رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
أَيَّامِي قَدْ عَبَرَتْ. مَقَاصِدِي إِرْثُ قَلْبِي قَدِ انْتَزَعَتْ [11]. يسألون أيوب توبته عن شره وريائه لكي يعود إليه ما فقده. أما بالنسبة له، فليس لهذه الأمور موضع في قلبه. فأيامه قد عبرت أو مسرعة إلى النهاية، ومقاصد قلبه القديمة من أعمال للإصلاح واهتمام بالفقراء قد نُزعت عنه. لقد صار أيوب يرى الموت ليس ببعيدٍ عنه، فلا يفكر فيما لا يستطيع عمله. يرى البابا غريغوريوس أن أيوب يرمز للكنيسة المُضطهدة. إذ تشتد الضيقة عليها جدًا يرتفع بالأكثر فكرها نحو السماء، فلا تنشغل بالأمور الأرضية ولا حتى بالخدمة الاجتماعية البحتة، لكن تُحصر في المجد الأبدي. وما نقوله عن الكنيسة كجماعةٍ مقدسةٍ، يتحقق في حياة كل عضوٍ فيها، متى واجه الضيق بالتفكير في السماويات. * "أيامي تعبر، أفكاري تتبدد، توجع قلبي" [11]. ترى الكنيسة المقدسة أن فترات حياتها تعبر في فترات نهارٍ وليلٍ، فعندما تكون في شدة يكون لها ليل، وعندما تكون في رخاء يكون لها نهار. فإن النور يشرق في هدوء السلام. أحيانًا تصغي إلى خدمة الأمور الزمنية... هكذا الطوباوي أيوب، سواء كان بصوته أو بصوت الكنيسة الجامعة بعد اختبار أن أيامه قد عبرت، أكمل: "أفكاري تبددت، توجع قلبي". عندما يذهب المجد المؤقت من أذهان الصالحين، فإنه حتى الالتزامات بالأمور الأرضية أيضًا تُنزع عنهم... أحيانًا في التزاماتهم الأرضية يلتزمون بالنزول إلى التفكير في الأمور الدنيا، ويشعرون في داخلهم أنهم في عذابٍ. وأيضًا يحدث أن نفس العمل العدائي للاضطهاد يتحول بالنسبة لهم إلى تهليلٍ عظيمٍ بسبب راحة القلب التي ينالونها. البابا غريغوريوس (الكبير) يمكننا أن نفهم هذه العبارة بطريقة أخرى، وهي أن نفسي دائمًا في كفي، أي أنها دائمًا تمارس الأعمال الصالحة، لأن "اليد" أو "الكف" تُطلق دائمًا على العمل. العلامة أوريجينوس إن صبرت على الجوع قليلًا من أجل حبه، تلتهب عندئذٍ رغبتك لرؤية وجهه. إن ظهرت الظلمة على وجهك من الأعمال لأجله، يجمّلك بمجده إلى الأبد بلا نهاية. إن تعريت مما هو لك، يلبسك نوره، ويخفي عنك ما هو لك. إن تركت ما تملكه، تقتنيه في نفسك أبديًا. الشيخ الروحاني (يوحنا الدّلياتي) القديس يوحنا كاسيان لم يتأثروا بالأمور المنظورة قط (أدوات العذاب)، بل عبروا بجوارها، إذ حسبوها أحلامًا وظلالًا، ونالت عقولهم أجنحة بسبب رغبتهم في الأمور العتيدة. * لا نخاف من الفقر أو المرض أو أية ضيقة كهذه، فإننا نعرف أننا في طريقنا إلى حياة أفضل، والتي هي منيعة ضد الموت والدمار، ومتحررة من كل ظلمٍ. القديس يوحنا الذهبي الفم |
|