فكرة بشرية وحكمة أبوية وتحذير من خطية
للقمص روفائيل سامي
+ فكرة بشرية:
في تلك الساعة تقدم التلاميذ إلي يسوع قائلين فمن هو أعظم في ملكوت السموات (مت18:1). إنها فكرة بشرية سيطرت علي جماعة التلاميذ ترجمها الكتاب المقدس قديما في كلماته وقال: حراثة الشجر تظهر من ثمرها كذلك تفكر قلب الإنسان يظهر من كلامه (سيراخ27:9). وهكذا أجاب داود النبي قائلا في المزمور: يارب لم يرتفع قلبي ولم تستعل عيناي ولم أسلك في العظائم ولا في عجائب فوقي (مز131:1). جميل أن يكون للإنسان طموح, ولكن الأجمل أن يقود الرب فكر الإنسان ويرقي بطموحاته نحو هدف أسمي كما عبر سفر الأمثال قائلا: قلب الإنسان يفكر في طريقه والرب يهدي خطواته (أم16:9). الأفكار البشرية كثيرة وممكن أن تقود إلي السقوط والضعف والضياع كما فعلت بشمشون قديما وغيره من أبطال التاريخ القديم والمعاصر, ولذا يجب أن نضعها أمام الرب ليكشف لنا حقيقتها ويعالجها بحكمة أبوية.
+ وحكمة أبوية:
وقال الحق الحق أقول لكم إن لم ترجعوا وتصيروا مثل الأولاد فلن تدخلوا ملكوت السموات فمن وضع نفسه مثل هذا الولد فهو الأعظم في ملكوت السموات (مت18:4-3). أجاب السيد علي استفهام جماعة التلاميذ بحكمة أبوية عجيبة دون أن ينتهر أو يسخط علي أحد منهم, بل أشار إلي نموذج حي وهو الطفل وطلب منهم الرجوع إلي بساطة الأطفال وعدم إصرارهم علي الشر, كما أشارإلي اتضاع الأطفال ومحبتهم حقا. إنها الحكمة الأبوية التي أشاد بها الرسول قائلا: والقادر أن يحفظكم غير عاثرين ويوقفكم أمام مجده بلا عيب في الابتهاج الإله الحكيم الوحيد مخلصنا له المجد والعظمة (يه1:24). ما أجمل أن تقود الحكمة تصرفنا وتجيب علي أسئلتنا فهي الطريق المضئ الذي لا يوجد فيه عثرات لأنه ويل للعالم من العثرات (مت18:7).
+ وتحذير من خطية:
يحذر السيد من المتسبب في العثرة حتي وإن كان عضو من أعضاء الجسد فيقول: ويل لذلك الإنسان الذي به تأتي العثرة فإن اعثرتك يدك أو رجلك فاقطعها وألقها عنك خيرا لك أن تدخل الحياة أعرج, أو اقطع من أن تلقي في أتون النار الأبدية ولك يدان أو رجلان.. (مت18:9-8). ومن منطلق مفهوم التحذير يحذرنا الرسول يهوذا في رسالته من أولئك الذين يتظاهرون بالتقوي والتدين ولكنهم ينكرون قوتها ويتسببون في إبعاد الناس عن طريق الله بسبب شهواتهم وفجورهم فقال: هؤلاء هم مدمنون متشكون سالكون بحسب شهواتهم وفمهم يتكلم بعظائم يحابون بالوجوه من أجل المنفعة (يه1:16). فشكرا للرب الذي بحكمة وحب وضع لنا معالم الطريق الروحي الذي يصل بنا في النهاية إلي ملكوت السموات, فالحب والاتضاع والبساطة والحكمة وحفظ اللسان نفسه بلا لوم بعيدا عن الخطية كل هذه هي من معالم الطريق إلي الملكوت.