درس من العصفور
اُنْظُرُوا إِلَى طُيُورِ السَّمَاءِ:إِنَّهَا لاَ تَزْرَعُ..وَلا تَجْمَعُ إِلَى مَخَازِنَ،وَأَبُوكُمُ السَّمَاوِيُّ يَقُوتُهَا.أَ لَسْتُمْ..بِالْحَرِيِّ أَفْضَلَ مِنْهَا؟ ( مت 6: 26 )
عندما غادرنا الاجتماع المسائي في أول يوم من مؤتمر الكتاب المقدس في بنسلفانيا، لاحظ بعضنا ما بَدَا لنا أنه مئات الخفافيش تدور فوق رؤوسنا وتتجه إلى مَبيتها في أعلى وأكبر مدخنة قريبة.
وخلال الأسبوع، في كل ليلة، كان هذا المنظر المُدهش يجتذب أعدادًا أكبر من المشاهدين الذين أخذوا يراقبون المنظر متسائلين عما تكون هذه الطيور، هل هي خفافيش، أم عصافير؟ ولماذا يتجهون إلى هذه المدخنة بالذات؟ ولماذا يدخلونها بنظامٍ، ومن ناحية واحدة فقط.
بعد انتهاء المؤتمر شرحتُ هذه الظاهرة لإحدى الدارسات لأنواع الطيور، وبعد عدة أسئلة أجابت: ”بالتأكيد هذه الطيور ليست خفافيش. فالخفافيش تهجر مَبيتها في المساء لتبحث عن غذائها من الحشرات التي تخرج من مكانها في المساء. إنها عصافير مهاجرة تستخدم هذه المدخنة كمكان تستريح فيه أثناء رحلتها“.
ـ ولكن لماذا لا تدخلها إلا مع غروب الشمس؟
ـ لأن الله زوَّدها بأرجل تستطيع أن تتعلق بالنتوءات الخشنة على الجدار الداخلي للمدخنة وهكذا تستطيع أن تنام في راحةٍ تامة.
ـ ولماذا إذًا يدخلونها من اتجاه واحد؟
ـ لأن الله أيضًا زوَّدها بغريزة الخوف من التجمهر والتزاحم، وهكذا يدخلونها بنظام، ويستقرون داخلها في صفوف من القاع إلى القمة.
ـ حسنًا. ولماذا لا يستخدمون المدخنة الأخرى؟
ـ إن هذه المدخنة مزوَّدة بغطاء. وهذا هو السبب. لقد احتمت الطيور من المطر المنهمر خلال الأسبوع الماضي، إذ اختارت هذه المدخنة بالذات.
بعد انتهاء المحادثة شعرت برغبة شديدة في السجود لهذا الخالق العظيم الذي يعتني بخلائقه. إن كان يهتم بالعصفور إلى هذا الحد، فكم بالأولى يعتني بي ويهتم بدقائق أموري. إنني أفضل من عصافير كثيرة. كم يحفزني هذا الحق أن أعيش لمجد اسمه! وكيف يتحقق هذا في حياتي؟ إنه يتحقق بأن أضع نفسي ومواهبي بين يديه ليستخدمني كما يشاء، ولا أحمل همًا على كتفيّ لأنه هو بنفسه يعتني بي.
إنه يهمس في أذني: ”يا قليل الإيمان ألا أهتم بك أكثر من اهتمامي بالعصافير. أَ لست أنت أفضل منها؟“