منتدى الفرح المسيحى  


العودة  

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  رقم المشاركة : ( 1 )  
قديم 01 - 06 - 2013, 05:45 PM
الصورة الرمزية Mary Naeem
 
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو
  Mary Naeem غير متواجد حالياً  
الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,257,321

الناموسي والسؤال العظيم
الناموسي والسؤال العظيم

لا نعلم أسم هذا الرجل، ولكننا نستطيع أن نتعرف على شخصيته من خلال اللقب الذي تسمى به، فهو ناموسي وقد كانت هناك ثلاث كلمات في اللغة اليونانية ترجمت في العهد الجديد «معلم» «كاتب» «ناموسي» وهي على الأغلب لشخص واحد، كان له عمله في أيام المسيح، ولم يكن معروفًا في أيام موسى، ومن المرجح أن هذا النظام بدأ بعزرا الكاتب واستمر طوال العصور اللاحقة حتى أيام المسيح، والناموسي على هذا الأساس هو الرجل الخبير في الشريعة، والذي يستطيع شرح الناموس، وتعليمه، وعلى وجه الخصوص للشباب، وهو الذي يفحص التقاليد المختلفة المتوارثة في تفسير الناموس، وهو الذي يمارس الأحكام القضائية، كقاضي يحكم بين الناس وفق الشريعة والناموس! ومن ثم فنحن أمام رجل بارز المكانة بين الناس، ولعله وهو يضع سؤاله أمام المسيح لم يكن يقصد تجربة المسيح بمعنى محاصرته لاسقاطه في الامتحان، فان التعبير في الأصل اليوناني هو أدنى إلى عجم العود، واختبار القدرة حتى يمكن معرفة مدى فهم المسيحللشريعة واستيعابه لها،
طرح الناموسي أمام المسيح السؤال العظيم الذي يعد من أهم وأعظم الأسئلة التي تخطر على الذهن البشري في مختلف العصور والأجيال : «ماذا أعمل لأرث الحياة الأبدية» ومن اللازم ونحن نناقش هذا السؤال العظيم، وحاجة الإنسان إلى الجواب الصحيح عليه، أن نبدأ أول كل شيء، بمعرفة ان الإحساس العام للإنسان في العالم، هو أنه لا يعيش الحياة في الأرض، بل هو في واقع الأمر يعيش على هامش الحياة ويكفي أن نسأل المفكرين والعلماء والفلاسفة عن الحياة، لقد دعاها مرقس أوريليس معركة، وإدوارد كوك قال إنها فقاعة جوفاء، وروبرت براوننج وصفها بالحلم الفارغ، وجيمس باري أطلق عليها : فنجان شاي، واعتقد روي كامبل أنها ممر مغبر مغلق من الناحيتين، ووصفها وهنلي بالدخان، وجون ماسفيلد بالصراع الطويل في شارع مملوء بالضوضاء، وكريستوفر مدرلي بلعبة الورق بين الإنسان والطبيعة، وعندما هنأ تشارلس إيفانز هيوز رئيس المحكمة العليا في الولايات المتحدة أوليفز هولمز لبلوغه التسعين من عمره بما أسماه الحياة الغنية الكاملة، كتب هولمز بأن الحياة تبدو له كالصورة اليابانية التي لا تحقق آمالها المرجوة، وإذ نصوب سهامنا إلى شبهها، تسقط هذه الشبه محترقة رمادًا على الأرض!!
في الواقع إن أمل الإنسان في الحياة الأبدية، لم يكن الأمل الذي انفرد به الناموسي وحده، بل رأينا أن الشاب الغني - مع ما كان يتمتع به من ميراث يحسده الناس عليها - لم يكن سعيدًا بالحياة، ويعوزه شيء أعمق وأبعد وأعظم، من مظهر الحياة التي كان يعيشها، وجميع من تقلهم هذه الأرض عندما يتعمقون في فهم وجودهم فيما يطلق عليه الحياة لا يجدون أنفسهم أحياء، بل لعلهم يجدون أنفسهم يعيشون، وشتان ما بين المعيشة والحياة، إن الإنسان يعيش في الواقع، «الموت» لا الحياة ومن ثم فهو في لغة الكتاب المقدس «ميت» حتى ولو تحرك وسعى وذهب هنا وهناك، وترددت الأنفاس في صدره، ومارس مظاهر الحياة المختلفة في أعماله وحركاته، إن الحياة الأبدية شيء يبدأ من لمسة الله للإنسان الذي يقيمه من الموت الذي جلبته الخطية عليه، وهي حياة لا تعني الأبدية فيها مجرد الطول، بل العمق والارتفاع والعرض،بكل ما تعنيه لمسة الله لوجوده الخالد الذي جبله عليه، وإلا فهل يمكن أن نعتبرها حياة تلك التي يعيشها سجين محكوم عليه بالسجن المؤبد في زنزانة ضيقة بدون أمل في تحرر أو إفلات، وهل يمكن أن تكون حياة تلك التي يعيشها إنسان مشلول بدون أمل بالانطلاق والحركة، وهل يمكن أن نطلق على ما يعيشه حياة، وهو معذب يتلوى في عذاباته من غير راحة ولو لثانية واحدة من الزمن!! ومع هذا كله، فالحياة حتى ولو تحررت من هذه جميعها، فهي ليست السلبية أو الانعدام، بل هي الإيجابية التي تموج بالقوة والثمرة والاخضرار والبهجة والحركة الدائبة نحو آفاق ممتدة بغير حدود أو سدود أو قيود، ... هن الحياة كما أودع الله الأبدية في قلب الإنسان على قول الجامعة : «قد رأيت الشغل الذي أعطاه الله بني البشر ليشتغلوا به صنع الكل حسنًا في وقته وأيضًا جعل الأبدية في قلبهم التي بلاها لا يدرك الإنسان العمل الذي يعمله الله في البداية إلى النهاية» (جا 3 : 10 و11(.
على أنه من الواضح أن الناموسي، كالشاب الغني، كجميع الناس على الأرض، وهم في سبيل البحث عن هذه الحياة، يقعون في الحيرة والتناقض، وعندما يسعون للحصول عليها، أهي شيء يورث؟ أم هي شيء يبذل في سبيله عمل وجهد للوصول إليه؟ فإن الميراث في الواقع ينشأ عن مركز قانوني، وليس عن جهد يبذل أو تعب لابد منه قبل الوصول إلى الحياة، والحياة الطبيعية لكل إنسان لم يتعب صاحبها قط في الوصول إليها، بل جاءت ميراثًا لحياة أخرى، ولذلك فالسؤال : «ماذا أعمل لأرث» فيه الكثير من غموض التعبير أو على الأقل الحيرة في مفهوم الوصول إلى الحياة الأبدية!!
بالإضافة إلى هذا كله، إن الناموسي لم يكن يعلم، وهو يسأل المسيح ممتحنًا، أنه يسأل الشخص الوحيد الذي يملك الإجابة الكاملة لأنه هو وحده الذي به نحيا ونتحرك ونوجد، وهو الذي جاء لتكون لنا حياة وليكون لنا أفضل، وهو نبع الحياة ومصدرها، وسر وجودها!!
وعلى أي حال فإن الناموسي، وهو يضع هذا السؤال أمام المسيح، كان يضع السؤال الذي يعتبر في مقدمة الأسئلة التي يلزم أن يسألها الإنسان في كل جيل وعصر، إذا رام أن يعرف معنى وجوده، وفلسفة حياته، وطعمها، ومذاقها، وغايتها، أو في عبارة أخرى، هذه هي فلسفة الوجود الصحيحة، وليست تلك التي أقعدتها اللا أدارية الملحدة عن العثور على الجواب!!
رد مع اقتباس
إضافة رد


الانتقال السريع

قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً
الموضوع
بنات صلفحاد والسؤال
لا تجبر أحد علي الاهتمام بك والسؤال عنك
بزيارة الشخص المتألم والسؤال عنه،
الناموسي
الإفتقاد العام والسؤال عن بعضنا البعض من 14 إلى 16 نوفمبر


الساعة الآن 11:07 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024