|
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
القمص تادرس يعقوب ملطي
الصلاة الربانية | أبانا لنتأمل الآن فيما علمنا الرب ما نصلي به له. فالذي علمنا الصلاة هو الذي يستجيب لها. إنه يقول: "فصلُّوا أنتم هكذا. أبانا الذي في السماوات... الخ". فينبغي أن تتفق صلاتنا مع إرادة من نصلي إليه "الصالحة"، وذلك بتمجيده في افتتاحية الصلاة. لهذا أمرنا ألا نبدأ إلا بالقول "أبانا الذي في السماوات". حقًا تنتشر بين صفحات الكتاب المقدس كلمات كثيرة خاصة بتمجيد الله، لكننا لم نجد قط وصية لشعب اليهود أن يقولوا "أبانا"، أي لا يصلون إليه بكونهم أبناء بل كعبيدٍ، أي بكونهم ما زالوا يحيون حسب الجسد. أقول إنهم لم يتخذوا الله أبًا لهم، وكان يمكنهم ذلك لو لم يعصوا الشريعة التي أُمروا بحفظها، لذلك جاءت النصوص التالية: "ربَّيت بنين ونشَّأْتُهم. أما هم فعصوا عليَّ" (إش 2:1). "أنا قلت إنكم آلهة وبنو العليّ كلكم" (مز 6:82). "فإن كنت أنا أبًا فأين كرامتي الخ." (مل 6:1) هذه النصوص تظهر عدم قبولهم كأبناء لله، كما أنها نبوة لما سيكون عليه المسيحيون الذين يتخذون الله أبًا لهم، وذلك كقول الإنجيلي: "فأعطاهم سلطانًا أن يصيروا أولاد الله" (يو 12:1). وقول الرسول بولس: "ما دام الوارث قاصرًا لا يفرق شيئًا عن العبد" (غل 1:4)، مشيرًا إلى روح التبني الذي أخذناه، والذي به نصرخ يا أبا الآب" (رو 15:8). |
10 - 12 - 2021, 07:48 PM | رقم المشاركة : ( 2 ) | ||||
..::| VIP |::..
|
رد: الصلاة الربانية | أبانا
بالنعمة أخذنا روح التبني
بالحقيقة دعينا لنشارك السيد المسيح في الميراث، ولنأخذ روح التبني، لا بحسب استحقاقنا، بل بنعمة الله. لذلك تتخذ هذه النعمة موضعها في افتتاحية صلاتنا بقولنا "أبانا". وتنبعث المحبة من دعوتنا له "أبانا" لأنه أي شيء أحب إلى الأبناء أكثر من أبيهم؟! كما يجد البشر في الصلاة بهذه الكلمة جرأة لأخذ ما قد أوشكوا أن يسألوه لأنهم نالوا عطية عظيمة كهذه، وهي أن يدعوا الله "أبًا لهم". فإن كان الله قد وهبهم أن يكونوا أبناء له، فأي العطايا يحرمهم منها..؟! وأخيرًا أي جزع ينتاب الفكر عندما ينادي الله "أبانا" دون أن يبرهن على جدارته كابن لأب عظيم كهذا؟! فلو سمح لرجل عامي أن يدعو أحد العظماء المتقدمين في السن أبًا له، أفلا يضطرب. ولا يجسر على دعوة ذلك العظيم أبًا له بسبب اتضاع أصله وفقره وأميته، فكم بالأكثر يكون حالنا عندما ندعو الله أبًا لنا..؟! لنرتعب إن كان يشوب حياتنا عار عظيم وانحطاط شديد... الأمر الذي لا يمكن أن يوجد في أبينا، ناظرين إلى أن الرجل العظيم يخشى من انتساب الفقير له بسبب فقره. . حقًا إن العظيم يزدري بما في الفقير من فقر، الأمر الذي يتعرض له العظيم نفسه، أما الله فلن يلتصق به العار والانحطاط قط. فشكرًا لمراحم الله التي تتطلب منا أن ندعوه "أبانا" تلك العلاقة التي ننالها دون أن ندفع ثمنًا ما من جانبنا بل أخذناها بإرادته الصالحة. هنا نجد تعليمًا للأغنياء أيضًا، وذوي النسب الرفيع - الأمر الذي يهتم به العالم - وهو أنه ينبغي عليهم متى صاروا مسيحيين ألا يفتخروا على الفقراء وبسيطي النسب، لأن جميعهم يدعون الله "أبانا" اللقب الذي لا يمكنهم أن يتفوهوا به بصدق وتقوى ما لم يعلموا أنهم إخوة. |
||||
10 - 12 - 2021, 07:49 PM | رقم المشاركة : ( 3 ) | ||||
..::| VIP |::..
|
رد: الصلاة الربانية | أبانا
الذي في السماوات
ليت المسيحيين الذين دعوا إلى الميراث الأبدي يفهمون تلك الكلمات "الذي في السماوات" على أنها "الذي في القديسين والأبرار"، لأن الله لا يحده مكان معين. فالسماوات هي الجزء المرتفع على الأجسام المادية في العالم ومع ذلك فهي مادية، لذلك فهي محدودة بحيز إلى حد ما. فإن اعتقدنا أن الله كائن بالجزء العلوي من العالم، فستكون الطيور أفضل منا لأنها تحيا بالقرب من الله. غير أنه لم يكتب "قريب هو الرب من طوال القامة أو سكان الجبال" بل "قريب هو الربّ من المنكسري القلوب" (مز18:34) إشارة إلى التواضع. . فإن كان الأشرار قد دعوا "أرضًا"، هكذا يدعى الأبرار "سماءً". وقد قيل عنهم "لأن هيكل الله مقدس الذي أنتم هو" (1 كو 17:3). فإن كان الله يسكن في هيكله وقد دعا القديسين هيكلًا له، لذلك فإن القول "الذي في السماوات" يعني "الذي في القديسين" إذ تليق المناظرة بين الأبرار والأشرار روحيًا بالسماء والأرض ماديًا. |
||||
10 - 12 - 2021, 07:49 PM | رقم المشاركة : ( 4 ) | ||||
..::| VIP |::..
|
رد: الصلاة الربانية | أبانا
السماويات والماديات
وتظهر هذه المناظرة بين السماويات والماديات في وقوفنا أثناء الصلاة متجهين نحو الشرق، حيث تشرق الشمس، ليس لأن الله ساكن هناك فقط نابذًا الأماكن الأخرى في العالم بل لأن اتجاه أجسادنا الأرضية نحو أعظم الأجسام سموًا (الشمس) يهيئ العقل للاتجاه نحو الله الأسمى من طبيعته. إن هذه الطريقة مناسبة جدًا في جميع مراحل العبادة كما هي مفيدة في درجتها العالية، إذ تؤهل عقول الكبار والصغار لإدراك الله. فالذين لا زالوا يدركون الجمال المنظور دون أن يكون في مقدرتهم إدراك جمال الأمور السماوية، هؤلاء يلزمهم التمييز بين السماء والأرض، حتى يصبح تفكيرهم سليمًا. فلو اعتقدوا أن الله الذي يفكرون فيه بصورة مادية في السماء أكثر منه في الأرض، ففي المستقبل متى تعلموا أن الروح ينبغي عليها أن تتعدى حدود الأجسام السماوية، حينئذ سيبحثون عن الله في الروح وليس في جسم منظور (السماء). بعد ذلك يستطيعون التمييز بين أرواح الخطاة وأرواح الأبرار. لأنه سبق لهم أن ميزوا بين السماء والأرض. وبذلك يستطيعون أن يطلبوا الله بإيمان قويم أو عقل راجح بكونه في أرواح الأبرار عنه في أرواح الأشرار. على ذلك يفهم القول "الذي في السماوات" على أنه "قلوب الأبرار أي في هيكله". فيرغب المصلي أن يسكن الله فيه أيضًا. فيجاهد لأجل سكنى الله في قلبه بصنعه البر، الأمر الذي يجذب الله ليسكن في روحه. |
||||
10 - 12 - 2021, 07:50 PM | رقم المشاركة : ( 5 ) | ||||
..::| VIP |::..
|
رد: الصلاة الربانية | أبانا
ليتقدس اسمك
بعد أن وضح ذاك الذي نصل إليه، ومكان سكناه نبحث الآن في الطلبات التي نسألها وهي: أولًا - ليتقدَّس اسمك إننا نطلب هذه الطلبة لا لكون اسمه غير مقدس، بل لكي نراه مقدسًا، أي نطلب ألا نرى شيئًا أكثر قداسة منه، خائفين من معارضته. . فقد قيل "الله معروف في يهوذا اسمه عظيم في إسرائيل" (مز 1:76). فلا يفهم هذا كما لو كان اسمه عظيمًا في مكان أكثر من آخر، بل يكون عظيمًا حيثما دعوناه عظيمًا. وهكذا يقال إن اسمه قدوس حيثما دعي بوقار وخشي من معارضته. وهذا ما نسعى لتحقيقه بالتبشير بالإنجيل ليدعى اسم الله الواحد بواسطة تدبير ابنه. |
||||
10 - 12 - 2021, 07:51 PM | رقم المشاركة : ( 6 ) | ||||
..::| VIP |::..
|
رد: الصلاة الربانية | أبانا
- ليأت ملكوتك
ثانيًا - ليأْتِ ملكوتك إنه يعلمنا بأن يوم الدينونة آت في الوقت الذي فيه يبشر بالإنجيل بين الأمم (مت14:24)، هذا الذي فيه يتقدس اسم الله. على أن القول "ليأت ملكوتك" لا يعني عدم امتلاكه الآن. قد يحسب البعض أن القول "ليأت" يقصد به أنه يأتي على الأرض كما لو لم يملك على الأرض منذ تأسيس العالم إلى الآن، غير أن المعنى الصحيح له هو أنه ليعلن ملكوتك للبشر، مثال ذلك النور الذي يبدو للأعمى والذي يغمض عينيه كما لو كان غير موجود. هكذا يبدو هذا الملكوت غير واضح لمن يجهلونه رغم عدم انفصال ملكوت السماوات قط من على الأرض؛ أما المجيء الثاني للابن الوحيد من السماء، فإنه لن يسمح لأحد أن يجهل ملكوت الله، فعند مجيئه لا يدرك البشر ملكوت الله بالطريقة التي يدركها الفاهمون الآن، لأنهم سينظرونه يدين الأحياء والأموات، فيحدث تمييزًا وانفصالًا بين الأبرار والأشرار ويسكن الله في الأبرار. . عندئذ لا يحتاجون بعد إلى من يعلمهم، بل كما هو مكتوب. إن الجميع يكونون "متعلمين من الله" فكما أن أعظم الملائكة السمائيين القديسين المباركين هم حكماء ومطوبون الآن لأن الله وحده نورهم، هكذا في الأبدية تكمل حياة القديسين المطوبة من جميع نواحيها، إذ وعد الرب قائلًا "لأنهم في القيامة.. يكونون كملائكة الله في السماء" (مت30:22). |
||||
10 - 12 - 2021, 07:52 PM | رقم المشاركة : ( 7 ) | ||||
..::| VIP |::..
|
رد: الصلاة الربانية | أبانا
لتكن مشيئَتك كما في السماء كذلك على الأرض
ثالثًا - لتكن مشيئَتك كما في السماء كذلك على الأرض أ - فكما تعمل إرادتك في الملائكة سكان السماء، حتى إنهم ملتصقون بك تمامًا ومتمتعون بك كلية، ولا تشوب حكمتهم خطأ، ولا يمس سعادتهم شقاء، هكذا لتكن إرادتك أيضًا في قديسيك قاطني الأرض. فرغم كون مسكنهم هو السماء، ورغم أنهم سيتغيرون إلى صورة سماوية إلا أنهم مأخوذون من الأرض. وقد أشارت الملائكة إلى هذا بقولها في تسبحتها "المجد لله في الأعالي وعلى الأرض السلام وبالناس المسرَّة" (لو14:2). فعندما تسير إرادتنا وفق إرادة الله، حينئذ تكمل إرادته فينا كما هي كاملة في الملائكة السمائيين، عندئذ لا توجد مقاومة في طريق سعادتنا. وهذا هو السلام. ب - يمكن أيضًا فهم هذه الطلبة على أننا نطلب أن تطاع وصايا الله كما في السماء كذلك على الأرض أي كما تطيع الملائكة وصايا الله هكذا فليطعها البشر أيضًا. فمشيئة الله تتم بتنفيذ وصاياه، ويؤكد رب المجد نفسه ذلك بقوله "طعامي أن أعمل مشيئَة الذي أرسلني" (يو34:4). كما كرر "لأني قد نزلت... ليس لأعمل مشيئَتي بل مشيئَة الذي أرسلني" (يو38:6). ويقول "ها أمّي وإخوتي. لأن مَنْ يصنع مشيئَة أبي الذي في السماوات هو أخي وأختي وأمّي" (مت49:12،50). فمشيئة الله تتم فيمن ينفذها ليس لأن بتنفيذها يجعلونه يشاء ذلك، بل لأنهم يعملون ما يشاء هو أن يسلكوا به. ج- هناك تفسير ثالث لهذه الطلبة، وهو أن تكون مشيئته في الخطاة كما في القديسين والأبرار. وهذا التفسير يمكن فهمه بإحدى الطريقتين التاليتين: (1) أن نصلي من أجل أعدائنا الذين لا يشاءون نشر المسيحية والكنيسة الجامعة فكأننا نطلب قائلين "كما يصنع الأبرار مشيئتك هكذا ليت الأشرار (غير المؤمنين) يصنعونها برجوعهم إليك. (2) إننا نطلب منه أن ينال كل شخص استحقاقه، وهذا ما سيتم في يوم الدينونة حيث يكافئ الأبرار بالجزاء والخطاة بالعقاب وذلك عند فصله الخراف عن الجداء (مت33:25-46). د - لا يعتبر تفسير السماء والأرض على أنها الروح والجسد تفسيرًا خاطئًا، بل يطابق إيماننا ورجاءنا تمامًا. فإذ يقول الرسول "إذًا أنا نفسي بذهني أخدم ناموس الله ولكن بالجسد ناموس الخطية"، لذلك نجد أن الروح (الذهن) يصنع مشيئة الله. ففي القيامة من الأموات يبتلع الموت في نصرة، ويأخذ هذا المائت عدم الموت، لهذا الذي وعد به الأبرار حسب نبوة الرسول بولس (1 كو 42:15، 45). فكما تتم مشيئته بالتمام في السماء (في القيامة من الأموات)، هكذا لتتم على الأرض أيضًا، وكما تتبع الروح الله وتصنع مشيئته دون أية مقاومة، ليته كذلك الجسد لا يقاوم الروح بصفاته وعاداته الجسدية. ففي الحياة الأبدية لا تكون المشيئة حاضرة أمامنا فحسب. بل ونجد في تنفيذها سلامًا كاملًا. بينما في الحياة الحاضرة يقول الرسول "لأن الإرادة حاضرة عندي وأما أن أفعل الحُسنَى فلست أجد" (رو18:7) لأننا لا زلنا لا ننفذ مشيئة الله بالتمام كما في السماء، أي لا ننفذها بالتمام في الجسد كما في الروح. إن مشيئة الله تتم في شفائنا، لأننا نحتمله باستحقاق... لكننا نصلي لكي تنفذ مشيئته على الأرض كما في السماء أي كما نسر بناموس الله في قلوبنا بحسب الإنسان الباطن (رو22:7)، هكذا نطلب تغيير أجسادنا حتى لا يوجد فيها ما يقاوم هذه المسرة بناموس الله، وذلك بسرورنا أو حزننا لأمور العالم. ه - يمكن أيضًا فهم هذه الطلبة على أنه لتكن مشيئته كما في ربنا يسوع المسيح نفسه هكذا، فلتكن في الكنيسة أيضًا. فكأننا نقول لتكن مشيئتك كما في الرجل الذي ينفذ مشيئة الرب هكذا فلتكن في المرأة التي خطبت له أيضًا، لأنه يليق بنا أن نفهم السماء والأرض، كما لو كان رجلًا وزوجته إذ الأرض تثمر بواسطة السماء. |
||||
10 - 12 - 2021, 07:52 PM | رقم المشاركة : ( 8 ) | ||||
..::| VIP |::..
|
رد: الصلاة الربانية | أبانا
خبزنا اليومي أعطنا اليوم
رابعًا - خبزنا اليومي أَعطِنا اليوم 1- قد يقصد بالخبز اليومي الاحتياجات الضرورية لهذه الحياة، فقد أشارت هذه الطلبة إلى قول السيد "لا تهتموا للغد"، بقولها "أعطنا اليوم". 2- وقد يقصد به التناول من جسد ربنا يسوع المسيح الذي نأخذه يوميًا. 3- وقد يقصد به الغذاء الروحي إذ قال الرب "اعملوا لا للطعام البائد" (يو27:6) وأيضًا "أنا هو الخبز الذي نزل من السماء" (يو41:6). ولكن السؤال موضع الاعتبار هو أي وجهات النظر الثلاث أصوب؟ لأن البعض يندهشون كيف نصلي من أجل الاحتياجات المادية اللازمة لهذه الحياة كالطعام والملبس مثلًا، بينما يقول الرب "لا تهتمُّوا لحياتكم بما تأكلون وبما تشربون" (مت25:6) فهو يطلب منا أن نقدم الصلاة الربانية بشغف عظيم حتى طلب منا غلق المخادع أثناء الصلاة بها، "اطلبوا ملكوت الله وبره وهذه كلها تزاد لكم". . فكيف يمكن لشخص ما أن يطلب الأمور الزمنية دون أن يهتم بما يطلبه في الصلاة؟! حقًا إنه لم يقل لنا أن نطلب ملكوت الله أولًا وعندئذ نطلب الأشياء الأخرى، بل قال "وهذه كلها تزاد لكم" أي تعطى لنا ولو لم نطلبها. ولكنني لست أعلم كيف يطلب منا عدم طلبنا للأمور الأخرى في الصلاة بينما في الصلاة الربانية نتوسل بشغف لكي ننالها؟!! |
||||
10 - 12 - 2021, 07:53 PM | رقم المشاركة : ( 9 ) | ||||
..::| VIP |::..
|
رد: الصلاة الربانية | أبانا
هل الخبز اليومي هو التناول؟
أما عن فهم الخبز اليومي على أنه سر الإفخارستيا - أي جسد ربنا يسوع - فإننا نجد البعض يعترضون على ذلك بسبب عدم اشتراكهم يوميًا في العشاء الرباني. فلكي يدافعوا عن عدم اشتراكهم اليومي فيه، وقد ساعدهم المسئولون في الكنيسة على ذلك بعدم ردعهم، لذلك لا يفهمونه على أنه خبز يومي. لأنهم لو نظروا إليه كخبز يومي لاعتبروا أنفسهم مرتكبين خطأ عظيمًا بعد اشتراكهم فيه... غير أنه ليس الآن مجال لمناقشة هذه الجماعة. هناك اعتبار يجب أن يراعيه أولئك الذين يدركون ضرورة عدم إضافة أو حذف أي كلمة من الصلاة الربانية، وهو أنه إذا كان يفهم التناول على أنه هو الخبز اليومي، فكيف نصلي الصلاة الربانية مرة واحدة فقط في اليوم، أو حتى إن كنا نصلي بها مرتين أو ثلاث مرات قبل اشتراكنا في جسد الرب ودمه فإننا لا نستطيع أن نصلي بها بعد تناولنا، وإلا كأننا نطلب منه أن يعطينا ما قد نلناه، أو هل هناك ما يجبرنا على إقامة سر الإفخارستيا في آخر ساعات النهار حتى نتمكن من الصلاة بها طول اليوم؟! أما الآن فقد بقى لنا أن نفهم الخبز اليومي على أنه خبزًا روحيًا، أي تنفيذ الوصايا الإلهية. فكما يقول الرب "اعملوا لا للطعام البائد"، علاوة على هذا فإنه يدعى طعامًا يوميًا في هذا الزمان ما دامت هذه الحياة تقاس بالأيام. والحقيقة أنه طالما تجتاز الروح فترات تسمو فيها وأخرى تنحط فيها، أي تارة تشتهي الأمور الروحية وأخرى الأشياء الجسدية، فتكون الروح كما لو كانت تنتعش بالطعام تارة وتجوع تارة أخرى. . فالخبز اليومي ضروري لإشباع الجائع وإقامة الساقط. فكما يشبع جسدنا في هذه الحياة بالطعام، لأنه يشعر بالفقدان. هكذا إذ تكابد الروح من الشهوات الزمنية يحدث لها ما يمكن أن يسمى فقدانًا أمام الله، لذلك تنتعش بطعام الوصايا. أضف إلى هذا أنه قيل "أعطنا اليوم" أي طالما يدعى اليوم أي ما دمنا في هذه الحياة، لأننا في الحياة الأبدية سننتعش بغزارة من الطعام دون أن يدعى خبزًا يوميًا، لأن الناجم عن تعاقب الأيام سوف ينتهي. "فاليوم" يقصد به الحياة الحاضرة، ذلك كما قيل "اليوم إن سمعتم صوته" مفسرًا الرسول ذلك في رسالته إلى العبرانيين ما دام الوقت يدعى اليوم. أما إذا أراد شخص أن يفهم الخبز اليومي على أنه الطعام الضروري للجسد أو سر الإفخارستيا، ففي هذه الحالة ينبغي عليه الأخذ بالمعاني الثلاثة معًا أي نسأل من أجل الخبز الضروري للحياة وجسد الرب ودمه وكلمة الله الغير منظورة. |
||||
10 - 12 - 2021, 07:54 PM | رقم المشاركة : ( 10 ) | ||||
..::| VIP |::..
|
رد: الصلاة الربانية | أبانا
واترك لنا ما علينا كما نترك نحن لمن لنا عليه بلا شك يقصد بالديون التي نطلب العفو عنها هي خطايانا. تلك التي قال الرب عنها "لا تخرج من هناك حتى توفي الفلس الأخير"... فهو لا يتكلم هنا عن العفو عن دين نقدي بل عن غفران لجميع الأخطاء التي ارتكبها الآخرون ضدنا. لأنه سبق أن أمر بالتنازل عن ديوننا النقدية بوصية سابقة "وإن أراد أن يخاصمك ويأخذ ثوبك فأترك له الرداء أيضًا". ونحن لسنا مجبرين على التنازل عن كل ما أقرضناه للآخرين بل لمن لا يرغب في الوفاء به إلى الدرجة التي يصل فيها إلى مقاضاته. فقد نبهنا الرسول "وعبد الرب لا يجب أن يخاصم" (2تي24:2). لذلك فلتعفو لمن لا يرغب في الوفاء سواء أظهر رغبته هذه خفية أو صراحة. لأن الرغبة في عدم الوفاء تكون لإحدى سببين: إما لعدم القدرة على الوفاء أو لطمعه ومحبته لأموال الغير، وكلتا الحالتين تعتبران فقرًا. فالحالة الأولى فقر مادي، والأخرى فقر في الخصال. فمن يتجاوز عن دين لشخص كهذا يكون قد عفا عن شخص فقير، وبذلك ينفذ عملًا مسيحيًا. غير أن المهم هنا هو أن يكون الإنسان مستعدًا للتسامح في الدين الذي أقرضه. فإن سعى بهدوء ورقة بكل الطرق لاسترداد الدين دون أن يهدف فقط الحصول على دينه قدر رغبته في رد المدين إلى صوابه، لأنه إذا كان المدين قادرًا على السداد ولا يسدد يكون هذا مضرًا له، فبمحاولة الدائن استرداد الدين لا يكون قد ارتكب خطية بل يقدم خدمة جليلة جدًا بمحاولته منع الآخر من تدمير إيمانه بمحبته لأموال الغير، الأمر الذي ليس له مثيل في خطورته. من هذا يفهم أن الطلبة الخامسة لا تخص الديون النقدية بل كل ما يرتكبه الآخرون ضدنا بما فيه عدم وفائهم عن القروض التي اقترضوها منا. (انظر المزيد عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلاهيمانوت في أقسام المقالات والكتب الأخرى). لأن من يرفض الوفاء بما اقترضه منا، وهو قادر على السداد يخطئ إلينا. فإن لم نغفر هذه الخطية، فلن نستطيع القول "أترك لنا ما علينا كما نترك نحن". بلا شك يقصد بالديون التي نطلب العفو عنها هي خطايانا. تلك التي قال الرب عنها "لا تخرج من هناك حتى توفي الفلس الأخير"... فهو لا يتكلم هنا عن العفو عن دين نقدي بل عن غفران لجميع الأخطاء التي ارتكبها الآخرون ضدنا. لأنه سبق أن أمر بالتنازل عن ديوننا النقدية بوصية سابقة "وإن أراد أن يخاصمك ويأخذ ثوبك فأترك له الرداء أيضًا". ونحن لسنا مجبرين على التنازل عن كل ما أقرضناه للآخرين بل لمن لا يرغب في الوفاء به إلى الدرجة التي يصل فيها إلى مقاضاته. فقد نبهنا الرسول "وعبد الرب لا يجب أن يخاصم" (2تي24:2). لذلك فلتعفو لمن لا يرغب في الوفاء سواء أظهر رغبته هذه خفية أو صراحة. لأن الرغبة في عدم الوفاء تكون لإحدى سببين: إما لعدم القدرة على الوفاء أو لطمعه ومحبته لأموال الغير، وكلتا الحالتين تعتبران فقرًا. فالحالة الأولى فقر مادي، والأخرى فقر في الخصال. فمن يتجاوز عن دين لشخص كهذا يكون قد عفا عن شخص فقير، وبذلك ينفذ عملًا مسيحيًا. غير أن المهم هنا هو أن يكون الإنسان مستعدًا للتسامح في الدين الذي أقرضه. فإن سعى بهدوء ورقة بكل الطرق لاسترداد الدين دون أن يهدف فقط الحصول على دينه قدر رغبته في رد المدين إلى صوابه، لأنه إذا كان المدين قادرًا على السداد ولا يسدد يكون هذا مضرًا له، فبمحاولة الدائن استرداد الدين لا يكون قد ارتكب خطية بل يقدم خدمة جليلة جدًا بمحاولته منع الآخر من تدمير إيمانه بمحبته لأموال الغير، الأمر الذي ليس له مثيل في خطورته. من هذا يفهم أن الطلبة الخامسة لا تخص الديون النقدية بل كل ما يرتكبه الآخرون ضدنا بما فيه عدم وفائهم عن القروض التي اقترضوها منا. لأن من يرفض الوفاء بما اقترضه منا، وهو قادر على السداد يخطئ إلينا. فإن لم نغفر هذه الخطية، فلن نستطيع القول "أترك لنا ما علينا كما نترك نحن". |
||||
|