أننا نكرم هذه الأم الإلهية بتقدمة عباداتنا لها بنفسٍ مطهرةٍ من الخطايا، والا فهي تقول نحونا ما قالته مرةً ما لذاك الجندي الرديء السيرة (كما أخبر القديس بطرس سلستينوس) الذي كان يكرم هذه السيدة يومياً ببعض عباداتٍ. فهذا الجندي يوماً ما اذ كان متألماً من شدة جوعه لعدم حصوله على شيءٍ يقتات به، قد ظهرت له والدة الإله عينها وقدمت أمامه بعض مواكيل فاخرة جداً، ولكنها موضوعةٌ ضمن وعاءٍ بهذا المقدار كريه المنظر من شدة أوساخه، حتى أن الجندي مع حال كونه جائعاً جداً لم يمكنه أن يتناول من تلك الأطعمة شيئاً، ثم قالت له: أنا هي مريم والدة الإله أتيت لآسعفك في حال جوعك، فأجابها الجندي قائلاً: لكنني لا أقدر أن آكل من الأطعمة في هذا الإناء الكريه الوسخ. فحينئذٍ قالت له هذه السيدة: فكيف اذاً أنت تريد مني أن أقتبل عبادتك لي المصنوعة منك في حال وجود نفسك ملتطخةً بحماة الرذائل: فالجندي عند سماعه هذه الكلمات رجع الى الله تائباً وأنفرد في القفر سائحاً مدة ثلاثين سنةً وساعة موته ظهرت له ثانيةً والدة الإله وأقادت نفسه الى الحياة الأبدية.*