منتدى الفرح المسيحى  


العودة  

الملاحظات

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  رقم المشاركة : ( 1 )  
قديم 14 - 10 - 2023, 02:49 PM
الصورة الرمزية Mary Naeem
 
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو
  Mary Naeem غير متواجد حالياً  
الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,271,330

البُعد اللاَّهوتي لمَثَل الابْنَين



البُعد اللاَّهوتي:



البُعد اللاهوتي لمَثَل الابنين لم يكن العمل بقدر ما هو النَّدامة والتَّوبة والعودة لله تعالى والطَّاعَة لأوامره تعالى. وما التَّوبة إلا النَّدامة على ارتكاب الشَّر والابتعاد عن الخطيئة وبُغْضها وبذل الجهد في الاتكال التام على نعمة الله ومساعدة الروح القدس للانقياد إلى مشيئة الله والخضوع لأوامره الطاهرة (متى 3: 8).



المُهم في نظر الله ليس قول الإنْسَان "نعم" ثم رفض العمل، إنما هو الطَّاعَة. الله لا ييأس أبدًا من الإنْسَان، بل هو مستعدٌ أن يستقبله حين تظهر عنده اقل علامة من علامات التَّوبة، ويظل الله واثقًا بقلب الإنْسَان، وبرغبته في الحياة، وبقدرته على اختيار طريق الصِّدق والنُّور. فالأبرار بحسب النَّاموس (عظماء الكهنة ورؤساء الشيوخ) قالوا "نعم"، ولكنهم عادوا يرفضونه من خلال رفضهم كرازة يوحَنَّا المَعْمَدان. ولماذا لم يسمعوا ليوحَنَّا المَعْمَدان؟ لأنّهم ممتلئون غرورًا وتعاليًا على الآخرين واكتفوا بذواتهم فصُمّت أذانهم عن الاستماع إلى الله الحاضر في حياتهم. وفي هذا الصدد يقول بولس الرسول "أَتَفتَخِرُ بِالشَّريعَة وتُهينُ اللهَ بِمُخالَفَتِكَ لِلشَّريعة؟" (رومة 2: 23). أمَّا الخطأة (الجُباةَ والبَغايا) بنظر الشَّريعَة فإنهم قالوا لله "لا"، ولكنهم عادوا وأطاعوا لمّا قبلوا كرازة يوحَنَّا المَعْمَدان (متى 21: 32).



الابن الذي قال "نعم" في البداية و "لا" فيما بعد يمَثَل الأبرار بحسب الناموس (عظماء الكهنة ورؤساء الشيوخ). والابن الذي قال "لا" في البداية" "ونعم" فيما بعد هو يمَثَل العَشَّارين والبَغايا وجميع الخطأة. فهؤلاء "يسبقون" أولئك إلى المَلَكوتِ السماوي، كما صرّح السيِّد المسيح "الحَقَّ أَقولُ لكم: إِنَّ الجُباةَ والبَغايا يَتَقَدَّمونَكم إلى مَلَكوتِ الله" (متى 21: 31). وفي هذا الصدد يقول النبي حزقيال: "إذا ارتَدَّ البارُّ عن بِرِّه وصَنَعَ الإِثْمَ وماتَ فيه، فإِنَّه بإِثمِه الَّذي صنَعَه يَموت. وإِذا رَجَعَ الشِّرِّيرُ عن شَرِّه الَّذي صنَعَه وأَجْرى الحَقَّ والبِرّ، فإِنَّه يُحْيِي نَفْسَه" (18: 26-27).



وما الذي جعل الابن الأول يعود عن رفضه؟ إنها النَّدامة هي التي حرّكته فيما بعد، كما ورد في النص الإنجيلي "لكِنَّه نَدِمَ بَعدَ ذلك" (متى 21: 29). فالنَّدامة تبدأ بإدراك خطورة الرَّفض لمشيئة الله، خطورة بين ما نحن عليه، وما ينبغي أن نكون عليه. فمن رأى نفسه أمام الرَبّ خاطئًا رأى الخلاص. وهذا هو شرطٌ أساسيٌ لدخول مَلَكوتِ الله. وهذا ما فعله العَشّارون والبَغايا، عندما سمعوا يوحَنَّا يُناديهم للحياة فلبّوا النداء، وخرجوا من سجن الخطيئة. ولم ينغلقوا على ذواتهم، بل انفتحوا على مغفرة الله الغامرة، وعرفوا أنّ "المَحبَّةَ تَستُرُ كَثيرًا مِنَ الخَطايا" (1بطرس 4: 8)، " وحَيثُ كَثُرَتِ الخَطيئَةُ فاضَتِ النِّعمَة" (رومة 5: 20)، وأدركوا أن الله قادرٌ على أن "ينزِعْ مِن لَحمِهم قَلبَ الحَجَرِ ويُعْطيهِم قَلبًا مِن لَحْم" (حزقيال 11: 19). ويعلق القدّيس إقليمنضُس الإسكندريّ "إنّ الأبواب مفتوحة لكلّ من يرجع إلى الله بصدق ومن كلّ قلبه، والآب يستقبل بفرح الابن الّذي يتوب بحقّ"(عظة: أي غنيّ يمكن أن يخلص؟) وكما يقول الكتاب المقدّس: «هكذا يَفرَحُ مَلائِكَةُ اللهِ بِخاطِئٍ واحِدٍ يَتوب" (لوقا 15: 10). يُلفت مَثَل يسوع أنظارنا أن قلب الله الآب مفتوح لكلِّ أولاده، ويُسَرُّ بكلِّ تائب يعود إليه.



موقف الابن الثاني الذي قال نعم وعمليًا رفض هو صورة لمن يدّعي التَّدين. أستعمل هذا الابن كلمات وأفكار مستوحاة من الكتب المقدسة، ولكنَّه يقف عند هذا الحد دون تغيير ولا تجديد فيما هو، ولا يُطبّق ما استوحاه من الكتاب المقدس. هذا هو سر الضعف في المسيحية الاسمية، كثيرون يتظاهرون بقبول المسيح، ولكنَّهم لا يسلكون فيه، ولذلك جاءت توصية بولس الرسول " فكما تَقَبَّلتُمُ الرَبّ يسوعَ المسيح، سيروا فيه" (قولسي 2: 6).



كان كلام يسوع مصدر أمل ٍ وتوبة حقيقية وحياة ٍجديدة ٍللخطأة والعَشَّارين. فهم التقوا في طريقهم بيسوع، وهو لم ينتقدهم ولم يصفق لهم، بل وجّه كلامه إليهم: احترمهم وأكرمهم، لأنهم أبناء إبراهيم. فراحوا يرغبون في سماع كلمته، كما يؤكد ذلك لوقا الإنجيلي "وكانَ الجُباةُ والخاطِئونَ يَدنونَ مِنه جَميعاً لِيَستَمِعوا إِلَيه"(لوقا 15: 1) وينضمون إلى صحبته وإتباعه " جَلَسَ يسوعُ لِلطَّعامِ عِندَه، وجَلَسَ معَه ومع تَلاميذِه كثيرٌ مِنَ الجُباةِ والخاطِئين، فقد كانَ هُناكَ كثيرٌ مِنَ النَّاس. وكانوا يَتبَعونَه" (مرقس 2: 5) ويُبدون له ولرحمته عواطف الشكر والامتنان، كما حدث مع المرأة الخاطئة " التي وصفها السيِّد المسيح لبطرس "أَمَّا هِيَ فَبِالطِّيبِ دَهَنَتْ قَدَمَيَّ. فإِذا قُلتُ لَكَ إِنَّ خَطاياها الكَثيرَةَ غُفِرَت لَها، فلأَنَّها أَظهَرَت حُبّاً كثيراً" (لوقا 7: 46-47).



يُبين مَثَل الابنين أنَّ الله لا ترضيه الأقوال، بل الأعمال. ومن هنا جاء لوم يسوع لِماذا تَدعونَني: يا رَبّ، يا رَبّ! ولا تَعمَلونَ بِمَا أَقول؟" (لوقا 6: 46). فإن كان هو الرَبّ والسيِّد ولم نعمل بما يأمر فلا نستطيع أن ندعوه رَبّاً. ومن هذا المنطلق، يقول السيِّد المسيح إن التِّلميذ الحقيقي" لَيسَ مَن يَقولُ لي يا رَبّ، يا رَبّ يَدخُلُ مَلَكوتِ السَّمَوات، بل مَن يَعمَلُ بِمَشيئَةِ أَبي الَّذي في السَّمَوات" (متى 7: 21). فمن عرف مشيئة الله ورفض العمل بها يهلك، ومن رفض مشيئة الله ثم تاب يجد عند الله رحمة وخلاصًا. الخاطئ الذي يعرف نفسه أنَّه خاطئ أقرَبّ إلى مَلَكوتِ الله من الخاطئ الذي يَعُدَّ نفسه بارًا وصِدِّيقًا. الله لا ييأس ابدأ من الإنْسَان، بل إنه تعالى مستعدٌ أن يستقبل الإنْسَان حين تظهر لديه علامات النَّدامة والتَّوبة.



نستنتج من هذا المَثَل أنَّ الإنْسَان يستطيع أن يندم ويتوب، وان يُغيّر مجرى حياته بعد معصيته بإجابة "لا"! في بادي الأمر. وهذه هي فرصة سانحة للتوبة والعودة إلى الله. ونحن اليَومَ، لا يهم ما قد مضى، " اليَومَ إِذا سَمِعتنا صَوتَه فلا نُقَسُّي قُلوبَنا" (مزمور 7-8). فلنندَمْ إذًا بمرارة على خطايانا الماضية ولنصلِّ للآب كي ينساها. فهو قادر أن ينقض برحمته ما حصل وأن يمحو، بِنَدى الروح، أخطاءنا السابقة.


رد مع اقتباس
إضافة رد


الانتقال السريع

قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً
الموضوع
امتدت دَعْو يسوع إلى العابرين الذين لم يكن شيء يهيّئهم لمَثَل هذا الامتياز
البعد الروحي لمَثَل الابْنَين
البعد التاريخي لمَثَل الابْنَين
لمَثَل وَليمة المَلِكٍ تطبيق تاريخي
جاء هذا المَثَل تاليًا لمَثَل العشر العذارى


الساعة الآن 06:57 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024