مَثَل الدرهم المفقود
"أَوْ أَيَّةُ امْرَأَةٍ لَهَا عَشْرَةُ دَرَاهِمَ، إِنْ أَضَاعَتْ دِرْهَماً وَاحِداً، أَلَا تُوقِدُ سِرَاجاً وَتَكْنِسُ الْبَيْتَ وَتُفَتِّشُ بِاجْتِهَادٍ حَتَّى تَجِدَهُ؟ وَإِذَا وَجَدَتْهُ تَدْعُو الصَّدِيقَاتِ وَالْجَارَاتِ قَائِلَةً: افْرَحْنَ مَعِي لِأَنِّي وَجَدْتُ الدِّرْهَمَ الَّذِي أَضَعْتُهُ. هكَذَا أَقُولُ لَكُمْ يَكُونُ فَرَحٌ قُدَّامَ مَلَائِكَةِ اللّهِ بِخَاطِئٍ وَاحِدٍ يَتُوبُ" (لوقا 15:8-10).
في المثَل الثاني يصوِّر المسيح للنساء بين سامعيه عملاً بيتياً، ويجعل النسبة بين الضالين وغير الضالين كواحد إلى عشرة، فيعظِّم نسبة قيمة الخاطئ. ويوضح خسارة المالك السماوي الذي له الأرض وملؤها، المسكونة وكل الساكنين فيها (مزمور 24:1). في المثل أضاعت المرأة درهماً من عشرة، وبعد التفتيش بواسطة تكنيس البيت على ضوء السراج، نجحت، ففرحت جداً بالعثور على الدرهم كما فرح صاحب الخروف، وأشركت الآخرين معها أيضاً في الأفراح.
يجوز القول إن المرأة تمثل الكنيسة، كما مثَّل الراعي المسيح رأس الكنيسة. فكنيسة المسيح الحقيقية تسير على خُطَّته، لأنه يقودها بروحه، ولذلك تفتِّش بكل اجتهاد على التائهين في قفار الخطية. والسراج الموقد بيدها هو كتاب الوحي الذي قال فيه داود: "سِرَاجٌ لِرِجْلِي كَلَامُكَ وَنُورٌ لِسَبِيلِي" (مزمور 119:105). والكنيسة تَصْدُقُ في اعترافها: "الدرهم الذي أضعْتُه" لأن كثيراً من دم الهالكين يُطلب من الفاترين في الكنيسة، ومن الكنيسة إجمالاً بسبب تقصيرها. والراعي محقٌ في قوله "خروفي" أما المرأة فلا تقول "درهمي" لأن الملك ليس للكنيسة بل للمسيح رئيسها.
علّم المسيح في هذين المثلين أن مصدر الخلاص هو ما يعمله الله في طلب الخاطئ، لا عمل الخاطئ في طلب الخلاص، لأن طلب الخاطئ للخلاص هو نتيجة لعمل الله في قلبه. فليس في الدِّين قولٌ جوهري أكثر من القول إن الأصل في الدين ليس ما يعمله الإنسان لأجل الله، بل ما يعمله الله لأجل الإنسان.