رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
«يَا إِلَهَنَا ... نَحْنُ لاَ نَعْلَمُ مَاذَا نَعْمَلُ وَلَكِنْ نَحْوَكَ أَعْيُنُنَا» «لاَ تَخَافُوا وَلاَ تَرْتَاعُوا» (2أخ20: 12، 17) إن الصلاة بمعناها الكتابي هي سكب القلب أمام الله في تسليم كُلّي له واتكال كامل عليه، مع الشعور العميق بالاحتياج إليه «تَوَكَّلُوا عَلَيْهِ فِي كُلِّ حِينٍ يَا قَوْمُ. اسْكُبُوا قُدَّامَهُ قُلُوبَكُمْ. اللهُ مَلْجَأٌ لَنَا» (مز62: 8). والصلاة هي بمثابة تنفس المؤمن، والتعبير عن صلته بالله بعد أن وُلدَ ثانية بكلمة الله (أع9: 11). إنها الصفة المُميِّزة لحياة المؤمن التي تتصف بالشعور العميق بالضعف والعجز، المقترن بالطاعة والثقة في الله والاتكال عليه في وسط هذا العالم الساقط الشرير ... ومَن يستطيع أن يحيا منتصرًا بدون الصلاة؟ إن الحاجة الحقيقية لكل نفس هي في النظر إلى الرب بثقة وإيمان، وتثبيت النظر عليه على الدوام، فهذا علاج في لحظات الحيرة والمواقف الصعبة التي لا نعلم فيها ماذا نعمل، كما حدث مع يَهُوشَافَاط ورجاله (2أخ20)؛ فقد أتى ثلاثة أعداء معًا لمحاربة يهوذا: بني عمون وموآب والذين من جبل ساعير (ع22)، وإذ واجه التهديد بالغزو، اتجه يَهُوشَافَاطُ باجتهادٍ إلى الرب بالصلاة، ونادى بصومٍ في كل يهوذا، واجتمع يهوذا ليسألوا الرب، ووقف الملك في جماعة يهوذا وأورشليم، واستنادًا إلى صلاة سليمان (2أخ6: 34، 35)، تضرع يَهُوشَافَاطُ إلى الله الذي وعد أن يسمع وأن يُخلِّص (ع8، 9). وبالرغم من أنه كان تحت إمرة يَهُوشَافَاط مليون ومائة وستين ألفًا من الجنود جبابرة البأس، فضلاً عن الذين جعلهم الملك في المدن الحصينة في كل يهوذا (2أخ17: 12-19)؛ لكن يَهُوشَافَاط لم يُشر إليهم. لقد فهم الملك معنى تلك الكلمات «لَنْ يَخْلُصَ الْمَلِكُ بِكَِثْرَةِ الْجَيْشِ. الْجَبَّارُ لاَ يُنْقَذُ بِعِظَمِ الْقُوَّةِ. بَاطِلٌ هُوَ الْفَرَسُ لأَجْلِ الْخَلاَصِ وَبِشِدَّةِ قُوَّتِهِ لاَ يُنَجِّي ... أَنْفُسُنَا انْتَظَرَتِ الرَّبَّ. مَعُونَتُنَا وَتُرْسُنَا هُوَ» (مز33: 16-20). لقد اعترف يَهُوشَافَاطُ بضعفه وجهله «يَا إِلَهَنَا ... لَيْسَ فِينَا قُوَّةٌ أَمَامَ هَذَا الْجُمْهُورِ الْكَثِيرِ الآتِي عَلَيْنَا وَنَحْنُ لاَ نَعْلَمُ مَاذَا نَعْمَلُ»، لكنه أضاف «وَلَكِنْ نَحْوَكَ أَعْيُنُنَا» (ع12)، مُدركًا تمامًا أن «عَيْنَيِ الرَّبِّ تَجُولاَنِ فِي كُلِّ الأَرْضِ لِيَتَشَدَّدَ مَعَ الَّذِينَ قُلُوبُهُمْ كَامِلَةٌ نَحْوَهُ» (2أخ16: 9). نعم، ذهب يَهُوشَافَاطُ ليسكب ضيق نفسه وانزعاجه في أذني مَنْ هو راغب أن يسمع، وقادر أن يُعين. وقاده إلى ذلك شعوره العميق بضعفه وعجزه، وبأنه لا شيء، وبأن ذراع البشر لا تُجدي نفعًا، وكان في حسبانه: إما الله وإلا فلا. فبسط المسألة بأكملها أمام الرب، وسلَّم الأمر في يديه، وانسحب من المشهد. وياله من إيمان ظافر! ويالها من ثقة قوية! وأية صعوبة لا يُذللها إيمان كهذا؟! ولنتأمل الآن كيف تلقت صلاة الإيمان التي وجهها يَهُوشَافَاط إجابة فورية وعلنية: «وَإِنَّ يَحْزَئِيلَ بْنَ زَكَرِيَّا بْنِ بَنَايَا بْنِ يَعِيئِيلَ بْنِ مَتَّنِيَّا اللاَّوِيَِّ مِنْ بَنِي آسَافَ كَانَ عَلَيْهِ رُوحُ الرَّبِّ فِي وَسَطِ الْجَمَاعَةِ» (ع11). ويا له من شخص يُقدّمه الله لتشجيع إيمان يَهُوشَافَاط وثقته في إلهه. ويُمكننا أن ننظر إليه كمثال بديع لربنا يسوع المسيح، الذي هو بحق الشخص الوحيد الذي نحتاج أن نعرفه، بل ونمتلكه، ليكون لنا ثقة وجرأة وجسارة، ونحن نتقدم إلى عرش النعمة، لكي ننال رحمة ونجد نعمة، عونًا في حينه. ويالروعة ما توحي به الأسماء. (1) «يَحْزَئِيل» ومعناه “الله يرى” أو “الله ينظر” ... وفي سيرنا في البرية، نحن تحت نظر ذاك الذي يحيا ويرانا؛ يحيا لنا ويرى خطواتنا. إنه يرى كل شيء، ويعرف كل شيء. إن عيناه تخترقان أستار الظلام، وهو يرى في الظلمة كما في النور، فكل شيء مكشوف وعريان قدامه. وهو يرانا مُعذبين في الجَذْفِ (مر6: 48)، فآلاف الأميال لا تُبعده عنا، وظلام الليل لايحجبنا عنه. أَوَلاَ يُعزينا قوله لخاصته في رؤيا2، 3 «أَنَا عَارِفٌ أَعْمَالَكَ وَتَعَبَكَ وَصَبْرَكَ ... وَضَِيْقَتَكَ، وَفَقْرَكَ ... وَأَيْنَ تَسْكُنُ ... وَمَحَبَّتَكَ وَخِدْمَتَكَ وَإِيمَانَكَ ... وأَنَّ لَكَ قُوَّةً يَسِيرَةً»؟. (2) «زكريا» ومعناه “الله يذكر” أو “مَنْ يذكره الله” ... والذي جلس في يمين الله طيلة مدة وجود الكنيسة على الأرض لا ينسى قط ما وعد به عروسه وأعضاء جسده. وكم هو جميل ومُطمئن أن نكون واثقين على الدوام أن الرب يذكرنا ويُفكر فينا، حتى إذا ما نسيناه نحن أو ضغف إيماننا، فإن عدم أمانتنا لا تُبطل أمانته من نحونا (2تي2: 13)، فهو الأمين في صدق مواعيده. والله يذكر أنه وعدنا أن لا يدعنا نُجرَّب فوق طاقة احتمالنا، بل يُعطي مع التجربة أيضًا المنفذ لنستطيع أن نحتمل (1كو10: 13)، وكل مَن يتألمون بحسب مشيئته ولأجله لهم أن يستودعوا أنفسهم كما لخالق أمين (1بط4: 19). وأيا كان نوع الاحتياج في الحياة، فإنه قد تعهد بأنه يملأ كل احتياجنا بحسب غناه في المجد (في4: 19). أيها الأحباء ... إن الذي وعد هو أمين (1كو1: 9)، وعندما نقول له: «وَأَنْتَ قَدْ قُلْتَ»، لا يمكن أن يقول "كلا"، بل لا بد وأن يعمل كما قال (تك32: 9، 11). إننا قد ننسى تعهداتنا، لكن الله لن ينسى قط أمانته ووعوده. فلتتأكد في صلاتك من أنك تستند على أحد مواعيد الله، إذ بذلك تجد باب السماء مفتوحًا، وقوة الله في متناول يدك. ولا نُعتبَّر أننا نتخطى حدودنا إذا طالبناه بتنفيذ أقواله لنا. (3) «بَنَايَا» ومعناه “مَنْ بناه يهوه” أو “مَنْ يهيئه يهوه” ... وهذا الاسم يتكلَّم إلينا عن تجسد ابن الله «وَﭐلْكَلِمَةُ صَارَ جَسَداً وَحَلَّ بَيْنَنَا» (يو1: 14). فإنه – له كل المجد – قَبِلَ مِنْ الله أبيه جسدًا هيأه له ليدخل به إلى هذا العالم (عب10: 5؛ مز40: 6). وإذا رجعنا إلى عبرانيين2: 14-18 نجد أن هناك هدفًا مزدوجًا لتجسد ابن الله؛ فهو قد أتى في الجسد لكي يُكفر عن خطايانا، وبذبيحة نفسه أبطل الخطية ووجد الفداء الأبدي. لكن كان هناك غرضًا آخر من تجسده؛ فهو في أيام تجسده تألم مُجربًا، ومع كونه بلا خطية، دخل إلى أعماق آلام شعبه حتى يقدر أن يُعينهم في تجاربهم (عب4: 15؛ 5: 7-10). ويجب ألا يغيب عن أذهاننا هذان الغرضان المتميزان لتجسد ابن الله؛ وهما الفداء الكامل للنفس، والمعونة المؤثرة في كل ضيق وفي كل تجربة. وهما شيئان مؤكدان يدلان على المؤونة الوفيرة التي أعدها الله للإنسان في المسيح يسوع، سواء كان هذا الإنسان خاطئًا قلقًا أو مؤمنًا مُجرَّبًا. نعم، لقد صار إنسانًا – له كل المجد – ليس فقط لكي يموت مِن أجلنا على الصليب، ولكن أيضًا لكي يختبر عمليًا كل ما يحرك قلوبنا من آلام، حتى يدخل إلى عمق مشاعرنا وتكون له شركة تامة معنا. فلقد عاش على الأرض حياة إنسانية في كل شيء، لكن خالية من الخطية، واختبر كإنسان مثلنا الألم، وتجرَّب في كل شيء، وتعلَّم الطاعة مما تألم به، وإذ كُمِّلَ باجتيازه في كل اختبارات الطاعة والألم، تأهّل تأهيلاً كاملاً لأن يكون سبب خلاص أبدي لجميع الذين يُطيعونه، مَدْعُوًَا مِن الله رئيس كهنة على رتبة ملكي صادق (عب5: 9). وكم تمتلىء قلوبنا بالفرح والطمأنينة والثقة أن ربنا يسوع نفسه، الذي عرف الطريق وقطع الشوط إلى نهايته، هو الآن في المجد – كإنسان أيضًا – يخدمنا كرئيس الكهنة الرحيم، الذي «فِي مَا هُوَ قَدْ تَأَلَّمَ مُجَرَّباً» - في أيام جسده - «يَقْدِرُ أَنْ يُعِينَ الْمُجَرَّبِينَ» وهو في المجد. (4) «يَعِيئِيلَ» ومعناه “الله حيّ” أو “الله يحفظه حيًّا” ... والرب يسوع المسيح هو «الْمَشْهُودُ لَهُ بِأَنَّهُ حَيٌّ»، والذي له «قُوَّةِ حَيَاةٍ لاَ تَزُولُ»، «إِذْ هُوَ حَيٌّ فِي كُلِّ حِينٍ» (عب7: 8, 16, 25). وهو الذي طمئن قلب يوحنا – تلميذه الضعيف والساقط – قائلاً له: «لاَ تَخَفْ»؛ ويالها من كلمة تبدد الخوف وتأتي بالطمأنينة والسلام، «أَنَا هُوَ الأَوَّلُ وَالآخِرُ، وَالْحَيُّ. وَكُنْتُ مَيْتاً وَهَا أَنَا حَيٌّ إِلَى أَبَدِ الآبِدِينَ ... وَلِي مَفَاتِيحُ الْهَاوِيَةِ وَالْمَوْتِ» (رؤ1: 18). في يوم اتضاعه ألزم تلاميذه أن يدخلوا السفينة، وسط الأمواج والرياح، ولكنه صعد إلى الجبل منفردًا ليُصلي، صورة لصعوده عن يمين الله وهو رافع يديه بالبركة. وكان على تلاميذه أن يعبروا البحر الصاخب بدون وجوده المنظور معهم، لكنه وهو فوق الجبل كان يتوسل لأجلهم، صورة لكونه حيًّا في كل حين ليشفع فينا (عب 7: 25)، ظاهرًا أمام وجه الله لأجلنا (عب9: 24). وإن حقيقة كونه حيًّا إلى الأبد تضمن مرورنا بسلام من كل تجارب الطريق وصعابها، وتضمن خلاصنا الأكيد من كل تجربة على طول الخط، وإلى نهاية الزمان (رو5: 10). (5) «مَتَّنِيَّا» ومعناه “عطية يهوه” ... وربنا يسوع المسيح هو عطية الله العظمى التي لا يُعبَّر عنها (2كو9: 15)، وهو كذلك، بسبب عظمة شخصه، إذ أنه ابن الله الوحيد «لأَنَّهُ هَكَذَا (بهذا المقدار) أَحَبَّ اللَّهُ الْعَالَمَ حَتَّى بَذَلَ ابْنَهُ الْوَحِيدَ» (يو3: 16). ولكي نُدرك "كيف أعطى الله" يجب أن نذهب إلى الصليب، فهناك نستطيع أن ندرك محبة الله وعطيته التي لا يُعبَّر عنها، إذ أن «اللهَ بَيَّنَ مَحَبَّتَهُ لَنَا لأَنَّهُ وَنَحْنُ بَعْدُ خُطَاةٌ مَاتَ الْمَسِيحُ لأَجْلِنَا». وعلى الصليب خلَّصنا مِن خطايانا ومِن سلطان الظلمة، وهو الآن في المجد يُخلِّصنا كل يوم مِن جميع عوائق السلام والفرح (رو5: 8-10). كما أن الرب يسوع هو العطية التي لا يُعبَّر عنها لأن فيه ومعه يُعطي الله أولئك الذين يقبلونه، كل بركة روحية يُمكن أن يُعطيها «فَمَاذَا نَقُولُ لِهَذَا؟ إِنْ كَانَ اللهُ مَعَنَا، فَمَنْ عَلَيْنَا؟ اَلَّذِي لَمْ يُشْفِقْ عَلَى ابْنِهِ، بَلْ بَذَلَهُ لأَجْلِنَا أَجْمَعِينَ، كَيْفَ لاَ يَهَبُنَا أَيْضاً مَعَهُ كُلَّ شَيْءٍ؟» (رو8: 31، 32). (6) «لاَوِي» ومعناه “مقترن” أو “اقتران” ... وهو ما يُكلّمنا عن بركة الاقتران بالرب يسوع المسيح بالروح القدس. وياله من قرب عجيب واتحاد مبارك؛ فالكنيسة الآن هي موضوع شبع قلب المسيح ولذته ، لأنه كما الزوجة للزوج والاثْنَانِ جَسَد وَاحِد، هكذا الكنيسة للمسيح، وياله من سر عظيم (أف5: 22-32)! ولأنه أمرٍ طبيعي أن إنسانًا يُحبّ نفسه، ولا يُوجد إنسان عاقل يُبغض جسده أو يؤذيه، بل بالحري يعتني به و«يَقُوتُهُ وَيُرَبِّيهِ»، هكذا الرب يسوع المسيح يعتني بالكنيسة «الَّتِي هِيَ جَسَدُهُ» (أف1: 23). وإنه لأمرٍ مُعزٍِّ ومُشجع أن نعلم أن الرب يسوع "الرأس المُمجَّد في السماء" هو الذي بنفسه يقوت ويُربي كل أعضاء جسده، طوال مدة وجودهم في هذا العالم. وكلما زادت الأيام عنفًا وظلامًا، زادنا المسيح دفئًا وغذاءً؛ دفء المحبة وغذاء الكلمة. وتبارك اسمه، فإنه لن يكف عن هذه الخدمة «فَإِنَّهُ لَمْ يُبْغِضْ أَحَدٌ جَسَدَهُ قَطُّ»، فياله من ضمان إلهي! ويالها من بركة! ويالها من ثقة للقلب! (7) «آسَاف» ومعناه “الجامع” أو “مَنْ يجمع” ... وآساف هو أحد كتبة المزامير، ويُنسَّب إليه اثنا عشر مزمورًا هي مزمور50؛ 73-83. وفي مزمور50 نجد دعوة عظيمة ووعدًا مجيدًا؛ القدير الخالق العظيم الذي في يده كل شيء يقول للإنسان الترابي الهشّ الضعيف «ادْعُنِي فِي يَوْمِ الضِّيقِ، أُنْقِذْكَ فَتُمَجِّدَنِي» (مز50: 15). وما أروعه وعدًا يلمع أكثر كلما اختبرنا أمانة هذا المُحبّ العظيم. وبالتأمل في مزامير آساف الباقية (مز73-83)، نراه يدخل إلى مشاكل الحياة التي تعترض نفس المؤمن، وتُعطّل وجوده في الأقداس. ولذلك نجد الحكمة الإلهية في وضعها أحد عشر مزمورًا في بداءة الجزء الثالث من سفر المزامير (مز73-89)؛ الجزء المقابل لسفر اللاويين، سفر العبادة والسجود. والمزمور الأول من هذه المجموعة هو مزمور73 الذي نرى فيه توضيحًا جميلاً لكيفية الخروج من هذه المشاكل وذلك بحصر الفكر وتجميعه في الرب وحده، والوجود في محضر الله في المقادس (مز73: 17). فالمقادس هي الملاذ الذي عيَّنه الله منذ القديم كملجأ لحالات الطوارىء والأزمات، وهي المكان الذي فيه تُحلُّ كل ارتباكات الحياة وتتدحرج كل أثقال النفس، هناك نعرف الله ونُدرك عظمة مُخلِّصنا المعبود، ونعرف أنه أعظم من أية صعوبة تعترض حياتنا. وما أعظم القوة التي نخرج بها من مقادس الشركة السرية لنواجه صعوبات الحياة اليومية! وتلقت صلاة الإيمان التي وجهها يَهُوشَافَاط إجابة فورية وعلنية. فقد أوصل «يَحْزَئِيل» كلمات مطمئنة من الله إلى الشعب: «هَكَذَا قَالَ الرَّبُّ لَكُمْ: لاَ تَخَافُوا وَلاَ تَرْتَاعُوا بِسَبَبِ هَذَا الْجُمْهُورِ الْكَثِيرِ، لأَنَّ الْحَرْبَ لَيْسَتْ لَكُمْ بَلْ لِلَّهِ ... لَيْسَ عَلَيْكُمْ أَنْ تُحَارِبُوا فِي هَذِهِ. قِفُوا اثْبُتُوا وَانْظُرُوا خَلاَصَ الرَّبِّ مَعَكُمْ يَا يَهُوذَا وَأُورُشَلِيمُ. لاَ تَخَافُوا وَلاَ تَرْتَاعُوا» (2أخ20: 15-17 قارن خر14: 13، 14). وبدون انتظار لما سيعمله الرب، خَرَّ يَهُوشَافَاطُ لِوَجْهِهِ عَلَى الأَرْضِ وسجد مع جميع الشعب للرب، وسبِّحُوه بِصَوْتٍ عَظِيمٍ جِدًّا (ع18، 19). ويالروعة الإيمان الذي يطرح الخوف تمامًا، ويشكر الله سلفًا لأجل الاستجابة المؤكدة التي سيتلقاها لمجد الرب. وكم هو جميل السجود الذي يُقدَّم لله في مواجهة الأعداء (مز23: 5). لقد خرج المُغَنّون أمام الجيش، وكانت تسبيحة الحمد التي غنوها للرب هي العلامة لنصر ربحوه دون قتال. وفي أثناء تسبيح بني إسرائيل بترنيمة الخلاص، كان أعداؤهم يُهلكون بعضهم البعض (ع22، 23)، وكل ما كان عليهم أن يفعلوه حينئذٍ هو مشاهدة هلاك أعداؤهم الكامل، وأن ينهبوا الغنيمة الكثيرة، «وَكَانُوا ثَلاَثَةَ أَيَّامٍ يَنْهَبُونَ الْغَنِيمَةَ لأَنَّهَا كَانَتْ كَثِيرَةً. وَفِي الْيَوْمِ الرَّابِعِ اجْتَمَعُوا فِي وَادِي بَرَكَةَ لأَنَّهُمْ هُنَاكَ بَارَكُوا الرَّبَّ لِذَلِكَ دَعَوُا اسْمَ ذَلِكَ الْمَكَانِ "وَادِي بَرَكَةَ" إِلَى الْيَوْمِ» (ع25، 26). ولنلاحظ أيها الأحباء أن فترة الثلاثة أيام تُشير إلى موت وقيامة ربنا يسوع المسيح من بين الأموات (1كو15: 3، 4). ولقد فتحت أمامنا قيامة المسيح الطريق إلى ميراثنا السَّماوي المجيد الذي هو خارج نطاق قوة الموت «مُبَارَكٌ اللهُ أَبُو رَبِّنَا يَسُوعَ الْمَسِيحِ، الَّذِي حَسَبَ رَحْمَتِهِ الْكَثِيرَةِ وَلَدَنَا ثَانِيَةً لِرَجَاءٍ حَيٍّ، بِقِيَامَةِ يَسُوعَ الْمَسِيحِ مِنَ الأَمْوَاتِ، لِمِيرَاثٍ لاَ يَفْنَى وَلاَ يَتَدَنَّسُ وَلاَ يَضْمَحِلُّ، مَحْفُوظٌ فِي السَّمَاوَاتِ لأَجْلِكُمْ» (1بط1: 3، 4)، هذا هو ميراثنا الحقيقي، وهذه هي دائرة بركاتنا الروحية، وهو نفسه ما يذكره الرسول بولس في أفسس1، 2. حقًا ما أكثر البركات التي لنا في أرض القيامة هذه، وما أعظم غنيمة صراع الجلجثة الرهيب؛ لقد بُركنا بكل بركة روحية في السماويات في المسيح، لكن على رأس تلك الخيرات والبركات، لنا المسيح المُقام من الأموات نفسه. فاثبت راسخًا أيها الأخ الحبيب، وتمسَّك بالإقرار بأننا شركاء الدعوة السماوية (عب4: 14)، وتأكد أن عنده كل عطف ورأفة ومحبة و«فَلْنَتَقَدَّمْ بِثِقَةٍ إِلَى عَرْشِ النِّعْمَةِ لِكَيْ نَنَالَ رَحْمَةً وَنَجِدَ نِعْمَةً عَوْناً فِي حِينِهِ» (عب4: 16). وَهْوَ يُجيبُ المُرتَجِى ويُظْهِرُ كلَّ الرِّضَى لا يَذكرُ شرَّ الخَطـا ويَنْسَى كلَّ ما مضَى |
|