|
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
الأقباط في عصر المماليك: - المماليك وهدم الكنائس لما شرع الملك الناصر محمد بن قلاوون في بناء ميدان فسيح في الجهة المعروفة الآن بـ"الناصرية" في آخر شهر ربيع الأول من عام 721 هـ. كان الحفر إلى جانب كنيسة الزهري وهي كنيسة واسعة جميلة البناء سكن حولها عدد كبير من الأقباط وما يزالون يسكنون (وهى المنطقة التي تحوى الأزهر وحارة زويلة وحارة الروم والغورية حتى منطقة الأنبا رويس بالعباسية) فأشار عليه المغرضون بهدمها لأنه لا يصح أن تكون للنصارى كنيسة ظاهرة بهذه الكيفية، أما هو فلم يرد أن يهدمها، بل أمر أن تحفر حول جدرانها حتى تنهار من تلقاء نفسها، إلا أنها لما كانت على جانب عظيم من المتانة استمرت قائمة ولم تهدم فاغتاظ المسلمون ونقموا على الأقباط لما رأوا السلطان يدافع عنهم، وكثرت في هذه الفترة العمارات في القاهرة، فتواطأ المسلمون مع بعض الأمراء المماليك على هدم الكنائس انتقاما من الأقباط من ناحية وليستخدموا أنقاضها وأدواتها في بناء عماراتهم. ويصف المقريزي الموقف بقوله: اخذ الفعلة في الحفر حوالي كنيسة الزهري حتى بقيت قائمة وسط الموقع الذي عينه السلطان ليحفر وهو اليوم بركة الناصرية، وزاد الحفر حتى تعلقت الكنيسة وكان القصد من ذلك أن تسقط من غير قصد لخرابها، وصارت العامة من غلمان الأمراء العاملين في الحفر وغيرهم من الغوغاء المتعصبين يصرخون على الأمراء في طلب هدمها، وهم يتغافلون عنهم إلى إن كان يوم الجمعة التاسع من شهر ربيع الأول من هذه السنة وقت اشتغال الناس بصلاة الجمعة والعمل في الحفر متوقف، فتجمع عدد من الغوغاء بغير مرسوم السلطان وقالوا بصوت عال "الله أكبر" وامتدت أيديهم نحو كنيسة الزهري وهدموها حتى بقيت كوما وقتلوا كل من كان من النصارى، وأخذوا جميع ما كان فيها، وهدموا كنيسة مارمينا التي كانت بالحمراء، وكانت مُعَظَّمةٌ عند النصارى من قديم الزمان، وموضع اعتبارهم، وبها عدد من النصارى قد انقطعوا فيها -أي أقام حولها- كثير من الرهبان والراهبات ويحمل إليها نصارى مصر سائر ما يحتاج إليه الشعب، ويبعث إليها بالنذور الجليلة والصدقات الكثيرة، فوجد فيها مال كثير ما بين نقد ومصاغ وغيره، وتسلق العامة إلى أعلاها، وفتحوا أبوابها وأخذوا منها مالًا وقماشًا وخربوا واهلكوا كل ما فيها، فكان أمرا مهولًا. ثم مضوا إلى كنيسة الحمراء بعد ما اهدموها إلى كنيستين بجوار السبع سقايات تصرف إحداهما بكنيسة البنات (دير الراهبات) كان يسكنها بنات النصارى وعدد من الرهبان، فكسروا أبواب الكنيستين وسبوا البنات، وكانوا زيادة على ستين بنتًا، ونزعوا ثيابهم وسلبوا كل ما وجدوه معهن، ونهبوا سائر ما ظفروا به وحرقوا وهدموا تلك الكنائس كلها بعد ذلك أطلقوا النار في بيوت النصارى القائمة حول كنيسة مارمينا، وحرقوا الكنائس الثلاث هذا والناس في صلاة الجمعة. فعندما خرج الناس من الجوامع شاهدوا هولًا كبيرًا من كثرة الغبار ودخان الحريق ومرج الناس وشدة حركاتهم ومعهم ما نهبوا مما شبه الناس الحال لهوله بيوم القيامة، وكانت أخبار تلك التعديات قد وصلت إلى مسمع السلطان وقيل أن لم تسرع في إنقاذ الأقباط في بابليون هلكوا عن آخرهم، وذلك لأن الغوغاء لم يكفهم ما حدث بل قاموا إلى بابليون التي يسكنها أكثر الأقباط وأعيانهم قاصدين الفتك بهم، ولكن هؤلاء شعروا بهم قبل وصولهم وأغلقوا باب الحصن القديم وكان داخل سوره ستة كنائس، واستعد الأقباط للدفاع عن أنفسهم كما بلغ السلطان وجود عصابة أخري تسعى إلى هدم كنائس الموسكي وحارة زويلة، وفي قلعة الخيل سمع السلطان ضجة عظيمة ورجة نكرة أفزعته فبعث لكشف الخبر فلما بلغه ما وقع انزعج انزعاجا عظيما وتعجب من جرأة العامة وأقدامهم على ذلك بغير أمره. وأمر الأمير إيدغمش أمير أخور أن يركب بجماعة لم ذشاقية، وبتدارك هذا الخلل ويقبض على من فعله، فأخذ "أيد غمش" يتهيأ للركوب وإذا بخبر ورد من القاهرة أن العامة ثارت في القاهرة وخربت كنيسة بحارة الروم وكنيسة بحارة زويلة وجاء الخبر من مدينة مصر أيضًا بأن العامة قامت بمصر في جمع كثير وزحفت إلى كنيسة المعلقة بقصر الشمع فأغلقها النصارى وهم محاصرون من بها وهي على وشك أن تؤخذ، فتزايد غضب السلطان وهم أن يركب بنفسه ويبطش بالعامة ثم تأخر لما راجعه الأمير ايدغمش ونزل من القلعة مع أربعة من الأمراء إلى مصر وركب الأمير بيبرس الحاجب والأمير الماسي الحاجب إلى موقع الحفر، وركب الأمير طينال إلى القاهرة وكل منهم معه عدد وافر من الرجال، وقد أمر السلطان بقتل من قدروا عليه من العامة بحيث لا يقعد عن أحد، فقامت القاهرة ومصر القديمة على ساق وهرب الغوغاء الغاصبون فلم يظفر الأمراء منهم إلا بمن عجز عن الحركة لما غلبه من السكر بالخمر الذي نهبه من الكنائس. ولحق الأمير ايدغمش بمصر القديمة وركب الوالي إلى المعلقة قبل وصوله ليخرج من زقاق المعلقة من حضر للنهب فأخذه الرجم حتى فر منهم ولم يبق إلا أن يحرق باب الكنيسة ، فجرد ايدغمش ومن معه السيوف يريدون الفتك بالعامة فوجدوا عالما لا يقع عليه حصر وخاف سوء العاقبة، فأمسك عن القتل وأمر أصحابه بإرهاب العامة من غير إهدار دم، ونادى منادية: مَنْ بقى حُلَّ دمه. ففرّ من اجتمع من العامة ثم نص والتزم والى مصر أن يبيت بأعوانه هناك، وترك معه خمسين من الاوشاقية أما الأمير الماس فإنه وصل إلى كنائس الزهري ليتداركها فإذا بها هدمت عن أخرها وتحولت ألي أكوام من التراب وليس بها جدار قائم، وينهب الناس ما بها، وعاد الأمراء فردد والخبر على السلطان، وهو لا يزداد إلا حنقًا، فما زالوا معه حتى سكن غضبه، وهكذا هدمت كنائس مصر والفسطاط فلم يجسر المسيحيين على الخروج من بيوتهم وبقوا محبوسين فيها أياما، وبعضهم تركها وسكن بابليون لحصانها وعدم إمكان الهجوم والتغلب عليها بسهولة. ثم حدثت أحداث أخري مماثلة نتيجة دعوة المتعصبين لهدم الكنائس وتخريب بيوت المسيحيين، فهدموا كنيسة أخري في القلعة وأخرى لمار مينا في الزاوية الحمراء والقاهرة وكنائس حارة الروم والبند قانيين وكنيستين بحارة زويلة. أما عن أخبار هدم كنائس الإسكندرية فيقول المقريزى "ومن يوم الأحد ثالث يوم الجمعة الذي حدث فيه هدم كنائس القاهرة ومصر القديمة، ورد الخبر من الأمير بدر الدين بيلبك المسني والى الإسكندرية... وقع صباح هدمت الكنائس فركب المملوك من فوره فوجد الكنائس صارت كوما من التراب وهدمت عن آخرها وكان عدد الكنائس التي هدمت أربعة في الإسكندرية واثنين في البحيرة وفي نفس اليوم ذكر عن مدينة قوص.. هدمت ستة كنائس وعدد من الأديرة وكذلك كنائس دمياط والغربية والشرقية ودمنهور والبهنسا وأسيوط وأسوان "فأشتد ضيق السلطان على العامة خوفًا، فساد الحال أدرك أن هذه الحوادث دبرت قبل حدوثها وأراد أن يقاصي مدبريها فأمر السلطان بالبحث عن رؤساء العصابة التي تسببت في هذه الفعلة الذميمة وإحضارهم لديه ليجازيهم بما يستحقون على هذا الاعتداء والافتراء فخاف بعضهم من افتضاح الأمر، إذ كانت لهم يد فيها في تسكين غضبه، وقالوا هذا الأمر ليس من قدرة البشر فعله، ولو أراد السلطان وقوع ذلك على هذه الصورة لما استطاع، وما هذا إلا بأمر الله سبحانه وتعالى وبقدرته، لِما عُلِمَ من كثرة فساد النصارى وزيادة طغيانهم ليكون ما وقع نقمة وعذابًا لهم، أما الطرق والشوارع في ذلك اليوم كانت مريعة جدًا لأنها كانت غاصة بالنهابين الحاملين فهي بيعات الكنائس وبيوت النصارى". كما هدمت الكنيسة في طنطا وتحولت إلى مسجد سنة 1320 فاضطروا إلى الالتجاء إلى كنيسة سبرباى للصلاة في كنيستها. |
|