|
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
القدّيس العظيم البار إكليمنضس الروماني تعتبر رسالة إكليمنضس الروماني أول الكتابات الآبائيّة التي احتلت مركزا خاصًا في كتابات الكنيسة الأولى وحياتهما وعبادتها، كتب عنها القديس إيريناؤس في القرن الثاني الميلادي إنّها رسالة لها وزنها . وأشار إليها ديونسيوس الكورنثي عام 170م بأنّه قد صارت هناك عادة قائمة منذ عدة سنوات أنت تُقرأ رسالة إكليمنضس St. Clement of Rome في الكنيسة في يوم الرب. كما كتب المؤرّخ الكنسي يوسابيوس أن قراءة رسالة إكليمنضس في كثير من الكنائس صار أمرًا عامًا. صمت التاريخ الكنسي عن تعريفنا بحياة القدّيس إكليمنضس، وتضاربت الأقوال عنه. فمن جهة أصله وُضعت احتمالات كثيرة، نذكر منها : 1. رأي يقول أنّه أحد معاوني القديس بولس في الخدمة، وهو نفسه الذي ذكره الرسالة في رسالته إلى أهل فيلبّي (في4: 3). نادى بهذا العلاّمة أورجين ونقله يوسابيوس فچيروم ثم تناقله كثيرون من بعدهم. وبالرغم من أن غالبيّة المؤرّخين يؤكّدون أن هذا الرأي ليس بمستبعد، خاصة وأن الرسالة تحمل في دخلها شهادة على أن كاتبها صدّيق للرسول بولس، إذ تقدّم تعليم الرسول وطبعه وطريقة تفكيره، لكن البعض يستصعب كيف يتسلّم الأسقفيّة في روما خادم من فيلبّي؟! على أي الأحوال، يحتمل أن يكون روماني الأصل أو يوناني، عمل بعض الوقت في فيلبّي، ثم بعد ذلك في روما. 2. الرأي الثاني أخبرنا به ديوكاسيوسDio Cessius، أنّه ليس إلاَّ القنصل تيطس فلافيوس كليمنس Titus Flavius Clemns، العضو في العائلة الملكيّة، حفيد الإمبراطور Vespasian وابن عم الإمبراطور دومتيان، الذي أعدمه دومتيان عام 95-96م بدعوى الكفر (قبوله المسيحيّة) ونفى زوجته دومتيلا إلى أحد الجزر. لكن غالبيّة المؤرّخين رفضوا هذا الرأي، فلو كان إكليمنضس هذا قنصلًا وله صلة قرابة مع الإمبراطور لما غفل الكتبة الكنسيّون ذكر هذه القرابة للتدليل على دخول المسيحيّة بيت الإمبراطور. زد على ذلك أن معرفته الدقيقة بالكثير من نصوص العهد القديم التي احتلت ربع الرسالة تقريبًا تدل على أن الكاتب لم يكن من أصل أممي بل يهودي تنصر. 3. يرى Lightfoot (وهو مجرّد تخمين قبله كثيرون) أنّه إنسان شريف ليس قرابة مع القنصل كليمندس، من أهل يهودي. 4. قيل أيضًا أنّه كان عبدًا يهوديًا أو ابن عبد يهودي للقنصل المذكور، اعتقه فحمل اسم سيّده. هذا وقد ذكر عنه القديس إيريناؤس: [رأى الرسل الطوباويّين وتحدّث معهم، كانت كرازتهم لا تزال تدوي في أذنيه، وتقليدهم مائلًا قدام عينيه.] تحدّث عنه يوسابيوس أنّه الأسقف الثالث على روميّة، بعد لينوس وأناكليتوس، سيم أسقفًا في السنة الثانية عشرة لحكم دومتيانس وتنيّح في السنة الثالثة من حكم تراجان، أي من سنة 93م حتى سنة 101م. أما نياحته فضاربت فيها الأقوال: 1. ذكر چيروم أنّه مات ميّتة طبيعيّة، وقال عنه الكتَّاب الأوّلون أنّه تنيّح بعد خدمته الأسرار المقدّسة . 2. أنّه استشهد؛ أول من روى ذلك روفينوس في القرن الرابع، ولا يوجد من قبله كاتب واحد يذكر ذلك. وقد استبعد كثيرون استشهاده، معتمدين في ذلك أنّه لو حدث ذلك لما أغفله الكتَّاب الأوّلون. وقد جاء عنه في أحد الكتب الأبوكريفا من القرن الرابع أنّه حوّل ثيؤدورا إحدى شريفات روما وزوجها Sisinnius و423 آخرين إلى المسيحيّة، الأمر الذي أثار غضب الشعب وأدى إلى نفيه في شبه جزيرة القرم. وروى البعض عنه أن مجلس السانتو بروما لم يحتمل أن يرى من بينهم شريفًا صار أسقفًا مسيحيًا، يجذب الأشراف إلى المسيحيّة، فاجتمع ودعوه ونصحوه بالعدول عن مسيحيّته، وإذ لم يقبل عرضوا تقريرًا لتراجان الذي أمر بنفيه وتكليفه بقطع الأحجار. هناك في النفي التقى بحوالي إلفين من المسيحيّين، وإذ كانت المياة بعيدة عنهم صلى إلى الله الذي أرشده إلى صخرة بها نبع ماء يستقون منه. وقد آمن على يديه الكثير من الوثنيّين، وتحوّل المنفى إلى مركز للعبادة والكرازة، الأمر الذي ملأ الولاة غضبًا، فوضعوا في عنقه مرساه وطرحوه في البحر ومات غرقًا حوالي عام 101م. وقد قيل أن الجسد بقي عامًا بأكمله في المياه دون أن يفسد حتى أظهر الرب. رسالة إكليمنضس الأولى امتازت الكنيسة الأولى بالحب الحقيقي الذي جعل الكنائس غير منعزلة عن بعضها البعض، بل يشعر كل منها بآلام الأخرى وأثقالها، لذا كثرت الرسائل المتبادله بينهم، وقد امتازت بروح التواضع والوداعة بغير مداهنة أو رياء، وروح الصراحة والوضوح بغير تشامخ! سبب الرسالة في القرن الأول حدث حركة تمرّد وعصيان في الكنيسة كورنثوس. قام جماعة من الشبان المتعجرفين ظنّوا في أنفسهم أنّه أكثر حكمة من الإكليروس وأقدر على التعليم، وبدءوا يشنّون بين الشعب حملة تمرّد وعصيان، فطردوا كثيرين من عملهم. لذا أسرع القدّيس إكليمنضس أسقف روما وكتب رسالة مملوءة حكمة، تمتاز بروح الانسحاق عم الحب، اعتمد فيها على الكثير من النصوص الكتابيّة مع أمثلة كثيرة من العهدين. ملامح الرسالة جاءت الرسالة في المخطوط السكندري للكتاب المقدّس بعد سفر الرؤيا منعزلة عن رسائل الرسل؛ فهي ليست رسالة رسوليّة ولا سفر من أسفار الكتاب المقدس مُوحى به، لكنها كوثيقة آبائيّة لعصر تلي الرسل مباشرة، حملت مكانة خاصة، تقدّم لنا فكرًا آبائيًا إنجيليًا، ينتفع به المؤمنون. أمّا أهم ملامحها فهي: 1. رسالة كتابيّة: اقتبست الكثير من العهدين أمّا بعبارات منقولة عن الكتاب المقدس مباشرة أو مشابهة لها. وقد جمعها Funk ووضع قائمة بها فإذا هي 157 عبارة عن العهد القديم و158 عن العهد الجديد. تكشف الرسالة عن دراية إكليمنضس العظيمة برسائل معلّمنا بولس الرسول أكثر من رسالتيّ القدّيس بطرس. ويُلاحظ أنّه استخدم الترجمة السبعينيّة التي عرفها غالبًا عن طريق الرسول بولس والإنجيلي لوقا. 2. تكشف الرسالة عن أن ذكريات إكليمنضس بتعاليم السيّد المسيح ورسله كانت خصبة للغاية. 3. قدّمت لنا معلومات في تاريخ الكنيسة عن اضطهاد نيرون، كما تحدّثت عن جموع الشهداء، وأشارت إلى كثرة النساء الشهيدات . 4. تحمل هذه الوثيقة مفاهيم قيّمة وشهادة واضحة عن "العقيدة المسيحيّة" كما فهمها المسيحيّون الأوّلون: أ. ذكر الثالوث القدوس: الآب والرب يسوع المسيح والروح القدس. ب. لاهوت السيّد وربوبيّته وخلاصه. ج. ضرورة الإيمان، بدونه لا خلاص بالأعمال الذاتيّة، إذ يقول: [ونحن أيضًا الذين دعينا بإرادته في المسيح يسوع لن نتبرّر بذواتنا ولا بحكمتنا ولا بفطنتنا ولا بتقوانا، ولا بالأعمال التي نضعها في قداسة القلب، بل بالإيمان الذي من البدء برّر به الرب ضابط الكل كل الناس.] د. ضرورة الأعمال المرتبطة بالإيمان، وهي تفرح الله. يقول: [لماذا بُورك أبونا إبراهيم؟ أليس بسبب اقتنائه البرّ والحق خلال الإيمان]، [إذن، ماذا ينبغي علينا أن نفعل يا اخوة؟ أنهمل عمل الخير، ونكف عن الحب؟! الله لن يقبل هذا، بل بالحري نسرع في عمل الخير باجتهاد وفي غيرة. إن خالق الكل وربّهم هو نفسه يفرح بأعماله]، [العامل الصالح يتقبّل خبز عمله بجرأة، أمّا الكسول والمتهاون فلا يجسر أن ينظر بعينيه إلى رب عمله.] هـ. التبرير بالنعمة المجّانيّة مع الجهاد المستمر حتى الموت [نساء كثيرات صرن قويّات بالنعمة الإلهيّة وقمن بأعمال خارقة .] و. التقدّيس بالروح القدس. ز. الفضائل المسيحيّة من تواضع واحتمال وطول أناة مع تركيز على المحبة. من كلماته: [المسيح هو مسيح المتواضعين لا المتعجرفين على قطيعه]، [الحب يقود إلى أعالٍ لا يُخبر بها! بالحب يأخذنا الرب إليه. بالحب يحملنا يسوع المسيح الذي أراق دمه عنّا بإرادة الله، وأعطانا جسده عن جسدنا، ونفسه ونفوسنا .] س. الوحدة الكنسيّة القائمة على التقدير المتبادل بين الأعضاء. [لا وجود للكبار بدون الصغار، ولا للصغار بدون الكبار، وإنّما في كل مكان يُدمج (الكل) لنفع الجميع. أعظم مثل لهذا هو جسمنا، فالرأس بدون الأقدام ليس بشيء ولا الأقدام بدون الرأس. نعم، فإن أقل الأعضاء في جسمنا ضروري ومفيد للجسم كلّه، أو بالحري كل الأعضاء تعمل معًا في خضوع لأجل حفظ الجسم ]، [لماذا نمزّق أعضاء المسيح ونقطّعها، نثور ضدّ جسمنا، ويستولي علينا جنون مطبق كهذا، ننسى إنّنا أعضاء بعضنا البعض؟ اذكروا كلام ربنا يسوع المسيح .] 5. لأول مرّة نجد إعلانًا واضحًا وصريحًا عن تعليم "التتابع الرسولي" فرجال الإكليروس لا يُسامون بواسطة أعضاء الجماعة، لأن السلطة الروحيّة لا تُمنح منهم وإن كان من حق الشعب أن يختار راعيه، لكن سلطانهم مُستمد من الرسل، الذين يمارسون سلطاته في طاعة المسيح . 6. يعالج الفصلان 24-25 موضوع القيامة من الأموات، ولأول مرّة تُستخدم الأسطورة الرمزيّة القديمة الخاصة بالطائر "فونيكس" أو "العنقاء" في كتابات مسيحيّة لتأكيد القيامة. وهو طائر خرافي زعم قدّماء المصريّين أنّه يعمّر خمسة قرون، بعدها يموت ويدفن نفسه في تابوت من المرّ واللبان والعطور ليقوم وهو أتم ما يكون شابًا وجمالًا. وقد استخدم بعض الآباء هذه الأسطورة في كتاباته بعدما سجّلها إكليمنضس، مثل ترتليان وأورجين وأمبروسيوس وأبيفانيوس وروفينوس... الخ. كما ظهرت آثارها على العملات والمداليات (الأوسمة) والخواتم وعلى المقابر. وقد نادى البعض مثل بليني Pliny وتاكيوس وديوكاسيوس أن العنقاء عاد فعلًا للظهور في مصر عام 34م بعد غيبة 250 عامًا، كما قال بليني أنّه أحضر إلى روما عام 47م. 7. أوضحت نظرة الكنيسة للدولة: فبينما كان إكليمنضس وشعبه يذوقون المر من الإمبراطور دومتيان إلاَّ أنّه في رسالته إلى أهل كورنثوس تجده يطلب الخضوع للولاة والرؤساء كما يقدّم عنهم صلاة من كل قلبه. يقول Robes [إن سُموّ هذه الصلاة يكون له معنى خاص، إن تذكّرنا أنّها قُدّمت من أجل دومتيان (مضطهد الكنيسة)!] 8. كشفت لنا عن الليتورچيّا في الكنيسة الأولى، ففي هذه الرسالة نستشف الآتي: أ. يُعتبر إكليمنضس الروماني أول كاتب مسيحي يصف التجمع الليتورچي للكنيسة المسيحيّة لتقديم "قرابينها" بتنظيم كنسي كعمل إلهي [77]، إذ يقول: [أمرنا (الرب) أن نقدّم التقدمات حسب أوقات وساعات معيّنة... لقد حدّد بنفسه، بأمره العلوي أين نتمّمها ومن الذي يقدّمها، حتى إذ يتم كل شيء بورع حسب مسرّته الصالحة تكون مقبولة لديه... .] ب. كشف عن شركة كل المؤمنين في الليتورچيّا، سواء الكهنة أو الشعب... ولكن كل واحد حسب عمله. إذ يقول: [أعطيت لرئيس الكهنة (الأسقف) ليتورچيّات خاصة، وحدّدت للكهنة أماكن معيّنة، وللاويّين (الشمامسة) خدمات خاصة بهم، وللشعب القوانين الخاصة بهم. ليصنع (يشترك) كل واحد منكم يا اخوة في أفخارستيّا euscharisteito لله حسب ترتيبه (وضعه) .] ج. ذكر بعض الرتب الكنسيّة مثل الأبوذاقونيّين (مساعدي الشمامسة)، والذياقون (الشماس)، الأبرسفيتيروس (القس)، والأسقف وأوضح أن عمله الرئيسي هو خدمة الليتورچيّات وتقديم القرابين. د. كشف عن السيد المسيح أنّه "كاهن تقدماتنا العليّ".. فالعمل الكهنوتي هو عمل المسيح شخصيّا الذي يعمل سرّيًا في كهنته... أنّها ذبيحة سماويّة تُقام على الأرض، كاهنها المسيح نفسه، يقدّمها على المذبح السماوي كفّارة عن البشريّة. د. قدّم لنا أقدم وأروع شكل لصلاة ليتورچيّة (جماعيّة) في الكنيسة ، انتهت بمجدلة "ذكصولوجيّة" doxology كعادة الكنيسة في نهاية كل صلاة ليتورچيّة. تاريخ كتابتها يحدّد أغلب الدارسين للرسالة تاريخ كتابتها بعام 96م، معتمدين على ذلك على: 1. إنّها كتبت بمجرّد انتهاء الضيقة التالية بعد اضطهاد نيرون، أي في عهد دومتيان ما بين عام 95، 96م إذ ذكر الكاتب أن الضيقات المفاجئة والمتواليّة أدت إلى تأجيل الكتابة . 2. هذا التاريخ (96م) يتّفق مع شهادة التقليد الذي يرجع إلى هيجيسيبوس Hegesipus وديوناسيوس الكورنثي، وهو أن كاتبها إكليمنضس أسقف روما (ما بين92، 101م)، كما ذكر المؤرّخ عن هيجيسيبوس أن الخلافات التي دفعته للكتابة كانت في حكم دومتيان. 3. كشف القدّيس بوليكاربوس أسقف سميرنا في رسالته إلى أهل فيلبّي (بدء القرن الثاني) عن معرفته التامة بالرسالة، إذ اقتطف الكثير منها. نصوص تقليديّة 1. المخطوط الإسكندري للكتاب المقدّس The Alexendarian Code of the Bible بالمتحف البريطاني، يرجع للقرن الخامس الميلادي. 2. المخطوط القسطنطيني Hierosolymitanus من القرن الحادي عشر عام 1056م، نسخة ليون؛ اكتشفه فيلوثيؤس برينيوس Philotheus Brynnius أسقف Serrae عام 1875م بالقسطنطينيّة وقام بنشرّه. 3. وُجدت ترجمة سيريانيّة كاملة في مكتبة Jules Mhol بباريس عام 1876م، ترجع للقرن الثاني عشر عام 1170م كتبت بدير مارصليبا بالرها. 4. اكتشف D. G. Morin بدير Moredsous ببلجيكا عام 1894م نصًا لاتينيًا في مخطوط من القرن العاشر أو الحادي عشر، ينتمي أصلًا إلى دير فلورانس حيث نقل إلى مكتبة Great Seminary ب Namur. 5. ترجمة قبطيّة في لهجة أخميميّة في ملكيّة برلين Staatsbiblothek. 6. ترجمة قبطيّة أخرى في لهجة أخميميّة، اكتشفت في ستراسبورج من القرن السابع، وهي أشبه بمقتطفات. أقسامها * افتتاحيّة من كنيسة روما إلى كنيسة كورنثوس، فيها يعلن الأب الأسقف حقيقة الكنيسة إنّها متغرّبة على الأرض... هذه الحقيقة تتطلب أن تعيش الكنيسة وسط العالم بفكر سماوي فلا تسلك بروح الغيرة والانقسامات، ولا تزحف على الأرض تطلب الفانيات، بل تهتم بخلاص كل أحد. أولًا: جمال ملامح الكنيسة قبل الانقسام (فصل 1-2) هذا روح الرسول بولس الذي يبدأ رسائله دائمًا بالتشجيع فيكشف للمرسل إليهم فضائلهم وإيمانهم وحياتهم في الرب حتى يسندهم. ثانيًا: ملامح الكنيسة بعد الانقسام (فصل 3) كشف لهم الفوضى التي تعيشها الكنيسة بسبب المنافسات الرديئة والحسد الذي دب في وسطهم، والـ"الذات" التي تعيش فيهم. ثالثًا: سرّ الانقسام: الغيرة والحسد(فصل 4-6) قدّم لهم أمثلة حيّة وواقعيّة من العهدين القديم والجديد ومن عصر الشهداء الذي كانوا يعيشونه... رابعًا: علاج الحسد والغيرة (فصل 7-58) 1. بالتوبة والإيمان العملي (فصل 7-8) 2. بالطاعة (فصل 9-12) 3. بالتواضع (فصل 13-21) 4. تذكّر الدينونة وقيامة الأموات (فصل 22-29) 5. بالجهاد كأبناء الله (فصل 30-36) 6. بالخضوع للنظام والترتيب (فصل 37-47) 7. بالحب الذي هو باب البرّ (فصل 48-58) خامسًا: ابتهال لله (فصل 59-61) سادسًا: ختام (فصل 62-65) فيه ملخص للرسالة مع تشجيع لعلاج الموقف واشتياق لسماع أخبار سارة عنهم. [تُرجمت نصوص الرسالة إلى العربيّة، ونُشرت عام 1974م.] الأعمال المنسوبة للقدّيس الكيمنضس الروماني لعلّ ما حظي به القدّيس إكليمنضس من تقدير عام هو المسئول الأول عما نُسب إليه من كتابات أرثوذكسيّة وهرطوقيّة، لكي تجد لها رواجًا. 1. رسالة الكيمنضس المسماة بالثانية The so-called Second Epistle of Clement في حقيقتها عظة لا رسالة، لها أهميّتةا بكونها أول عظة مسيحيّة وصلت إلينا حتى اليوم، لم يستقر الدارسون على أصل العظة وواضعها، لكن الدلائل تشير بالأكثر إنّها إسكندرانيّة الأصل وليست من كورنثوس أو رومة ، قبل منتصف القرن الثاني. أما أهم ملامحها ومحتوياتها فهي: أ. التركيز المستمر على التوبة كطريق للملكوت، وكوسيلة لعمل لله فينا: [لنتب ما دمنا على الأرض، فإننا طين في يد فنان .] ب. الإيمان العملي خلال الطاعة للوصيّة واحتقار الشهوات الزمنيّة من أجل الأبديّة. ج. الكنيسة سابقة للوجود، روحيّة غير منظورة، صارت جسد المسيح وأمًا للمؤمنين. د. دعى العماد ختمًا Sphragis يلزم حفظه [90]. 2. رسالتان عن البتوليّة في عام 1752 م. اكتشف J. J. Westein في مكتبة المحتجين The Remonstrants بأمستردام نصًا سيريانيًا لرسالتين عن البتوليّة موجّهة إلى المتبتّلين من الجنسين، كملحق للعهد الجديد اليوناني، وقد أيّد المكتشف نسبة الرسالتين إلى إكليمنضس الروماني. ودافع كثير من الدارسين الكاثوليك عن نسبتهما لإكليمنضس غير أن غالبيّة الدارسين البروتستانت يرفضون ذلك، للأسباب التالية : أ. صمت يوسابيوس عن ذكرهما. ب. نغمتهما النسكيّة تناسب النصف الأول من القرن الثالث. ج. تختلف الرسالتين هنا عن الرسالة الأصليّة لإكليمنضس في طريقة الاقتباس من العهد الجديد، كما أن الاقتباس هنا من العهد القديم أقل. ملامحهما ومحتوياتها أ. يبدو أن الرسالتين في الأصل عمل واحد، مع الزمن قُسَّم إلى جزئين ب. البتولية حياة يعيشها الإنسان بروحه في الداخل كما بجسده، وليست لقب شرف أو مجرّد اسم يحمله البتول: [كل البتوليّين من الجنسين... يلتزمون كل واحدّ فواحد منهم أن يكونوا متأهّلين لملكوت السموات في كل شيء... الاسم وحده بغير الأعمال لا يُدخل ملكوت السموات، لكن إن كان الإنسان بحق مؤمنًا، مثل هذا يخلّص... لا يقدر الإنسان أن يخلّص لمجرّد تلقيبه بتولًا وهو خالٍ من الأعمال الممتازة الكاملة التي تليق بالبتولية... فقد دعى ربّنا مثل هذه البتولية جهلًا كما جاء في الإنجيل (مت25: 2). وإذ لم تحمل زيتًا ولا نورًا تُركت خارج ملكوت السموات، وطُردت من فرح العريس، وحُسبت ضمن أعدائه، مثل هؤلاء الأشخاص لهم فقط مظهر مخافة الله ولكنّهم منكرون قوّتها (2تي2: 5) .] ج. الحياة البتوليّة هي عمل إلهي فائق للطبيعة، تدخل بنا إلى الحياة الملائكيّة، ويختبر أصحابها الحياة السماويّة، وذلك بتقدّيس روح الله . د. الحياة البتوليّة ليست هروبًا من العالم لأجل الراحة الزمنيّة، إنّما هي دخول في معركة الصليب حيث يجاهد البتول بروح الرب ضدّ الأنا وضدّ الشيطان ومحبّة العالم وشهوات الجسد. [إن كنت تتوق إلى هذا كلّه اغلب الجسد، اهزم شهوات الجسد، اغلب العالم في روح الله، انتصر على الزمنيّات الباطلة التي تعبر وتشيخ وتفسد وتنتهي،... اِغلب الشيطان، بيسوع الذي يقوّيك، بسماعك كلماته وتمتّعك بالإفخارستيا في الله. احمل صليبه واتبعه، ذاك الذي يطهّرك .] هـ. يقدّم الكاتب نصائح وإرشادات عمليّة تخص النسّاك، منها: * عدم الخلطة بين النساك والبتوليين من الجنسين معًا ، خاصة عدم المزاح والأحاديث التافهة، والهروب من أماكن الشرّ . ** الالتزام بالعمل، إذ لا يسمح للكسالى حتى أن يأكلوا خبزًا. *** يخدمون لكن دون حب التعليم، ويهتمّون بالفقراء والمرضى مع عدم تجاهل العبادة والحياة الروحيّة الداخليّة. و. تظهر أهميّة الرسالتين إذ تقدّمان لنا أقدّم وثيقتين كمصدر للتاريخ النسكي المسيحي الأول وقوانين الحياة النسكيّة وعاداتها. 3. القوانين الرسوليّة The Apostolic Institutions قدّمت لنا في الكتاب الثامن ما يُسمى بالليتورچيّا الإكليمنديّة The Clementine Liturgy. كان الدارسون حتى القرن السادس عشر يعتقدون إنّها عمل أصيل من وضع القدّيس إكليمنضس، وقد أدركوا بعد ذلك إنّها ليتورچيّا شرقيّة من القرن الرابع. سبق لي الحديث عنها وترجمة نصها إلى العربيّة. 4. الإكليمنضيّات المزوّرة، وتسمى "كلمنتينا" أو سيّدو-كلمنتينا Pseudo-Clementina وهي مجموعة كتابات مزوّرة متشابهة إلى حد ما، لكنها غير متجانسة معًا، منسوبة خطأ للقدّيس إكليمنضس. كتبها جماعة من الأبيونيّين الهراطقة، وهم شيعة متطرفة من بعض اليهود المتنصرين، يحملون عداءً للرسول بولس بكونه رسول الأمم... أو على الأقل يتجاهلون خدمته وكرازته، كما ذكرنا أيضًا هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت في أقسام أخرى. لذلك جاءت هذه الكتابات مليئة بعبارات التمجيد للرسولين بطرس ويعقوب أخي الرب، بكونهما رسولي الختان. كما ربطوا بين الرسول بطرس وسيمون الساحر عقب اللقاء الذي تم بينهما في السامرة حوالي عام 37م ويصوّرون الرسول أنّه أخذ يتعقبه من سوريا حتى وصل إلى روما عاصمة الإمبراطوريّة وهناك أماته بصلاته. أما عن أفكار هذه الجماعة فهما فريقين بين متزمت ومعتدل، الأول يحفظ ناموس موسى حفظًا حرفيًا ويقدّسون السبت ويعتبرون الختان لازمًا للخلاص. أمّا الفريق الآخر فيحفظون ناموس العهد القديم، لكنّهم لا يلزمون الجميع ولا يتعصّبون ضدّ من يرفضون حفظه. كانوا يحتفلون بيوم الأحد ولا يعترضون على آلام السيد المسيح، لكنّهم يشتركون مع الفريق الأول في إنكار لاهوته وأزليّته أما أهم كتابات الاكلمنضيّات المزوّرة فهي: أ. العظات Homilies: عبارة عن عشرين عظة أبيونيّة؛ تتحدّث عن السيد المسيح كنبي ومعلّم وليس مخلّصا، وتنكر لاهوته. ب. المدركات Recognitions: في عشرة كتب وصلت إلينا كاملة في ترجمة لاتينيّة لروفينوس، وقد وضحت فيها عقيدة الثالوث القدوس. يرى البعض أنّه قد وُضعت العبارة الخاصة بها بواسطة المترجم روفينوس، وإن كان ليس من السهل التأكّد من ذلك، لذلك يظن البعض أن كاتبها مستقيم الرأي وليس هرطوقيًا، وأن العبارات الهرطوقيّة جاءت جزافًا من غير عمد. ج. الخلاصة Epitome: وهي مقتطفات باليونانيّة بغير دقّة أو إكتراث منقولة عن العظات Homilies مضاف إليها مقتطفات عن رسالة إكليمنضس ليعقوب عن "استشهاد الكيمنضس Martyrium Clementis، بواسطة Simon Metaphrastes... الخ. د. كتابات أخرى لها ذات الصبغة منها متقطفان عن المدركات Regonitions والعظات Homilies، وُجدت باللغة العربيّة. كما نُسِبَت له خمسة رسائل منها رسالتان موجّهتان إلى يعقوب أخ الرب، يضمّهما البعض إلى الإكلمنضيّات المزوّرة. في الرسالة الأولى يظهر الكاتب رسالة إكليمنضس بيد بطرس الرسول كخلف له على كرسي روما مع توجيهات خاصة بالتنظيمات الكنسيّة. والثانية تشير إلى خدمة الإفخارستيا وأثاث الكنيسة وبعض الأمور الطقسيّة. ملامحها ومحتوياتها 1. احتلت قصّة عائلة إكليمنضس مركزًا هامًا في العظات كما في المدركات، وهي تتلخص في أن سيّدة تدعى ماتلدا زوجة فوستوس ووالدة ثلاثة أشخاص: فوستينوس وفوستنيانوس وإكليمنضس تركت روما متجهة إلى أثينا وفي صحبتها الابنان الكبيران، وقد اختفى الثلاثة. قام فوستوس بالبحث عنهم فاختفى هو بدوره. بقى إكليمنضس بمفرده، فجال في العالم يبحث عن الحق فوجد القدّيس بطرس. التصق به ودخل معه في مناظرات حيث كان يسأله عن الحق... وقد اكتشف بعدئذ بالتتابع والدته فأخويه ثم والده. وربما لهذا السبب دُعيت أحد هذه الأعمال بالمدركات. 2. بينما نُسبت الرسالتان عن البتوليّة للقدّيس إكليمنضس، حيث يشبه البتوليين بالملائكة السمائيّين، وتعتبر البتوليّة هبة إلهيّة تمس الحياة الداخليّة كما الجسد، إذ بالعظات المنسوبة لذات القدّيس تحمل اتجاهًا أبيونيًا، إذ تهاجم الأبيونيّة الحياة البتوليّة، كما ذكر القدّيس أبيفانيوس. فقد تطلّعت العظات إلى الحياة العزوبيّة كأمر مشكوك فيه. لذا تحث الشباب والمتقدّمين في السن على الزواج تحفظًا من نيران الشهوة، حتى لا يدخل وبأ إلى الكنيسة خلال الزنا والنجاسة. لقد عاش بطرس نفسه مع زوجته. 3. جاء في الإكليمنضيّات المزوّرة بعض طقوس التطهير منسوبة للقدّيس بطرس مثل الامتناع عن العلاقات الجسديّة بين الزوجين في فترة الطمث، والاستحمام بعد العلاقات الجسديّة. 4. تقدّم لنا هذه الإكليمنضيّات القدّيس بطرس كإنسان نباتي، إذ يقول: [ أعيش على الخبز والزيتون فقط، ونادرًا ما آكل خضروات... فإن نفسي تسبح في الأعالي في الأبديّات ولا تتطلّع إلى السفليّات.] ينظر الكاتب إلى أكل لحوم الحيوانات أنّه ضدّ الطبيعة، أدخله إلى البشريّة العمالقة الذين وُلدوا من الملائكة الساقطين. 5. حملت العظات مفاهيم غير مسيحيّة خاطئة منها: * أن الناموس سُلِّم شفاهًا من موسى إلى السبعين كليمًا، وبعد موته كُتب، لكنّه ضاع فأعيد كتابته لذا يحتاج إلى تنقية من بعض الأخطاء. * لم يهتم الكاتب بدور السيد المسيح الخلاصي، ورفض فكرة سقوط آدم، إذ حسب الأخير نبيًا حقيقيًا يعرف كل شيء، قدّم هذه المعرفة لأولاده وعلمهم أن يخدموا الله في كل شيء، وبهذا أسس للبشريّة كلّها قانونًا أبديًا. وإذ تجاهلت البشريّة ذلك احتاجت إلى موسى ويسوع ليحقّقا ما سبق أن قام به آدم. لهذا يمكن للإنسان أن يتتلمذ على الواحد دون حاجة إلى الآخر، ما دام يمارس عمليًا ما يعلّمه ولا يحمل كراهيّة ضدّه؛ وكأنّه وضع موسى ويسوع على قدّم المساواة... لأن همه الأول هو "النشاط العملي للإرادة" لا الإيمان بالخلاص. تجاهل بنوّة السيد المسيح الإلهيّة، وتطلّع إلى كلمات يسوع على الصليب للغفران للمسيئين إليه مجرّد مثال نتمثّل به وليس عملًا خلاصيًا. هذا الفكر يحمل اتجاهًا يهوديًا، لذا يرى كثير من الدارسين أن الكاتب يهودي قبل المسيحيّة، فقد هاجم تعدد الآلهة وعبادة الأوثان والتنجيم، لكنّه لم يحمل فكرًا مسيحيًا حقيقيًا. |
|
قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً |
الموضوع |
سيرة القديس إكليمنضس الروماني أسقف رومية |
القدّيس البار يوحنّا بريسلوب الروماني |
القدّيس البار أنطونيوس الروماني العجائبي |
القديس إكليمنضس الروماني أسقف رومية |
القديس إكليمنضس الروماني أسقف رومية |