يعتبر الأب بالنسبة للطفل الملجأ القوي الذي يعتمد عليه في التخلص من مخاوفه والاحتماء به فنسمع أطفالا كثيرين يعبرون عن ذلك بقولهم "أبي أقوى رجل في العالم"، وتختلف الحاجة للأمان من طفل إلى آخر فنجد طفلا لديه مخاوف أكثر من طفل آخر وذلك نتيجة لطباع خاصة في الشخصية، أو بسبب الظروف المحيطة والتنشئة التي تتبعها العائلة، وقد نجد أن الحرص الزائد على الطفل يولد لديه شعورا بالخوف من كل الأشياء الجديدة التي تطرأ عليه.
قد تكون الأم فعليا هي من تقوم برعاية الطفل لوقت أطول خلال النهار، ولكن هذا لا يلغي مسئولية الرجل في التواجد حول الطفل ومشاركته في تكوين شخصية واثقة، وتبني مواقف شجاعة تساعده على التخلص من مخاوفه التي قد تكون في بعض الأحيان خارجة عن حدها الطبيعي.
يمكنك كأب مراقبة تصرفات طفلك وكلامه وتعبيره عن نفسه لكي تتعرف على الأمور التي تسبب له الخوف ومن هذه الأمور:
- الخوف من الفراق: أي الالتصاق التام بالأب أو الأم والفزع الشديد من الابتعاد عنهما ولو لفترة قصيرة.
- الخوف الشديد من الاستحمام، والتعامل مع الماء لدرجة أن الاستحمام يصبح كنوع من العقاب بالنسبة للطفل.
- الخوف الشديد من الظلام: أي ربط الظلام بالوحوش والأشباح واللصوص واستحالة النوم بدون إضاءة كاملة أو وجود أحد الوالدين إلى جواره في السرير.
- الخوف الشديد من بعض الحيوانات الأليفة الصغيرة المتواجدة حوله.
هذه المخاوف تكون عادة مرتبطة بمدة زمنية معينة في حياة أي طفل، ولكن عند الاستمرار لفترة طويلة في التخوف من هذه الأمور يصبح الأمر إشارة إلى عدم حصول الطفل على الأمان الكافي. وهنا يتطلب الأمر تدخل الأب المباشر ومساعدة الأم على التعامل معها، وذلك لكون الأب هو الشخص القوي بالنسبة للطفل وهو الذي يستطيع أن يغير نظرة الطفل لمثل هذه الأمور، وذلك بمساعدته على تجاوزها شيئا فشيئا بمرافقة توجيهات ورعاية وملازمة الأب له لكي يشعر بالأمان أثناء التدريب على التخلص من هذه المخاوف.
يستطيع الأب أن يتحدث مع أطفاله عن هذه المخاوف ويساعدهم في تجاوزها وذلك بمراعاة الأمور التالية:
- التعامل مع مشاعر الطفل باحترام والتحدث عن المشكلة دون السخرية منه أو تجاهل مخاوفه.
- عدم المبالغة في حماية الطفل وتعزيز الخوف لدية، وأيضا عدم إجباره على عمل أمور يخشى منها في البداية، بل التقدم خطوة خطوة نحو التدريب.
- اعتراف الأب للطفل أنه عندما كان صغيرا كان يخاف مثله من بعض الأمور، ولكنه اكتشف أنها أمورا وهمية وهو الآن يضحك عليها كلما يتذكرها.
- التصرف أمام الطفل بشجاعة لتعزيز القدوة لديه.
- مساعدة طفلك على التمييز بين ما هو حقيقي، وما هو خيالي.
- قراءة القصص البعيدة عن العنف والتي تثير المخاوف لديه.
إن وجود بصمات للأب في حياة أولاده جنبا إلى جنب مع الأم، يساعد على بناء شخصيات متكاملة وواثقة ووشجاعة أيضا، وهذه من الأمور التي يجب أن لا يغفل عنها الرجال، ويجب تغيير النمط السائد في أن الطفل هو مسئولية الأم وحدها، وليس الطعام والنظافة هي فقط ما يحتاجه الطفل، بل يحتاج أيضا لبناء حوار عاقل وتكوين شخصية صحيحة خطوة بخطوة وهذا ما على الأب أن يتنبه إليه دائما.