نص إنجيل توما المنحول
ويستمر النص هكذا إلى أن ينتهي برواية حوار الصبي يسوع مع قادة اليهود في الهيكل والتي نقلها عما جاء في الإنجيل للقديس لوقا. وما جاء في هذا الكتاب يقدم صورة مختلفة تماما للطفل يسوع كما يصوره الوحي الإلهي في الإنجيل بأوجهه الأربعة والتي تؤكد، كما يؤكد آباء الكنيسة أن الرب يسوع المسيح لم يصنع أي معجزة قبل عماده وحلول الروح القدس ولم يكن من تدبير التجسد ذلك. وفيما يلي هنا في موقع الأنبا تكلاهيمانوت نص الكتاب كما نقلناه عن عدة ترجمات إنجليزية واختيار النص الأطول لأنه يمثل معظم المخطوطات:
1 - كتاب القديس توما الرسول الخاص بطفولة الرب:
أنا توما الإسرائيلي، رأيت أنه من الضروري أن أعرف كل الأخوة الذين من الأمم بالأعمال العظيمة التي عملها ربنا يسوع المسيح في طفولته، لما كان ساكنا في الجسد في مدينة الناصرة وكان عمره خمسة أعوام.
2 - يسوع يأمر ماء البركة فيصبح رائقًا:
في أحد الأيام كان هناك مطر غزير، وقد خرج هو من المنزل الذي تقيم فيه أمه، ولعب على الأرض حيث كانت المياه تنساب. فصنع بركًا ووضع فيها المياه التي أحضرها، فامتلأت البرك بالماء. حينئذ قال: "أيها المياه كوني صافية نقية حسب إرادتي" فصارت كذلك في الحال.
3 - ابن حنان الكاتب يفرق ماء البرك، فيلعنه المسيح ويجف ويموت:
ومر صبي هو ابن حنان الكاتب وكان يحمل فرع صفصاف، فشتت البرك وتدفق منها المياه. فالتفت يسوع وقال له: "أيها الشرير الأحمق ماذا فعلت برك المياه إليك حتى تفرغها؟ هوذا منذ الآن تجف مثل شجرة لا تنتج أوراقًا أو جذورًا أو أثمارًا". وفي الحال جف الصبي تمامًا أما يسوع فمضى إلى منزل يوسف. فحمل الوالدان الطفل وندبا شبابه وأتيا به إلى يوسف وقالا له: "أنظر ما فعله أبنك بابننا".
4 – يسوع يخلق من الطين كهيئة الطير وينفخ فيه فيتحول إلى طير مغرد:
وصنع يسوع من طين الصلصال، أثني عشر عصفورًا. وكان ذلك يوم سبت. فجرى صبي وأخبر يوسف قائلًا: "هوذا أبنك يلعب عند غدير المياه وصنع من طين الصلصال أثني عشر عصفورًا، الذي لا يحل “. فلما سمع ذلك ذهب وقال ليسوع "لماذا فعلت ذلك ودنست السبت؟". لكن يسوع لم يجاوبه، بل نظر للعصافير وقال: "انطلق، طيري، وعيشي واذكريني". وعند قوله هذا طارت وصعدت في الهواء، فلما رأى يوسف ذلك تعجب.
5 – يسوع يلعن طفل ويموت لأنه ضربه بالحجر:
وبعد عدة أيام كان يسوع سائرا في وسط المدينة، فألقى صبي بحجر عليه، فأصابه في كتفه. فقال له يسوع: "أنك لن تسير في طريقك “. فسقط في التو ومات أيضا، والذين رأوا ذلك ذعروا جدًا، وكانوا يتردَّدون، ويقولون: "كلماته كلها نافذة، إما للخير، وإما للشر، ويأتي بمعجزات". وعندما رأوا أن يسوع يفعل أشياء كهذه، نهض يوسف، وشدَّ أذنه بقوة. فغضب الطفل وقال: "لَيكْفك البحث وعدم الاكتشاف؛ لقد تصرَّفت كمجنون؛ "أنا لك من دون شك؛ ولكن ليس عليك أن تعذَّبني في شيء، أنا لك فلا تزعجني مطلقًا".
6 - عند المعّلم زكّا بعض المجرّئين على تصحيح النصوص، بزياد:
وسمع معلَّم مدرسة، اسمه زكّا كان قربهما، يسوع يكلَّم أباه هكذا، فدهش جدًا لتعبير طفل بهذه الصورة. وبعد أيام قليلة قصد يوسف وقال له: "أن طفلك موهوب بذكاء كثير؛ سلمه ليّ، فأعلَّمه الأحرف، وأمنحه كلّ أنواع التهذيب، معلَّمًا إياه خصوصًا احترام الشيخوخة ومحبَّة والديه". وعلَّمه الأحرف كلها من الألفا حتى الأوميجا، شارحًا بوضوح وعناية قيمة كلَّ منها ومعناه. وإذ نظر يسوع إلى المعلَّم زكّا، قال له: "أنتَ الذي يجهل طبيعة الحرف أَلفا، كيف تعلَّم الآخرين ما هي البيْتا؟ أيها المرائي، علَّمنا أولًا، ما هو حرف أَلفا، وإنذاك نصدَّقك حين تتحدَّث عن حرف بيْتا". وأخذ عندها يلحّ على المعَّلم بأسئلة عن أول حرف من الألف باء، فلم يستطع زكّا إعطاء أجوبة مرضية. وفي وجود كثير من الحضور، قال الطفل لزكّا: "إسمَعْ، يا معلَّم، ما هو موقع الحرف الأول، ولاحظْ من كم خطَّ يتألَّف، وكم يحتوى منها داخليةَّ، حادةَّ، متباعدةَّ، متلاقيةَّ، مرتفعةَّ، ثابتةَّ متناسقةَّ. غير متساوية القياس". وشرح له كل ما له علاقة بالحرف A.
7 - زكّا يعلن هزيمته:
عندما سمع زكّا الطفل يعرض أشياء بهذه الكثرة، خَجل من علمه، وقال للحضور: "واأسفاه! كم أنا تَعس، فقد أورثت نفسي الندامة، وجلبت علىَّ نفسي عارًا بإحضار هذا الطفل إليّ؛ خذه، استحلفك بذلك، يا أخي يوسف فأنا لا أستطيع الصمود أمام قوة براهينه، ولا أحسن الارتفاع إلى أحاديثه. فهذا الطفل لم يولَدْ على الأرض؛ ويمكنه التسلَّط على النار؛ ربما ولدَ قبل خلق العالم؛ أجهل أي بطن حمله وأي ثدي أرضعه؛ لقد وقعت في خطأ جسيم، فقد أردت أن يكون لي تلميذ فوجدت معلَّمًا؛ أنني أرى، يا أصدقائي، ما هو ذلَّي، فأنا، الشيخ، هزمت على يد طفل، وستكون نفسي في يأس، وسأموت بسببه، ومنذ هذه اللحظة، لم أعد أستطيع مواجهته. وحين يقول الجميع أنني هُزمت على يد طفل، فبماذا أجيب وكيف أتحدَّث عن قواعد الحرف الأول وعناصره بعد كلّ الذي قاله عنها؟ أنني لا أعرف بداية هذا الطفل ولا نهايته. استحلفك إذًا، يا أخي يوسف، خذه إلى بيتك: فسيكون له شأن عظيم، إنه إله أو ملاك، لست أدرى".
8 - شفاء المصابين بلعنة:
وعندما كان اليهود يقدَّمون نصائح لزكّا، أخذ الطفل يضحك وقال: "الآن وقد أثمرت الأمور وعمْى القلب يبصرون، جئت من فوق لألعنهم وأدعوهم إلى أشياء أسمى، هذا هو الأمر الذي أعطاني إياه منْ أرسلني لأجلكم". وحين أنهي كلامه، كلّ الذين أصابتهم لعنته شفوا على الفور. ومنذ ذلك الوقت، ما من أحد كان يجرؤ على إثارة غضبه خوفًا من أن يلعنه ويصاب بشرَّ ما.
9 - قيامة زينون الطفل:
وبعد أيام قليلة، كان يسوع يلعب على مصطبة، في أعلى منزل، فسقط أحد الأطفال الذين يلعبون معه، من أعلى السطح ومات، وإذ رأي الأطفال الآخرون ذلك، ونزل يسوع وحده. وعندما جاء أهل الطفل الذي مات، اتهموا يسوع بدفعه من أعلى السطح، وكالوا له شتائم. فنزل يسوع من السطح، وأقترب من جثة الطفل، ورفع صوته، وقال: "يا زينون (كان هذا اسم الطفل)، قُمْ وقُلْ لي إن كنت أنا مَنْ أوقعك". وأجاب الطفل، وقد نهض على الفور: "لا، يا سيد، لم تسبب سقطتي، وبالعكس تمامًا، أقمتني من الموت". وذهل الذين كانوا حاضرين. ومجد أهل الطفل الله لأجل الآية التي حصلت، وسجدوا ليسوع.
10 - قيامة شاب:
وبعد بضعة أيام، كان شاب منشغلًا بقطع الأخشاب، فأفلتت فأسه من يديه، وأحدثت في قدمه جرحًا عميقًا، فمات وقد نزف دمه كله. ولما كانوا يهرعون نحوه وكانت هناك جلبة عظيمة، ذهب يسوع مع الآخرين، وإذ وسع لنفسه مكانًا، اجتاز الجمع، ووضع يديه على قدم الشاب، فشفي على الفور. وقال للشاب: "قُْم احتطبْ وتذكرني". وعندما رأي الجمع ما حدث، سجدوا كلهم ليسوع، وهم يقولون: "حقا، أن روح الله يسكن هذا الطفل".
11 - ماء في الرداء:
وعندما بلغ السادسة من العمر، أرسلته أُمه، وقد أعطته جرة، لاستقاء الماء من الينبوع وجلبه إلى البيت، وإذ ارتطمت الجرة، وسط الجمع، تحطمت. فبسط يسوع رداءه الذي كان يلبسه، وملآه ماءً وحمله إلى أمه. فقبلته أمه، وقد رأي الآية التي صنعها، وكانت تحتفظ في قلبها بذكرى الآيات التي كانت تراه يصنعها.
12 - آية الزرع:
وإذ جاء زمن الزرع، ذهب الطفل يسوع مع أبيه ليبذر قمحًا في أرضهما، وفيما كان يوسف يبذر، تناول الطفل حبة قمح وطمرها في التراب، وهذه الحبة وحدها أعطت مئة كر من القمح. وإذ جمع فقراء القرية كلهم، وزع عليهم القمح، وأخذ يوسف ما تبقى. وكان يسوع في الثامنة من عمره حين صنع هذه الآية.
13 - إنقاذ يوسف من ورطة:
وكان أبوه نجارًا وكان يصنع في ذلك الوقت محاريث ومقارن. وقد أوصاه رجل ثرى أن يصنع له سريرًا. ولما كانت المسطرة التي يستخدمها يوسف لقياس الخشب لا يمكنها أن تفيده في ذلك الظرف، قال له الطفل: "ضع أرضًا قطعتي خشب وانجرهما انطلاقًا من الوسط". وفعل يوسف ما أمره به الطفل، وإذ كان يسوع في الجانب الآخر، ضم الخشب وشد نحوه القطعة الأقصر، وجعلها مساوية للأخرى، وقد طالت تحت يده. وإذ رأي أبوه يوسف ذلك، أُعجب، وقال، وهو يقبل الطفل: "لقد تباركت لأن الرب أعطاني طفلًا كهذا".
14 - إلى معلم آخر:
وإذ رأي يسوع أن الصبي قويًا في الجسم، أراد مرة أخرى أن يتعلم الأحرف، فأصطحبه إلى معلم آخر. وهذا المعلم قال ليوسف: "سوف أُعلمه أولًا الأحرف اليونانية ومن ثم الأحرف العبرية. وكان المعلم يعرف مهارة الطفل كلها ويرهبه، إلا أنه كتب الألف باء، وحين أراد سؤال يسوع، قال له يسوع: "إذا كنت حقًا معلمًا، وإذا كانت لديك معرفة صحيحة بالأحرف، فقُلْ لي ما معنى حرف ألفًا، أقول لك ما معنى حرف بيتا". فدفعه المعلم، ثائرًا وضربه على رأسه. فلعنه الطفل، غاضبًا من هذه المعاملة، وعلى الفور سقط المعلم على وجهه ميتًا. وعاد الطفل إلى مسكن يوسف، الذي أغتمَّ جدًا لذلك، وقال لأُم يسوع: "لا تدعيه يجتاز باب البيت، فكلّ الذين يغضبوه يموتون".
15 - تلميذ مملوء نعمةً:ً
وبعد بعض الوقت، قال ليوسف معلَّم آخر، كان قريبًا وصديقًا له: "أحضر هذا الصبي إلى مدرستي؛ فربما أنجح في شكل أفضل في تعليمه الأحرف، غير مستخدم حياله سوى معاملة جيدة". فقال له يوسف: "أن كانت لك الشجاعة فخذه معك، يا أخي". وأخذه معه بخوف وكرب عظيم وكان الصبي يمضى مسرورًا. وإذ دخل المدرسة بثقة، وجد كتابًا على منبر القراءة، فأخذه ولم يقرأ ما كان مكتوبًا؛ لكنه كان يتكلَّم، فاتحًا فمه، بالروح القدس، وكان يشرح الشريعة للحاضرين. وكان يحيط به جمعٌ كثير، وكلّهم كانوا معجبين بعلمه وبان طفلًا يعبر بهذه الطريقة. فارتعب يوسف، وقد علم ذلك، وأسرع إلى المدرسة، خائفًا من أن يكون المعلَّم أُمَّيّاَّ. وقال المعلَّم ليوسف: "تعلم، يا أخي، أنني أخذت هذا الطفل تلميذًا، لكنه مملوء نعمةَّ وحكمة بالغة؛ أرجوك يا أخي، أرجعْه إلى بيتك". وعندما سمع الطفل، ابتسم وقال: "لأنك تكلمت بالحق وشهدت بالحق، فمن أجل خاطرك فأن مَنْ صُعقَ سيشفي". وعلى الفور شفي المعلَّم الآخر. وأخذ يوسف الطفل ومضى إلى بيته.
16 - شفاء يعقوب:
وأرسل يوسف ابنه يعقوب ليحزم حطبًا ويحمله إلى البيت وكان يرافقه الصبي يسوع. وعندما كان يعقوب يلتقط أغصان شجر، لسعته أفعى في يده. وحين كان في لحظة الموت من جرحه، اقترب يسوع، ونفخ فوق اللسعة، فتوقف الألم على الفور، وماتت الأفعى، وفي الحال شفي يعقوب تماماَّ.
17 - "آمرك بألا تموت":
وبعد ذلك، حدث أن طفل أحد جيران يوسف مرض، ومات، وكانت أُمه تبكى كثيرًا. وسمع يسوع صوت النحيب والتأوُّهات، فجرى مسرعًا، وعندما وجد الطفل ميتًا، لمس صدره، وقال: "آمرك، أيها الطفل بألا تموت؛ عشْ وابقَ مع أُمك". وعلى الفور نهض الطفل وأخذ يضحك. فقال يسوع للأُم: "خذيه وأرضعيه، وتذكَّريني". وحين رأي الشعب الذي كان هناك هذه الآية، قال: "هذا الطفل هو حقّاَّ إله أو ملاك الله، فكلّ ما يأمر به يُنَفَّذ على الفور". ومضى يسوع مع الأطفال الآخرين.
18 - الميت ينهض ويسجد:
وبعد بعض الوقت، ولما كانوا يبنون مبنى، حدثت جلبه عظيمة، فذهب يسوع ليرى ما حدث، فوجد رجلًا راقدًا ميتًا، فأمسك بيده وقال له: "أقول لك يا رجل قُمْ، وعُدْ إلى عملك". فقام الميت في الحال وسجد له. فتعجب الجموع وكانوا يقولون: "لقد جاء هذا الطفل حقًا من السماء، فقد أنقذ أنفسًا كثيرة الموت، وسوف ينقذها كلّ زمن حياته".
19 – يسوع يعلم في الهيكل أمام الشيوخ والمعلَّمين:
وعندما بلغ يسوع الثانية عشرة من العمر، ذهب أبواه، بحسب العادة، إلى أُورشليم ليحتفلا بالفصح، برفقة أشخاص آخرين، وبعد الفصح عادا إلى ديارهما. وفيما كانا سائرَين، رجع الصبي يسوع إلى أُورشليم، وكان أبواه يعتقدان بأنه كان مع الذين يرافقونهما. وبعدما ذهبا مسيرة يومًا واحدًا، كانا يطلباه بين أقربائهما فلم يجداه؛ وكانا في حزن عظيم وعادا إلى المدينة ليبحثا عنه، وفي اليوم الثالث، وجداه في الهيكل، جالسًا في وسط المعلمين، يستمع للناموس ويسألهم أسئلة، ويشرح الشريعة. وكلّهم كانوا منتبهين ومندهشين لأن طفلًا أربك الشيوخ ومعلَّمي الشعب وضيَّق عليهم بالأسئلة، باحثًا في نقاط الشريعة وفي أمثلة الأنبياء. وقالت له أُمه مريم، متقربةَّ منه: "لمَ فعلت بنا ذلك، يا بُنَىّ؟ فقد كنا مغمّومَين ونجن نفتَّش عنك". فأجابها يسوع: "لمَ تفتَّشان عنّى؟ ألا تعلمان أنه ينبغي أن أكون مع الذين هم لأبى؟" فقال الكتبة والفريسيون: "هل أنت أُم هذا الصبي؟" فأجابت: "أنا هي". فقالوا لها: "مباركة أنت بين كلّ النساء، لأن الله بارك ثمرة أحشائك؛ أننا لم نرَ ولم نسمَعْ أبدًا مجدًا بهذا المقدار، وحكمةَّ بهذا المقدار وبراعة بهذا المقدار". فنهض يسوع وتبع أُمه، وكان خاضعًا لوالديَه. وكانت أُمه تحتفظ في قلبها بذكرى كلّ ما كان يحدث. وكان يسوع ينمو في الحكمةَّ، والنعمةَّ وعمراَّ. له المجد في كل الدهور.أمين.