ما بعد الرشم وصلاة البنين
وبعد أن نرشم أنفسنا بعلامة الصليب وباسم الثالوث معاً، نستطيع بكل دالة أن ننطق ونقول بروح البنوة: أبانا، لأننا تقدمنا – حسب التدبير الإلهي – بذبيحة الابن الذي آمنا به وارتديناه، ونطقنا – باعتراف الإيمان الحسن – باسم الثالوث القدوس حياتنا كلنا، وذلك بصفتنا أعضاء من لحم وعظم ابن الله الوحيد، لنا الروح الواحد عينه، هذا الذي يسكن فينا بشخصه حسب مسرة مشيئة الله والذي يشهد لأرواحنا أننا أولاد وورثة مع المسيح.
وَأَنَا أَطْلُبُ مِنَ الآبِ فَيُعْطِيكُمْ مُعَزِّياً آخَرَ لِيَمْكُثَ مَعَكُمْ إِلَى الأَبَدِ؛ وَأَمَّا الْمُعَزِّي الرُّوحُ الْقُدُسُ الَّذِي سَيُرْسِلُهُ الآبُ بِاسْمِي فَهُوَ يُعَلِّمُكُمْ كُلَّ شَيْءٍ وَيُذَكِّرُكُمْ بِكُلِّ مَا قُلْتُهُ لَكُمْ؛ كُلَّ الَّذِينَ يَنْقَادُونَ بِرُوحِ اللهِ فَأُولَئِكَ هُمْ أَبْنَاءُ اللهِ. إِذْ لَمْ تَأْخُذُوا رُوحَ الْعُبُودِيَّةِ أَيْضاً لِلْخَوْفِ، بَلْ أَخَذْتُمْ رُوحَ التَّبَنِّي الَّذِي بِهِ نَصْرُخُ: «يَا أَبَا الآبُ». اَلرُّوحُ نَفْسُهُ أَيْضاً يَشْهَدُ لأَرْوَاحِنَا أَنَّنَا أَوْلاَدُ اللهِ. فَإِنْ كُنَّا أَوْلاَداً فَإِنَّنَا وَرَثَةٌ أَيْضاً، وَرَثَةُ اللهِ وَوَارِثُونَ مَعَ الْمَسِيحِ. (يوحنا 14: 16، 26؛ رومية 8: 14 – 17)
وباعتراف الإيمان الحسن وشهادة الروح القدس الرب المُحيي، يبدأ تقدس اسم الله فينا، لأننا نتحدث إليه ونطلب كبنين له في المسيح قائلين (أبانا الذي في السماوات ليتقدس اسمك)، ونكمل الصلاة التي علمنا إياها شخص اللوغوس بذاته بكل ثقة الإيمان لننال كل شيء من الله.
لأننا الآن في المسيح يسوع نحن جميعاً الذين كنا قبلاً بعيدين صرنا قريبين بدم المسيح (أفسس 2: 13)، لذلك نحن نتقدم في صلاتنا في ثقة يقين الإيمان بانفتاح البصيرة، أي بفعل الاستنارة، مُصلين في الروح القدس طالبين (كل شيء) باسم شخص ربنا يسوع المسيح مخلصنا الصالح، لذلك في ختام الصلاة الربانية علمتنا الكنيسة أن نقول: (بالمسيح يسوع ربنا)، ومن أجل ذلك الاسم العظيم نحن ننال كل شيء سماوي من الله الحي، ونستحق في هذه الحالة أن نخدم اسمه العظيم القدوس، وخدمة الله هي بطبيعتها خدمة كهنوتية مقدسة، لأننا فيها نُقدم أنفسنا ذبيحة حية مرضية عبادتنا العقلية، باسم الرب إلهنا، لذلك مكتوب: وجعلنا ملوكاً وكهنة لله أبيه له المجد والسلطان إلى أبد الآبدين آمين (رؤيا 1: 6)
اغتسلتم، بل تقدستم، بل تبررتم، باسم الرب يسوع وبروح إلهنا، لأن كل من يدعو باسم الرب يخلص، لنتقدم بقلب صادق في يقين الإيمان مرشوشة قلوبنا من ضمير شرير ومغتسلة أجسادنا بماء نقي؛ لذلك (علينا الآن يا إخوتي أن) نتقدم بثقة إلى عرش النعمة، لكي ننال رحمة ونجد نعمة عوناً في حينه.(1كورنثوس 6: 11؛ رومية 10: 13؛ عبرانيين 10: 22؛ عبرانيين 4: 16)فهذه – باختصار – صلاتنا المجيدة الشريفة، المختومة بمدمٍ كريم كما من حمل بلا عيب ولا دنس دم المسيح؛ الذيبروح أزلي قدم نفسه لله بلا عيب، والذي يطهر ضمائرنا من أعمال ميتة لنخدم الله الحي (1بطرس 1: 19؛ عبرانيين 9: 14)، والذي بدونها لن ننال شيئاً من الله، فهل يا تُرى وعيتم معي قوة وأصالة عمق صلاتنا المسيحية القائمة على التبني في المسيح يسوع، أم لم يتحرك قلبكم بعد بالإيمان بالمسيح يسوع الذي صار لنا حكمة من الله وبراً وقداسة وفداء (1كورنثوس 1: 30).