العين الوديعة: تظهر هذه الصِّفة الرقيقة في الحمام بصورة واضحة جدًّا، فلا نرى على الإطلاق حمامة تؤذي غيرها، حتى لو تعرَّضت هي أو فراخها للأذى. قد تتعرَّض للضرر، قد تتألَّم وتتوجَّع، لكنَّها قطّ لا تُهاجم أحدًا حتَّى ولو دفاعًا عن نفسها. وأقصى ما يُمكنها أن تفعله هو أن تطير مبتعدة عما يُقلقها ويُزعجها، ساعيَّة وراء الهدوء والسلام. ولقد أدرك داود هذه الخصلة الوديعة في الحمام، فعبَّر بذلك عن نفسه، حينما تعرَّض لظلم الأشرار، قائلاً: «فقلت ليت لي جناحًا كالحمامة، فأطير وأستريح! هأنذا كنت أبعد هاربًا، وأبيت في البريَّة» (مز 55: 6، 7).
وهذا ما ينبغي أن تتَّسم به ليس تصرُّفاتنا فحسب، بل أيضًا نظراتنا. فما أكثر العيون التي تجرح وتؤذي غيرها، وما أقسى العيون المتعالية المتعجرفة فيما تلحقه من أذى وضرر بالغير، إنَّها من أمورٍ ستَّة يُبغضها الرب (أم6: 17). ولذلك نجد حكم الرب الصارم لصاحب العين المتعالية غير الوديعة؟ «العين المستهزئة بأبيها، والمحتقرة إطاعة أمها، تقوِّرها غربان الوادي، وتأكلها فراخ النسر» (أم30: 17).