رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||
|
|||||||||
خاتمة القرن السابع مع ختام القرن السابع الذي بدأه البابا أنستاسيوس (598-610م)، وخَلَفَه البابا أندرونيقوس (611-617، وقد شاهد الغزو الفارسي لمصر سنة 616-617م)، ثم البابا بنيامين الأول (617-656م، وقد شاهَدَ الغزو العربي لمصر سنة 639)(1)؛ دخلت الكنيسة القبطية الأرثوذكسية في مرحلة جديدة من حُكْم الغزاة الجُدُد بعد الغزو اليوناني ثم الغزو الروماني؛ وتواجهت مع ظروف مُعاكسة جديدة غير تلك التي واجهتها في القرون الستة السابقة. ولكن الروح القدس الساكن في وسطها وفي قلوب المؤمنين الأقباط استطاع أن يوجِّه دفة الكنيسة في خضمّ هذه الظروف. وقد ظهرت واستُعلِنت في كِلاَ الإكليروس والشعب نفس الغيرة والثبات والتمسُّك بالإيمان المسيحي النقي الطاهر منذ كرازة القديس مرقس الرسول، في ثقة واتكال كامل على ذراع الرب حتى وصل إلينا الإيمان في القرن الحادي والعشرين طاهراً نقياً من كل شائبة. + ويُلاحِظ قارئ التاريخ الكنسي القبطي أن جهاد الكنيسة القبطية طوال القرن السابع كان متمثِّلاً في مواجهات الإكليروس في المدينة، بينما كان يسطع بطريقة أخرى في براري مصر حيث كان القرن السابع من أزهى العصور للحياة الرهبانية، إذ يذكر مؤرخ تاريخ البطاركة بعد ذِكْر خبر نياحة البابا ألكسندروس الأول: [وكان في أيام حياته قومٌ قديسون كثيرون في كورة مصر في البراري والديارات، يُتعِبون أنفسهم، متعبِّدون لله. وكانت تظهر منهم عجائب وآيات... وكذلك في دير القديس أنبا شنوده في جبل أدريبا. وكان كثير من القديسين تثبَّتوا فيه، وخاصة الطوباني الأرشمندريتيس أبَّا "سيث"، وكان إنساناً على طريقٍ حسن في حياته وبعد رحيله. وكان منهم شيخ في دير أنبا مقار اسمه يؤانس من أهل شبرا ميسنا التي هي أرواط، قبض عليه البربر ثلاث مرات وأسروه وجعلوه عبداً وضيَّقوا عليه، وأنزلوا به بلايا. فنظر الرب إلى صبره وأعاده إلى ديره المقدس. وبعد ذلك صار إيغومانساً، لأنه كان كاهناً، وهذا كان قانوناً ببرية شيهيت وادي هبيب، أن أي قس انتهى إليه الطقس (أي اختير ليكون قساً) كانوا يُقدِّمونه إيغومانساً. وكان له تلميذ اسمه إبيماخُس من أرواط، وكان قلبه مثل كل أفعاله، وعليه نعمة عظيمة مثل موسى النبي في زمانه... وصار عمره أكثر من مئة سنة، وحلَّت عليه نعمة الروح القدس. وكان له أخوان روحانيان أحدهما أبَّا جورجي، والآخر أبَّا أبراهام، هذان كانا قديسَيْن من كل وجه حسن وبأفعال عظيمة، وشهد عنهما ثقاة أنهما سارا بسيرة الكبير أنطونيوس وتمَّماها]. + تأمَّل في وصف مؤرخ تاريخ البطاركة عن القديسَيْن أبرآم وجورجي أنهما جدَّدا سيرة أب الرهبنة القديس أنطونيوس وتمَّما حياته وسيرته. + هؤلاء القديسون المختفون داخل البراري في ذلك الوقت ذكرنا سيرهم في هذه المقالات وهم: القديس يؤانس قمص شيهيت، والقديسان أبرآم وجورجي(2). + ويُكمِل مؤرخ تاريخ البطاركة حديثه عن الشعب القبطي: [وكان الشعب في ذلك الزمان متعبِّدين لله باجتهاد... كأنهم خراف بـِيض (رمزاً للطهارة والعفة) صغيرهم وكبيرهم]. وجناحا الكنيسة هما: الرهبنة والشعب، فإذا أكمل - كل طغمة منهم - واجباته وقانون حياته الروحية المسيحية، تلألأت الكنيسة كلها كأنوار وسط ظلمة جيل هذا العالم الساقط. والإكليروس يمثِّل في هذا الجسد المتسامي الرأس والعينين التي تتكاتف مع الجناحين في التحليق في سماء الروح لتكون الكنيسة متسامية على مستويات العالم الساقط لتجذبه إلى أعلى وتُسدِّد طريقه إلى ملكوت السموات. وهذه هي رسالتها وسط العالم. ولكن، يا للأسف، إذا اختلَّت الموازنة بين هذه القوى الثلاث: الشعب - الرهبنة - الإكليروس، أي إذا تخلَّف أحدها عن ممارسة قواه الروحية، أو توقَّف عن أداء واجباته؛ فالخلل يحدث، والكنيسة تتعثَّر، وقد تسقط في باطن العالم الساقط، وتتوقَّف دعوة الكنيسة ككل عن الشهادة للمسيح، ولا يمكننا إلاَّ أن نصرخ طالبين رحمة الله، وقدرته على كل شيء، وضبطه لتسامي الكنيسة فوق العالم الساقط، فيتجدَّد مثل النسر شبابها، ولا عجب فالمسيح هو رأس الكنيسة، والروح القدس الساكن فيها هو حياتها ومصدر قوتها وتجديد قواها الروحية من جيل إلى جيل. اختيار البابا الجديد قزمان، ونياحته بعد 15 شهراً: فإن الإكليروس والشعب مارسا دورهما في اختيار البابا الجديد، فاتجهت أنظار الجميع إلى الراهب الناسك قزمان أحد رهبان برية القديس مقاريوس، فانتُخِب بالإجماع. ومِن ثمَّ وَضَع الأساقفة على رأسه أيدي الأسقفية سنة 720م، ليكون أسقفاً على مدينة الإسكندرية ورئيس أساقفة الكرازة المرقسية. فكان الخليفة الرابع والأربعين للقديس مرقس كاروز الديار المصرية. على أن إقامته بطريركاً كانت - بحسب مؤرخ تاريخ البطاركة - "بغير اختياره". فلم يكفَّ عن السؤال للمسيح ليلاً ونهاراً أن يقبله إليه. فلما تمَّت خمسة عشر شهراً تنيح بمجد وكرامة في آخر يوم من شهر بؤونة. + والسؤال الذي لم يُقدِّم كتاب تاريخ البطاركة الإجابة عليه هو لماذا تضرَّع هذا الأب القديس إلى المسيح ليلاً ونهاراً أن يقبله إليه؟ فليس السبب هو أنه أُقيم بطريركاً بغير اختياره، لأن كل الآباء البطاركة كانوا يُقامون بطاركة بغير اختيارهم بل يُقيَّدون بالسلاسل ويُحضَرون إلى مقر البطريركية لكي يُرسموا بطاركة (فيما عدا استثناءات قليلة حدثت في عصور لاحقة). إلاَّ أن هناك كلمات قليلة وردت في سيرة البطريرك اللاحق لهذا الأب قد تُعبِّر عن ظروف ربما تكون هي السبب في اعتفاء البابا أمام المسيح من إرساليته لعدم قدرته على مواجهتها، وهي عن البابا ثيئودوروس الذي رُسم بطريركاً بعد البابا قزمان؛ فيقول كتاب "تاريخ البطاركة": [وكانت أمور الإبيسقوبية (أي أسقفية الإسكندرية) والبيعة الأرثوذكسية نامية مستقيمة كل يوم من أيامه، حتى عادت إلى ما كانت عليه أولاً وأكثر، إلى أن صارت وكأنها لم تُنهب أولاً]. هذه الكلمات تعني أن البابا قزمان قد استلم الكنيسة الأرثوذكسية في حالٍ يُرثى لها، إما بسبب فساد في أوساط إكليروس الكنيسة، أو بسبب نهب أموال البطريركية، سواء بواسطة الولاة أو بأيدٍ داخلية في الكنيسة، أو بسبب ما أدَّى إليه تعسُّف الولاة في الأحكام الجائرة التي فرضوها على الأقباط. على أن قصة هذا الأب القديس تدعونا إلى الحسرة والبكاء، ليس فقط على حال آبائنا الأقباط في ذاك العصر وما لاقوه من عذاب وجَوْر وآلام تفوق الوصف؛ بل وأيضاً على حالنا الآن ونحن في أحسن حالٍ، إذا قورن حالنا بحال آبائنا، ونحن غير راضين ولا شاكرين بل شاكين ومتذمِّرين. اختيار ورسامة البابا ثيئودوروس البطريرك الخامس والأربعين (721-732م): وكان راهباً في دير القديس يؤانس القصير ببرية شيهيت. وكان رجلاً صالحاً وديعاً، مُحباً لكل أحد، حسن الصورة، كمثل ملاك الله. وكان قد حدث في حَبْرية البابا ألكسندروس الثاني (البابا الأسبق) أن جلس الرهبان حول أبيهم ورئيسهم الإيغومانس يؤانس، فقال لهم: "إن قلبي يُنبئني بأني سأنتقل من هذا العالم في ذات اليوم الذي ينتقل فيه الأنبا ألكسندروس الثاني إلى مساكن النور، وأن أخاكم الراهب ثيئودوروس سيعتلي الكرسي المرقسي، ولكن لا كخليفة للبابا ألكسندروس الثاني، بل للبابا الذي يأتي بعده". فلم يكد الأنبا قزمان ينتقل إلى الأخدار السماوية حتى تمَّت رسامة الراهب ثيئودوروس. ثورة المصريين ضد الغزاة الجُدُد: ذلك أن المتولِّي الذي جمع الخراج (الضرائب) في مصر قبيل سيامة البابا ثيئودوروس كان اسمه عُبَيْد الله، وكان رجلاً قاسي القلب لا يتورَّع عن جمع المال بكل وسيلة. على أنه أُسْقِطَ من رياسته بعد تولِّي البابا ثيئودوروس رئاسة الكهنوت بمدة وجيزة. ثم تولَّى بعده مَن كان اسمه الحرُّ بن يوسف ليصير والياً لمصر، وكان على شاكلة عُبَيْد الله في بطشه وجشعه. وامتلأت نفوس المصريين غضباً لهذا التعسُّف. فقام أهالي تنوديمي وقربيط وطربية (هذه المدن جميعها ضمن المنطقة المعروفة الآن بمحافظة الشرقية) بثورة علنية. وواجههم الحرُّ بن يوسف بالقوة، إذ أمر جيشه بقمع هذه الثورة. وقد دامت المعارك بين الثوَّار والجيش ثلاثة أشهر، انتهت بفشل الثوَّار. وعلى أثر ذلك صدر الأمر إلى الحرِّ بن يوسف بالنقل إلى إسبانيا (بلاد الأندلس)، فانتقل إلى هناك. ثم استعاد عُبَيْد الله سلطانه على مصر مرة أخرى، فأمعن في سياسة التعسُّف والطغيان. وقد أدهشه أن الأقباط - بالرغم من استبداده بهم - لم ينكروا دينهم، كما لم يكن من بينهم مَنْ حاول التهرُّب من الجزية بجحد مسيحيته. ولما كان غرض الوالي عُبَيْد الله زيادة عدد المسلمين، ولما لم تتزايد أعدادهم من أهالي مصر، استقدم خمسة آلاف عربي من قبيلة القيس. وقد استقرَّ هؤلاء العرب في منطقة حوف (شمال شرق الفسطاط)، حيث كانوا عنصراً للمشاغبات إذ كانوا يُعلنون التمرُّد في كل مناسبة. كما أن كل والٍ جديد كان يستصحب ما لا يقلُّ عن ستة آلاف جندي كانوا يستوطنون مصر ويتمتَّعون بخيراتها(3). وقد توهَّم عُبَيْد الله - بعد استقدام هؤلاء العرب - أنه يستطيع الاستمرار في سياسة الاستبداد بلا مُعارِض. إلاَّ أن طغيانه - هذه المرة - لم يستثر غضب الأقباط وحدهم، بل وأثار غضب الأهالي المسلمين أيضاً. فرأوا أن يرفعوا شكواهم إلى الخليفة هشام (في دمشق). ولأن هذا الخليفة هشام - كما تذكر كتب المؤرِّخين - كان عادلاً يعمل على راحة رعاياه من مسلمين وغير مسلمين، فما أن بلغته شكوى المصريين من عُبَيْد الله حتى أمر بنقله إلى بلاد البربر في شمال أفريقيا. الغروب البهيج: عيَّن الخليفة هشام ابنه الأكبر واسمه "القاسم" والياً على مصر، فاستقر السلام والهدوء طيلة حياة البابا ثيئودوروس. فتمكَّن خلال سني السلام هذه من أن يفتقد المسيحيين، ويُثبِّت قلوبهم على الإيمان الأرثوذكسي، واستمر صابراً على ما رأى من الفظائع التي أتاها الولاة؛ حتى افتقده الرب، وأخذه إليه بشيخوخة حسنة. وبنعمة المسيح، كانت الكنيسة تنمو بلا مُقاوِم لها ولا شقاق فيها جميع أيامه. وأقام البابا ثيئودوروس على الكرسي الرسولي 11 سنة وسبعة أشهر، وتنيح في سابع يوم من شهر أمشير عام 732م. |
01 - 04 - 2013, 07:30 AM | رقم المشاركة : ( 2 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: خاتمة القرن السابع
شكرا على المشاركة المثمرة
ربنا يفرح قلبك |
||||
01 - 04 - 2013, 08:24 AM | رقم المشاركة : ( 3 ) | ||||
..::| العضوية الذهبية |::..
|
رد: خاتمة القرن السابع
ميرسى كتير على المشاركه الجميله
|
||||
01 - 04 - 2013, 07:28 PM | رقم المشاركة : ( 4 ) | |||
..::| مشرفة |::..
|
رد: خاتمة القرن السابع
|
|||
01 - 04 - 2013, 07:29 PM | رقم المشاركة : ( 5 ) | |||
..::| مشرفة |::..
|
رد: خاتمة القرن السابع
|
|||
01 - 04 - 2013, 09:59 PM | رقم المشاركة : ( 6 ) | ||||
..::| VIP |::..
|
رد: خاتمة القرن السابع
ميرسي كتير للتوبك الحلو ده كيلارا
ربنا يباركك |
||||
02 - 04 - 2013, 04:36 PM | رقم المشاركة : ( 7 ) | |||
..::| مشرفة |::..
|
رد: خاتمة القرن السابع
|
|||
|
قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً |
الموضوع |
ولد إرميا في منتصف القرن السابع ق.م |
الانبا يوحنا النيقوسى فى القرن السابع |
هكذا كانت الحقنة في القرن السابع عشر |
الأنبا صموئيل المعترف من شخصيات القرن السابع |
شخصيات رائدة في الكنيسة في القرن السابع |