رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
فَقَالَ أَيُّوبُ: [1] كَيْفَ أَعَنْتَ مَنْ لاَ قُوَّةَ لَهُ، وَخَلَّصْتَ ذِرَاعًا لاَ عِزَّ لَهَا؟ [2] يوجه أيوب حديثه لبلدد في أسلوب بليغ ورائع مع تواضعٍ وانسحاقٍ، فيحسب أيوب نفسه "لا قوة له"، وذراعه "لا عز لها"، وفي تهكم يقول لبلدد: يا لك من معين من لا قوة له، ومشدد للأذرع التي لا عز لها! فمع اعترافه بضعفه الشديد، يوبخ بلدد الذي يظن في نفسه أنه حكيم ومرشد ومعين، وإذا به محطم لنفسية من لا قوة له ولمن لا عز لذراعه. هنا يفضح أيوب بلدد موضحًا أنه كرفيقيه تكلم بكلمات بليغة وحقائق إيمانية صادقة، لكن ما قدمه هو كلام بلا حب، وحوار بلا عمل؛ فما قدمه لا يعين من لا قوة له، ولا يسند ذراعا لا عز لها. * (يقول أيوب) لكنني لست بعد ألومك من أجل دفاعك عن دور الله. فإنه يلزم هذا. على أي الأحوال يلزمك ألا تدينني، وإن كان يجب بالحق إن أمكن الدفاع عن نعمة الله دون إخضاع أيوب لاتهامات كثيرة هكذا. القديس يوحنا الذهبي الفم يرى البابا غريغوريوس (الكبير)أنه كان يليق ببلدد (ورفيقيه) أن يعملوا مع الله لمساندة النفوس المنكسرة بروح التواضع لا التشامخ؛ فإن الله يطلب من خدامه أن يعملوا معه (1 كو 3: 9) وأن يحملوا روح التواضع، فينسبوا الثمر لله العامل فيهم (1 كو 3: 7). *أجاب أيوب وقال: لمن أنت تعين؟ هل لكائنٍ بلا قوةٍ؟ أو هل تسند ذراع من هو ليس بقويٍ؟ هنا نحتاج أن نعرف أننا نساعد حتى الله، الذي هو بالتأكيد ليس "بلا قوة"، عندما نعمل في تواضعٍ. قال بولس: "نحن عاملان (مساعدان) لله" (1 كو 9:3). فإن كنا نساهم بصوت النصح لأشخاصٍ تعم عليهم نعمة داخلية، نجتاز بهم خلال الروح القدس... إننا نحثهم نحو الكمال فقط عندما يكون الله في القلب معينًا. هنا أيضًا يقول: "ليس الغارس شيئًا ولا الساقي، بل الله هو الذي ينمي" (1 كو 7:3). فإن من يزرع أو يسقي إنما يساعد، ولكن تكون الخدمة باطلة إن لم يعطِ الله النمو في القلب. أما الذين لهم أفكار متشامخة من نحو قوة عقلهم، فلن يكونوا معينين لله بتواضعٍ، إذ يحسبون أنفسهم أنهم نافعون لله، ويجعلون من أنفسهم غرباء عن الثمر المفيد. * عندما يحاول الرعاة إصلاح الرعية المنحرفة يجب عليهم أن يتحلوا بالتواضع حتى لا ينحرفوا في استخدام سلطتهم وأن يشعروا أنهم مساوون للاخوة الذين يصلحونهم. وعلينا نحن الرعاة أن نتدرب في صمتٍ وتأملٍ، وأن نفضل الأشخاص الذين يتم إصلاح أخطائهم عن أنفسنا، لأن خطاياهم قد تصححت عن طريقنا بتدريبات شاقة، أما خطايانا نحن الرعاة فلم يوبخنا عليها أحد حتى ولو بالكلمة. من أجل هذا ندان نحن الرعاة أمام الرب بقدر ما نُعتق من العقاب أمام الناس. وبالأكثر تتحرر الرعية من الدينونة الإلهية، لأنها تدان على أخطائها هنا في هذا العالم. * لتتأكد الرعية أن الرعاة متواضعون داخليًا أمام أنفسهم. وهكذا يجب على الرعية أن تدرك ما ينبغي أن تخافه من السلطة، وما ينبغي أن تقلده في محيط التواضع . البابا غريغوريوس (الكبير) الأب أمبروسباستر القديس باسيليوس الكبير |
|