إذاً ما معنى إني آمنت بالمسيح المُخلِّص؟
معناها إني تقابلت مع الله في يوم الافتقاد إذ سمعت نداءه وأتيت إليه تائباً عطشاً لبره فامتلأت من نعمته المُخلِّصة وانتقلت من الموت للحياة، ودخلت في الحرية لأن عمل المسيح الرب فيَّ هوَّ: إن حرركم الابن فبالحقيقة تكونون أحراراً (يوحنا 8: 36)، وبذلك بدأت امتلأ بالروح القدس الذي يسكن إناء جسدي، ومعنى أن الروح القدس في داخلي: أي أن قوة الله الساندة والمُعينة موجودة وحاضرة في داخلي معي كل حين، ومعنى أن قوة الله في داخلي: يعني بإرادتي التي تحررت بقوة الله أستطيع أن أُجاهد ضد الخطية بالإيمان الحي العامل بالمحبة، لأن النُصرة أكيدة بل ومضمونة لأن الرب الغالب هو بنفسه معي يحارب عني ويغلب فيَّ، فحينما نكون أحياء لله كأبناء في الابن الوحيد متمسكين بالوصية وبالحرية التي حررنا المسيح بها، فأننا نستطيع أن نقاوم كل احتلال، ونرفض كل عبودية، فنقف بالمرصاد بقوة الله مجاهدين ضد الخطية، قابلين كل تأديب من الله بعصا رعاية محبته الأبوية، لتتم حريتنا بالكامل من كل شبه خطية أو ضعف، وبإرادتنا الحرة المسنودة بقوة الله نجاهد بمثابرة في صلوات كثيرة وطلب معونة القوة العُليا ونستمر في الثبات في الحرية التي حررنا بها الابن الوحيد.
فأنكم إنما دُعيتم للحرية أيها الإخوة غير أنه لا تصيروا الحرية فرصة للجسد، بل بالمحبة اخدموا بعضكم بعضاً (غلاطية 5: 13)
فالخطية في طبيعتها:
عبارة قوة احتلال تحتل النفس وتشوه شكلها وتتعسها وتضعف قوتها، وتصيرها كريهة عند نفسها أولاً، بل وعند الآخرين أيضاً حتى تيأس من خلاصها، بل ولا تهدأ ولا تقف عند حدّ بل تقود الإنسان بلا هوادة لطريق الموت إذ تجعله أسيراً لها وتستعبده وتهدر كرامته للتراب؛ فالإنسان يصير عبداً للخطية حينما يقبلها فتحتل قلبه وتسكن فيه وترتاح وتستقرّ، وعلامة وجودها: هوَّ الاضطراب والحزن والوجع الداخلي وزعزعة السلام وعدم الراحة، بل وعدم القدرة على التعامل مع الله، أو قراءة الكلمة والصلاة، بل تصير كل الأعمال الروحية ثقيلة وصعبة جداً على الإنسان، وان استطاع أن يقوم بأي عمل روحي (والحال هكذا)، فيكون إما بدافع الكبرياء أو تخديراً للضمير، أو بحكم العادة، لذلك فإن الخطية خاطئة جداً: لأنكم لما كنتم عبيد للخطية كنتم أحراراً من البرّ. فأي ثمر كان لكم حينئذٍ من الأمور التي تستحون بها الآن. لأن نهاية تلك الأمور هيَّ الموت. وأما الآن إذ أُعتقتم من الخطية وصرتم عبيداً لله فلكم ثمركم للقداسة والنهاية حياة أبدية. (رومية 6: 20 – 22)
وبما إننا الآن في عهد النعمة والغلبة وحرية الإرادة
بعمل الصليب وقوة القيامة، فكيف نعيش في الخطية بإرادتنا ورغبتنا بعدما متنا عنها؟، لذلك مكتوب: مع المسيح صلبت فأحيا لا أنا بل المسيح يحيا فيَّ، فما أحياه الآن في الجسد فإنما أحياه في الإيمان، إيمان ابن الله الذي أحبني وأسلم نفسه لأجلي. (غلاطية 2: 20)
فكيف ونحن عندنا الروح القدس يسكن أوانينا التي تقدست بدم المسيح، لا نُجاهد ضد الخطية بالاستناد على شخصه العظيم القدوس، ونحافظ على نعمة الله التي نلناها بموت الرب على عود الصليب، وكيف لا نثبت في حرية المسيح الرب، أي حرية مجد أولاد الله والمسيح الرب نفسه يشع فينا نصرته بروحه الذي فينا!
سؤال: كيف نعيش في عهد الحرية وعمل الله ونُمارس الأسرار وقراءة الكلمة والصلاة،
ونحن نستسلم للخطية ونطيعها ونوفي مطالبها منا بإرادتنا الحُرة؟ فنحن الذين متنا عن الخطية (نلنا المعمودية أي الموت عن الخطية ونلنا حياة للبرّ للتقوى وتُبنا وآمنا بمسيح القيامة والحياة)، كيف نعيش بعد فيها. (رومية 6: 2)
فليس لنا الآن إلا أن نستيقظ سريعاً جداً ونستفيق ونتوب فوراً
مهما ما كانت حالاتنا مُزرية، وننتبه لطريق البرّ والحياة الحقيقي، ونحيا حياة أولاد الله بالحقيقية، ولا نستهين بالخطية أو نصير متكاسلين في جهاد النعمة المُخلِّصة، بل نجعل قول الرسول محفوراً في ذاكرتنا:
+ لذلك نحن أيضاً إذ لنا سحابة من الشهود (مشتركين معنا في الجسد الواحد عينه) مقدار هذه محيطة بنا (آباء الكتاب المقدس المؤمنين والكنيسة وشهدائها)، لنطرح كل ثقل والخطية المحيطة بنا بسهولة ولنحاضر بالصبر في الجهاد الموضوع أمامنا، ناظرين إلى رئيس الإيمان ومكمله يسوع الذي من أجل السرور الموضوع أمامه أحتمل الصليب مستهيناً بالخزي فجلس في يمين عرش الله.
فتفكروا في الذي احتمل من الخطاة مقاومة لنفسه مثل هذه لئلا تكلوا وتخوروا في نفوسكم. لم تقاوموا حتى الدم مجاهدين ضد الخطية. وقد نسيتم الوعظ الذي يُخاطبكم كبنين يا بني لا تحتقر تأديب الرب ولا تخر إذا وبخك. لأن الذي يحبه الرب يؤدبه ويجلد كل ابن يقبله.
إن كنتم تحتملون التأديب يُعاملكم الله كالبنيين. فأي ابن لا يؤدبه أبوه (يربيه). ولكن إن كنتم بلا تأديب قد صار الجميع شركاء فيه فأنتم نغول (أبناء زنى) لا بنون. ثم قد كان لنا آباء أجسادنا مؤدبين وكنا نهابهم. أفلا نخضع بالأولى جداً لأبي الأرواح فنحيا. لأن أولئك الذين أدبونا أياماً قليلة حسب استحسانهم. وأما هذه (تأديب الله) فلأجل المنفعة لكي نشترك في قداسته. ولكن كل تأديب في الحاضر، لا يُرى أنهُ للفرح بل للحزن. وأما أخيراً فيُعطى للذين يتدربون به ثمرّ برٍ للسلام. لذلك قوّموا الأيادي المسترخية والركب المخلعة. واصنعوا لأرجلكم مسالك مستقيمة لكيلا يعتسف (ينحرف في سيره) الأعرج بل بالحري يُشفى.
اتبعوا السلام مع الجميع والقداسة التي بدونها لن يرى أحد الرب.. ملاحظين لئلا يخيب أحد من نعمة الله، لئلا يطلع أصل مرارة ويصنع انزعاجا فيتنجس به كثيرين. لئلا يكون أحد زانياً أو مستبيحاً كعيسو الذي لأجل أكلة واحدة باع بكوريته. لأنكم تعلمون أنهُ أيضاً بعد ذلك لما أراد أن يرث البركة رُفض إذ لم يجد للتوبة مكاناً مع أنه طلبها بدموع..
لذلك نحن قابلون ملكوتاً لا يتزعزع ليكن عندنا شكر، به نخدم الله خدمة مرضية، بخشوع وتقوى، لأن إلهنا نارٍ آكلة. (عبرانيين 12: 17و28 – 29)