مقال رائع وفي الصميم.
التحرير: الدكتور حامد عبد الله حامد الاستاذ بجامعة القاهرة
يكتب: خدعوك فقالوا «الدين لله والوطن للجميع!!»
سيذكر التاريخ للسادات بكل فخر أنه في أكتوبر1973 قد أنهى أسطورة دولة إسرائيل الصهيونية، ولكن سيذكر التاريخ له أيضًا بكل حزن أنه قد أنهى للأسف دولة مصر المدنية وجعل منها إمارة من إمارات التخلف الوهابية بعد أن كانت أول دولة في تاريخ الإنسانية سبقت العالم في الحضارة والدين والأخلاق بآلاف السنين قبل الأديان السماوية.
1. بدأت مأساة مصر الوطنية بمشكلة وياللعجب شخصية فقد سجل (عثمان أحمد عثمان) في كتابه، أن (السادات) كان مهمومًا من التأثير الجارف للناصرية فنصحة بمواجهتها بالجماعات الإسلامية ولم تكذب هذه الجماعات خبرًا فقد انتشروا انتشار الثعابين في الجامعات والمدارس والنقابات والجمعيات الخيرية وبدأ الفصل الطائفي بين المصريين لأول مرة علي المستوى الشعبي بعد أن ظهرت لأول مرة علي الجباه (وأولهم السادات ) الزبيبة السوداء!، وعلي أصابع الرجال (الدبلة) البيضاء ! و(الطرح) على رؤوس النساء!، وبمناسبة طرح النساء فقد أقر (الإرهابي العريان) في حديث بالصوت والصورة مع (منى الشاذلي) بأن حكم الإخوان في مصر لم يبدأ بمرسي ولكنه بدأ عندما نجحوا في تحجيب النساء في الثمانينات.
2. أما على المستوى الرسمي فقد أنهى السادات ماتبقي من (مدنية مصر ) باختراعة للمادة الثانية التي لاتمت للاسلام بصلة ليمد فقط فترة حكمة فانقسم بعدها المصريون إلى مواطنين مسلمين وذميين مسيحين وللأسف تم الحفاظ على هذه المادة المشئومة في كل دساتير مصر حتي بعد ثورتين.
3. أن التعصب وفكر الكراهية موجود في كل الملل والاديان والطوائف، ولكن الكارثة في مصر أن ذلك التعصب والتمييز تمارسه الدولة نفسها علي مواطنيها المنقسمين امامها ( بحكم الدستور ) إلى نوعين : المسلمون الذين يحتكرون وحدهم الوظائف العليا دونآ عن المسحيين الذين حرموا من عمادة الكليات ورئاسة الجامعات ومناصب المحافظين والوزارات فيما عدا وزارتين واحدة هجرة ! والاخري بيئة !! والمعني في بطن الحاكم !! وبالطبع رئاسة الجمهورية فأصبحنا اسمًا في دولة مصر وفعلآ في إمارة من إمارات الخلافة البائدة!!.
4. أما عن دور العبادة فحدث ولاحرج، فقد أصبحت مصر هي الدولة الوحيدة في العالم التي تبني فيها الكباريهات فلا تهدم وتهدم فيها الكنائس فلا تبنى!، عفوا تبنى بعد أن يجتمع مجموعة من البلطجية ذوي الوجوة الغليظة و"الجلاليب" القصيرة والذقون الطويلة وأمامهم المحافظ والوزراء كالحملان الذليلة ليأخذوا منهم الأذن ببنائها ومواصفاتها إذا سمحوا أصلًا بذلك!.
5. أن جامعات مصر ومدارسها وإعلامها محت من الوجود أي تاريخ قبطي في مصر أو أي نصوص إنجيلية تحض على التسامح والمحبة والأخلاق (وما أكثرها) في حين تزيف وعي الملايين من الأجيال بأن كل ماسبق الإسلام في مصر كان كفرًا ووثنية وأن الخلافة الإسلامية (باستثناء عشرة سنوات لأبي بكر وعمر) لم تمتلئ بالدماء والحروب والأطماع، وقطع الأيدي والرقاب حتي أنهاها الزعيم أتاتورك في القرن العشرين.
6. أما أزهرها الذي يقبض شيوخة مرتباتهم ويعيشون علي نقود دافعي الضرائب المصريين المسيحيين، فهو يكفرهم ويلعنهم في مناهجة الداعشية ويخرج أجيالاً إرهابية تستحل هدم كنائسهم وتلعنهم وتدعوا عليهم بالهلاك من مساجدهم كل جمعة.
7. أما الدولة فقد اعترفت في السنوات الأخيرة لحكم مبارك أن لهم أعيادًا مثلنا ولكنه اعترافًا منقوصًا للاسف، فقد اعترفوا بعيد ميلاد المسيح فقط ! ولم تعترف الدولة حتي الآن بقيامته؛ خوفًا من الدواعش وتملقًا للأزهر الذي قد يغضب أو تقوم قيامته!، إذا أخذ المصرين أجازة في عيد القيامة!! وللأسف الشديد فإن الدولة في حربها ضد إخوان الشياطين بكل أجهزتها لا استثني أحدًا منهم قد ارتمت أكثر في أحضان الرجعية الدينية وأصبحت كمن يتحسس بطحة على رأسه، ولسان حالها يقول أنا ضد الإخوان ولكنني لست ضد الإسلام!!، فيقودها ذلك أكثر إلى المزيد من الوهابية والداعشية واضطهاد المسيحية.
8. أن المسيحين المصريين يستحقون وسام الوطنية من الطبقة الأولى فهم يعانون من (الدولة) نفسها وليس فقط من مواطنيها المسلمين المتعصبين، وما أكثرهم من يوم أن فرض السادات الإقامة الجبرية علي البابا شنودة وعزله من منصبه داهسًا كل القوانين والقيم والمبادئ مرورًا بعدم صدور قانون دور العبادة الموحد وهدم كنائسهم واغتيال أبنائهم في أعيادهم وتواطؤ بعض أجهزة الشرطة مع المعتدين المجرمين الي جريمة المنيا التي جردت فيها أم فاضلة من ملابسها وحرقت المنازل والمتاجر ولكنهم يواجهون كل ذلك بصبر جميل وإيمان عميق، ولم يستقووا يومًا بالغرب المنافق كما فعل إخوان الشيطان المجرمون، ولم يحدث رد فعل غير مسئول من أحد منهم يشعل النيران ويأتي علي الأخضر واليابس في هذا الوطن.
إن الأم الفاضلة التي قام الذئاب بتعريتها في صعيد مصر، كشفت المستور من عورات مصر العنصرية الطائفية أما المنازل والمتاجر التي حرقت فقد أحرقت ماتبقى من قشرة هشة تخفي إمارة مصر الداعشية وأن تلك الجريمة البشعة التي أظهرت انهيار ماتبقي لدي المصريين من الدين والشرف والأخلاق والإنسانية ما هي إلا حلقة خبيثة في سلسة جهنمية آن الآوان لمواجهتها بكل صدق وشفافية حتي نستعيد من جديد مصر العلمانية المدنية من براثن إمارات التخلف الصحراوي الوهابية لأننا في ظل إمارة مصر الداعشية وسلطة الأزهر الكهنوتية سيكون الدين للأزهر والوطن للإرهابيين!، حتى تفيق الدولة من الرئاسة إلى أصغر موظف، وتعود مصر كما كانت وطنًا لكل المصريين فيحق لنا وقتها أن نقول: «الدين لله والوطن للجميع».
الدكتور حامد عبدالله حامد