"اصنعوا هذا لذكرى" نبدأ بها مرحلة الأنامنسيس وهى مرحلة الذكرى "لأن كل مرة تأكلون من هذا الخبز وتشربون من هذه الكأس تبشرون بموتى وتعترفون بقيامتي وتذكروننى إلى أن أجيء". لماذا نبشر بموته؟
السيد المسيح بما أنه ابن الله المتجسد فالحياة هي الوضع الطبيعي بالنسبة له، لكن الوضع الذي يريد تصديق وإيمان أنه مات، فالمشكلة ليس في أنه قام لكن المشكلة في أنه مات، ولذلك نبشر بموته بمعنى أن نبشر بتجسده ومجيئه لكي يتألم ويموت ثم الوضع الطبيعي أنه يقوم، بموتك يا رب نبشر وبقيامتك وصعودك إلى السموات نعترف فالذي يلزم في البشارة هو الموت.
وهنا لابد من التنويه لنقطه مهمة في كلمة الذكرى، معلمنا بولس الرسول في (رسالة كورنثوس الأولى 11: 26) " فأنكم كلما أكلتم من هذا الخبز وشربتم من هذا الكأس تخبرون بموت الرب إلى أن يجئ، عملية مستمرة وهنا الذكرى بمعنى تذكر حدثًا مستمرًا، وهنا نريد أن نقول أن أحداث التجسد والفداء هي أحداث مستمرة فوق الزمن لماذا؟ لسبب لاهوت السيد المسيح غير المحدود والزمن محدود، بما أن السيد المسيح غير محدود بسبب لاهوته والزمن محدود فغير المحدود يستوعب المحدود، لذلك كل حدث حصل هو حدث لا يستوعبه الزمن لكن هو الذي يستوعب الزمن، لذلك هو حدث مستمر، صلب السيد مرة لكن حدث الصلب مستمر، مات مرة لكن حدث الموت مستمر، قام مرة لكن حدث القيامة مستمر. ما معنى أن الصلب مستمر والموت مستمر والقيامة مستمرة؟ إما ميت على طول أو قائم على طول؟
لا هنا أنا لا أقصد الاستمرار في الموت، لكن استمرار الحدث في تأثيره لذلك نحن نذكر شيئًا مستمرًا، ونعيش حدث مستمر الإنسان ليس مستمر يعيش فترة وينتهي لأننا نحن تحت الزمن لذلك يستوعبنا الزمن الماضي يطارد الإنسان إلى أن يبتلعه، ويدخل في بطون التاريخ، لكن السيد المسيح لا يستطيع الماضي أن يستوعبه لأنه فوق الزمن لأن الماضي والحاضر والمستقبل بالنسبة له حاضر دائم، لذلك الأحداث هي أحداث مستمرة وممتدة في تأثيرها فنحن نعيش الحدث بهذا المعنى.لذلك نحن نعيش الأحداث المستمرة من خلال طقس القداس الإلهي. نقف بخوف ورعدة لماذا الخوف والرعدة؟
لأن بحلول الروح القدس صار الله يملئ المكان عندما دخل أشعياء الهيكل قال أذيال الله تملئ الهيكل وخاف وقال "ويل لي لأني هلكت لأني إنسان نجس الشفتين وأعيش بين شعب نجس الشفتين" (إشعياء 6) هنا الخوف والرعدة بسبب الإحساس بالخطية والإحساس برهبة هذه اللحظات المقدسة التي نعيشها في لحظة حلول الروح القدس وليس مثل الحراس الذين خافوا لا ولكن بإحساس من يُقدر عمل الله.
الشماس يقول أسجدوا لله بخوف ورعده الشعب يقول نسبحك نباركك نخدمك نسجد لك، فالشماس يقول أنصتوا بخوف الله،
الكاهن يُصلى وهو راكع يقول (نسألك يا رب نحن عبيدك الخطاة غير المستحقين نسجد لك بمسرة صلاحك، ويحل روحك القدوس علينا وعلى هذه القرابين ويطهرها وينقلها ويظهرها قدسًا لقديسيك) يرد الشماس بقوله (ننصت) يقوم الكاهن ويرشم على الحمل الموضوع في الصينية ثلاث رشومات سريعة ويقول (وهذا الخبز يجعله جسدًا مقدسًا له) قبل ما يقول جسد مقدس يكون قد انتهى من الرشم لأنه لا يليق أن يرشم الجسد. ثم يركع ثانية وهو يقول (ربنا وإلهنا ومخلصنا يسوع المسيح يعطى لغفران الخطايا حياة أبدية لمن يتناول منها) فالشهب يقول أمين ويقف الكاهن ثانية ويرشم الكأس ثلاث رشومات سريعة ويقول (وهذه الكأس أيضًا دمًا كريمًا لعهده الجديد الذي له) ثم يركع ثانية ويقول (ربنا وإلهنا ومخلصنا يسوع المسيح يعطى لغفران الخطايا حياة أبدية لمن يتناول منه) وهكذا يتحول الخبز إلى جسد المسيح والخمر إلى دم السيد المسيح. وبعد هذا لا يرشم الكاهن نهائي.
الآن قد صار على المذبح السيد المسيح بجسده ودمه الأقدسيين وهنا تتحول الصلاة إلى طلبات من أجل الكنيسة والآباء ومن أجل الطبيعة ومن أجل الخلاص خلاص الموضع والقرابين ومن أجل كل ما يريد الكاهن أن يُصلى لأجله، نسميها الكنيسة في المسيح يسوع وكأن المسيح وهو على المذبح يحتضن الكنيسة كلها بل الخليقة كلها.