الأنبا أنطونيوس الكبير
لذلك يجب أولًا أن نعرف هذا، أن الشياطين لم تخلق بالحالة التي نعنيها عندما ندعوها بذلك الاسم لأن الله لم يخلق شيئًا شريرًا، بل حتى هي خلقت صالحة، ولكنها إذ سقطة من الحكمة السماوية فإنها منذ ذاك الوقت تعيش في الأرض فسادًا، فهي قد أضلت الأمم بحبائلها المختلفة، ثم أنها بسبب حسدها لنا نحن المسيحيين تحرك كل الأشياء بحسب هوائها لصدنا عن دخول السماويات، لكي لا نصعد إلى المكان الذي منه سقطت. وهكذا تدعو الحاجة إلى الصلاة والنسك حتى - وإذا ما حصل المرء على موهبة تمييز الأرواح كانت له القدرة على معرفة مميزاتها، ليدرك أيها أقل شرًا وأيها أكثر. وما هي طبيعة جهاد كل منها وكيف يمكن دحض وطرح الفاسد منها خارجًا لأن خبثها وحيلها كثيرة ولقد عرف الرسول المغبوط أمثال هذه الأمور حينما قال "لأننا لا نجهل حيله" أما نحن فمهما قاسيناه على أيديها من التجارب وجب أن نصلح من شأن بعضنا بعضًا. ولذلك فإنني أتحدث كما إلى بنى عن أمور لدى البرهان عليها باختبارات عملية.