بيسوع المسيح له المجد إلى لا بُد آمين" (رو 16: 27). وإن تساءل أحد كيف يكون الابن أزليًا ويقول " الرب قناني " ويقول " أُبدئت "..؟ نقول له ليس معنى كلمة قناني أي أوجدني من العدم مثل سائر المخلوقات. إنما معناها ولدني، ومثلها كلمة أُبدئت أي ولدت. ولادة النور من النار، دون فارق زمني، ودون انفصال.
وإن كان سفر الأمثال قد تساءل عن إسم ابن الله عندما قال "من صعد إلى السموات ونزل. من جمع الريح في حفنتيه. من صرَّ المياه في ثوبٍ. من ثبت جميع أطراف الأرض. ما اسمه وما إسم ابنه إن عرفت" (أم 30: 4) فإننا نجد العهد الجديد يعلن لنا بوضوح عن إسم ابن الله ربنا وإلهنا ومخلصنا يسوع المسيح الأزلي بأزلية الآب الإله السرمدي، لأن هذا كان سرًّا تم إعلانه بالتجسد.