تشير عبارة "تَخرُجُ إِليهِ أُورَشليم" إلى امر جديد عكس العادة، حيث يتوجَّه الجماهير من كل مكان إلى أورشليم، في حين هنا تخرج الجماهير من اورشليم. فلم يُعد هيكل اورشليم مصدر توجّه الجماهير، بل المسيح الذي يُهيِّأ له يُوحنَّا المَعمَدان. وعليه تدلُّ الآية على أنَّ الجماهير خرجت من كل المدن لتشهد لأوَّل نبي حقيقي على مدى أربعمائة عام، ولترى مثالًا حيًا للحياة التائبة العمليّة، الأمر الذي يفضح الفرّيسيّين لريائهم، إذ كانوا يتمسكون بحرفية الناموس، لكنهم يتجاهلون مضمونه الحقيقي فيُذكّرهم أنّه يجب عليهم أن يتوبوا لاستقبال المسيح من ناحية؛ ومن ناحية أخرى كسب يُوحنَّا المَعمَدان الجماهير لصَفّه، مقدّمًا لهم مفاهيم روحيّة تهدم أفكار الصدّوقيّين الذين كانوا يستخدمون الدين لتأييد موقفهم السياسي. لقد كانت رسالته قوية وصادقة وكان الشعب في انتظار نبي مثل أيليا (ملاخي 4: 5)، وبدا يُوحنَّا هو ذاك النبي. فلكي نرجع إلى الله ونلتقي به، علينا أن نخرج من العالم.