رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
لقاء حار [1- 8] ولما جاءا إلى أحمتا (أكباتانا Ecbatana) إلى بيت رعوئيل، التقت سارة بهما ورحَّبت بهما، وبعدما سلَّموا على بعضهم البعض، أدخلتهما البيت [1]. قال رعوئيل لزوجته عدنا Edna: ما أشبه الفتي بابن أخي [2]. سألهما رعوئيل: "من أين أنتما أيها الأخان؟"، فقالا له: "من بني نفتالي، من المسبيين بنينوى." [3] قال لهما: "أتعرفان طوبيت أخانا؟"، أجاباه: "نحن نعرفه" [4]. سألهما: "هل هو بخير؟"، فقالا: "إنه حي بصحةٍ جيدة ٍ". وقال طوبيا: "إنه أبي" [5]. أسرع رعوئيل وقبَّله وبكى [6]. ثم باركه وقال له: "أنت ابن رجل فاضل وصالح". وإذ سمع أنه فقد بصره حزن وبكى [7]. وبكت أيضًا عدنا زوجته وسارة ابنته، ثم رحَّبا بهما بشوقٍ [8]. واضح أن رعوئيل وزوجته عدنا كانا يعرفان طوبيت قريبهما، لكنهما لم يكونا يعرفان أن لهما ابن يُدعَى طوبيا. ذهب طوبيا مع رئيس الملائكة المُتخفّي إلى بيت رعوئيل، أي رعاية الله، وذلك في مدينة راجيس بميديا، والتقيا بسارة غالبًا عند مدخل البيت. في هذا اللقاء الحار نلاحظ الآتي: أولاً: خروج سارة بسرعة لتلتقي بهما يكشف عن شخصيتها السوية، فإن ما حلّ بها كان كفيلاً بتحطيمها تمامًا وإصابتها بحالة من الاكتئاب، فلا تريد الالتقاء بأحدٍ. على الرغم من تقدُّم الثقافات في العالم وانفتاح البشرية على بعضها البعض إلا أن الكثيرين سواء من المُثقَّفين أو المتخلِّفين ثقافيًا يعانون من الإصابة بحالات اكتئاب مُزمِنة، تدفع الإنسان إلى الانزواء واليأس مع التذمُّر، ويُعَلِّلها البعض بسبب الأمراض المزمنة أو الكوارث الصعبة أو الفشل الدراسي أو التخمة الزائدة أو المعاملات الجافة في الأسرة أو مشاكل العمل إلخ.. أما سارة فمع ما حلّ بها -وهي تبدو حالة فريدة- جعلت جواريها يعيرونها، وأُغلق الباب على تقدم أحد ليتزوجها، لكنها لجأت إلى الصلاة، وتمتَّعت بابتسامة لطيفة لمن يقرع باب البيت. ولعل من العوامل التي ساعدتها على التغلُّب على التجربة سلوك والديها اللذين كانا محبين لإضافة الغرباء بانفتاح قلبيهما، فخلقا جوًا صحيًا للأسرة كلها. ثانيًا: ماذا رأى رعوئيل في الشاب طوبيا ليقول: "ما أشبه الفتي بطوبيت ابن أخي؟ هذا الفكر الذي سيطر على رعوئيل لم يكن من فراغ، وإنما ثمرة ما لاحظه على هذا الفتى: أ. ربما جاء هذا الفكر لأنه رأى في شكل طوبيا وملامحه صورة لطوبيت ابن أخيه حين كان شابَا. ب. لم يقف الأمر عند الملامح الجسدية لطوبيت وطوبيا، إنما لاحظ على تصرُّفاته أنها تطابق تصرُّفات أبيه، وتكشف عنه أنه إنسان الله. يرى القديس إكليمنضس السكندري في كتابه "المُرَبِّي Pedagogus" أن إنسان الله يُعرَف من طريقة حديثه، بل ومن طريقة مشيه متى كان في رفقة شيخ، ومتى كان في رفقة شاب، وأسلوبه أثناء الطعام، وضحكه وابتسامته وملابسه، وطريقة ترحيبه بالآخرين، ونوع الموسيقي التي يستريح لسماعها إلخ.. هكذا قيل عن بطرس: "أنت جليلي، لغتك تُظهِرك" (مت 25: 73؛ مر 14: 70). ليت السمائيون يتطلعون إلينا، ويرون مسحة الربّ على إنساننا الداخلي فيفرحون، لأننا أيقونة السماوي ولنا سمات شبه سماوية! يُقَدِّم لنا القديس أمبروسيوس صورة رائعة عن شخصية رعوئيل، فإن كان طوبيت اتَّسم بحُبِّه للعطاء وخدمته لشعبه خاصة دفنه للقتلى المطروحين في الشوارع والساحات، فإن رعوئيل يعتبر نموذجًا رائعًا للحياة المقدسة الفاضلة. يمكننا أن نستنتج مما ورد في هذا السفر لمسات من فضائل هذا الرجل. أولَا: أسلوب استقبال ابنته لضيفين غريبين لم تكن تعرفهما. ثانيَا: إقامة وليمة لهذين الضيفين قبل أن يتعرَّف عليهما. ثالثًا: محبته واستضافة الغرباء. من بركة إضافة الغرباء، استقبل إبراهيم الرب نفسه وملاكين، واستضاف لوط ملائكة. واستقبل رعوئيل رئيس ملائكة كما استقبل طوبيا زوجًا لابنته حلَّ مشكلتها. |
|
قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً |
الموضوع |
أريد منك عينيك . كى أبصر بهما |
يسوع ومريم: أستغاثةً بهما |
فلنكتف بهما |
إن كان لنا قوت و كسوة فلنكتف بهما |
اللذين بهما قد وهب لنا |