رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
انقسام المملكة المملكة المتَّحدة: عند قرب نياحة داود الملك حاول أدونيا أن يستولي على الحكم، لكن ناثان النبي أخبر الملك وقام بتتويج سليمان ملكًا (1 مل 1). استلم سليمان الحكم، وسار في خوف الله وتمتُّع بالحكمة السماويَّة. اتَّسعت في أيَّامه رقعة إسرائيل وبلغت أوج عظمتها، وكادت أن تكون أعظم إمبراطوريَّة في ذلك الحين. وتحقَّق الوعد الإلهي حيث امتدَّت من حدود مصر حتى حدود بابلونيا، وساد المملكة السلام مع الغنى والمجد. لقد كانت موضع احترام وتقدير الدول المحيطة بها، وجاءت ملكة سبأ لتسمع حكمة سليمان. من الجانب الديني قام سليمان ببناء الهيكل الذي حُسب أحد عجائب الدنيا. ووضع تابوت العهد فيه، وامتلأ الهيكل بمجد الله، وقدَّم سليمان صلاة تدشين رائعة. لكن زواجه بالوثنيَّات الأجنبيَّات دفعه نحو العبادة الوثنيَّة. المملكة المنقسمة: بموت سليمان اختار ابنه رحبعام المشورة الغبيَّة حيث نادى بزيادة الضرائب بطريقة مملوءة عنفًا وكبرياء، فقاد يربعام حركة تمرُّد وانشق عن رحبعام عشرة أسباط، وأقاموا منه ملكًا. انقسمت المملكة. كان هذا بداية فترة من الفوضى والصراع بين مملكتين ومجموعتين من الملوك. سرّ الانقسام: يرى بعض الدارسين أن هذا الانقسام ليس وليد يومه، بل تمتدّ جذوره إلى أجيال قديمة. وُجد في إسرائيل فريقان: الفريق الأول يطلب النظام الملكي كتطوُّرٍ ضروريٍ وطبيعيٍ لأمَّة مستقرَّة ومتَّسعة بعد أن كانت أمَّة صغيرة في أرض العبوديَّة وخرجت إلى البريَّة في رحيل مستمر، أشبه بحياة البدو وليس حياة الحضر. لعلَّه رأت بعض القيادات أن وجود أسباط متعدِّدة بغير ملك قد فتح الباب لدخول بعض الدول الأخرى في وسطهم والسيطرة عليهم. فواضح ممَّا جاء في صموئيل الأول: "بعد ذلك تأتي إلى جبعة الله حيث أنصاب الفلسطينيِّين" (1 صم 10: 5)، فقد سيطر الفلسطينيُّون على الأسباط التي في الوسط، وأقاموا ولاة كما في جبعة. وأيضًا منع الفلسطينيُّون جميع إسرائيل من ممارسة مهنة الحدادة "لأن الفلسطينيِّين قالوا لئلاَّ يعمل العبرانيُّون سيفًا أو رمحًا" (1 صم 13: 19). لقد وُجدت إسرائيل وهي مجموعة من الأسباط أشبه بقبائل ريفيَّة في حاجة إلى الدخول في نظام ملكي مستقر له نظامه وقوانينه وجيشه الواحد المنظَّم، يُحسب جيش الملك، وليس كما في فترة القضاة يظهر من وقت إلى آخر قائد حربي مخلِّص لمجموعات من الأسباط، حياتهم أشبه بحياة البدو وليس حياة الحضر. في ذلك الوقت أيضًا تطوَّرت حياة بعض البلاد المحيطة بهم وتكوَّنت ممالك مثل العمونيِّين والموآبيِّين والآراميِّين. لذا رأى إسرائيل أن يسير على خُطى أبناء عمِّهم، فيتبع التطوُّر العادي. هذا وأن ضعف الممالك الكبرى مثل مصر لم يقف عائقًا عن تحقيق هذا التطوُّر. لقد أُثير موضوع الملكيَّة في أيَّام القضاة قبل صموئيل النبي. فقد أراد الإسرائيليُّون أن يقيموا جدعون ملكًا، إذ قالوا له: "تَسَلَّطْ عَلَيْنَا أَنْتَ وَابْنُكَ وَابْنُ ابْنِكَ، لأَنَّكَ قَدْ خَلَّصْتَنَا مِنْ يَدِ مِدْيَانَ" (قض 8: 22) لكنَّه رفض. وقد حاول أبيمالك أن يقيم نفسه ملكًا (قض 9: 1-3)، فأقامه بنو شكيم ملكًا (قض 9: 6)، لكن غدر به بنو شكيم (قض 9: 23)، ولم تنجح فكرة إقامة مملكة. فريق آخر يرى في النظام الملكي خطورة على المزارعين الذي غالبًا ما يحتكرهم الملك وماشيتهم ويسيء استغلال إمكانيَّات الشعب. هؤلاء يغارون على حقوقهم وحرِّيتهم وتصطدم مصالحهم مع "حق الملك" في استغلالهم (1 صم 8: 11-17). لا يقف الأمر عند الملك، وإنَّما يمتد إلى حاشيته. لقد أدرك البعض أن الملك غالبًا ما ينحاز لسبطه، وهذا ما حدث مع شاول إذ نرى حاشية للملك منها هيئة أركان مؤلفة من يوناثان ابنه، وأبنير ابن عمه وقائد الجيش. نراه يريد أن يربح ولاء قواد الجيش عبيده فوزع عليهم الحقول والكروم ويقول لهم: "اسْمَعُوا يَا بَنْيَامِينِيُّونَ: هَلْ يُعْطِيكُمْ جَمِيعَكُمُ ابْنُ يَسَّى حُقُولًا وَكُرُومًا؟ وَهَلْ يَجْعَلُكُمْ جَمِيعَكُمْ رُؤَسَاءَ أُلُوفٍ وَرُؤَسَاءَ مِئَاتٍ؟!" (1 صم 22: 7). لم يذكر الكتاب المقدَّس على حساب من تم هذا السخاء الملكي. لعلَّ من أسباب المعارضة للنظام الملكي أيضًا المنازعات بين الأسباط، ففي قصة اللاوي وسرِّيته الواردة في قضاة (19-21) نرى كيف كان كل الأسباط ضد بنيامين حتى كاد أن يُفقد السبط كلُّه، إذ "جاء الشعب إلى بيت إيل وأقاموا هناك إلى المساء أمام الله ورفعوا صوتهم وبكوا بكاءً عظيمًا، وقالوا: لماذا يا رب إله إسرائيل حدثت هذه في إسرائيل حتى يفقد اليوم من إسرائيل سبط؟!" (قض 21: 2-3). هذا السبط الذي جاء منه شاول أول ملك على إسرائيل في أيَّام صموئيل النبي. ظهر هذا الانشقاق حتى بعد مسح داود ملكًا، فقد ملك على يهوذا أولًا لمدَّة سبع سنوات ورفضته أسباط الشمال، حتى شعر ابنير رئيس جيش شاول بضرورة ضم الأسباط تحت لواء داود الملك، وقد نال داود نعمة في أعين كل الأسباط حيث ملك 33 سنة على كل الأسباط. ظهر نوع من التحيز لسليمان فيبدو إنَّه فرض ضرائب عالية على الأسباط ماعدا يهوذا لبناء الهيكل وقصره والمنشآت الضخمة في أرض يهوذا، ممَّا أحدث ثورة نفسيَّة داخليَّة في الأسباط الأخرى، لم يستطيعوا أن يعبروا عنها بأي نوع من التمرد. ولعلَّ ما تنبأ به أخيا النبي ليربعام عن استلامه عشرة أسباط ليملك عليها يكشف عن شعور عام من السخط بسبب ما تتحمله الأسباط من التزامات ماديَّة وسخرة لحساب الملك وسبطه. هذه الخلفيَّة هيأت العشرة أسباط للثورة ووجدت في يربعام الفرصة للتمرد على السبط الملكي (يهوذا) ولم ينضم إلى السبط الملكي سوى سبط بنيامين المجاور له. يظن البعض إنَّه حتى قبل قيام النظام الملكي وجد انشقاق بين الأسباط، أسباط تميل بالأكثر إلى التقليد الأدوناي حيث يتطلعون إلى الله القدير الذي يخلص بقدرته (منه تكونت مملكة الشمال). والفريق الآخر يميل بالأكثر إلى التقليد اليهويوي يتطلعون إلى الله "يهوه" الكائن وسط شعبه يحميهم بسكناه وسطهم وحنوه. لا يوجد خط فاصل بين التقليدين، فإنَّه وإن مال أحد إلى تقليد لا يتجاهل التقليد الآخر. تميل مملكة الشمال بالأكثر نحو التقليد الأدوناي بينما تميل مملكة الجنوب بالأكثر نحو التقليد اليهويوي. |
|
قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً |
الموضوع |
المملكة المنقسمة وسلسلة الخطايا سفرا الملوك |
أقسام سفرا الملوك |
بعد سفري الملوك يأتي سفرا “الأخبار” |
هل أشار سفرا الملوك وسفر إشعياء إلى وجود تحريف؟ |
سفرا الملوك |