07 - 02 - 2015, 12:52 PM
|
|
|
† Admin Woman †
|
|
|
|
|
|
الجمعة العظيمة _ ثيوفيلوس السكندري
الجمعة العظيمة للبابا ثيوفيلوس السكندري (23) شمس البر ظهر في الشرق، وأضاء للجالسين في الظلمة وظلال الموت (لو 1). ملك البر زيَّن نفسه بإكليل المُلك، وكل أعداؤه ركعوا عند قدميه (مز 72). رائحة عطرة فجَّت على مذبح الخلاص، والرائحة الرديئة إتمحت بعطر أطيابه.
الأسد القوي وَثب على الخشبة، وكل وحوش البرية إختبأت في أوكارها. جاء إلينا الطبيب القدوس بأدوية الحياة، وكل المصابين يتلقون العلاج بلا أجر. الفرح أنتشر في كافة أنحاء المعمورة، وتهلل معه كل المهجورين، لأنه كمثل مدينة مطوقة ومحاصرة من قبل ملك معادي، تكون قلوب جميع سكانها في ضيق عظيم، إذ يكونوا مضطهدين، مهجورين ويتأوهون. وعندما يتلقى الملك الذي يحكم المدينة كلمة عن جرأة عدوه، وكيف هو يخطط لذبح سكان شعبه، يجمع جميع أبناء شعبه ويدرّبهم على إستخدام سهام الحرب الخاصة به. وعندما يكون شعبه قد تعلم كيف يشن حرب مع أعدائه، يتقدمون ضد الأعداء بفرح، عالمين أنهم قادرون على هزيمتهم بإنتصار عظيم.
هذا هو أسلوب ربنا يسوع المسيح، عندما رأى العدو الحقيقة للجنس البشري كله، الذي هو الشيطان. إذ أن الشيطان غزا الأرض كلها وأصاب كل إنسان بأنواع كثيرة من الخطايا، التي ينشرها بهذه السياط المرّة: عبادة الأصنام، ، الكبرياء، الزنا، السرقة، القتل، القذف، الفجور، الحسد، الكراهية، الإحتقار، الغضب، السحر، التلوث، الإحتيال، الغطرسة، الشهادة الزور، الكذب، الفساد، البغاء، الخداع .. وما شابه ذلك. هذه هي الفخاخ التي ينصبها الشيطان للإنسان حتى يحضره إلى الهلاك ويشتته.
حسناً، دعونا نفكر ملياً الآن في الطريقة التي شنَّ بها المسيح الملك الحرب ضد الشيطان، حتى أطلق سراحنا منه وحرَّر نفوسنا. لنبدأ إذن بالتغلغل في بيت الكنز العظيم المملوء بثمار الحياة. هذا هو السر المقدس العظيم الذي لخشبة الصليب، التي إرتفع عليها يسوع المسيح الإله الحقيقي بدافع الحب.
عندما إنحدر إلى هذا العالم، جاء إلى شعب إسرائيل وبشرهم قائلاً: "توبوا لأنه قد أقترب ملكوت السموات" (مت 4)، لكنهم لم يكترثوا بوصاياه المقدسة. وبعد ذلك، صنع آيات وعجائب بلاهوته في حضورهم، معجزات بلا عدد. جعل العمي يبصرون، والعرج يمشون، والصمّ يسمعون. شفى البُرّص وأقام الموتى وأخرج الشياطين. جعل المشلولين يقفون على أقدامهم، وغفر خطاياهم. جعل العشارين يتوبون، وقوَّم الأيدي المختالة، وبشّر المساكين. غفر ذنوب الزواني وطهرهم بلاهوته، معيداً إياهم إلى الحالة العذرية. ولكون إمرأة زانية أستحقت هذه النعمة العظيمة، دهنت يديها قدمي ذاك الذي كان قد خلقها (لو 7)، وفي اللحظة التي أشتركت في نقاء لاهوته، جاء صوت الله إليها قائلاً: "إيمانك قد خلصك. أذهبي بسلام" (لو 7).
بالرغم من كل هذه الأشياء التي أنجزها في حضورهم، لم يصدقوه بل قبضوا عليه وسلموه ليصلب. وبعد أن أتوا به إلى محكمة رئيس الكهنة عاملوه بإزدراء عوضاً عن الإكرام. فتحققت كلمة الكتاب القائلة: "وضعوا عليَّ شراً بدل خيرٍ، وبغضاً بدل حُبي" (مز 109)
ما هي الشرور التي فعلها أولئك تجاه خالقهم؟ شرور فظيعة جداً للوصف كما للسماع. لساني يرتجف، وعيني تبكي، وروحي تتأوه، ونفسي تتأسى عند النطق بها. أنه الله هو الذي قبضوا عليه. أنه الرب هو الذي قيدوه. أنه ملك المجد هو الذي صلبوه. أنه يسوع المسيح هو الذي ربطوه. لقد ثقبوا بالمسامير يديَّ ذاك الذي خلقهم. لقد صفعوا وجه ربهم، وضربوا رأسه بقبضاتهم. وضعوا تاج شوك على رأسه، وألبسوه رداءً إرجوانياً، وأعطوه خلاً ومرارة. في هذا اليوم، صنعوا به كل هذه الأمور.
وصلبوا معه لصين، واحد منهم غير جدير برؤية لاهوته، قال للرب: "إن كنت أنت المسيح فخلص نفسك وإيانا" (لو 23). أما اللص الآخر فأجابه منتهراً إياه بإستياء: "ألا تخاف الله؟ إذ أنت تحت هذا الحكم بعينه. أما نحن فبعدل لأننا ننال إستحقاق ما فعلنا، وأما هذا فلم يفعل شيئاً ليس في محله". ثم قال ليسوع: "اذكرني يارب متى جئت في ملكوتك".
فقال له يسوع: "الحق أقول لك إنك اليوم تكون معي في الفردوس". (لو 23).
كان باب الفردوس قد أغلق منذ الزمن الذي تعدى فيه آدم الوصية، لكنني سوف أفتحه اليوم، وأستقبلك فيه. يامن شاركتني في آلام الصليب، سوف تكون رفيقي في فرح الملكوتي، لكونك إعترفت بنبل رأسي على الصليب. لقد مجدتني في حضور الجسديين، في حضور المذنبين، لذلك أنا سوف أمجدك في حضور الملائكة. لقد تم تثبيتك معي على الصليب، ولقد وحّدت نفسك بيَّ بمحض إرادتك الحرَّة. لذا سوف أحبك وأبي سيحبك، والملائكة سوف تخدمك بغذائي المقدس. إذا كنت في السابق معتاداً على رفقة القتلة، ها أنا – الذي هو حياة الجميع - قد جعلتك الآن رفيقاً لي. لقد أعتدت سابقاً على السير في الليل مع أبناء الظلمة، ها أنا – الذي هو نور العالم كله – قد جعلتك الآن أن تسير معي. لقد أعتدت سابقاً على مصاحبة القتلة، ها أنا – الذي هو الخالق – قد جعلتك صديقاً لي.
سوف أصفح عنك عن كل هذه الأمور، لأنك اعترفت بلاهوتي في حضور أولئك الذين أنكروني. إذ أنهم رأوا كل الآيات التي صنعتها، لكنهم لم يؤمنوا بي. وأنت، لص جشع، قاتل، قاطع طريق، نصّاب، محتال، قد اعترفت بأني أنا الله. لهذا غفرت لك ذنوبك الكثيرة، لأنك أحببت كثيراً (لو 7). سوف أجعلك مواطناً للفردوس. سوف أغسل جسدك حتى لا يرى فساداً قبل أن أقيمه معي – بقوة قيامتي في اليوم الثالث - وآخذك فوق معي. اللص الآخر الذي أنكرني سوف يراك مغلفاً بالمجد، أما هو فسوف يُغلف بالألم والعار. سوف يراك مُحاطاً بالنور، أما هو فسوف يكون مُحاطاً بالظلام. سوف يراك في حالة من الفرح والبهجة، لكنه سوف يكون في حالة من البكاء والأنين. سوف يراك تتمتع بالراحة والغبطة، أما هو فسوف يتألم بالضيق واللعنة. سوف يراك منتعشاً من قبل الملائكة، أما هو فسينزعج من قوات الظلمة. وفي غمرة البرد القارص سيستنفذه الدود الذي لا يموت، فهو لم يعترف بي فقط، بل إحتقرني بعد إنكاري.
لهذا، كل واحد سيجازى حسب أعماله. كما قلت إليهم علنناً وبكل وضوح: "فكل من يعترف بي قدام الناس أعترف أنا أيضاً به قُدام أبي الذي في السموات. ولكن من ينكرني قُدام الناس أنكره أنا أيضاً قُدام أبي الذي في السموات" (مت 10).
أنظروا الآن، أيها الأخوة، كم العذاب الذي جلبه على نفسه هذا اللص الذي أنكر الرب! يجب علينا إذاً أن نسهر على أنفسنا حتى لا نضل، فلا ينبغي من أجل أمور هذه الحياة أن نصير غرباء عن ذاك الذي خلقنا. ربما هناك شخص اليوم ينكر الله من أجل الثروة، لأن محبة المال تُغلق أعين الذين اعتادوا عليها. مثل هذا الشخص يأخذ نصيب يهوذا، الذي باع الرب بثلاثين من فضة. من الأفضل لنا أن نوجه اهتماماتنا نحو الرب، لأنه هو الذي يعتني بنا.
لننتقل الآن إلى الهدف الذي يقدمه لنا الصليب. لأن السلم الذي رآه يعقوب منصوباً على الأرض ورأسه يمس السماء، الذي تصعد وتنزل عليه ملائكة الله (تك 28) هو ربنا يسوع المسيح المرفوع على خشبة الصليب، والملائكة تحيط بالصليب وتهتم بتنفيذ إرادة الرب.
لنتأمل في رحمة الله وصبره العظيم. الآب يتطلع من الأعالي ويرى ابنه الوحيد مُسمراً على خشبة، بطول أناة في عظيم فضله. هم ما زالوا يثقبون أيدي ربنا يسوع المسيح المقدسة بالمسامير، ما زالوا يصفعون وجهه، مازالوا يضربون رأسه بقبضات اليد، مازالوا يعطونه خلا ممزوجاً بمرارة ليشرب، مازالوا يقتسمون ثيابه بالقرعة، ومازالوا يكسرون قصبة على رأسه، وبالرغم من كل هذه الأمور، إلا أن الرب لا يغضب وليس عنده أي ضغينة في قلبه من نحوهم.
هل تريد معرفة الحقيقة؟ أنا لن أخبرك، بل استمع أنت إليه. فبعد كل هذه الأمور، صرخ قائلاً: "يا أبتاه اغفر لهم لأنهم لا يعلمون ماذا يفعلون" (لو 23). هل تدرك مقدار إتساع رحمة الآب تجاهنا، وعظمة رحمة ابنه، الذي عُلق على الصليب من أجل خلاص العالم كله؟ عندما عُلق على الصليب في هذا الزمان، طهَّر الخليقة كلها ما في السموات وما تحتها. إن جسده الإلهي المعلق على الصليب جعل الهواء كله نظيفاً و نقياً. وبإراقة دمه المقدس، تنقَّت الأرض كلها بالتساوي من تلوثها. وعلاوة على ذلك، نزل لاهوته إلى الجحيم، وسلبه، وأطلق النفوس المحجوزة في الظلام وحررها. فهذا هو الذي وعدنا به بفم الحق، الذي لم ينطق قط بأي باطل منذ الأزل وإلى الأبد.
"وأنا إن ارتفعت عن الأرض أجذب إليَّ الجميع" (يو 12). وفي موضع آخر يقول: "سأجذبهم إليَّ بقيود محبتي". أي محبة إذاً تضاهي مثل هذه المحبة العظيمة، التي تجعله يصعد على خشبة الصليب وتُسلمه طوعاً للسجن؟ لأنه إذ لم يكن ذلك بمحض إرادته الحرَّة، فمن يقدر أن يقبض عليه؟ فمن هذا الذي يمكنه القبض على الله الخالق؟!
في اللحظة التي أحاط به اليهود الصفقاء لكي يقبضوا عليه، سألهم برحمته واسعة: من تطلبون بسيوف وعصي؟ (لو 22). لكنهم أجابوا بكبرياء وقسوة قلب وغطرسة قائلين: "يسوع الناصري". أجابهم يسوع "أنا هو" (يو 18). وللوقت شعاع نور لاهوته ضرب وجوههم فسقطوا على الأرض. لكنه برحمته الواسعة أيضاً جعلهم يقفون، إذ ربما يتوبون، لكنهم وقفوا وحاولوا القبض على تلاميذه بقسوة حقيقية.
الله يفعل كل هذه الأمور، راغباً في خلاصنا. على خلاف ذلك، كان من الممكن في تلك الساعة أن يجعل الأرض تفتح فاها لينحدروا من خلال الفتحة إلى موضع أخوتهم، الذين فتحت الأرض قبلاً وأبتلعتهم. أقصد داثان وأبيرام وأولاد قورح، الرجال الذين ثاروا ضد موسى (عدد 16).
لننتقل الآن إلى الجلال المقدس الذي للصليب الثمين. لنتكلم عنه ونصبح ملمين بنبوات الأنبياء المتعلقة به من البداية إلى النهاية. لذا وسعوا عقولكم غير المدربة واستمعوا في صمت. تعالوا نفتح الخزينة المقدسة العظيمة، ولنستخلص منها الحُلي الروحي. دعونا نُزين نفوسنا بمحبة الكلمة. استدعوا معي صديق الله والإنسان، الذي أضاف ملائكة، أعني إبراهيم رفيق الله.
تعال يا إبراهيم وقل لي، ما هو المعنى الرمزي للدَغل الذي كان الكبش مربوطاً فيه (تك 22: 13). يدعى "سابك" (بالعبرانية). وتفسير "سابك" هو موضع رقاد المخلص أي خشبة الصليب، التي اعتلاها حمل الله بجلال عظيم، ليتمم التدبير العظيم الذي للخلاص، والذي مات عليه كإنسان. سوف يصعد إلى حقله بعد أن تألم خلال عمله، ويتمدد على سريره ويرتاح من معاناته. هذه هي الطريقة التي تصرف بها المخلص. إذ أن سريره الذي تمدد عليه هو الصليب، الغير متسبب في وجع أو معاناة، أو في عذاب أو وهن أو إزعاج، الذي لا يجعله يغضب من أولئك الذين ثقبوا يديه بالمسامير، ولا يجعله يفقد صبره مع أولئك الذين وضعوا إكليل من شوك على رأسه، ولا يجعله يوبّخ أولئك الذين ضربوا وجهه بالصفعات، ولا يجعله يحمل ضغينة في قلبه ضد أولئك الذين قدموا إلى فمه المقدس الخل الممزوج بمرارة، ولا يجعله يتجادل مع أولئك الذين يسخرون منه، ولا يجعله يغضب ويُثار من أولئك الذين بالقرعة أقتسموا ثيابه بينهم.
هل تريد معرفة الحقيقة؟ إستمعوا لي سوف أخبركم. سأقول لكم مرة أخرى أنه بينما كانوا يفعلون له كل هذه الأمور، رفع عينيه نحو السماء وصلى للآب قائلاً: "يا أبتاه اغفر لهم لأنهم لا يعلمون ماذا يفعلون" (لو 23). في نفس الوقت، يجب عليكم أن تدركوا أن الله الآب يُحدّد في أي ساعة ينزل عليهم غضبه الذي لا رجعة فيه، حتى بينما يصعد صوت ابنه الوحيد إليه، ملتمساً منه أن يضع جانباً سخط غضبه. إذ أرسل ملاكاً قوياً، فشقَّ حجاب الهيكل من فوق إلى أسفل، ممزقاً إياه إلى أثنين. والأرض تزلزلت والصخور تشققت والشمس مصدر النور حجبت ضوئها، والظلمة ملأت العالم لكي تغطي جسده المقدس المعلق على الصليب، إذ أنه جُرد من ملابسه، التي أقتسموها بينهم. (مت 27، لو 23).
تأملوا يا أحبائي، وفكروا ملياً في رحمة الله نحو العالم. ذاك الذي ألبس الخليقة كلها عرّوه من ملابسه الخاصة، وتُرك عارياً على خشبة الصليب، لكن الشمس – الخادمة الحكيمة – غطت ربها بالظلمة، التي تحملتها حتى تعتمت عيون أولئك الكفرة، فلا يروا السر العظيم المكنون في خشبة الصليب، وذلك لعدم إستحقاقهم. لأن من كان مستحقاً أن يتأمل هذا المشهد في تلك الساعة قد عاين إتمام سر لاهوته. من كان مستحقاً لمعاينة مثل هذا المجد العظيم في تلك الساعة؟
دعونا نفحص هذا، الآب يتأمل المشهد من السماء. اللص أيضاً بعد صعوده على الصليب، يتأمل كل هذه الأمور الحادثة، فيفرح ويغتبط لرؤيتها. من شاهد مثل هذا المنظر الرهيب؟ طغمة من الملائكة تحيط بالصليب وتمجده بالتسابيح. الآب يتطلع من السماء ويعطي المجد لابنه الوحيد. كل الهواء في حركة لكون جسد الخالق معلقاً على إرتفاع، وكل الأرض تبتهج لأن دم ملكها يرَشّ عليها.
النباتات النامية كلها قد تطهرت لأن الرب علق على خشبة الصليب – خشبة الخلود، خشبة عدم الفساد، خشبة غفران الخطايا، خشبة التجديد وإعادة الصحة، خشبة إعطاء الحياة، خشبة التزود بالثمار، الخشبة المملوءة بالسلام، الخشبة المملوءة بالتهليل، الخشبة المملوءة بالفرح، الخشبة المملوءة بالحلاوة، الخشبة المملوءة بالصحة، الخشبة المملوءة بالبركة، الخشبة المملوءة بكل النعم الإلهية، من خلال عمل يسوع المسيح الذي علق على خشبة الصليب.
في رأيي، الخليقة كلها قد تأسست وتثبتت بإشارة الصليب. أنه الصليب هو الذي يلد إنساناً جديداً من العتيق، برشمه في المعمودية المقدسة بالزيت الذي يختم ويُثبت. أنه الصليب هو الذي ينقيه. أنه الصليب هو الذي يقاوم، يُقاتل العقبات ويبددها.
الصليب هو إكمال السر المقدس، لأنه عند تقديم ذبيحة الخبز والخمر على المذبح المقدس، لا يكونوا بعد خبزاً وخمراً كما في السابق بل الجسد الإلهي والدم المقدس.
الصليب هو عزاء أولئك الحزانى على خطاياهم. الصليب هو الطريق المستقيم. أولئك الذين يمشون عليه لا يضلوا. الصليب هو البرج العالي الذي يمنح المأوى لمن يلتجئ إليه. الصليب هو السلّم المقدس الذي يرفع الإنسانية إلى السماء. الصليب هو الثوب المقدس التي يرتديه المسيحيين. الصليب هو معين المساكين والمضطهدين. الصليب هو الذي يغلق معابد الأوثان ويفتح الكنائس ويتوجها. الصليب هو الذي يدحض الشياطين ويجعلهم يهربون في ذعر. الصليب هو القوام القوي للسفن التي يعجَّب بجمالها. الصليب هو فرح الكهنة الذين يسكنون في بيت الله بلياقة. الصليب هو القاضي الثابت للرسل. الصليب هو المنارة الذهبية التي غطائها المقدس يعطي نوراً. الصليب هو أب الأيتام وحارسهم. الصليب هو قاضي الأرامل ومجفف الدموع من أعينهم. الصليب هو عزاء الغرباء والمسافرين. الصليب هو رفيق المتوحدين. الصليب هو زينة المذبح المقدس. الصليب هو ضيق الأشرار. الصليب هو معيننا في ساعة حاجتنا الجسدية. الصليب هو إدارة المجانين. الصليب هو وكيل أولئك الذين يعهدون بهموهم للرب. الصليب هو نقاوة العذارى. الصليب هو الإستعداد المستمر. الصليب هو الطبيب الذي يشفي كل الأمراض.
تعالوا يا شعوب الأرض كلها، وابتهجوا، واحتفلوا اليوم لأن الرب يملك من على خشبة. يا كل ما يتحرك في المياة أنتعشوا، إذ أن الدم المسفوك ممزوجاً بالماء. يا كل طيور السماء رفرفوا أجنحتكم بفرح، لأنه مدد ذراعيه على الصليب والطيب العطر يملأ الجو كله. يا حيوانات البرية ابتهجوا، لأن كرازته لكم كانت وفيرة.
لقد رأيتم الأن مقدار عظمة وجلال الصليب، وقوته والمساعدة العظيمة التي يقدمها للخليقة. لأنه عندما يبسط أي إنسان ذراعيه على شكل صليب ويصلي بإيمان، تتنافس الملائكة فيما بينهم لتلبية طلبه. زكريا صلى والملاك غبريال جاء إليه ومنحه طلبه (لو 1). بطرس صلى والملاك جاء إليه فسقطت السلسلتان من يديه الباب الحديد انفتح من ذاته (أع 12). وصلى أيضاً وأقام طابيثا من الموت (أع 9).
وبالطريقة ذاتها، صلى كرنيليوس بإيمان فظهر له الملاك ومنحه طلبه، إذ جاء إليه بطرس وعمده (أع 10). كان بولس وسيلا مطروحين في السجن فصليا أيضاً على شكل صليب فجاء الملاك حالاً إليهم فتزعزعت أساسات السجن فانفتحت في الحال الأبواب كلها وانفكت قيود الجميع (أع 16). موسى صلى فجاء الله إليه وهزم عماليق (خر 17). طوبيت صلى والملاك رافائيل جاء إليه وشفاه (طو 3).
دعونا إذاً نصلي بلا انقطاع في كل أوان وفي كل مكان، وسوف ننقذ من كل تجربة. إذ أن الرسول يقول: "صلوا بلا إنقطاع" (1تس 5). حتى مع الممسوسين بأرواح شريرة أنها الصلاة هي التي تشفيهم. فالرب يقول: "هذا الجنس لا يخرج بشيء إلا بالصلاة والصوم" (مر 9).
لهذا السبب، كما تروا، نجتمع نحن هنا معاً في الكنيسة لمدة خمسة أيام وخمسة ليالي
|