رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
الانتظار بالطريقة الخطأ موقف غريب، ذلك الذي حدث مع يونان النبي، وهو الكارز الأنجح رقميًا؛ فبعد أن أعطاه الله فرصة ثانية وأرسله إلى مدينة نينوى، نجح يونان (بنعمة الله) أن يربح «أَكْثَرُ مِنِ اثْنَتَيْ عَشَرَةَ رِبْوَةً (١٢٠ ألف) مِنَ النَّاسِ الَّذِينَ لاَ يَعْرِفُونَ يَمِينَهُمْ مِنْ شِمَالِهِمْ» (يونان ٤: ١١). ولكن العجيب، أنه بعد هذا النجاح الرهيب، لم يرجع يونان بالشكر والعِرفان لله، ولا حتى بدأ في تعليم هؤلاء الجهلة وصايا وطرق الله، ولكننا نقرأ «وَخَرَجَ يُونَانُ مِنَ الْمَدِينَةِ وَجَلَسَ شَرْقِيَّ الْمَدِينَةِ، وَصَنَعَ لِنَفْسِهِ هُنَاكَ مَظَلَّةً وَجَلَسَ تَحْتَهَا فِي الظِّلِّ، حَتَّى يَرَى مَاذَا يَحْدُثُ فِي الْمَدِينَةِ» (يونان٤: ٥). فيونان انتظر أن يرجع الله في كلامه، لكي يثبت صحة تصوره هو، ولا يهمه أن يُخرِّب الله المدينة بأهلها التائبين للتو، ولا أن يهلك آلاف البُسطاء، ولا حتى أن تُعطل صفات الله الرحيمة وتُلغى أهدافه الجليلة، وهذا بالطبع لم ولن يحدث فـ«مَنْ ذَا الَّذِي يَقُولُ فَيَكُونَ وَالرَّبُّ لَمْ يَأْمُرْ؟» (مراثي إرميا ٣: ٣٧). وهنا درس هام لنا، فكثيرًا ما انتظرنا الله بالطريقة الخطأ، بلا أي خضوع له أو اعتراف بسيادته، فننتظر خطتنا نحن وليس خطته هو؛ مقاصدنا نحن وليس مقاصده هو، ونحزن كثيرًا عندما لا يُتمم الرب ما نريده منه، ونشك إما في قدرته أو في محبته، وكأننا نتقدم بطلب لله، ونريد تأشيرته بنعم فقط، بدون إبداء أي رأي له، وبدون أن نكتب الديباجة الرسمية المعتادة: والأمر مفوض لسيادتكم لاتخاذ اللازم. فيا له من انتظار خائب. |
|